عبدالغفار يتفقد مستشفى العلمين ويشيد باستحداث أول عيادة لتجميل الوجه بمستشفيات الصحة    وزير التموين: زيادة ضخ اللحوم الطازجة بالمجمعات الاستهلاكية إلى 150 طن يومياً    جيش الاحتلال يبث فيديو لتحرير الأسرى الأربعة من قطاع غزة    وزير الرياضة يوجه رسالة لمنتخب مصر قبل مواجهة غينيا بيساو بتصفيات المونديال    محافظ قنا يتابع الاستعدادات النهائية لامتحانات الثانوية العامة    الأولى على الشهادة الإعدادية الأزهرية بجنوب سيناء: القرآن الكريم سر صلاح حياتي وتفوقي    مصر تواصل جهودها في تقديم المساعدات الإنسانية لقطاع غزة    أنباء عن هجوم بمسيرة أوكرانية في عمق جمهورية روسية    وزير الزراعة يوجه الفريق البحثي لنبات الكسافا بإجراء مزيد من التجارب التطبيقية وتحليل صفات الجودة    بنك saib يفتتح فرعا جديدا فى التجمع الخامس    الفتيات يحصدن معظم المراكز الأولى بامتحانات الشهادة الاعدادية بمنطقة الإسماعيلية الأزهرية    العثور على 5 جثث في منطقة جبلية بأسوان    وزير الصحة يحيل المتغيبين بمستشفى مارينا للتحقيق بناء على تقرير المرور المركزي الأسبوعين الماضيين    صحة المنيا: فحص 1237 حالة خلال قافلة طبية مجانية بدير السنقورية    ولاء التمامي تشارك في مؤتمر العمل الدولي بجنيف    السر في "النينيو".. خبير مناخ يوضح سبب ارتفاع درجات الحرارة هذا العام (فيديو)    مجلس الشيوخ يناقش ملف تأثير الذكاء الاصطناعي على الشباب.. غدًا    قضايا الدولة: 12 مليون جنيه غرامة إتلاف الشعاب المرجانية بالغردقة    المشدد 5 سنوات لمتهم في قضية حرق «كنيسة كفر حكيم»    فتاة بدلا من التورتة.. تفاصيل احتفال سفاح التجمع بعيد ميلاده الأخير    الفنانة شيرين رضا تعلن أعتزالها الفن    مطرب شهير يهاجم عمرو دياب بعد واقعة الصفع: والله عيب    لطفية الدليمى: لم أتخيل في أشد كوابيسي أن أغادر العراق    انطلاق مهرجان نجوم الجامعات    في خدمتك | تعرف على الطريقة الصحيحة لتوزيع الأضحية حسب الشريعة    العشرة الأوائل من ذي الحجة .. هل هي الليال العشر ؟    زيدان: مبابي سيصنع التاريخ وسيتخطى جميع لاعبي ريال مدريد    اتحاد جدة يستقر على رحيل جاياردو قبل معسكر أوروبا    عند المعاناة من متلازمة القولون العصبي.. ماذا تأكل وماذا تتجنب؟    ب«750 ألف يورو».. الأهلي يحصل على توقيع زين الدين بلعيد لمدة 4 سنوات    وليد الركراكي يُعلق على غضب حكيم زياش ويوسف النصيري أمام زامبيا    هيئة الدواء في شهر: ضبط 21 مؤسسة غير مرخصة ومضبوطات بأكثر من 30 مليون جنيه    لماذا الوقوف بعرفة هو ركن الحج الأعظم؟.. مركز الأزهر العالمي يُجيب    وزيرة التخطيط تبحث سبل التعاون مع وزير التنمية الاقتصادية الروسي    ناقد فني: نجيب الريحاني كان باكيًا في الحياة ومر بأزمات عصيبة    عاجل| 6 طلبات فورية من صندوق النقد للحكومة... لا يمكن الخروج عنهم    محافظ المنيا: توريد 373 ألف طن قمح حتى الآن    فريد زهران: ثورة 25 يناير كشفت حجم الفراغ السياسي المروع ولم تكن هناك قيادة واضحة للثورة    الأهلي يحسم صفقتين ويستقر على رحيل موديست    