ومرت لحظة صمت.. بعد أن قال المتهم وهو يقسم بأنه بريء.. وأنه وزميله بجملة احنا بتوع الأتوبيس يا سعادة البيه.. قال له المأمور الذي هو أنا اسمع بقي يا والدي.. انت وزميلك حضرتم مع مجموعة كبيرة من اعداء الوطن.. ومطلوب مني كمأمور السجن أن أحقق مع كل المقبوض عليهم بتهمة الشغب ضد الوطن.. وكل واحد منهم.. سوف ينكر تهمة الخيانة في حق الوطن. ولك أن تتخيل المجهود الذي سأقوم به لأحصل علي كل واحد منهم.. بالاعتراف علي خيانته.. والوقت الذي سيصل إلي ساعات من المجهود الذي سأبذله للحصول منهم علي الاعترافات.. والإنكار بانهم ضد الوطن.. وانهم بتوع الأتوبيسات.. وبتوع العربيات الكارو.. والموتوسيكلات.. وبتوع أشياء أخري عديدة.. وإذا لم تقم بالإمضاء علي هذه الورقة التي بها كل التحقيق الذي قمت به معك.. وتوقع عليها باسمك.. واعترافك.. ستكون هناك وسائل أخري.. يقوم بها بعض العاملين معي في السجن.. بأسلوبهم الخاص.. للوصول إلي الاعتراف الكامل بالتهم الموجهة لهم.. وتنتهي فترة الاعترافات.. إما الاعتراف الصريح.. أو الإصرار علي أنهم أبرياء.. ولك حق الاختيار.. قلت ايه يا والدي.. هل ستوقع علي هذه الورقة معترفا بتهمتك أم لا؟ وصاح المتهم البريء بتاع الأتوبيس النجم الكبير عبدالمنعم مدبولي وهو يجيب.. يا سعادة البيه.. احنا فعلا ابرياء.. واحنا فعلا بتوع الأتوبيس!! وردد الجملة وهو في حالة قريبة جدا من البكاء.. عبرت هي وصوته المبحوح الخانق.. وهو يقول احنا بتوع الأتوبيس يا سعادة البيه, وقال له المأمور.. انت كده يا والدي اخترت الأسلوب الثاني.. الذي سيقوم بطريقته في انتزاع الاعترافات.. ثم بعد لحظة صغيرة جدا.. صاح المأمور بصوت صارخ وهو ينادي لأحد أهم الأشخاص الذين يقومون بانتزاع الاعترافات بوسائل التعذيب.. وينادي المأمور بصوته الرهيب المفاجيء للنجم مدبولي وكل الذين سيشاهدون هذا المشهد الخطير.. ينادي بصوته العالي الذي يطالب بحضور من سيقوم بانتزاع الاعترافات بالأسلوب الآخر.. وهو أسلوب التعذيب.. باسم المعذب عبدالمعطي.. ودخل عبدالمعطي المعذب.. والذي يقوم بشخصيته النجم جمال إسماعيل.. وهجم علي المتهم البريء مدبولي.. وخطفه بقوة.. وانصرف به دون أي كلمة إلي خارج مكتب المأمور.. الذي وقف بهدوء شديد وعادت ملامحه كلها من نظرته وجسده.. وفي هذه اللحظة صاح المخرج الكبير حسين كمال.. بكلمة استوب.. وتوقف التصوير وأخذ المخرج يصفق بشدة.. لإبداع المأمور في ادائه.. وهو يقول له.. أحسنت يا صديقي الأستاذ المبدع.. ونظر إلي الجموع الواقفة خارج موقع التصوير يشاهدون المشهد وهم مجموعة أبطال الفيلم.. مع منتج الفيلم.. وباقي العاملين.. إعجابهم بأداء المأمور. وصاح المخرج موجها كلامه إلي جموع النجوم الواقفين لمشاهدة المشهد.. وهم يصفقون.. قال لهم.. شفتم البطل الذي قدم شخصية المأمور.. الذي هو أنا.. وأكمل المخرج كلامه.. سمعتم مع مشاهدتكم وأنتم تتابعون المشهد.. سمعت هذا النجم.. الذي قدم الشخصية بصوت نص تون.. ونظر إلي وهو يكمل كلامه.. علي فكرة يا صديقي الأستاذ المبدع.. انظر إلي كل الذين يصفقون لك.. من باقي نجوم الفيلم كانوا جميعا يرفضون قيامك بدور المأمور.. وأنا اصررت علي وجودك.. واختيارك لشخصية المأمور.. الذي قدمته ببراعة إبداعك بهدوئك المبهر.. وأنا واثق بأنك ستفوز بجائزة.. أفضل ممثل!! وصفق له كل الواقفين تأييدا لكلامه.. ووجدت نفسي حائرا.. ولكني فجأة أخذت أصفق معهم للمخرج.. ولهم!! وإلي لقاء