حماية الآثار المصرية هدف لايختلف عليه مصريان فالأمر يتجاوز كثيرا قيمة ومكانة الآثار بالنسبة لنا لكن ذلك يتطلب ان يتم وفق أسلوب علمي يعتمد علي دراسات وأبحاث لكي لايؤثر مشروع حماية أثر علي أثر آخر..فالآثار آثارنا كما يقول الخبراء وعلي سبيل المثال هناك اجراءات حماية قلعة قايتباي بالاسكندرية نظرا لتعرضها للمخاطر بفعل التيارات البحرية القوية التي تسببت في فجوات بجدرانها ولكن إجراءات حمايتها تصطدم بهدف قومي آخر هو الآثار الغارقة التي يجب الحفاظ عليها حتي يتم انتشالها أوإقامة متحف لها تحت الماء. الخلاف عن ان إجراءات حماية القلعة تطلبت العمل في الجانب الشرقي بجوار الآثار الغارقة مما يستدعي تحريكها بعيدا أو انتشالها وهو ماتم الاعتراض عليه حيث تأثير التحريك أو الانتشال علي الأثر الموجود أسفل المياه منذ وقت طويل حتي أصبح بيئته الدائمة مما يعني ان تعرضه للهواء الخارجي وأشعة الشمس قد يؤثر بشكل سلبي عليه. الآثار آثارنا..حمايتها جميعا هدفنا لذلك كانت محاولة الأهرام المسائي لاستجلاء الحقيقة من خلال هذا التحقيق: من داخل أسوار قلعة قايتباي أكد الأثري محمد عبد العزيز مدير الإدارة العامة لآثار الوجه البحري وسيناء أن مايتم التفكير فيه حاليا بشأن القلعة هو عملية تطوير لاستخدامات بعض الحواصل أي القاعات في الممرات الساحلية بالأسوار الخارجية للقلعة والتي كانت مخصصة للجنود أو لتخزين المؤن للإستفادة السياحية منها كأماكن لبيع المنتجات التراثية والحرف اليدوية والتقليدية وأماكن للتصوير وذلك في إطار عمليات الجذب السياحي لزيادة عدد زوار القلعة أما مايتعلق بالفجوات في جدار القلعة فيؤكد ضرورة عمل حماية بحرية وبخاصة من الجهة الشرقية حيث المخاوف من التيارات والأمواج الشديدة وبخاصة في فصل الشتاء والتي تؤدي الي عمليات النحر في صخور القلعة معتبرا إياه أمرا طبيعا لكن زيادة حدته تؤدي إلي زيادة الفجوات أو اتساعها مما قد ينتهي بتآكل الصخرة الأمر المبنية عليها القلعة. ويري أن العمل في الجهة الشرقية سيصطدم بوجود آثار غارقة مما يستلزم عمل حماية لكلا النوعين من الآثار. خطورة الحقن بالخرسانة ويعترض مسئولو الآثار الغارقة علي المقترح الخاص بالحقن بالخرسانة المسلحة, ويؤكد عبد العزيز أن هذا الإجراء لم يتم تنفيذه حتي الآن وان الأمر حاليا في ايدي الاستشاريين لتحديد الطريقة المثلي التي سيتم تنفيذها للحماية العاجلة للقلعة حتي يتم التصرف بشأن الآثار الغارقة وإقامة متحف لها وهو أمر سيستغرق وقتا طويلا. وحول ماتم في الترميم الأخير للقلعة منذ سنوات أوضح ان الحقن بالخرسانة تم في الجزئية المتعلقة بجسم صخرة القلعة من الداخل وليس في جدرانها وان المقترحات الحالية الأقرب للتنفيذ تشمل إقامة حائط صد أمواج كالالسنة الرملية المستخدمة لتغيير مسار التيارات وهو ما تم تنفيذه في رشيد علي الجهة الغربية من نهر النيل هناك أو إنشاءالحائط علي مسافة تتجاوز مكان وجود الآثار الغارقة داخل البحر وهو ماسيحدده الغواصون ويقول ان هذا المقترح سيتطلب تكلفة مرتفعة تحددها الدراسات الحالية بشكل مبدئي قد يزيد مع بدء التنفيذ وما يرتبط به من مستجدات. مشروع الحماية..قيد الإعداد وبسؤال محسن سيد رئيس الإدارة المركزية للآثار الإسلامية بالمجلس الأعلي للاثار أكد أن دراسات مشروع الحماية الذي يتم إعداده حاليا ستنتهي في الأول من يوليو2011 وإن كانت التكلفة المبدئية تقدر بنحو20 مليون جنيه بهدف حماية القلعة وعدم الإضرار بالآثار الغارقة حيث من المقرر إنشاؤه علي بعد يتجاوز نصف الكيلو متر داخل المياه. وحول أسباب عدم تنفيذ مشروع الحماية خلال عمليات الترميم الأخيرة للقلعة والتي انتهت منذ سنوات قليلة أوضح أن التأخر في التنفيذ نتج عن ضخامة الميزانية التي سيتكلفها أما عمليات الترميم الأخيرة فكانت ضرورية للحفاظ علي القلعة ولكن مشروع الحماية يهدف لزيادة التأمين نتيجة تأثير المياه والأمواج الشديدة في هذه المنطقة لكسر حدة الأمواج حتي لاتؤثر علي الثقوب في جدران القلعة. ويستبعد سيد أن تتم عمليات ضخ الخرسانة المسلحة التي يعترض عليها المسئولون عن الآثار الغارقة حيث سيتم العمل بنظام وضع حجر مكان حجر..