نحتفل هذه الأيام بذكري مجيدة في التاريخ المصري... ذكري مرور سبعة وثلاثين عاما علي نصر أكتوبر العظيم.. حينما اقتحمت قواتنا المسلحة الباسلة أقوي مانع مائي في التاريخ واستردت ببطولات رجالها ودماء أبطالها شرف الوطن وكرامته وأعادت أرض سيناء الغالية ولقنت العدو درسا لن ينساه. هذا النصر العظيم كان تتويجا لملاحم شجاعة وبطولات نادرة لرجال كانت قلوبهم متعطشة للثأر وأعينهم علي أرض سيناء. وفي قواتنا الجوية ولم يكن قد مضي علي توقف إطلاق النار إلا أربعون يوما والتحديد في14 و15 يوليو انطلقت طائراتنا تدك مواقع العدو شرق القناة.. فكانت اعلانا بأن نسور مصر لن يهدأوا إلا بتحقيق النصر... وتوالت المعارك الجوية طوال حرب الاستنزاف... وشنت قواتنا الجوية العديد من الغارات الجوية علي قوات العدو في سيناء.. هذه الفترة شهدت الكثير من البطولات والتضحيات... والتدريب الشاق المستمر حتي كان السادس من أكتوبر.... حينما انطلقت أكثر من مائتين وعشرين طائرة من عشرين قاعدة جوية ومطارا في توقيتات متزامنة لتعبر قناة السويس في وقت واحد في هدير غاضب.. تدك حصون العدو ومراكز قيادته ودفاعاته في سيناء فتدمرها وتصيبها بالشلل. واستمرت القوات الجوية توالي نشاطها.. وتخوض معاركها. وتلبي كل مايطلب منها في كل اتجاه.. دفاعا عن سماء مصرنا الغالية... في تعاون وتناغم دقيق مع قوات الدفاع الجوي وباقي الأسلحة والأفرع الرئيسية للقوات المسلحة. وفي يوم الرابع عشر من أكتوبر حاول العدو القيام بضربة جوية لشل المطارات التي تقلع منها طائراتنا... فتصدي له طيارونا البواسل في واحدة من أروع وأقوي المعارك الجوية في التاريخ.. معركة المنصورة.. والتي استمرت لمدة(53) دقيقة وضمت في سمائها(160) طائرة وكانت نتيجتها علي غير ماأراد العدو وخطط له.. حيث تمكن طيارونا من إسقاط(18) طائرة للعدو.. ولاذت باقي طائراته بالفرار.. ومن هنا اختير يوم الرابع عشر من أكتوبر عيدا للقوات الجوية تخليدا لهذا النصر... لقد كان الأداء رائعا والبطولات يذكرها التاريخ لشباب أقسموا علي النصر أو الشهادة.. وتخطيط واع دقيق لقائد تحمل فوق طاقة البشر من أجل إعادة بناء قوات جوية عصرية وقادرة علي حماية سماء الوطن.. ويقودها بعد ذلك إلي نصر مازالت أصداؤه تتردد في العالم.... وبنفس روح أكتوبر استمرت القوات الجوية في مسيرة طويلة وجادة من التدريب والتطوير بما يجعلها دائما قادرة علي مواجهة أي عدائيات. فقواتنا الجوية اليوم.... بخبرة أبنائها.. وبإمكاناتها المتعددة المجالات... وبما لديها من أسلحة ومعدات.. أصبحت أكثر كفاءة وقوة عما كانت عليه في أكتوبر.. وهي الان تتبوأ مكانه عالية بين سائر القوات الجوية في العالم المتقدم. في هذا اليوم العظيم.. نتوجه بتحية تقدير وعرفان ونجدد العهد والقسم لقائدنا الأعلي عهد التضحية والفداء... وقسم الوفاء والولاء.. ونتوجه بتحية تقدير إلي قواتنا المسلحة الظافرة التي حققت من الانتصارات ما أعاد للعسكرية المصرية شموخها, وللوطن عزته وكرامته. تحية إلي أرواح شهدائنا الأبرار الذين قدموا للوطن أغلي مايملكونه لتظل بطولاتهم وتضحياتهم راسخة في نفوسنا وقلوبنا وعقولنا. وتحية إلي رجال القوات الجوية الذين بذلوا ويبذلون العرق والجهد لرفعة شأن قواتنا الجوية حماية لسماء مصرنا الغالية.