80 شهيدا وعشرات الجرحى فى غارات إسرائيلية على مخيم النصيرات ومناطق بغزة    رئيس الوزراء يتابع جهود منظومة الشكاوى الحكومية الموحدة خلال مايو 2024    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 142 مخالفة عدم الالتزام بقرار غلق المحال    وزير الأوقاف: الأدب مع سيدنا رسول الله يقتضي الأدب مع سنته    "اهدى علينا".. رسالة من تركي آل الشيخ إلى رضا عبد العال    راديو جيش الاحتلال: تنفيذ غارات شمال رفح الفلسطينية مع التركيز على محور فيلادلفيا    الفوج الثاني من حجاج «المهندسين» يغادر إلى الأراضي المقدسة    كاتب صحفي: حجم التبادل التجاري بين مصر وأذربيجان بلغ 26 مليار دولار    رئيس جامعة المنوفية: فتح باب التقديم في المبادرة الوطنية للمشروعات الخضراء الذكية    أستاذ علوم سياسية: مصر بذلت جهودًا كبيرة في الملف الفلسطيني    النائب علي مهران: ثورة 30 يونيو بمثابة فجر جديد    التوقعات الفلكية لبرج الحمل في الأسبوع الثاني من يونيو 2024 (التفاصيل)    صور.. بيان عاجل من التعليم بشأن نتيجة مسابقة شغل 11114 وظيفة معلم مساعد فصل    كريم محمود عبد العزيز يشارك الجمهور فرحته باطلاق اسم والده علي أحد محاور الساحل الشمالي    جولة مفاجئة.. إحالة 7 أطباء في أسيوط للتحقيق- صور    افتتاح المكتب الوطني للوكالة الفرانكفونية بمصر في جامعة القاهرة الدولية ب6 أكتوبر (تفاصيل)    تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري يتصدر المباحثات المصرية الأذربيجية بالقاهرة    إبراهيم حسن يكشف كواليس حديثه مع إمام عاشور بعد لقطته "المثيرة للجدل"    الإفتاء: الحج غير واجب لغير المستطيع ولا يوجب عليه الاستدانة من أجله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صديق الهندي القيادي البارز بالحزب الاتحادي السوداني ل الأهرام المسائي
انفصال الجنوب ينتج دولتين عدوتين ضعيفتين

حذر صديق الهندي القيادي البارز بالحزب الاتحادي السوداني من خطورة الأوضاع الحالية في السودان‏,‏ وقال إنها ستقود إلي نتائج كارثية‏,‏ وقال إن انفصال الجنوب سينتج دولتين عدوتين ضعيفتين مهترئتين‏,‏
مما قد يؤدي إلي إنهيار الدولتين معا‏,‏ ونبه إلي أن خيار الحرب وارد في ظل سباق التسلح الحالي وانعدام الثقة وتضارب المصالح بين شريكي الحكم في السودان وأن الحرب إذا نشبت هذه المرة فستعم أنحاء السودان كله ولن تقتصر علي الجنوب وحده‏,‏ كما أنها ستكون ذات نتائج كارثية علي المنطقة بأسرها‏.‏
‏*‏ إلي أين يتجه السودان ؟
للأسف الوقت ضيق جدا لتغيير الاتجاه الذي يسير إليه السودان الآن نحو الانفصال‏,‏ الذي سيؤدي إلي نتائج كارثية علي شطري البلد‏,‏ وربما يهدد بانهيار الدولتين معا‏.‏
‏*‏ هل لأنهما ستكونان دولتين عدوتين ؟
