الصدمة... أفضل تعبير تجاه قرار الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة الصادر بأغلبية كاسحة ضد تعيين المرأة قاضيا في القضاء الإداري, والذي يمثل انتكاسة لجهود مخلصة و شاقة بذلها المستشار مقبل شاكر حين كان رئيسا لمجلس القضاء الأعلي. هذا القرار يؤكد ما سبق رصده من مؤشرات عن واقع مؤلم مازلنا نعيشه يرفض و بشدة منح المرأة حقوقها, بل ويتغلغل الرفض بين صفوف المرأة المصرية ذاتها, حسب نتائج إستطلاعات رأي عام نفذها مركز المعلومات و دعم القرار التابع لمجلس الوزراء. الحقيقة الأبرز وراء قرار قضاة مجلس الدولة, أن قضية حقوق المرأة أعمق بكثير من كونها مجرد تشريع أو قرار يصدر من هيئة أو جهة, فهي وبحق معركة مجتمعية ضد ثقافة سائدة تضع المرأة خلف القضبان, وفي إطار من الاتهامات بنقص القدرات. من الممكن الطعن علي قرار الجمعية العمومية,أو تبني إجراءات و تدابير عديدة و مختلفة قانونية و دستورية, لكن المؤكد ان هذا التطور المهم يحتاج الي إعادة النظر في وسائل الترويج لملف المرأة ومساواتها بالرجل في الحقوق والواجبات. وربما تكون كوتة المرأة في الانتخابات المقبلة واحدة من اساليب الترويج المطلوبة, خصوصا وأن إقرار مبدأ الكوتة لا يعد مكسبا في حد ذاته بقدر ما هو بداية لمحاولات إقناع المجتمع بتغيير رؤيته و موقفه من المرأة وقدراتها. الواقع المصري يقول إن ملف المرأة يحتاج الي تفعيل مبدأ التحفيز بجانب مبدا التمييز الإيجابي, فالإعتماد علي التمييز وحده لايكفي, بل ربما يثير ردود فعل عكسية لدي الأطراف المعادية لحقوق المرأة. واعتقادي أن توفير مجموعة من المحفزات والمميزات للفاعليات الشعبية السياسية والاجتماعية والأهلية إذا ما أسهم في توسيع نطاق مشاركة المرأة سيسهم بقوة في دعم الفكرة و مساندتها و الترويج لها علي المستوي الشعبي. لا خلاف علي احتياج المرأة للمساندة القوية من أجل استعادة حقوقها ومساواتها بالرجل حتي تتمكن من ممارسة دورها الإجتماعي و المجتمعي, وتسهم بمستوي لائق في عملية التنمية, لكن يتبقي العبء الاساسي علي كاهل المرأة ذاتها في إثبات قدراتها لتغيير نظرة المجتمع لها. [email protected]