التسامح مطلب إنسانى نبيل دعت إليه الأديان دون استثناء حينما يسود التسامح يسود المجتمع الاستقرار والسلام والتعاون والتكافل مهما اختلفت الأعراق والمعتقدات. ومصر فى القلب والعين هى الوطن الثانى والتاريخ والجغرافيا يجتمعان. هذه المعانى أكدها المفكر الإماراتى أيمن ابراهيم العفيفى الذى اختارته مؤسسة التسامح والسلام التى أنشئت بعد ثورة يونيو، سفير التسامح والسلام لهذا العام فى حواره ل"الأهرام المسائى" وتناول تحديات المرحلة والضغوط التى تمارس مع الدول المساندة لثورة يونيو وفى المقدمة دولة الإمارات العربية المتحدة. ورؤيته لمستقبل مصر والمنطقة وإلى نص الحوار: - فى البداية ما رؤيتكم للعلاقات المصرية - الإماراتية؟ هذه العلاقات ليست وليدة اليوم بل إنها استمرار لما زرعه الشيخ زايد بن سلطان، الذى ظل يؤازر مصر ويؤيدها ويقدم لها الدعم والمساندة، وأولاد الشيخ زايد يكملون المسيرة وفاء لمصر وحبا لها، فسمو الشيخ خليفة بن زايد آل فهيان رئيس دولة الإمارات وسمو الشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبوظبى لا يدخران وسعا فى مساندة الأشقاء العرب وفى المقدمة مصر ونحن فى الإمارات نعتبر مصر بلدنا ونعرف قدرها فهى العمود الفقرى للأمة العربية والإسلامية. - كيف ترى اختيارك سفيرًا للتسامح والسلام؟ إن اختيارى له معنى آخر فهو يجئ من مؤسسة مصرية فمصر حاضنة الأمة العربية والإسلامية وأرى أن هذا الاختيار يأتى تقديرا للإمارات التى مارست السلام والحوار ونبذ العنف ونشر ثقافة التسامح بين كل الشعوب ويكفى دليلا على ذلك أن نؤكد أن أكثر من 561 دولة بها عاملين فى الإمارات التى لا تفرق بين إنسان وآخر بسبب الدين أو اللون أو العرق كما أن السياسة الخارجية للإمارات منذ زمن المغفور له الشيخ زايد لها خط إنسانى، فنحن جزء من هذا العالم الكبير، حيث إن الصداقة بين الشعوب تنشر الأمان والطمأنينة والسكينة، ومصر تحتل قمة الاهتمام فى السياسة الخارجية لدولة الإمارات لأن رخاء البشرية لا تزدهر فى ظل المخاوف. وأكد السفير والمفكر الإماراتى أنه يحلم بأن تنجح المنظمة فى نشر ثقافة التسامح والسلام وتعزيز التعايش السلمى بين الأديان والشعوب، والتمسك بحقوق الإنسان والمرأة والطفل ونشر ثقافة الانتماء ووحدة الوطن العربى. - ما دور مؤسسة السلام والتسامح فى هذه المرحلة؟ هناك تحديات تواجه العرب والمسلمين فى هذه المرحلة وأخطرها التطرف والإرهاب، ولا شك أن هذه المنظمة مهيأة للقيام بدور فى تعظيم التسامح والسلام والله سبحانه تعالى يقول: "يا أيها الذين آمنوا ادخلوا فى السلم كافة" خاصة إن الإسلام الحنيف من أهم مبادئه التسامح الدينى والعيش المشترك بين أتباع الأديان السماوية، وهو دين التسامح والسلام. كما أن مجتمعاتنا تواجه اليوم تحديات فكرية تستلزم العمل على تعزيز الانتماء والتماس السبل الكفيلة بغرسه ومد جذوره فى أعماد تربتنا، وأن نتمثله سلوكا وممارسة وثقافة ووعيا لتصل إلى بر الآمان فى ظل الظروف والمتغيرات الراهنة انطلاقا من الوظيفة الجوهرية من المنظمة الوليدة والغاية الحقيقية للتربية فى بناء الروح الإنسانية المناهضة لجميع أشكال العنف والتعصب والقهر والتسلط وسعيا إلى توفير أسس الانطلاق الحضارى والإنسانى الممكن للمجتمع. - ماذا عن دور المؤسسات التعليمية والدعوية فى ترسيخ وتعظيم مبدأ التسامح والسلام؟ الجميع مطالبون بالعمل لمناهضة كل أشكال العنف والتعصب وقبول الآخر، المدارس والجامعات والمساجد والكنائس والأسرة. كل هذه الجهات يمكن أن تلعب دورا مهما فى تعظيم هذه المفاهيم، إن قيم التسامح أصبحت من ضرورات التربية لما تمثله من أولوية إنسانية واجتماعية وحضارية تنادى بها الأمم وترفع شعارها الحكومات والمنظمات المدنية والحقوقية فى البلدان والمجتمعات وإن كانت فى كثير من الأحيان مجرد شعارات لم تصل إلى حيز التنفيذ. - ماذا يمكن أن تقوم به المنظمات الأهلية لغرس قيم التسامح؟ أعتقد أن المنظمات الأهلية مطالبة للقيام بدور أكثر قد يفوق الدور الرسمى حيث يمكن الوصول إلى المناطق النائية والعشوائية لأنها فى كثير من الأحيان هى المصدر الرئيسى للإرهاب، وهى مناطق خصبة لجذب الشباب بها للانضمام لصفوف العنف، ولابد من وصول معانى التسامح وحب الوطن وإبراز قيمة السلام وقبول الآخر وتعزيز ذلك بتوفير خدمات تعالج الحرمان الذى تعانيه هذه المجتمعات. - هل هناك تعارض بين التسامح والمعارضة؟ إن التسامح لا يمنع ألوان المعارضة والاختلاف بل لا الصراعات ولكنه يعترف بأن تأكيد الذات يتطلب الاعتراف بالآخر، وتدعيم ثلاثية "لا للعنف، لا للإرهاب لا للفساد" وأجدد أننا فى الوقت الحالى يحتاج وطننا مصر والوطن العربى والإسلامى أن نكون جميعا يدا واحدة تبنى ولا تهدم تعمر ولا تخرب تزرع ولا تحرق، تربى ولا تقتل لأن الناتج من ذلك كله لن يحصده سوانا، ولسوف يكون حصادا مثمرا إذا نحن أحسنا الغراس والدعوة إلى الوحدة الوطنية وزيادة الروابط بين النسيج المصرى الواحد والرد على الإشاعات المغرضة والقضاء على الفتن، وذلك لأن التحديات الكبيرة التى تواجهها الأمة المصرية والعربية والإسلامية لا تسمح لنا بالاستمرار فى دوامة الصراعات الداخلية ولابد من التوقف والتراضى والاتجاه إلى الحوار والنهج الديمقراطى السليم.