فضلا عن العداوة التي هي أمر واقع‏,‏ ستصبحان دولتين ضعيفتين مهترئتين‏,‏ فالمكونات الاقتصادية لكل من الدولتين ستكون ضعيفة جدا‏,‏ صحيح هنالك موارد مالية ومائية وأرض وبترول ومعادن‏,‏ لكن تطوير هذه الموارد وإدارتها في مصلحة الدولة الوليدة سيكون مسألة فيها شك كبير جدا‏,‏ لأن البنية التحتية الإدارية والاقتصادية ضعيفة جدا في دولة الجنوب‏,‏ أما دولة الشمال فستكون دولة ذات موارد اقتصادية ضعيفة علي المدي القصير‏,‏ نظرا لاعتماد الاقتصاد السوداني في السنوات العشر الماضية علي البترول بنسبة كبيرة جدا‏,‏ حيث شكل‏92%‏ من إجمالي عائد الصادرات‏,‏ مقابل تراجع الصادرات الزراعية وعائداتها بالعملات الصعبة إلي أقل من‏4%‏ إلي‏5%‏ بعد أن كانت تمثل أكثر من‏80%‏ من الصادرات‏,‏ وكان الاقتصاد السوداني اقتصادا زراعيا‏,‏ بالإضافة إلي مشكلات الغذاء‏,‏ حيث يستورد السودان القمح ومنتجات غذائية بأشكال متعددة‏,‏ وهناك تراجع كبير في المساحات التي يزرعها بما يقل عن حاجته من الغذاء‏,‏ وستكون هناك دولتان ضعيفتان اقتصاديا وأمنيا‏,‏ وجنوب السودان غير موحد وغير مستقر‏,‏ وشمال السودان بدوره منكوب بانقسامات حادة في دارفور وجنوب النيل الأزرق وجنوب كردفان‏,‏ وشريط الحدود بين الشمال والجنوب كله متفجر‏,‏ فإذا لم يعاد النظر في تركيبة الحكم والإدارة والاقتصاد في شمال السودان ستواجه دول الشمال الجديدة المنقسمة أو المتبقية مشكلات كثيرة جدا‏,‏ مثلما ستواجه دولة الجنوب أيضا‏,‏ وهذه هي مخاطر الانفصال التي لن تكون مقصورة علي الجنوب فقط وإنما ستشمل الشمال أيضا‏.‏
هناك نظرة غير متوازنة للأمور‏,‏ صحيح أن عواطفنا هي استمرار السودان كما عرفناه ووجدانيا نحن مع وحدة السودان‏,‏ لكن للأسف الشديد الوقت أصبح متأخرا جدا للمحافظة علي تلك الوحدة‏,‏ حتي لوحدثت وحدة ستكون وحدة مفخخة بعد التعبئة الكبيرة التي تمت لخيار الانفصال وزادت من حدة الإحساس بالمظالم والتهميش والشعور العدائي‏.‏
‏*‏ يعني السودان لن يصل إلي وحدة سليمة أو انفصال سلمي ؟
الآن الخيار انه أصبح تحيط بكل منهما مشكلات لاحصر لها بسبب التعبئة والشحن العدائي‏,‏ وإذا تمت وحدة فعلي أي أسس تتم‏,‏ هذا الأمر لم تبحثه اتفاقية نيفاشا للسلام‏,‏ والتي كان بها قصور كبير جدا‏,‏ وهي نفسها التي مهدت للانفصال في السودان وعدم وحدته‏,‏ لأنها لم تحسم كل القضايا الشائكة‏,‏ وأولها قضية ترسيم الحدود‏,‏ التي أجلت كثيرا‏,‏ وربما لايتم حسمها قبل الاستفتاء‏,‏ وكذلك لم تحسم قضية الجنسية‏,‏ ولاكيف سيكون وضع الجنوبيين في الشمال والشماليين في الجنوب‏,‏ وهل هم مواطنون أم مقيمون‏,‏ وهذه مسألة خطيرة جدا‏,‏ لأن الجنوبيين المقيمين في الشمال هم حوالي‏50%‏ من الشعب الجنوبي‏,‏ وإذا أردت أن تطردهم كيف يحدث ذلك‏,‏ وهم يعيشون في الشمال منذ عقود وأصبحت لهم أجيال لها مصالح في الشمال‏,‏ والجنوب الذين يريدونهم أن يعودوا إليه قد أزيلت قراه‏,‏ ولا أحد منهم يعرف أين ذهبت أرضه أو أبقاره‏,‏ فإلي أي شيء يذهب الجنوبي في الشمال إلي الجنوب‏,‏ فنحن نرتكب جريمة إذا قلنا للجنوبيين في الشمال أن يذهبوا إلي الجنوب‏,‏ فنحن نرتكب جريمة إذا قلنا يذهبون إلي الجنوب الآن‏,‏ وأنت لاتستطيع أن تفعل ذلك في أي بلد حتي لوكانوا لاجئين‏,‏ فمابالك وهؤلاء مواطنون‏.‏
‏*‏ وكيف تنظر لتصريحات وزير الإعلام السوداني بشأن حرمان الجنوبيين في الشمال من جميع حقوقهم إذا اختاروا الانفصال ؟
