تعكس التظاهرات التي أعلنت جماعة الاخوان عن تنظيمها, خلال مشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي في جلسات الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك, عمق الأزمة التي تواجهها الجماعة ليس في مصر فحسب, وانما علي المستوي الدولي, وهو ما تجلي بوضوح في سعي التنظيم الدولي للجماعة, الي حشد أنصاره في الخارج, بهدف نقل صراعهم ضد الدولة المصرية عبر الاستقواء بالخارج والتظاهر امام المنظمة الأممية الأكبر في العالم, بعدما خسرت الجماعة رهاناتها علي الداخل, في اعقاب فشلها المتواصل في حشد أنصارها واحتواء غضب الشباب من جهة, وانفراط عقد تحالفها مع عدد من قوي تيار الإسلام السياسي من جهة اخري, وهو ما عبر عنه مؤخرا الانسحاب المفاجئ لحزبي الوسط والوطن, والاثنان كانا حتي وقت قريب احد ابرز اركان التحالف مع الجماعة الي جوار عدد من الحركات والتيارات الإسلامية الأخري. يبدو التنظيم الدولي الجماعة الآن, وكأنه قد أصبح صاحب الكلمة العليا في إدارة العمل ضد الدولة, وهو ما يكشف بوضوح ذلك التراجع اللافت لدور الجماعة في الداخل, وفشل القيادات الوسيطة في إدارة الأزمة, في ظل وجود القيادات العليا في السجون, وربما يعكس حرص التنظيم علي استنفار اعضاء من جنسيات شتي في التظاهرات المرتقبة, ذلك التغيير الجوهري في موازين العلاقة بين الطرفين, بعدما ظل اخوان مصر لعقود طويلة هم أصحاب الكلمة العليا للجماعة محليا ودوليا. المؤكد ان سياسات الجماعة قبيل انفجار طوفان30 يونيو, قد لعبت دورا كبيرا في تعميق حجم الازمة التي يعيشها الاخوان اليوم, وهي الأزمة التي تجلت خلال الأسابيع الأخيرة, في عجز الجماعة عن التعامل مع الكثير من القضايا, وفي مقدمتها ما يمكن وصفه بالمراجعات السياسية, والتعاطي بالقوة والفعالية المطلوبة مع مبادرات التصالح مع الدولة والمجتمع, وقد عمق من حجم الازمة نجاح أجهزة الامن في توقيف عدد كبير من قيادات الجماعة في الداخل, وهروب ما تبقي منهم الي الخارج, وهو الخروج الذي ساهم في زيادة قوة التنظيم الدولي علي حساب الجماعة الام في مصر. وتجسد تظاهرات نيويورك المرتقبة, قمة التنسيق بين التنظيم الدولي وعدد من الأطراف الاقليمية والدولية, ذات المصلحة المباشرة في احراج مصر دوليا, واثارة الجدل حول الجمهورية الجديدة التي تشكلت في اعقاب ثورة ال30 من يونيو, وفي مقدمة هذه الاطراف أنقرة وواشنطن, حيث تمثل الأولي الحاضن الإقليمي لعشرات من قيادات وكوادر الجماعة الهاربين من مصر, فيما تظل الثانية هي الراعي الدولي الأول للجماعة, وليس ادل علي ذلك من استمرار الضغوط التي لا تزال تمارسها باتجاه إعادة ادماج الاخوان في الحياة السياسية في البلاد, ورفض المحاولات التي بذلتها مصر من اجل ادراج الجماعة علي قوائم المنظمات الداعمة للإرهاب. يرمي التنظيم الدولي للإخوان من وراء تلك التظاهرات, إلي ارسال العديد من الرسائل, بعضها إقليمي واهمها دولي, ربما من ابرزها تقديم نفسه امام هذا المحفل الاممي, كقوة سياسية معتبرة تمارس كذبا آليات الاحتجاج السلمي, في محاولة لنفي ما يثار عن تورط الجماعة في معظم جرائم العنف التي تشهدها مصر مؤخرا, وربما من اجل كسب تعاطف دولي, بتقديم الجماعة لنفسها كضحية, وهو الأسلوب الذي برعت فيه علي مدي عقود من الزمان, وكان احد الأسباب الرئيسة وراء استيلائها علي الحكم في مصر. لن تفتقد تظاهرات نيويورك للتشويق اللازم في ظل الوجود الإعلامي الكثيف لمتابعة الاجتماع الاممي الأكبر في العالم, لذا فان عشرات من صور ضحايا الإرهاب سوف تتصدر هذه التظاهرات, باعتبار انهم سقطوا علي يد أجهزة الامن اثناء فض اعتصامي رابعة والنهضة, والمؤكد ان عشرات من عناصر الجماعة سوف يتحدثون للعديد من المحطات الفضائية, عن قصص اسطورية لقتلي سقطوا خلال الفض لا تزال الجماعة تزعم انهم بالالاف, لكن المؤكد ان ذلك لن يثني مصر في النهاية, عن المضي قدما في طريقها نحو ادراج الجماعة علي قائمة المنظمات الراعية للارهاب, وهي مسألة تستلزم جهدا عربيا كبيرا, عبرت عنه قرارات الجامعة العربية الأخيرة في هذا الشأن, فضلا عن رؤية مصر التي تنطلق حسبما عبر الرئيس عبد الفتاح السيسي من ضرورة مواجهة الإرهاب مهما تختلفت مسمياته, دون اي تجزئة أو تمييز, في إشارة لا تخطئها عين تقول بوضوح أن معظم التنظيمات الإرهابية التي تعيث في المنطقة العربية فسادا خلال الفترة الأخيرة, خرجت جميعها من رحم جماعة الاخوان, التي باتت تستحق بامتياز لقب مفرخة الإرهاب. المحرر