الإخوان سعوا للقاء مسئولين أمريكيين عقب تفجيرات11 سبتمبر لإقناعهم بأنهم بعيدون عن التفجيرات.. والشواهد تكذب ذلك الظواهري يري أن فكر قطب هو دستور تنظيم القاعدة وعزام( عضو مجلس شوري الإخوان) هو الأب الروحي للتنظيم ونواصل سرد فصل من علاقة الإخوان بالأمريكان, فقد أكدت دراسة أعدها القسم السياسي بجماعة الاخوان عقب التفجيرات مباشرة ضرورة عقد لقاءات سريعة مع الأمريكان لشرح وجهة نظر الجماعة, واقناعهم بأنها بعيدة كل البعد عن تلك المجموعات التي قامت بهذه الأحداث, فكرا وتنظيما. كان قادة الجماعة يعرفون أنهم يكذبون, فالصلة الفكرية واضحة, عن طريق أفكار سيد قطب التي تدين بها الجماعة, والتي كانت المعين الصافي الذي استقت منه كل الجماعات الإرهابية أفكارها, خاصة تنظيم القاعدة وزعيميه اسامة بن لادن والظواهري. ويكفي ان نقرأ للظواهري هذا الكلام لنعرف حجم علاقته بقطب وافكاره, يقول الرجل الثاني في تنظيم القاعدة في كتابه فرسان تحت راية النبي: إن كلمات سيد قطب الأخيرة وهو يرفض أن يتقدم بطلب عفو من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر, مشددا علي( أن أصبع السبابة التي تشهد لله بالتوحيد في كل صلاة تأبي أن تكتب استرحاما), باتت دستورا ومنهجا يدرسه الأصوليون( في جميع أنحاء المعمورة), في الثبات علي المبدأ. ويشدد الظواهري علي أن قطب هو أول من أكد مدي أهمية قضية التوحيد في الإسلام, وأن المعركة بين الاسلام وأعدائه هي في الأصل معركة عقائدية حول قضية التوحيد, أو حول لمن يكون الحكم والسلطان: لمنهج الله أو لشرعه, أم للمناهج الأرضية والمباديء المادية, أم لمدعي الوساطة بين الخالق وخلقه. ويؤكد الظواهري. كان لفكر قطب أثره الواضح في معرفة الحركة الإسلامية لأعدائها وتحديدها لهم وإدراكها أن العدو الداخلي لايقل خطورة عن العدو الخارجي, بل إنه الأداة التي يستخدمها العدو الخارجي والستار الذي يحتمي وراءه في شن حربه علي الإسلام. ويضيف الظواهري في معرض حديثه عن خطة قطب ورفاقه في مواجهة نظام عبدالناصر كان المعني في هذا التخطيط أكبر من قوته المادية, فقد كان يعني بوضوح أن الحركة الاسلامية قد بدأت خوض حربها ضد النظام( نظام عبدالناصر) باعتباره عدوا للإسلام, بعد أن كانت أدبياتها ومبادئها من قبل تؤكد أن عدو الإسلام هو العدو الخارجي فقط. ويشدد الظواهري علي أنه بالرغم من أن مجموعة سيد قطب تم البطش بها والتنكيل بأفرادها علي أيدي الحكم الناصري, إلا أن ذلك كان أعجز من أن يحد من تأثيرها المتعاظم في أوساط الشباب المسلم, فقد كانت ومازالت دعوة سيد قطب الي إخلاص التوحيد لله والتسليم الكامل لحاكمية الله ولسيادة المنهج الرباني شرارة البدء في إشعال الثورة الإسلامية ضد أعداء الإسلام في الداخل والخارج والتي مازالت فصولها الدامية تتجدد يوما بعد يوم. وكان الإخوان يعرفون أنهم يكذبون بشأن الصلة التنظيمية أيضا, فالأب الروحي لتنظيم القاعدة وزعيمه اسامة بن لادن, هو الدكتور عبدالله عزام عضو مجلس شوري التنظيم الدولي, ومبعوثه الي افغانستان. كانت خطة الإخوان ومبعوثهم