مثلما قامت إسرائيل في نشأتها الأولي بدعم بريطاني علي مزاعم وادعاءات لا أساس لها تتعلق بما يسمي بالحقوق التاريخية لليهود في الأراضي الفلسطينية, مازال الإسرائيليون يتمتعون بنفس النفس الطويل في اختراع واختلاق الذرائع والإلحاح عليها حتي يصدقها العالم بدءا ب الهولوكوست, ومرورا بحقهم في أرض فلسطين ووصولا إلي يهودية الدولة الإسرائيلية. وبعد ما كان أملهم مجرد وجود وطن قومي لليهود في فلسطين بأي صورة من الصور وبأي مساحة ولم يكن لديهم اعتراض علي اقتسام فلسطين مع سكانها الأصليين, وصل بهم الأمر الآن إلي طرح اختراع جدي هو يهودية الدولة, بما يعني رفضهم المطلق لوجود أي فلسطيني علي أرضه التي أصبحت الآن تحمل اسم إسرائيل, وتلح علي هذا المطلب ليصبح واقعا ملموسا علي الأرض. وفي ضوء ما نعرفه عن شراسة وعدوانية الإسرائيليين وانتهاكاتهم المتواصلة لحقوق الفلسطينيين في أراضيهم المحتلة, من هدم لمنازلهم وطردهم من أراضيهم واغتصاب أراضيهم الزراعية واعتقالهم بالجملة في سجون غير آدمية, واستخدام كل الأساليب الوحشية لدفعهم للهجرة والتخلي عن وطنهم, قد لا نستغرب إلحاحهم علي اعتراف الفلسطينيين بيهودية دولتهم, أما ما نستغربه بالفعل هو تحول صحيفة كبري مثل الهيرالد تريبيون الأمريكي إلي بوق دعائي للسياسة الإسرائيلية عندما تفرد مساحة لا تقل عن ربع صفحة لمقال سفير إسرائيل لدي الأممالمتحدة ميخائيل بي أورين الذي يردد فيه مزاعم يهودية الدولة الإسرائيلية, ويتحدث عنها كما لو كانت حقا أصيلا للإسرائيليين مع ما في ذلك من افتئات علي الحقائق التاريخية وإنكار للحق الفلسطيني الأصيل في العيش فوق أراضيه المحتلة, وهو الأمر الذي يمس حيادية الصحيفة ويجعلها في موضع اتهام مباشر لتبرير السياسات الإسرائيلية العنصرية. فتحت عنوان( وضع حد لعدم رؤية إسرائيل) كتب السفير الإسرائيلي لدي الأممالمتحدة, ميخائيل بي أورين: بعد نحو63 عاما علي اعتراف الولاياتالمتحدة بحق الشعب اليهودي في الاستقلال بأرضه, وبعد أكثر من62 عاما منذ إنشاء دولة إسرائيل, مازال الفلسطينيون ينكرون حقيقة يهودية الدولة. فقد أعلن الرئيس الفلسطيني محمود عباس( أبومازن) أن إسرائيل تستطيع أن تطلق علي نفسها ما تشاء, كذلك صائب عريقات عندما أعلن أن السلطة الفلسطينية لن تعترف بيهودية إسرائيل فيما أدي إلي عدم اعترافهم بيهودية إسرائيل عام48 إلي اشتعال الحرب, وهي الآن تهدد السلام. والسؤال: ما الفائدة من اعتراف الشعب الفلسطيني أو أي شعب آخر بيهودية إسرائيل؟.. في الحقيقة إن إسرائيل لم تسع قط إلي أي اعترافات مشابهة في معاهداتها للسلام مع دول كمصر والأردن.. ولكن بعض المحللين يعتقدون أن نتانياهو بهذا المطلب قد سد فرص السلام الذي يقول البعض إنه لا يريده. ومع ذلك, فإن تأكيد يهودية إسرائيل يعد حجر الأساس للسلام, فهو بمثابة الDNA لها. فكما تعترف إسرائيل بوجود الشعب الفلسطيني علي أرض فلسطين, فيجب أيضا علي الفلسطينيين أن يقبلوا بوجود الشعب اليهودي ذي الثلاثة آلاف عام علي أرض فلسطين وبشرعيته هناك, فهذا الاعتراف المتبادل مهم جدا لكلا الشعبين للعيش جنبا إلي جنب في سلام دائم. فلماذا لا يخضع الفلسطينيون إلي هذا الأمر؟.. فقد أعلن الحق اليهودي في إنشاء الدولة بموجب القانون الدولي.. ففي1917 كان إعلان بلفور الذي نص علي إنشاء وطن قومي لليهود, ثم جاء إعلان عصبة الأمم في عام1922 يؤكد الاترابط التاريخي بين اليهود والدولة( فلسطين) كأرض لإعادة بناء وطن قومي لليهود.. كما أن في عام1947 أعلنت الأممالمتحدة إنشاء دولة مستقلة لليهود. وأخيرا قد أعلن الرئيس أوباما أن إسرائيل هي الوطن التاريخي للشعب اليهودي.. لذا, فلماذا لا يعترف الفلسطينيون بيهودية إسرائيل؟