تراهن الكاتبة السكندرية الشابة الشيماء حامد في مجموعتها القصصية لافندر الصادرة حديثا عن دار بيت الياسمين, علي غني التجربة البشرية كأساس للكتابة الابداعية, تكتب عن مشاهد يراها الجميع وتحدث امامهم دون التوقف أمامها, لذلك تلعب الذاكرة دورا كبيرا في قصص المجموعة. اذ تستدعي منها الحياة التي وقفت لها موقف المراقب المتأمل, وتستخلص في النهاية, بعض الحكايات التي رأتها الأعمق انسانيا, عبر سرد يتسم بالحميمية والسلاسة, يظهر معني القصة القصيرة كأنشودة للبساطة. الشيماء شاركت في ورش لكتابة القصة القصيرة والرواية بالأردن ولبنان, ونشرت مجموعتها القصصية الأولي صباحا مع فنجان قهوة2008, ثم جاءت مجموعتها الاخيرة التي تتحدث عنها في الحوار التالي: لماذا اخترت زهرة اللافندر لتعبر عن المجموعة؟ زهرة اللافندر لها ألوان كثيرة ورائحة نفاذة مميزة, فألوانها لا تنسي بسهولة, ورائحتها أيضا ترتبط في أذهان الكثير بشخوص حميمة لذلك رغبت في أن تكون المجموعة مثل اللافندر مؤثرة ولا تنسي بسهولة. يشعر القارئ رغم حميمية السرد وسلاسته بغياب الموضوع الواحد الذي يضم هذه القصص. ما تفسيرك؟ ليس بالضرورة لمجموعة قصصية أن تضم قصصا بينها موضوع واحد محدد, وبالرغم من ذلك. يمكن تقسيم المجموعة لثلاثة أقسام من أول قصة أيس كريم الي أشياء بالية جميلة, ثم من طبق الفراولة وحتي رقصة المجنونة والقصة الأخيرة أسطورة الرجل الهاديء وهي قصة طويلة من مجموعة قصص منفصلة متصلة, الأقسام الثلاثة هي حالات انسانية بألوانها المختلفة مثل زهرة اللافندر. لا يوجد صوت سردي واحد ولكن تنقل بين رجل ومرأة وطفل فما هو مقصدك بهذا الطرح؟ كل ما قصدته هو الاخلاص في الكتابة, فالحكاية تضع الكاتب بغض النظر عن جنسه في تحد دائم لان يختار بحرية وبلا قيود التقنيات التي تتطلبها وتخدمها لتكون عملا ابداعيا سواء كان اختيار صوت بعينه للسرد أو ضمير متكلم أو غائب أو كسر تابوهات اجتماعية.. حتي الشكل الأدبي الفني الذي ستخرج بها فكرته للعالم سواء قصة أو رواية أو سكريبت سينمائيا أو دراما مسرحية. إذن هل نعتبر أن التجارب البشرية هي اساس المجموعة؟ بالتأكيد, تجارب ربما عشتها وربما مرت بأخرين أعرفهم أو سمعت عنهم أو تخيلتهم, بالنسبة لي التجارب هي عملية تفاعل الانسانية مع العالم المحيط بكل مفرداته, فيمكننا اعتبار التجارب البشرية هي الأساس لكل الفنون. الذاكرة كان لها نصيب كبير من قصص المجموعة لماذا؟ ربما لأن الذاكرة أو الذكريات هي جزء منا جميعا, يرسم ملامحنا الحالية, أيضا ادراك الشخص لذكري ما يمكن أن يتغير مع مرور الزمن بتغير وعيه بنفسه ومحاولة اكتشافه لمحيطه المتغير بطبيعته وهذا هو الشيء السحري في الذكريات فهي تجعلك تقف موقف المراقب المتأمل عند نقطة, مثلها في ذلك مثل تاريخ الأمم الذي يبدو للوهلة الأولي جامدا لا يتغير لكنه علي العكس تماما في حالة تكشف دائم وتغير مستمر. يري بعض النقاد ان المجموعة خالية من الابتكار وانها مجرد مناجاة للسيرة الذاتية؟ يجب ان نحدد تعريفا للابتكار في المقام الأول وأيضا كونه علي أي مستوي, مستوي اللغة, الطرح, شكل النص.. فهل يعتبر خلق شخصية وتقمصها لسرد حكايتها أو سردها بلسان رواة متعددين, عليم أو غيره في أشكال متعددة من النصوص لا يمكن اعتباره ابتكارا؟ هل كتابة تاريخ متخيل لمكان وخلق تفاصيل ذات دلالات تخصه لا يعتبر ابتكارا!؟ خلق لحظة شعورية وتفاصيلها لا يمكن اعتباره ابتكارا؟ وهل مناجاة السيرة الذاتية لشخصيات مبتكرة لا يمكن اعتبارها ابتكارا؟ طرح مغاير لفكرة سائدة لا يمكن اعتباره ابتكارا؟ نفي وجود ابتكار من المجموعة بهذه الصيغة المختصرة تحديدا محير جدا بالنسبة لي. للاسكندرية حضور قوي بالمجموعة لكن هناك رأيا يري ان تجربة الكاتب السكندري محدودة لذلك لا يكتب إلا في اطار مدينته؟ لم يجعل الحضور القوي لقاهرة نجيب محفوظ أو اسكندرية ابراهيم عبدالمجيد أو براغ ميلان كونديرا وغيرهم كتابا محدودين باطار مدنهم, بل استطاع كل منهم أن يجعل مدينته التي يروي فيها حكايته مدينة عالمية, وما يحدث هنا قد يحدث هناك, والاسكندرية لم تكن يوما اطارا عائقا أو مدينة معزولة عن العالم, بل كانت ملهمة علي مر العصور للفنانين السكندريين وغير السكندريين مثل لورانس داريل وكفافيس وغيرهما. هذه ثاني مجموعة قصصية لكن لماذا اخترتي هذا النوع الأدبي للتعبير عن حكاياتك؟ لأني أستمتع بكتابة القصة, ذلك الفن الأصيل الذي يمتلك القدرة علي تركيز حيوات كاملة في مشهد واحد كما انني لدي الكثير من الحكايات التي أجدها تخرج في تلك الصيغة الممتعة. والكتابة هي التي تختار الشكل الذي تريد أن تظهر به. اشتركت في اكثر من ورشة كتابة في الوطن العربي فما اهميتها لكي ككاتبة وما هو الذي قدمته لكي؟ تجربة ورش الكتابة التفاعلية تجربة مهمة جدا بالنسبة لي علي كل المستويات, علي مستوي صقل الموهبة وتطويرها, التعرف علي تقنيات الكتابة المختلفة من خلال التفاعل المباشر مع كتاب لهم تجربتهم وخبرتهم مع الادب, الاحتكاك بثقافات وتجارب انسانية مختلفة يمثلها كتاب شباب رائعون من كل أنحاء البلدان العربية مستعدون للمناقشة والمحاورة في أي لحظة.. قدمت لي الورش خبرات وأصدقاء تعلمت منهم الكثير ومازلت اتعلم ورحلات ممتعة لمدن عريقة.