تتلخص في تكوين جيش صغير, يتحول الي قوة انتشار سريعة تستطيع الجماعة من خلالها, مواجهة أعدائها في الوقت المناسب وفي أي مكان في العالم. ولكن بعد مقتل عزام تحول هذا الجيش الي نواة لتنظيم القاعدة, بعد أن اختطفه الظواهري ومجموعة المصريين وهم( المتهمون الرئيسيون في مقتل عزام) واستخدموه لخدمة أغراضهم, التي جاء علي رأسها مواجهة الولاياتالمتحدة في عقر دارها. ومن هنا جاءت أحداث سبتمبر الشهيرة. لقاء الرئيس بوش: استعان الإخوان بجناح التنظيم الدولي في الولاياتالمتحدةالأمريكية, ومن أبرزهم الدكتور حسان حتحوت( رئيس أكبر المنظمات الإسلامية بأمريكا), حيث كان أول من استقبل الرئيس الأمريكي جورج بوش بالمركز الإسلامي التابع لهم في العاصمة الأمريكية, عقب أحداث11 سبتمبر مباشرة, بوصفه ممثلا عن مجلس التنسيق السياسي الإسلامي الأمريكي وعن مجلس الشئون العامة الإسلامية. وجهت الجماعة من خلال حتحوت رسالة الي الإدارة الأمريكية تؤكد فيها قدرتها علي تقديم العون الجيد لواشنطن في إطار امتصاص غضب الشباب المسلم, وتحويله الي نشاط إيجابي بعيدا عن سلبية الجماعات المتطرفة, شريطة أن تدعم أمريكا الجماعة في مواجهة تلك الحكومات الديكتاتورية علي حد توصيفهم. وأستمرت اللقاءات في الانعقاد, ولكن بشكل سري, حتي كان احتلال العراق, الذي أمر خلاله المرشد العام السابع للجماعة محمد مهدي عاكف( المنسق السابق للعلاقة مع الأمريكان), جناح التنظيم الدولي في العراق( الحزب الإسلامي العراقي بقيادة محسن عبدالحميد والاتحاد الإسلامي الكردستاني بقيادة صلاح الدين بهاء الدين), بالتعاون مع الحاكم الأمريكي آنذاك بول بريمر, والمشاركة في الحكومة الانتقالية التي شكلها عقب سقوط النظام العراقي مباشرة, وهو ماتسبب في إيجاد أزمة داخل التنظيم الإخواني بالعراق وتدخل عاكف بوصفه المرشد العام للتنظيم الدولي لاحتواء تلك الأزمة وأصدر قرارا, ملتويا يؤكد أن مشاركة الإخوان في الحكومة الانتقالية تمثل شأنا داخليا للجماعة في العراق, الأمر الذي ترتب عليه استقالة عدد من إخوان العراق المعارضين لتلك المشاركة وتشكيلهم جيش الخلاص الإسلامي, بينما قام بعضهم بتكوين جبهة علماء المسلمين برئاسة حارث الضاري, الذي التقي بعاكف مرتين بالقاهرة وطالبه بضرورة التدخل لإنهاء علاقة الحزب الإسلامي بحكومة بريمر, ولكن عاكف رفض للمرة الثانية معتبرا أن ذلك الأمر شأن داخلي يخص العراقيين وحدهم. الإخوان في النادي السويسري: واتساقا مع موقف الجماعة في العراق استمرت المخططات الإخوانية في مصر في فتح جسور الحوار مع الأمريكان, وبدأ الإخوان في الاتصال بالدكتور سعد الدين ابراهيم, وقام وفد الجماعة بزيارته في منزله بالمعادي, عقب خروجه من السجن, خاصة انه وقد أقام سعد الدين علاقات جيدة ببعض قادة الإخوان الذين زاملوه في السجن, واقنعوه بضرورة القيام بدور كوسيط لتقريب وجهات النظر بين الإخوان والأوروبيين وهو ما حدث فعلا عقب خروجه من السجن, حيث رتب للقاء بين دبلوماسيين أوروبيين من سفارات بريطانيا وسويسرا والسويد, ووفد من الجماعة ضم