هذا أسوأ تصريح سمعته‏,‏ ودكتور كمال هو رجل عاقل ورجل صديق‏,‏ لكنني أعتقد أن تصريحه هذا مدمر‏,‏ وهو أسوأ تصريح سمعته‏.‏
‏*‏ دافع عن هذا التصريح قيادات في المؤتمر الوطني قالوا إنه لتبصير الجنوبيين بمخاطر الانفصال وحثهم علي الوحدة ؟
أنا أعتقد أن مثل هذه التصريحات ستحدث رد فعل عكسيا‏,‏ وأنها ستثير مشاعر الجنوبيين‏,‏ وقد تثير فتنة‏,‏ لأنها تعني أننا نطردهم‏.‏
‏*‏ هم يقولون انه لابد من حسم المواطنة في كل دولة علي حدة ؟
عندما انفضت العلاقة بين مصر والسودان باستقلال السودان عام‏1956‏ استمر السودانيون موجودين في مصر في عين شمس وغيرها‏,‏ وحتي الضباط والمحالون للمعاش ظلوا يعيشون فيها‏,‏ بل ظل الموظفون الإنجليز يعيشون في السودان بعد رحيل الاستعمار الإنجليزي إلي أن توفوا‏.‏
والسودان بلد مسنضيف للاجئين من أكثر من‏6‏ دول هي أوغندا وكينيا واثيوبيا واريتريا وإفريقيا الوسطي وتشاد والصومال‏,‏ ولم نطرد ايا منهم يوما ما‏,‏ فكيف نطرد مواطنينا وإخواننا‏,‏ ولكن أعتقد أن اتفاقية نيفاشا هي التي تسببت في ذلك‏,‏ لأنها لم تحسم قضية المواطنة‏,‏ فظلت قنبلة موقوتة أخري‏,‏ إلي جانب الحدود والديون القومية‏.‏
‏*‏ كيف تنظر لمسألة الديون والجنوبيون يقولون انهم غير مسئولين عنها وأنها لم تصرف علي الجنوب ؟
الديون الحالية علي السودان تبلغ‏7,35‏ مليار دولار‏,‏ أكثر من نصفها هو عقوبات وفوائد علي التأخير‏,‏ وأصل الدين كان‏15‏ مليار تقريبا‏,‏ ولم تصرف هذه الديون لاعلي الشمال أو الجنوب‏,‏ وقد أخذتها أيدي الفساد في عهد نميري في الأساس‏,‏ وقد تراكمت منذ عام‏1972,‏ ثم زادت في عهد الإنقاذ‏,‏ وظلت الفوائد والعقوبات تتراكم‏,‏ وبسبب عدم إيقاف عملية الدين أو إعفائه لأسباب سياسية تراكمت الديون‏,‏ فالسودان الآن لايعامل مثل الدول المؤهلة بأن تسقط ديونها‏,‏ فنحن مؤهلون اقتصاديا لكن سياسيا لايحدث ذلك بسبب العقوبات المفروضة علينا‏,‏ والتي بموجبها لانستدين‏,‏ فضلا عن أن يتم إعفاؤنا من ديوننا‏.‏
‏*‏ هل يمكن أن يصل الطرفان إلي تسوية مرضية بشأن البترول الجنوبي تسمح بمروره عبر الشمال ؟
البترول سيتدفق عبر الشمال لأنه لاطريقة سوي أن ينتقل عبر الأنبوب الناقل الذي يمر في شمال السودان‏,‏ لكن هذا وضع مؤقت‏,‏ ويمكن للجنوبيين أن يجدوا بدائل أخري‏,‏ وهم يعتزمون إنشاء أنبوب آخر علي ميناء مومباسا الكيني‏,‏ وهو تكلف تقريبا مليارا ونصف‏,‏ وغالبا سيعمل الجنوب علي إنشائه‏,‏ وقد شرعوا في دراسة ذلك علي مايبدو‏,‏ لكن في المدي القصير سيضطرون لنقل البترول عبر الشمال‏,‏ والأنبوب الحالي هو شركة مشتركة بين شركات البترول القائمة وحكومة السودان‏,‏ وهو ليس مملوكا للحكومة وحدها‏.‏
‏*‏ ولمن يذهب الإيجار الذي ستدفعه حكومة الجنوب ؟
الإيجار‏4‏ دولارات علي برميل البترول‏,‏ وسيذهب لشركات من ضمنها الشركة السودانية‏.‏
‏*‏ وماذا سيعود علي حكومة الشمال ؟
