عام1975 وصلت فروع الجماعة في أمريكا إلي230 فرعا.. الجماعة ساعدت المخابرات الأمريكية في ترتيب لقاء شهير بين السادات والملك فيصل عام..1971 ازدهر فرع الإخوان بأمريكا بالتزامن مع تقارب السادات والولاياتالمتحدةالأمريكية يشير الموجز التاريخي لمسيرة الإخوان المسلمين في الولاياتالمتحدة( والذي كتب في25 أكتوبر1991 كورقة عمل داخلية مقدمة لمجلس شوري الجماعة في أمريكا), إلي أن أول تنظيم أسسته الجماعة في أمريكا كان اتحاد الطلاب المسلمين في عام1962, الذي سرعان ما تحول عام1963, بفعل تكثيف اللقاءات والمؤتمرات والمخيمات لرواد الاتحاد, الي رابطة الطلاب المسلمين. كان سياسة الجماعة تقضي إبان تلك الفترة, اني تم إلحاق كل عضو بالمجموعة الإخوانية الخاصة ببلده, فإذا لم يكن هناك لهذه الدولة تجمع كبير في الولاياتالمتحدة, كان ينصح بالانضمام إلي أقرب مجموعة له, فعلي سبيل المثال كان يمكن للإخواني العراقي أن ينضم لمجموعة إخوان الأردن والليبي لمجموعة اخوان مصر وهكذا. وفي محاولة لتنظيم جسد الجماعة في شكل تنظيمي محدد, مرت الجماعة بعدة تجارب تنظيمية, كان أولها المجموعات الاقليمية فكل حركة( أي كل بلد) لها قيادة, ومن مجموع تلك القيادات يتم تكوين ما يسمي المجلس التنسيقي الذي كان يتكفل بالدعوة الي اللقاءات العامة للتنسيق في الأمور المختلفة, علي أن تكون قراراته استرشادية وغير ملزمة. لاحقا تشكل بناء تنظيمي رسمي, له قانون داخلي, يعتبر أن أعلي هيئة تنظيمية في الجماعة هي المؤتمر العام, وهو مشتق من مباديء الاخوان, فكل أسرة تنتخب فردا أو اثنين حسب عددهم, بعد ذلك يأتي مجلس الشوري ثم المجلس التنفيذي. كان الشرط الرئيسي للتعيين في التنظيم الجديد, أن يكون الأخ نشطا في العمل العام, ضمن رابطة الطلاب المسلمين, وممن يواظبون علي حضور اجتماعاتها أو يشاركون في لجانها التنفيذية سواء المحلية أو المركزية. وظل هذا هو الشرط الرئيسي طوال حقبة الستينيات. حيث يتم التركيز علي المشاركين بفاعلية في مؤتمرات رابطة الطلاب المسلمين, والاقتراب منهم ثم ضمهم الي الإخوان. و كان يتبع ذلك بعض الزيارات للفروع المحلية واختيار العناصر الفعالة هناك ومفاتحتها للانضمام للجماعة. وبعد أقل من15 علي تلك الطريقة في التجنيد والعمل, وعلي تكوين الاتحاد وصل عدد فروعه في الجامعات الأمريكية الي230 فرعا وذلك في1976/1975 هذا عن الوضع في الولاياتالمتحدة حتي عام1975, فماذا عن مصر البلد الأم للتنظيم؟؟ في15 مايو1971 استطاع السادات أن يكسب معركته الحاسمة ضد الناصريين ولكن جماهير الشارع في مصر والوطن العربي كانت كلها رغبة في اعلان الحرب ضد اسرائيل, تعددت المظاهرات واشتعلت الجامعات, فاقترح محمد عثمان اسماعيل فكرة الاستعانة بأبناء الصعيد( طلاب الجامعات) وأكثرهم مقيمين في المدن الجامعية وانضم اليه المهندس عثمان احمد عثمان ويوسف مكادي في تأكيد قدرة هؤلاء الشباب علي التصدي في لجم الناصريين والشيوعيين دفاعا عن النظام من منطلق ايماني( اسلامي).. عاد السادات إلي ذكرياته مع قادة الاخوان فبدأ الحوار مع عمر