في الوقت الذي تقوم فيه الحكومات في الدول المختلفة بإصدار القوانين والقرارات التي تدعم صناعة السياحة وذلك إدراكا منها لأهمية تلك الصناعة في اقتصادياتها القومية ورفع مستوي معيشة المواطن وتعتبرها الصناعة الأولي بالرعاية نظرا لحساسيتها الشديدة نجد أن السياحة المصرية مازالت تعاني من العديد من المشكلات المزمنة التي كثيرا ما حذرنا منها وتناولناها في الأهرام المسائي وآخرها أن السياحة المصرية رغم مقوماتها العديدة فإن مشكلاتها أكبر. وبدلا من أن نستفيد من تجارب الدول السياحية الكبري وآخرها التجربة التركية التي رفعت حكومتها شعار السياحة اولا كان الواقع يؤكد ما تناوله الاهرام المسائي من تداخل الاختصاصات وتضارب القرارات ولعل ما يحدث في موضوع المراسي بالاقصر اكبر دليل علي ذلك. ففي الوقت الذي اطلقت فيه وزارة السياحة حملة ترويجية لتنشيط السياحة النيلية التي تعد من أهم الانماط السياحية التي تنفرد بها مصر واكثرها تحقيقا للدخل السياحي. نجد أن الدكتور سمير فرج محافظ الاقصر يقوم بهدم المراسي النيلية دون توفير البديل فعمليات التطوير التي تشهدها الاقصر لا يستطيع احد أن ينكرها ولا يجب أن يؤدي الحماس الي غياب التخطيط السليم لان السياحة صناعة شديدة الحساسية ويحتاج الخطأ فيها الي سنوات عديدة لإصلاحه. فرغم حسن النية لدي محافظ الاقصر في التطوير المستمر للاقصر الا أن موضوع المراسي كان يجب أن تتم ادارته فقد بدأ هدم المراسي الحالية التي ساهمت في حل مشكلة السياحة النيلية من حيث الصرف الصحي واصطفاف الفنادق العائمة بصورة كبيرة تسيء للسياحة المصرية وتؤدي الي وجود مشقة في خروج السائحين من الفنادق العائمة والعودة اليها والآن بعد هدم حوالي1200 متر من مرسي البغدادي واخفقت المحاولات الخاصة بإنشاء المرسي العالمي الذي تم الاعلان عنه بتكلفة6 مليارات جنيه بسبب رفض المزارعين ملاك الاراضي التي كان يجب أن يقام عليها المرسي بيعها أو الحصول علي التعويض المناسب كان هناك حوالي320 فندقا عائما ترسو علي6 أرصفة فقط وعاد التكدس في الفنادق العائمة حيث يصل الصف الواحد في الفنادق العائمة الي حوالي14 فندقا ولك أن تتخيل عندما يريد السائحون الخروج من المركب الاخير رقم14 الي الرصيف فعليهم أن يمروا من خلال جميع الفنادق للوصول للرصيف علما بأن90% من سائحي الفنادق العائمة والاثار من كبار السن وتلك المشكلة التي كانت سببا في قيام الرئيس مبارك بإصدار تعليمات بمنع منح تراخيص لفنادق عائمة جديدة الا بعد انشاء المراسي الكافية لهذه الفنادق وهذا السبب الذي جعل بعض المستثمرين والوزارات تقوم بإنشاء المراسي يتم هدمها الان دون اقامة البديل وكان يجب الانتظار حتي توفر البديل لتنفيذ عملية التطوير التي لابد منها. والسؤال الذي يطرح نفسه الان: لماذا لا يتم التنسيق بين وزارة السياحة ومحافظة الاقصر في هذا الموضوع المهم بدلا من قيام الوزارة بتنفيذ حملة في الاسواق الخارجية لتنشيط السياحة النيلية وخاصة خلال موسم الشتاء الذي يمثل ذروة السياحة في الاقصر واسوان لإيجاد حل يسمح بالتطوير الذي يريده المحافظ والتنشيط الذي يريده الوزير بحيث كان يتم تأجيل الهدم في المراسي