البترول الذي ينتج في الجنوب هو‏86%‏ من إجمالي البترول المنتج حاليا في السودان‏,‏ ويعد البترول أحد عوامل الانفصال‏,‏ حيث وجد الجنوب نفسه الدولة الغنية‏,‏ والشمال هو الدولة المحتاجة‏,‏ يمكن بعد ذلك أن يطالب الشمال بمقابل لمرور البترول في أرضه‏,‏ لكن ذلك لن يكون مؤثرا في اوضاع الشمال الذي سيتأثر بالانفصال بسبب الاعتماد علي البترول الجنوبي‏,‏ ويمكن للشمال أن يزيد من الاكتشافات البترولية في الشمال مستقبلا‏,‏ لكن بحسابات اليوم ليس لدينا مايكفينا من الاستهلاك اليومي من البترول‏,‏ وستتجدد حتما الطوابير التي كانت تتكدس في السابق علي محطات البنزين في الخرطوم‏.‏
‏*‏ إذن تتوقع حدوث أزمة مالية في الشمال إذا انفصل الجنوب ؟
قطعا ستحدث أزمة لأن موارد النقد الأجنبي تعتمد علي البترول الذي سيأخذه الجنوبيون‏,‏ وما سيبقي له مقابل إيجار الأنبوب والسيادة وستكون مبالغ زهيدة‏,‏ أضف إلي ذلك أن القطاع الزراعي منهار الآن في السودان‏,‏ والصادرات الزراعية الآن أقل من‏5%,‏ ولدينا الآن أقل كثيرا مما نحتاجه من الغذاء‏.‏
‏*‏ وتحسين القطاع الزراعي أليس ممكنا ؟
ممكن‏,‏ لكنه لاشك يستلزم وقتا‏,‏ ونحن نتكلم عن المدي القصير‏,‏ حيث ستواجه الدولة في شمال السودان وضعا اقتصاديا معقدا جدا‏.‏
‏*‏ هناك هواجس لدي جهات دولية أن يعرقل المؤتمر الوطني لهذه الأسباب استفتاء الجنوب ؟
أي تأخير للاستفتاء أو إثارة للقلاقل في الجنوب ستكون مسائل مستفزة‏,‏ وقد ينجم عنها وضع أسوأ من الأوضاع الموجودة حاليا‏.‏
‏*‏ في رأيك إلي أين سيسير المؤتمر الوطني في قضية الاستفتاء ؟
في رأيي أنهم سيقبلون الاستفتاء في موعده وعلي علاته‏.‏
‏*‏ مهما كانت النتيجة ؟
نعم مهما كانت نتيجته‏,‏ وهي محسومة تقريبا لصالح الانفصال
‏-‏ وحتي لوكان معني هذا أن يستدير المجتمع الدولي بعد ذلك للضغط علي المؤتمر الوطني بقضية المحكمة الجنائية ودارفور وغيرها ؟
هذه مسائل لايد لهم عليها‏.‏
‏*‏ ألا توجد خيارات ؟
كلا لاتوجد خيارات‏,‏ الخيار الموجود أن يختار الجنوبيون إما وحدة أو انفصالا‏,‏ وأي مساس بتاريخ الاستفتاء سيثير القلاقل أكثر مما يحل المشاكل‏,‏ والأزمة هنا ناجمة عن الاتفاقية التي اقتصرت علي شريكين فقط‏,‏ ظلا طوال الفترة الانتقالية يتشاكسان بدلا من حل المشكلات إلي أن تأخرت كل الأمور الفنية والاستحقاقات المطلوبة في الاستفتاء‏.‏
‏*‏ المؤتمر الوطني يراهن علي أن أي استفتاء حر ونزيه لن يؤدي للانفصال ؟
من الغريب الآن أن يطلب المؤتمر الوطني من الجنوبيين ألا يزوروا الاستفتاء‏,‏ وقد اتفق هو وحكومة الجنوب علي قبول نتائج الاستفتاء في الشمال والجنوب رغم ماحدث بها من تزوير‏,‏ والآن سيفعل الجنوبيون في الاستفتاء المقبل مثلما فعلوا في الانتخابات الماضية وسيقبل المجتمع الدولي الذي يتشدق بالديمقراطية بالنتائج أيا كانت مشكوكا في صدقيتها كما فعل بالنسبة لنتائج الانتخابات‏.‏
‏*‏ ما الذي دفع المجتمع الدولي في رأيك إلي قبول دولة في الجنوب لدي بعض الجهات فيه مخاوف من أن تصبح دولة فاشلة ؟
هذا الأمر له جذور بعيدة المدي ونوايا غربية لفصل جنوب السودان منذ ماقبل الاستقلال‏,‏ ولكن الجنوبيين اختاروا عام‏1947‏ أن يكونوا مع الشمال‏.‏
‏*‏ وكيف تقيم الدور الدولي في القضية السودانية ؟