التلمساني, وبادر بالافراج عنه وجمع كبير من قيادات الجماعة, الذين تحمسوا لفكرة الاستعانة بشباب الصعيد. تحرك التنظيم الدولي للاخوان والذي كان يقوده سعيد رمضان زوج ابنة البنا, وكانت له صلات وثيقة بالدوائر الأمريكية ومراكز صنع القرار ونشاطات واسعة في اوروبا, فضلا عن تمركز قوي في المملكة العربية السعودية ودول الخليج, التي كانت قد استقبلت اعدادا كبيرة من قيادات الاخوان الهاربة في الخمسينيات, والمفرج عنهم فيما بعد-من سجون عبد الناصر.. رتب سعيد رمضان لما أطلق عليه مصالحة العصر.. ومهد بإحكام للقاء جمع الرئيس السادات والعاهل السعودي الملك فيصل بن عبدالعزيز في الحرم المكي عام1971, وسط ترحيب وتخطيط امريكي دقيق بهدف دعم المملكة و الوصول إلي مرحلة تأخرت طويلا في ترويض السياسة المصرية وادخالها في الدائرة الامريكية. حقق العرب انتصارا كبيرا في اكتوبر عام1973, ولعبت واشنطن ادوارا اساسية في عمليات التسوية التي بدأت بفض الاشتباك الأول, واقصاء السوفييت خارج مسرح العمليات.. واستكمل التصور الامريكي حلقاته ببناء تحالف السافانا الذي ضم مصر والسعودية والمغرب وباكستان مع الولاياتالمتحدة بهدف التصدي لحركة اية تنظيمات شيوعية في العالم الثالث, واعداد القوي المسلحة اللازمة لمنع واجهاض أية انقلابات عسكرية.. مع الالتزام الامريكي والاوروبي( الدولي) بدعم الانظمة الحاكمة في البلدان الاربعة مع ملاحظة كونها تضم شعوبا سنية, أي أن التصور الامريكي عمد أيضا وعلي نحو غير معلن لتحويلها إلي محور مذهبي في اتجاه واحد لمواجهة اية قوي اخري مخالفة له.. ونجح مهندس المشروع سعيد رمضان في استقطاب موافقات أوروبية علي صيغة السافانا واستقبلت اعداد من المراكز الاسلامية العديدة في الكثير من المدن والعواصم الاوروبية, وتحت اشراف وتنظيم قيادات الاخوان, ووضعت تحت تصرفها ميزانيات واموالا ضخمة للانفاق علي الاهداف الكبيرة( غير المعلنة) مع تمكينها من جمع تبرعات سخية من الجاليات المسلمة حول العالم دعاما لأوجه الخير والاحسان وبناء المساجد..! وشهدت هذه الفترة ازدهارا كبيرا لفرع الإخوان في الولاياتالمتحدةالأمريكية. وفي دراسة حول أوضاع التنظيم الإخواني في أمريكا قدمها المرشد السابق مهدي عاكف عام1991 عقب زيارة قام بها الي فرع الجماعة في أمريكا في ذلك التاريخ يصف عاكف فترة بناء اتحاد الطلاب المسلمين قائلا كان هذا الاتحاد حقيقة نموذجا فريدا في تجميع المسلمين من شتي أنحاء العالم الاسلامي وتوحيد صفوفهم, ونزع من كل مسلم عرقه وجنسيته, وأصبح الجميع ذوي هوية إسلامية واحدة, وذلك كله بفضل الله سبحانه وتعالي ثم شباب الإخوان المسلمين الذين كان لهم الدور الأساسي في تكوين هذا الاتحاد وتعميق الأخوة الإسلامية وتغليبها علي نازع العرق والعصبية, وكانت تلك الفترة من أزهي مراحل العمل الاسلامي في الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث أن أفواجا من المهاجرين والمسلمين المقيمين بالولاياتالمتحدة انضموا كأعضاء في هذا الاتحاد وارتفع عدد فروعه داخل الجامعات الأمريكية إلي230 فرعا عام1975/1960. ويضيف عاكف: وكان الاتحاد منذ نشأته يحمل أهدافه وفلسفته النابعة من واقعه الذي أنشئ فيه وأهم هذه الأهداف هي: 1 تثبيت دعائم الوجود الاسلامي( يقصد الإخواني) في الولاياتالمتحدةالأمريكية. 