القائمة لحين انشاء مراس بديلة وتتكاتف الجهود كما يحدث في الدول المنافسة بدلا من الاصرار علي العمل بنظام الجزر المعزولة ويؤكد جميع المسئولين التنسيق المستمر نظريا فقط ولكن علي ارض الواقع نجد العكس تماما والمتابع للقضية يسيطر عليه احساس بأن هناك حربا بين المسئولين ومجال السياحة هو الخاسر الاكبر ومعه الاقتصاد القومي والمواطن المصري فياسادة قليلا من التنسيق كثيرا من النجاح وخاصة في المجال السياحي الذي لا نملك خبرة تنافسية الا به فمصر لا تستطيع المنافسة مثلا في مجال الصناعات المختلفة والتكنولوجيا ولا المعلومات وهما بالاضافة الي السياحة اكبر3 صناعات في العالم. عبدالرحمن انور رئيس غرفة الفنادق العائمة يقول: إن المشكلة نتجت بسبب عدم انجاز مرسي ماريس العالمي الذي كان مزمعا انشاؤه ولكنه عندما واجه مشكلات حالت دون تنفيذه تم بحث بدائل وهنا حدثت الفجوة وهي هدم مرسي البغدادي قبل بناء المرسي الجديد الامر الذي ادي إلي تكدس الفنادق العائمة حيث إن الارصفة الخاصة لاتستوعب ما كان يستوعبه مرسي البغدادي ولكن ليس امامنا سوي أن نتحمل ونتعامل مع الوضع في سبيل انجاز اعمال التطوير التي ستعم بالخير علي الاقصر والسياحة المصرية مشيرا الي أن مؤشرات الحجز خلال شهر اكتوبر الحالي جيدة وتنخفض خلال الشهر القادم وتعود للارتفاع خلال اعياد الكريسماس ورأس السنة الميلادية. وقال إن اكثر من90% من السائحين بالرحلات النيلية من أوروبا الغربية والشرقية والجنسيات العربية محدودة للغاية موضحا أن صعوبة التنقل من الفندق الي الرصيف عبر عدد من الفنادق المصطفة هي اكبر المشكلات التي تواجه السائحين وخاصة لكبار السن الذين يمثلون نسبة كبيرة من برامج السياحة النيلية. ومن جانبه أكد السيد احمد عطية وكيل اول وزارة السياحة رئيس قطاع الرقابة علي المنشآت الفندقية أن الهدف الاساسي لهدم المرسي هو التطوير ولذلك فعلينا أن نتحمل تبعات التطوير لمدة عام لحين انشاء المرسي الجديد بمنطقة الكرنك وكوبري الماريس. لان الموضوع كان مخططا له أن يتم انشاء المارينا الجديدة بالتوازي مع عمليات الهدم حتي يكون البديل متوافرا عند الانتهاء تماما من هدم مرسي البغدادي الا أن المشكلات التي واجهت انشاءها هي التي تسببت في التكدس الحالي في الفنادق العائمة الي حد ما حيث انه تقرر استبعاد جميع الفنادق المتوقفة والثابتة بعيدا عن المراسي الموجودة لاتاحة الفرصة امام تلك المراسي لاستيعاب اكبر عدد ممكن من الفنادق العاملة بين الاقصر واسوان وحتي ان كانت هناك صعوبة في انتقال السائحين من فنادقهم الي المرسي نتيجة طول الاصطفاف الا أنه يجب التحمل في سبيل انشاء مارينا حضارية تمثل إضافة مهمة للسياحة المصرية بصفة عامة والسياحة النيلية بصفة خاصة وخاصة أن المراسي التي سيتم انشاؤها سوف تستوعب حوالي170 فندقا ومزودة بكل الخدمات. ويبقي أن يشير الأهرام المسائي هنا الي ضرورة التنسيق والاعداد الجيد لأي اجراءات تتعلق بالسياحة لأنها صناعة شديدة الحساسية والخطأ يحتاج الي سنوات لاصلاحه كما انها تتميز بالتعاقدات طويلة الامد ولذا يجب أن نراعي ذلك عند اتخاذ أي قرار متعلق بالسياحة.. ألا قد بلغت اللهم فاشهد.