عندما تتصارع الأفيال يموت العشب مثل هندي مشهور يكشف التباين الكبير في القوة بين الأفيال والعشب وفي حالتنا هذه يمكن أن نعدل المثل ليصبح عندما تتصراع واشنطنوبكين تموت المصالح الأفريقية والمثل يكشف مدي القوة والشراسة في الصراع الأمريكي الصيني للفوز بكنوز وخيرات القارة السمراء خاصة من جانب الولاياتالمتحدة التي تسعي بشتي الطرق إلي التصدي للنفوذ الصيني القوي داخل افريقيا والذي اكتشفته واشنطن مؤخرا خلال زيارة الرئيس الأمريكي أوباما لعدد من الدول الافريقية العام الماضي وهو ما جعل هول المفاجأة يدفعه إلي عقد العديد من الاجتماعات مع إدارته لبحث سبل وقف التغلغل الصيني في دول القارة التي غابت واشنطن عنها عمدا أو عن جهل. وقصة الصراع الأمريكي الصيني ليست جديدة ولن تنتهي ففي السنوات العشر الأخيرة بدأت الإدارة الأمريكية تدرك التنامي الكبير للنفوذ الصيني في العالم واختارت أن تتصدي لهذا النفوذ ليس بتنمية مواردها وتطوير امكاناتها بصورة تتيح لها الاستمرار وبقوة علي عرش الاقتصاد العالمي وانما اختارت الادارة الأمريكية وخاصة إدارة الرئيس أوباما طريق اثارة العقبات أمام التنمية الصينية فدفعت اليابان وكوريا إلي اختلاق المشاكل في بحر الصين الجنوبي فيما يسمي أزمة الجزر والتي تسعي واشنطن إلي الوجود من خلالها وبقوة في منطقة آسيا الباسفيك من خلال قواعدها في اليابان وكوريا الجنوبية وبالتالي اثارة المشكلات السياسية والعسكرية للصين في منطقة تعتبرها الصين الظهير السياسي والفناء الاقتصادي لها في ظل التنامي الكبير للعلاقات الاقتصادية بين الصين وكل من اليابان وكوريا بالإضافة إلي سعي واشنطن من حين لآخر إلي التلويح بورقة دعم تايوان عسكريا وهو ما يؤدي إلي توتر العلاقات مع الصين. وفي العام الماضي أدركت الادارة الأمريكية أنها نست في زحمة الصراع مع الصين أن هناك ما يسمي بالقارة الأفريقية وان الصين بدأت منذ سنوات طويلة في التعامل مع قضايا القارة بالمنطق الصيني المعروف وهو دعم التعاون الاقتصادي وتبادل المنفعة بعيدا عن الأهداف السياسية ولذا فإن القمة الأمريكية الافريقية والتي أنهت اعمالها أمس في العاصمة الأمريكيةواشنطن وشاركت فيها مصر بوفد رأسه المهندس ابراهيم محلب رئيس الوزراء اضافة إلي عدد كبير من القادة الافارقة ود. دلاميني زوما رئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي ود. كارلوس لوبيز رئيس لجنة الاممالمتحدة الاقتصادية لافريقيا وعقدت تحت شعار الاستثمار في الاجيال القادمة هدفها الأساسي أن تبحث واشنطن عن موضع قدم لها في القارة الافريقية وتأمين الاحتياجات البترولية لها حيث تستورد17% من احتياجاتها من إفريقيا, ويتضح من خلال الأرقام الرسمية المتعلقة بانتاج واحتياطي البترول في إفريقيا, مدي الأهمية التي تعلقها الولاياتالمتحدة علي القارة السوداء فقد قدر مؤتمر الأمم للتجارة والتنمية( أنكتاد) في العالم2001 حجم احتياطي البترول في القارة ب80 مليار برميل, أي ما نسبته8% من الاحتياطي العالمي الخام وأصبحت إفريقيا تنتج ما يقرب من4 ملايين برميل يوميا, أي ما يعادل إنتاج إيران وفنزويلا والمكسيك بالاضافة إلي السعي الأمريكي للاستفادة من السوق الافريقية الكبيرة في تصريف المنتجات الأمريكية في ظل الصعوبات التي تواجهها تلك المنتجات في الأسواق الامريكية خاصة ان الولاياتالمتحدة استوردت العام الماضي سلعا قيمتها3.39 مليار من أفريقيا لتمثل7.1% من إجمالي الواردات الأمريكية كما بلغت قيمة الصادرات إلي أفريقيا بقيمة24 مليار دولار لتمثل5.1% من إجمالي الصادرات الامريكية وهو ما تسعي واشنطن إلي زيادتها بصورة كبيرة. وفي المقابل نجد ان بكين تسعي بخطوات ثابتة داخل القارة السمراء من خلال منتدي التعاون الصيني الافريقي وايضا الشراكة التي أقامتها مع الاتحاد الافريقي بعد ان قامت بالتبرع باقامة المقر الجديد للاتحاد بتكلفة بلغت250 مليون دولار لتثبت جديتها في دعم القارة ومشروعاتها التنموية بالإضافة إلي التعاون الاقتصادي حيث كشفت الغرفة الصينية للتجارة الدولية عن ازدياد حجم التجارة بين الصين وافريقيا بنسبة5,9 بالمئة علي أساس سنوي لتصل إلي210.2 مليار دولار في2013 وأن الصادرات الصينية إلي أفريقيا بلغت92,8 مليار دولار بارتفاع8,8 بالمئة ووصلت الواردات من أفريقيا إلي117.4 مليار دولار بارتفاع3.8 بالمئة. * وهو ما دفع رئيسة مفوضية الاتحاد الافريقي نكوسازانا دلاميني زوما إلي القول إن الصين تقف جنبا إلي جنب مع القارة في نضالها من أجل تحقيق التحرير الوطني, وأن الصين تدعم دوما افريقيا في تحقيق التنمية السلمية والتكامل الاقليمي وكذا تعزيز قوتها علي الساحة الدولية. * وأعتقد أن السنوات المقبلة سوف تشهد صراعا شرسا بين العملاقين الاقتصاديين أمريكاوالصين علي الفوز بثروات القارة السمراء ولكن الفيصل في الفوز بهذه المباراة والتي قطعت الصين مسافات بعيدة بها سيكون بيد المواطن الافريقي الذي أصبحت لديه القدرة علي الاختيار الصحيح بين من يسعي إلي فرض هيمنة سياسية بهدف القفز علي ثرواته وبين ما يسعي إلي تحقيق منفعة متبادلة لصالح الشعوب الأفريقية وشعبه.