2 توطيد أواصر العلاقات بين المسلمين في مختلف الولايات. 3 ربط جسور الاتصال بين الطلبة المسلمين في الولاياتالمتحدة وبلادهم في الشرق الاسلامي. 4 نشر المعرفة الاسلامية الصحيحة( يقصد الفكر الإخواني) المبينة علي أساس من القرآن والسنة وسيرة السلف الصالح. 5 العمل علي نشر الدعوة الاسلامية بين غير المسلمين في الولاياتالمتحدة, وذلك بالاضافة إلي العديد من الأهداف والغايات التي كانت رجاء ومأمل كل مسلم يعيش في أرض الغربة بالولاياتالمتحدة, سواء كان طالبا أو مهاجرا. 6 إعداد القيادات الإسلامية الراشدة مع تدريب الأئمة والدعاة ورفع مستوي قيادات العاملين في الحقل الاسلامي إلي درجة الابداع والتفوق. 7 تنشئة الجيل المسلم الجديد علي الاسلام عقيدة, ومنهج حياة, وإعداده لقيادة المستقبل. إتحادات قطرية: ويمضي عاكف ليشرح في مذكرته قائلا: في عام1976 م بدأت تظهر موجه جديدة في تاريخ تطور العمل الاسلامي في أمريكا وذلك من خلال تكوين للكيانات التي تهتم بالمسلمين القادمين من البلدان الاسلامية فكان أول اتحاد يتكون بغرض تجميع المسلمين من إحدي البلاد الإسلامية هو اتحاد الماليزيين وذلك باسم جماعة الدراسات الإسلامية الماليزية.MiSG, ثم تلا ذلك في عام1977 م تكوين رابطة الشباب المسلم العربي وذلك لخدمة وتجميع الشباب المسلم العربي, وتوالت بعد ذلك الاتحادات الباكستانية والإيرانية وغيرها,... وكان من أهم الأسباب التي دعت إلي ظهور مثل هذه الكيانات هو التواجد الضخم للطلبة المسلمين الوافدين من مختلف انحاء المشرق الإسلامي مما حدا بالإخوة القائمين علي أمور الدعوة( يقصد أفراد الاخوان) بالولاياتالمتحدةالأمريكية إلي إنشاء مثل هذه الكيانات والتي كانت تهدف اساسا إلي توطيد الصلات بين الطلبة المسلمين في الغرب مع مواطنيهم الإسلاميين من المشرق بالإضافة إلي تجميع هذا العدد الكبير ومساعدتهم في عدم الذوبان في المجتمع الامريكي. وبالطبع يبدو واضحا من دراسة مهدي عاكف مدي التطور الذي شهده فرع الجماعة خلال منتصف السبيعنيات والذي اقترن بالتقارب بين قادة الجماعة في مصر والرئيس السادات والولاياتالمتحدة. لكن هذا الربيع لم يدم طويلا ففي مارس عام1979 نجحت الثورة الاسلامية في إيران, واسقطت حكم الشاه وسيطر الامام الخميني علي مقاليد الامور في طهران, وأعقبها غزو واحتلال السوفييت لافغانستان.. ومن القاهرة أعلن السادات الجهاد ضد الاحتلال التزاما بتحالف( السافانا) وقامت الولاياتالمتحدة بدورها وأوكل التنفيذ سرا إلي الاخوان. وأدت علاقات السادات مع الاسرائيليين, وتوقيع اتفاقيات كامب ديفيد إلي تدهور العلاقات مع السعودية, وانعكس ذلك علي تحالفه مع الاخوان, فاستدعي المرشد الثالث( التلمساني) يوم الثلاثاء21 اغسطس لحضور لقاء الرئيس مع الكتاب والمفكرين ورجال الدين.. وتحدث زعيم الاخوان عن شرعية