المجتمع الغربي غير معني إلا بمصالحه‏,‏ وهو غير حريص علي نظام المؤتمر الوطني في السودان ومعاد له‏,‏ ويتمني أن يزول في أي لحظة‏,‏ وهو يخنقه وسيستمر في ذلك لخلافات أيديولوجية وسياسية وخلافات أخري عميقة‏,‏ ولذلك لن يعمل علي حل المشكلة في السودان بل سيعمل لتعميقها وإضعاف الدولة والنظام الموجود‏,‏ وربما يؤدي ذلك إلي تفتيت ماتبقي للسودان بعد انفصال الجنوب إلي دولتين أو ثلاث أو أربع‏.‏
‏*‏ هل كانت قيادات الحركة الشعبية التي تعلن الانفصال الآن وحدوية من قبل برأيك ؟
وحدوية الحركة الشعبية هي وحدوية مشروطة بشروط السودان الجديد وبسيادة الحركة الشعبية علي الأمور في الشمال والجنوب‏.‏
‏*‏ قيادات الحركة تقول ان‏90%‏ من الجنوبيين سيصوتون لصالح الانفصال‏...‏ ألا يعد ذلك هزيمة لكل الوحدويين في السودان الذين لم يعملوا من أجل أهدافهم بالقدر الكافي ؟
كان واضحا جدا منذ توقيع اتفاقية السلام أن الأمور تسير نحو الانفصال‏,‏ وقيل علي استحياء ان الفترة الانتقالية ستكون فرصة لإعادة الثقة والعمل من أجل الوحدة‏,‏ لكن هذا لم يحدث من جانب المؤتمر الوطني أو الحركة الشعبية‏,‏ وماحدث هو التجاذب والتباغض‏,‏ إلي أن وصلنا للنتيجة الحتمية الحالية‏.‏
‏*‏ إذن أصبح انفصال الجنوب أمرا حتميا ؟
المسألة ليست انفصال الجنوب‏,‏ بل تفتيت السودان كله‏,‏ وأنا متشائم جدا‏,‏ وأري أن انفصال الجنوب سيكون بداية مسلسل لتفتيت الدولة السودانية كلها‏,‏ وقد زرعت بذور هذا الانفصال المقبل في‏4‏ أو‏5‏ مناطق الآن‏,‏ وهاهي دارفور تسير نحو المطالبة بالإقليم الواحد والاستفتاء ربما علي انفصال دارفور أو علي خصوصية إدارية‏,‏ ولا أحد يدري ماذا سيحدث في جنوب النيل الأزرق أو في جنوب كردفان‏,‏ وأيضا توجد موارد اقتصادية في كل هذه المناطق‏,‏ وعين القوي الغربية علي اليورانيوم والنحاس والبترول والزراعة والوضع الاستراتيجي للسودان‏.‏
‏*‏ تقول ان ذلك يحدث بسبب معاداة الغرب لنظام المؤتمر الوطني‏....‏ كيف يتسق ذلك مع التعاون الكبير بين الولايات المتحدة والأجهزة الأمنية في السودان ؟
تستخدم هذه العلاقات في مزيد من الضغط علي المؤتمر الوطني‏,‏ ولايحدث أي تنازل أمريكي فيها‏,‏ وإنما يحدث مزيد من التضييق المستمر لمزيد من المعلومات والتعاون والخضوع‏,‏ ونحن نري ذلك التعامل منذ عام‏1998,‏ وكل يوم يضيق الغرب علي السودان‏,‏ ولم نر أي عائد يجنيه النظام السوداني من التعاون مع أمريكا في الثلاثة عشر عاما الماضية‏,‏ كل العالم يعرف أن هناك تعاونا بين الحكومة السودانية والمخابرات الأمريكية‏'‏ السي أي ايه‏',‏ لكن ماهي نتيجة ذلك‏,‏ العقوبات الاقتصادية مازالت موجودة‏,‏ والقبضة الأمنية والتضييق الدولي مازالا مستمرين‏.‏
‏*‏ أفهم من كلامك أن المشكلة في الشمال أيضا ؟
نعم مطلوب منا في الشمال سواء كانت هناك وحدة أم انفصال أن يتغير نمط الحكم وتركيبته‏,‏ فمعادلة الحكم الموجودة الآن غير قابلة للاستمرار وغير قابلة للمحافظة علي وحدة السودان واستقراره‏,‏ وليس عندي شك في أن هذه المعادلة ليست هي المعادلة الصحيحة‏.‏
‏*‏ والبديل ؟
