لغتنا العربية الجميلة تتميز بخصائص معينة لا تتوفر لأى لغة أخرى ومنها: أنها لغة اشتقاق مثل الفعل (كتب) يشتق منه كاتب ومكتوب ومكتبة، كتاب، وهى لغة فخيمة لأن كل حروفها منطوقة، كما أنها لغة موحية المعانى أى أن منطوق الكلمة ووقعها يحملك إلى معنى محدد مثل كلمة (الأبدية) توحى بطول الأمد، و(الجبار) توحى بالجبروت والهيمنة، وكلمة (الحنين) توحى بالاشتياق، وهى لغة الجناس ومن ذلك قول الحق «ويوم تقوم الساعة، يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة»، وهى لغة التعريب اى نقل مصطلحات من لغات أخرى وإدخال تعديلات عليها لتتوافق مع سياق اللغة مثل كلمة تكنولوجيا التى عدلت إلى تقنية، وتليفزيون إلى تلفاز، وهى اللغة التى تضبط كلماتها بالشكل وهو ما ينتج مفردات لغوية كثيرة من نفس الحروف مثل كلمة (علم) تحصل منها على سبعة مفردات بالتشكيل وهي: عَلِم، عُلِم، عَلَّم، عُلِّم، عَلِّمْ، عِلْم، عَلَمْ، هذه اللغة العربية الرائعة تعانى فى هذا العصر من مخاطر تهدد هويتها، وتنبع هذه المخاطر من مصدرين رئيسين هما: الممارسات الحياتية الخاطئة ومن ذلك كتابة أسماء المحال والمؤسسات بلغات أجنبية، وإطلاق مسميات أجنبية على بعض القنوات التلفزيونية مثل Dream, OnTv, MBC, CBC، وكذلك انتشار كتابة كلمات عربية بحروف انجليزية كما هو شائع على شبكات التواصل الاجتماعي، والمصدر الثانى هو ضعف الحضارة العربية وخصوصا فى العلوم والبحوث والتطوير، وبالتالى صارت الدول العربية متلقية لمخرجات الحضارة الغربية وهى الأقوى ومن ثم فرضت لغتها، وهكذا دخلت مفردات اللغات الغربية وأبرزها اللغة الإنجليزية إلى مجتمعاتنا وصار الناس يرددون هذه الكلمات فى حياتهم اليومية وفى وسائل الإعلام، واليوم أصبحت المفردات التالية مألوفة: الديمقراطية - الكورنيش - السينما - ساندويتش - رووف - راديو - موبايل - ريسبشن - موتوسيكل - مترو - منى باص - تاكسي - ميدترم - سمر كورس - دش - ويك اند - جورنال - باكيت - كمبيوتر - تابلت - فيديو - فيلم - تكنوقراط - ديكتاتورية - بارتي - مس ومستر وعجبى أن يقال لمدرس اللغة العربية فى مدارس اللغات "مستر"، وهؤلاء المدرسين المستغربين المتنطعين يقبلون هذا. وعندما سادت الحضارة العربية الإسلامية كانت أوربا غارقة فى ظلام العصور الوسطى، وكانت لإسهاماتها القيمة دورا كبيرا فى تطور الغرب وأثرت على مجالات مختلفة كالفن والعمارة والطب والصيدلة والزراعة والموسيقى والتكنولوجيا، ونهلت اوروبا العلوم والمعارف على ايدى علماء العرب والمسلمين أمثال ابن سينا والكندى والمتنبى والرازى وابن يونس وابن رشد وسيبويه والخيام, واما ابن الهيثم البصرى المولد فقد وصفه الكاتب الأمريكى المعاصر ميشيل هاملتون بأنشتاين زمانه لأنه اكتشف نظريات علمية ساعدت كل من كوبرنيكوس ونيوتن من تحقيق اهدافهم العلمية بعد ستمائة سنة، وبالتالى فرضت اللغة العربية نفسها لأنها لغة الحضارة الأقوى آنذاك، ودخل إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والأسبانية ما يزيد عن ألف من مفردات العربية ومن ذلك: جمل (Camel)، قنال (Canal)، كاميرا من القمرة وهى الغرفة المظلمة التى كان يجرى فيها ابن الهيثم تجاربه علي الضوء(Camera)، الجبر(Algebra)، زرافة( Giraffe)، برقوق (Apricot)، ليمون (Lemon)، قولون(Colon)، شراب(Syrup)، فردوس(Paradise)، لوغاريتم (Algorism)،الكحول(Alcohol)، بربري(Barbarian) سلطان(Sultan) أدميرال (admiral)، أريكة (Sofa)، الطوب (Adobe)، المناخ (Almanac)، عنبر(Amber)، دارالصناعة(Arsenal)، الخرشوف(Artichoke )، عطر(Attar)، قيراط (Carat)، حناء(Henna)، قطن(Cotton)، شيفون تسيج رقيق (Chiffon )، الأكسير(Elixir)، أمير(Amir)، غزال (Gazelle)، كما أن مصطلحات الفلك وأسماء المجرات والنجوم فى معظمها عربية مثل: الإكليل (Ichlil)، البطين (Botein)، بيت الجوزاء (Betel geuse)، التنين (Etanin). والخلاصة أنه يتعين علينا حماية لغتنا العربية على الأقل من الممارسات الاجتماعية الضارة باللغة، إلى أن يهيئ الله لهذه الأمة أسباب القوة وتنهض علميا واقتصاديا حتى تعود السيادة للحضارة العربية وإلى لغتنا السيادة ويشار إليها بالبنان لأنها حسنة البيان.