الجماعة مؤكدا أن قرار حلها صحيح, وأن اصدار مجلة( الدعوة) لسان حال الجماعة يتم بصورة غير قانونية, ولكن سمح به الرئيس تفضلا بعد أن أفرج عنهم وأطلقهم من السجون. وفي هذا اليوم تحدث الرئيس السادات بلهجة غاضبة موجها حديثة الي التلمساني قائلا: ويزيد الأمر مرارة في نفسي يوم ان تكتب يا عمر لشبابنا الذي اتحدث عن تكوينه علي نحو يجعله قادرا علي مواجهة التحديات من حولنا.. وخاصة تحدي أولئك الذين يظنون أن المال هو كل شيء, ويخرج عمر وفي صدر مجلة الدعوة بمقال عن خطاب وصله أن الحكومة الأمريكية والمخابرات الأمريكية ارسلته إلي ممدوح سالم رئيس الوزراء ليقول له اوعوا.. خدوا بالكم من الولاد بتوع الجماعات الإسلامية.. لأن هؤلاء خطر جدا.. اضربوهم وتخلصوا منهم.. فهل هذا يصح.. وحزني( والكلام ما زال للرئيس السادات) سببه ان هذا الأسلوب كان لابد وان ينتهي.. بعد كل ما جري يا عمر في الماضي..!! وأضاف السادات في مواجهة التلمساني الشباب إلي انا بقوله لازم نقابل التحدي.. ونبني مصر البناء الاسلامي الكبير.. كيف اقول له الان.. ان امريكا بعثت تخوفني.. كيف اصور له حكومة مصر التي اعطت كل هذا انها حكومة يأتيها خطاب كهذا من امريكا وغيرها.. لماذا انتم الذين تحملون مثل هذا الكلام.. ومن تكونوا يا عمر.. هذا كلام مرفوض.. رفض السادات رسالة الأمريكان لانها جاءته عن طريق الاخوان وقبلها رفض توسطهم لدي ايران للافراج عن الرهائن الأمريكيين وانهاء مشكلة السفارة في طهران.. وانتهي التحالف بينهما.. واعلنوا رفضهم لسياسات السادات.. والتقت الجماعة الاسلامية في الصعيد مع اقرانها في الدلتا, واختاروا د.عمر عبدالرحمن اميرا لهم ومعه الزمر وناجح ابراهيم وباقي إخوانهم حول هدف واحد هو قتل السادات.. وقتل السادات في حادث المنصة عام.1981 وبالتزامن مع الاضطراب في علاقة السادات مع الجماعة, حدثت اضطرابات في فرع الجماعة داخل الولاياتالمتحدةالأمريكية بسبب تقوية العلاقات الخارجية مع التنظيم الأم في مصر, وهو ما مكن قيادات الاخوان في أمريكا من مقابلة القيادات الأخري في المشرق العربي, وهؤلاء جاءوا الي الحركة وهم يحملون اسئلة عديدة: أين الشروط الحازمة؟ أين السرية؟ و أين الاتصال بالمنظمة؟ وأين البرامج التعليمية؟ ما أهداف الجماعة هنا؟ و ما أهداف هذه البرامج؟ كل هذه التساؤلات كانت تدور في ذهن القادمين من الشرق. و بهذا بدأت الجيوب التنظيمية الاقليمية تتشكل أثناء هذه الفترة. كذلك بدأت الشائعات و الشكوك تنتشر بين أعضاء الجماعة بخصوص بعض الأفراد قي القيادة. وبدأت الخلافات في الظهور أثناء معسكر عام1977, الأمر الذ أدي الي تعديلات في القيادة, وجاءت قيادة أخري عام1978, ولكن صعوبات كثيرة واجهتها, لأن المهمة التي كانت موكولة لها صعبة للغاية, فقد كانت تحاول تخفيف القيود علي الهيكل التنظيمي للجماعة, خاصة تلك القيود الخاصة بالتجمعات الإقليمية, وإعادة ربط أجزاء تلك التنظيمات معا. لكن هذه الفترة شهدت قيادة غير متجانسة, وفقدان التوازن كان واضحا في مواقفها. وهذا ما سنعرض له في الحلقة القادمة, فإلي لقاء