حتي لايكون إصلاح شيء علي حساب إتلاف شئ آخر لأن الهدف هو حماية الآثار بصفة عام. حماية الآثار تحت الماء وفوقه ولاستجلاء الشق الثاني من القضية المتعلق بالآثار الغارقة وموقف المسئولين عنها وتصريح زاهي حواس الأمين العام للمجلس الأعلي للأثار بإقامة متحف لها تحت الماء يقول الدكتور أحمد سامح رمسيس وكيل الإدارة العامة للآثار الغارقة بالمجلس الأعلي للآثار ان موقف الإدارة الخاص بحماية الآثارالغارقة ليس معناه حماية القلعة حيث أنها جميعا آثار تتطلب الحماية والحفاظ عليها والحل الأمثل يكمن في استخدام وسائل تكنولوجية حديثة لعمل حواجز تحمي القلعة ولاتؤثر علي الآثار الغارقة بشكل سلبي مثل الحاجز الغارق تحت المياه المبني علي حقائق تؤكد ان80% من القوة الضاربة للأمواج أسفل المياه وأن مايظهر لنا من قوتها لايتجاوز20% فقط وهو مايتطلب دراسات علمية تشترك فيها العديد من الأطراف للوصول للحل الأمثل والسليم الذي لايضر أيا منها. ويري رمسيس ان الأمر يتطلب وقتا كافيا لتحديد ماهية هذه الحواجز وشكل إقامتها وموقعها إستنادا إلي بيانات تتضمن قوة الأمواج في فصول النوات وعدد النوات وسرعة وكمية الرسوبيات وغيرها. ويؤكد ضرورة تكامل الجهود في هذا الصدد لاستعراض النماذج المقترحة واختيار الأنسب من بينها. وعن إقامة متحف للآثار الغارقة أوضح أن الأمر مازال قيد البحث والدراسة وذلك عقب المؤتمر الأخير الذي عقد بهذا الشأن منذ عام بمشاركة خبراء من اليونسكو لهم خبرة في متاحف مشابهة في دول منها استراليا وتركيا لتحديد الخطوات التنفيذية لهذا المشروع الضخم. كنوز تحت الماء ويقول علاء محروس رئيس الإدارة العامة للآثار الغارقة بالمجلس الأعلي للآثار ان قرار المجلس ومنذ فترة طويلة لانتشال الآثار الغارقة صغيرة الحجم خشية الفقد أو الضياع في حين ترك القطع الكبيرة في مواقعها مع تنظيفها وحمايتها وتشجيع إقامة مراكز للغوص لرؤيتها مثلما يتم حاليا من خلال موقعين أحدهما بجوار قلعة قايتباي والثاني بمنطقة الميناء الشرقي والتي تلقي إقبالا من الأجانب وذلك حتي إقامة متحف للآثار الغارقة للإستفادة من الكنوز الأثرية أسفل مياه البحر المتوسط وتضم مباني ضخمة وشواهد وقصورا ملكية يونانية ورومانية وغيرها. ويرجع الإعتراض علي إستخدام كتل خرسانية بجوار قلعة قايتباي إلي عام1994 حيث كانت هذه الكتل تلقي في المياه لحماية المنطقة من الأمواج وهو ما إعترضت عليه اليونسكو لتأثير هذه الإجراءات علي الآثار الغارقة وتمت الاستعانة بالبعثة الفرنسية ومركز دراسات الاسكندرية لدراسة الموقف حتي تم التأكد من وجود مايزيد علي خمسة آلاف قطعة أثرية تستلزم الحماية والحفاظ عليها. وشدد علي ضرورة زيادة اجراءات حماية الآثار الغارقة وبخاصة في منطقة الميناء الشرقي التي تزيد فيها نسبة التلوث مما يتسبب في تكوين طبقات من الطحالب البحرية حول الأثر قد تصل لنصف متر. وكشف محروس عن وجود خرائط للآثار البحرية لكل موقع علي حدة موثقة ببيانات تفصيلية متمنيا استكمال خريطة أثرية لمصر مؤكدا ان حماية الآثار هدف قومي يستوي في ذلك جميع الآثار المصرية بحيث لايتم مشروع حماية لأثر يؤثر سلبا علي أثر آخر. التكنولوجيا هي الحل يوافقه في الرأي الدكتور حسام اسماعيل الاستاذ بقسم الآثار بكلية الآداب جامعة عين شمس مؤكدا ضرورة ان يكون الحل تكنولوجيا يحمي جدران القلعة ولايؤثر علي الآثار الغارقة معتمدا علي بيانات دقيقة بأماكن وجود الآثار وبعدها عن القلعة ويطالب بالابتعاد نهائيا عن إسقاط الخرسانة المسلحة في المياه حيث الإهتمام بالآثار فوق المياه والظاهرة للأعين ففي النهاية كلها آثار يجب الإهتمام بها والاستفادة منها. وطمأن الدكتور مختار الكسباني مستشار الأمين العام للمجلس الأعلي للآثار بعدم استخدام أسلوب إلقاء كتل الخرسانية المسلحة في المياه مؤكدا ان التعامل حاليا لحماية الآثار يتم وفق دراسات وآراء الخبراء والمتخصصين وبشكل علمي يعتمد علي الأبحاث والبيانات الدقيقة وبخاصة مايتعلق بالمناخ ومايتعلق به من تغيرات وتحذيرات عالمية الأمر الذي يتطلب دراسات مستقبلية لإحتمالات كثيرة يحملها المستقبل لحماية الآثار المصرية فوق وتحت المياه.