كلا من: محمد مرسي رئيس الهيئة البرلمانية للجماعة آنذاك, وعصام العريان عضو مجلس شوري الجماعة, والصحفي محمد عبدالقدوس, بينما حضر من الجانب الآخر عدد من الدبلوماسيين الغربيين. دار الحوار حول إمكانات وصول الإخوان الي السلطة, والأجندة السياسية التي يحملونها حال وصولهم الي الحكم, وموقفهم الحقيقي من الغرب, وقضايا الديمقراطية وحرية الرأي والتعبير. كان الإخوان يعتبرون تلك اللقاءات جزءا من سيناريو عام وضعته الجماعة من أجل فتح قنوات اتصال مع الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي, لاقناعهما بقبول أن يكون للتيارات الاسلامية دور محوري في المنطق علي غرار التعاون الذي حدث بين الأمريكان والأحزاب الأسلامية في تركيا وباكستان, بالاضافة إلي الهدف الأهم, والمتمثل في عدم ادراج أسم جماعة الإخوان علي قوائم التنظيمات الارهابية التي تطاردها وتحاصرها واشنطن والحصول علي وعد بدعم سياسي امريكي في حال الوصول إلي الحكم, والضغط علي النظام في مصر لتقبل الوجود الشرعي للاخوان. وتكرر السيناريو نفسه مع د. سعيد النجار الذي زاره عدد من الاخوان للاستفادة من علاقاته الجيدة وتوجهاته الليبرالية لعقد لقاءات مع مسئولين في الخارجية الأمريكية لكنهم لسبب ما لم يفاتحوه في الموضوع صراحة.. بعد انتقال الحوار الي موضوعات خلافية كثيرة بعيدة عن أهداف اللقاء وبقي في برنامج الإخوان لقاءات مع الكاتب مأمون فندي وتوماس فريدمان. وعلي الصعيد نفسه, برز داخل الجماعة تصور آخر للإسراع في إجراء تفاهمات مع الإدارة الأمريكية, عن طريق التنسيق مع الاخوان في أمريكا وخصوصا د. حسان حتحوت رئيس إحدي أكبر المنظمات الاسلامية في امريكا,وهو أحد تلاميذ حسن البنا المخلصين, بما له من علاقات جيدة بالمؤسسات الأمريكية حيث كان أول من استقبل الرئيس جورج بوش الابن في المركز الاسلامي التابع له بعد أحداث11 سبتمبر مباشرة كما أسلفنا وبدأ الإخوان بالفعل اتصالاتهم وكان مقررا أن يسافر أحد اعضاء مكتب الارشاد إلي امريكا للقاء بعض القيادات هناك خصوصا من المسئولين عن ملفات الشرق الأوسط, ولكن حرب العراق أجلت هذه الترتيبات. لم تشارك الجماعة في أي تصعيد لصد الاحتلال الأمريكي في العراق, بل ساهمت, بتعليمات من مرشدها العام محمد مهدي عاكف, في تثبيت دعائمه, كما رأينا من قبل عن طريق دفع إخوان العراق للانضمام الي حكومة بريمر. اعتراضات مصرية وردود أمريكية: وعندما أعلنت السلطات المصرية عن رفضها لصيغة اللقاءات الأمريكية مع ممثلي ورموز جماعة الاخوان المحظورة والتي أصبحت دورية ومنتظمة جاءت تأكيدات واشنطن أنها لا تستطيع تكرار أخطائها في إيران ولهذا يجب عليها أن تتحاور وتستمع وترسل توجيهاتها وتصوراتها للجماعة التي يمكن أن تشكل حكومة في المستقبل. وأصبحت هذه اللقاءات أكثر جدية وأدق تنظيما وقابلتها متابعة مصرية أمنية دقيقة وضربات للجماعة ولرموزها وسلسلة من الاعتقالات والمحاكمات لهم. كما بادرت بعض وسائل الإعلام الأمريكية بالدفاع عن الجماعة حيث اعتبرت مجلةFOREIGNAFFAIRS أن جماعة الإخوان بوليصة تأمين