أن يشرك الشعب السوداني ويعطي حريته ويعود النظام التعددي الذي يزيل كل هذه الأخطاء‏,‏ وأن تحترم إرادة الناس‏,‏ لأنه لو احترمت إرادة الناس لكانوا أصبحوا وحدويين‏,‏ ولو شعر السوداني في الخرطوم أو دارفور أو الجنوب بأنه مواطن متساوي الحقوق ومحروس بالدستور والقانون فلن يفكر في الانفصال‏,‏ ولما ينفصل‏,‏ السودانيون جميعا في كل مكان يعرفون جدوي الوحدة‏,‏ وأن العالم كله متجه صوب الكيانات الكبيرة‏...‏ لكن كيف‏....‏ هذه ليست أمورا مطلقة‏,‏ لكن يجب أن تكون لديها حدود‏,‏ وأزمتنا في الأساس هي أزمة سياسية قبل أن تكون أزمة وحدة أو أزمة تسلط العالم الخارجي أو المطاردات الجننائية‏,‏ فهذه الأمور كلها نتائج‏,‏ ولايجب أن نضع اللوم دائما علي الآخرين الاستعمار والعملاء‏,‏ فهذا هروب من المشكلات‏.‏
‏*‏ هناك الآن نوعان من المعارضة السودانية أحدها داخلية‏'‏ تحالف جوبا‏'‏ وأخري في لندن‏'‏ الجبهة العريضة‏'‏ التي تسعي لإسقاط النظام‏...‏ كيف تنظر لواقع هذه المعارضة ؟
واضح أن الشق الداخلي في المعارضة هش جدا‏,‏ لأنه غير مترابط‏,‏ وقد تنازلت للحركة الشعبية والمؤتمر الوطني في ذات الوقت بلا جدوي‏,‏ وهي معارضة منقسمة علي نفسها وغير متأكدة من أهدافها وغير متماسكة‏,‏ وقد ورثت كل أمراض تجمع المعارضة السودانية القديم‏,‏ وكان المؤتمر الوطني والحركة الشعبية يتفقان في كل قضية عبر صفقة ثنائية بعد أن يستنفدا مجهودات المعارضة‏,‏ وقد رأينا ذلك في أكثر من موقف في قانوني الاستفتاء والأحزاب وغيرهما‏,‏ أما الجزء الخارجي من المعارضة فمن حقه أن يعمل لتغيير النظام بأي شكل سواء كان من داخل البلد أم من خارجها‏,‏ ولكنني أعتقد أن المعارضة من داخل الأراضي السودانية الآن هي الأجدي لوجود هامش حريات ووجود ضمانات لحد أدني من العمل السياسي‏,‏ لذلك فمن الصعب التفكير في جدوي المعارضة الخارجية‏,‏ ولأن المجتمع الدولي نفسه تغير عن فترة السبعينيات والثمانينيات‏.‏
‏*‏ الوفاق الداخلي ألم يعد مجديا ؟
المؤتمر الوطني دخل في معاهدات واتفاقات كثيرة للوفاق الداخلي‏,‏ لكنه ضرب بعرض الحائط للأسف الشديد كل هذه الاتفاقات‏,‏ وكانت الانتخابات الأخيرة فرصة يمكن أن تقود لإخراج البلد من الأزمة الضخمة جدا التي تعيشها‏,‏ فإذا بها يحولها المؤتمر الوطني إلي كارثة أخري في تاريخ السودان‏,‏ ليعقبها تفتته وضعفه وانقسامات كبيرة‏,‏ وأصبحت هذه الانتخابات محطة انطلاق في الاتجاه الخطأ‏,‏ إذ بدلا من أن تنقلنا هذه الانتخابات للأمام جعلتنا نرتد إلي الخلف ونفقد فرصة كبيرة‏,‏ وفي رأيي أن الواقع السياسي الآن بعد الاستفتاء لن يستمر‏,‏ ولابد من تغيير هذه المعادلة‏,‏ لأنه لا أحد يعترف الآن بنتيجة هذه الانتخابات لافي الداخل أو الخارج‏,‏ فماهي الفائدة التي عادت علينا منها غير النتائج الكارثية التي أعقبتها‏.‏
‏-‏هل تستبعد خيار الحرب ؟
هناك سباق تسلح‏,‏ مما يعني توجيه الموارد نفسها نحو الحرب‏,‏ والحرب نفسها ستكون عقيمة ومدمرة‏,‏ ولن ينتصر فيها أحد إذا قامت‏,‏ وإنما ستكون فتنة‏,‏ وقد يتسع نطاقها في حال وقوعها‏,‏ لتشمل كل مناطق السودان‏,‏ ولا تكون مقصورة كما كان في السابق علي الجنوب وحده‏.‏
‏*‏ وكيف سيكون تأثير ذلك علي الإقليم والعالم ؟
سيؤثر أي اضطراب في السودان علي الإقليم كله‏,‏ وستجعله مضطربا للغاية‏,‏ وستضيف تعقيدات للمشكلات القائمة في دول الجوار‏,‏ لتضاف الي المشكلات بين اثيوبيا واريتريا والمشكلات في الصومال وأوغندا وكينيا وتشاد‏,‏ فالمنطقة كلها ملتهبة ولاينقصها لاجئون أو سلاح أو كوارث‏,‏ والإقليم كله سيغرق في بحر من عدم الاستقرار‏.‏
‏*‏ هل يمكن أن يفعل المجتمع دولي والإقليمي شيئا لإنقاذ الوضع في السودان ؟
أنا قليل الأمل في المجتمع الدولي والإقليمي بشأن السودان‏,‏ لكن دعينا نتمني أن ينظر الناس بعين العقل للمصالح الإنسانية والسياسية التي يمكن أن تجني من السلام والديمقراطية والاستقرار في السودان‏,‏ أكثر مما تجلب الحروب والدمار‏,‏ لكن لاأمل في تغيير أسس السياسة الخارجية للقوي العالمية والإقليمية‏,‏ لأنها غالبا ماتنظر لمصالحها بشكل ضيق جدا وبشكل منفرد وبشكل قصير الأجل‏,‏ ولذا لست كثير الأمل في هذا المجتمع الدولي الذي تسير دوله الكبري نحو التكتلات الكبري من الناحية الاقتصادية‏,‏ لكنها تسير في ذات الوقت نحو فردية وأنانية ضخمة جدا وتقوقع في الشأن القومي‏.‏
‏*‏ وكيف تنظر لمشروع القطار الذي أعلن عنه أخيرا للربط بين جنوب السودان وكينيا ؟
القطار الذي يربط بين جنوب السودان وكينيا الهدف الأساسي منه أن يرتبط جنوب السودان بشرق إفريقيا‏,‏ وهذا مشروع قديم ومن قبل عام‏1947,‏ وكان هناك خياران‏,‏ إما ارتباط جنوب السودان بشرق إفريقيا أو بشمال السودان‏,‏ بعد سياسة المناطق المقفولة من العشرينيات إلي الأربعينيات‏,‏ التي كانت فصلا عنصريا جغرافيا‏,‏ وقطار الجنوب لكينيا يعد تراجعا إلي ماقبل عام‏1947,‏ وماوصلنا إليه الآن للأسف يعبر عن فشل الحكومات الوطنية في السودان‏,‏ لأن مشكلة الجنوب دائما كان ينظر إليها باعتبارها قضية أمنية‏,‏ ولم يكن هناك جلوس ولاتفاوض عقلانيا حوله‏,‏ وفي وقت من الأوقات كان التمرد في الجنوب تصاحبه ثورات ضد الحكومات المركزية في الشمال نفسه‏,‏ وعهود الحكومات الوطنية نفسها لم تستقر بسبب حرب الجنوب‏,‏ فهناك ثلاثة عهود عسكرية ظلت تحارب وتفاوض بطريقتها‏,‏ ومشكلة الجنوب كانت سبب سقوط حكومتي عبود ونميري‏,‏ والآن أصبحت في عهد الإنقاذ مشكلة السودان كله وليس الجنوب فقط‏,‏ حيث أصبح السودان كله معرضا للتفتت‏.‏
الوضع خطير جدا ومتفجر جدا‏,‏ وليست هناك رؤي‏,‏ ولكن هناك استعجالا للنتائج بلامقدمات وبلا جهد ولا استعداد‏.‏
‏-‏يقولون ان‏90%‏ من أبناء الجنوب سيصوتون للانفصال والمؤتمر الوطني يقول إنه متأكد من الوحدة لو توافرت النزاهة ؟
في كل الأحوال الجنوبيون سيصوتون لما تريده الحركة الشعبية‏,‏ وهي التي ستقول لهم ماذا يعملون بالضبط‏.‏
‏-‏ توجيها أم إملاءات وضغوطا ؟
بكل الوسائل ستنفذ إرادة الحركة الشعبية في الجنوب‏,‏ وواضح أن توجه الحركة الآن نحو الانفصال‏,‏ وبالنسبة لي هذه المسألة ليست جديدة‏.‏
‏*‏ هناك حديث عن صفقة ما حاول المؤتمر الوطني الوصول لها مع المجتمع الدولي ؟
هي أمنيات بلا سيقان‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.