ضد التطرف والإرهاب وأن التحاور معها يحقق المصالح الأمريكية لتلاقي مصالح الطرفين في مجالات متعددة ومطالبة المسئولين عن صنع القرار الأمريكي بإقامة الحوار مع الجماعة من خلال ممثليها المقيمين في الغرب, وتأكيد اعتدال الجماعة( من وجهة نظرهم) تجاه القضية الفلسطينية بدعوي أن الجماعة تري أن الصراع مع إسرائيل ليس دينيا بل هو نزاع علي الأراضي المحتلة وأن الاخوان علي استعداد للاعتراف بدولة إسرائيل بمجرد قيام منظمة حماس بذلك. كما نشرت مجلةHARBERS مقالا بعنوان( أحزاب الله الديمقراطية الأسلامية ومذهب بوش) أكد فيه لمحرر المقال أن الرفض الأمريكي المطلق للجماعات الإسلامية لا يخدمهم علي المدي البعيد وأوضح أنه علي الرغم من أن أيديولوجيتها السياسية قد لا تروق للأذن الغربية فإن ذلك لا يمنع من أن المستقبل الديمقراطي في الشرق الأوسط سوف يعتمد بصورة كبيرة علي تفهم هذه الأيديولوجيات والأفكار والتعامل معها, وعلي الرغم من اعتراف كاتب المقال بعدم صدق التصريحات العلنية للجماعة باحتضانها الديمقراطية, وأنها قد تعمل علي فرض إعمال الشريعة علي المجتمع المصري في حالة وصولها للحكم فإن ذلك لا ينفي أن الجماعة بدأت في تغيير منهجها المتشدد نتيجة مشاركتها في الحياة السياسية, والغريب في الأمر أن وسائل الإعلام الأمريكية التي تدافع عن الجماعة الأم هي نفسها التي تهاجم جناحها العسكري في غزة والمتمثل في حماس وتصفه بالارهاب, وتضعه علي القوائم الأمريكية للمنظمات الارهابية, بل أن جميع قيادات حماس, ممنوعون من دخول الولاياتالمتحدة. وقد كشفت مصادر دبلوماسية غربية بالقاهرة عن أن وزارة الخارجية الأمريكية اعتمدت مذكرة تدعو الي فتح حوار سياسي ومباشر مع جماعة الإخوان المحظورة, مؤكدة أن هذه المرحلة تتطلب الاقتراب أكثر من الجماعة التي تحظي بشعبية واسعة بمصر, وأوصت بضرورة أن تكون جلسات الحوار مع قيادات الاخوان منتظمة ودائمة وعدم الاستماع كثيرا لتحذيرات الحكومة المصرية بعدم التعاون مع هذا التيار, ورأت المذكرة أن علاقة واشنطن بالإخوان خلال السنوات الماضية كانت لها بعض النتائج الإيجابية, وهو ما يتسق تماما مع تصريح وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة, كوندوليزا رايس التي قالت فيه إنه يجب ألا يكون الخوف من وصول التيارات الإسلامية إلي السلطة عائقا أمام الإصلاحات العربية, كما يتفق مع ما جاء بتقرير مادلين أولبرايت بعد زيارتها للقاهرة عام2005 والذي جاء فيه( أنه إذا كان التخوف الأمريكي قد بني علي أن إجراء الانتخابات الحرة سيؤدي حتما إلي وصول الأصوليين تقصد الإخوان إلي مقاعد السلطة بسبب هوان الأحزاب الشرعية, فإن التجارب السابقة تشير إلي أنهم جماعات براجماتية يمكن التعامل معها بشكل ممتاز) وقد ساهمت تلك التصريحات في منح الإخوان الجرأة السياسية حتي وصل الأمر بمرشدها عاكف أن يعلن في2005/3/2 أن الإخوان ليس لديهم مانع من أن يكون الرئيس مبارك رئيسا لمصر لفترة خامسة, شريطة أن يكون ذلك بناء علي اتفاق بينه وبين جماعة الإخوان. والي لقاء. [email protected]