النصب باسم اللياقة..موضة انتشرت بين الشباب في المناطق الشعبية واستغلها أصحاب صالات جيم بير السلم بجميع الطرق.. وللتدليل علي مدي انتشار تلك الصالات يكفي أن نقول ان العدد المسجل منها يبلغ حاليا عشرة الاف صالة. ويزداد هذا الرقم الي ثلاثة أضعافه بغير المسجل من هذه الصالات التي تدر أرباحا فلكية علي أصحابها. ويلجأ أصحاب رءوس الأموال مثل أصحاب شركات البورصة وسماسرة العقارات الي الدخول في هذه التجارة الرائجة التي تنفخ جيوبهم كما تنفخ عضلات الشباب. منذ أيام قليلة طالعتنا الصحف بحادث سقوط عصابة لنفخ العضلات بمنطقة النهضة بمدينة السلام, وتم ضبط5.2طن من المواد الغذائية والحقن. حيث استغل شاب وصديقاه إقبال الشباب علي تكبير عضلاتهم لجذب أنظار الفتيات اليهم, واحترفوا تصنيع المنشطات والمكملات لبناء العضلات المفتولة من أدوية منتهية الصلاحية تتسبب في الموت لمستخدميها, وتوزيعها علي الصيدليات ومراكز الجيم بأسعار تبدأ من600 جنيه وتصل إلي11 ألف جنيه. والمتهم عمره21 سنة فقط وحاصل علي بكالوريوس سياحة وفنادق, واستعان بصديقين الأول صاحب شركة مواد غذائية والآخر عاطل ومتخصص في تصنيع تلك المنشطات التي تتنوع مابين أقراص وحقن. وتم القبض عليهم أثناء توزيعهم16 ألف عبوة مكملات غذائية ومنشطات جينية تصل الي3 أطنان,فضلا عن كميات من البودرة والمواد الغذائية الخاصة بكمال الأجسام وأمبولات حقن لنفخ العضلات, وبفحص الأقراص والمنشطات المضبوطة من مفتشي الصحي أكدوا أنها تتسبب في السرطان والوفاة في الحال.وهذا الحادث ليس الأول ولن يكون الأخير في ظل غياب الرقابة علي هذه المراكز. ولاشك في أنها صناعة رهيبة في جني الأرباح لأنها تحتاج إلي إمكانات كبيرة, فقد وصلت تكلفة إنشاء إحدي هذه الصالات الي خمسة وعشرين مليون جنيه أما صالات الغلابة فتصل الي عشرة آلاف جنيه فقط. وكلما قلت التكلفة زاد الربح وهو مايغري الكثيرين. أما صالات الأغنياء التي يرتادها صفوة المجتمع وتقدم خدمة5 ستارز, فبعضها في الفنادق الكبري وتتراوح أسعار الاشتراك بالأندية الصحية بين3 و6 آلاف جنيه سنويا, وتقدم جميع الخدمات من أجهزة وطاقم تدريبي متخصص, بالإضافة إلي الساونا والجاكوزي والتدليك. أما في المناطق الشعبية بالقاهرة مثل إمبابة وبولاق فالأسعار تتراوح شهريا بين20 و75 جنيها. وفي حي مثل السيدة زينب تتراوح الأسعار بين100 و250 جنيها شهريا. وتنتشر الصالات أيضا في محافظات مصر وأغلبها مراكز( تحت بير السلم) لا تخضع لأي إشراف من أي نوع. ويمارس فيها كل أنواع الابتزاز المادي والصحي للشباب, وتستخدم بها المكملات الغذائية والهرمونات لبناء وتضخيم العضلات, وتستخدم كستار لترويج الهرمونات والأدوية غير المصرح بها, وأحيانا المخدرات. وللتعرف علي إجراءات تنفيذ مشروع بناء صالة جيم يقول صلاح إسماعيل صاحب إحدي الصالات إنه حصل علي ترخيص من اتحاد كمال الأجسام قبل افتتاحه للصالة وكانت الرسوم500 جنيه ثم تجدد سنويا ب100 جنيه,أما الخطوات فتشمل التقدم ببعض الأوراق مثل عقد الإيجار أو الملكية وصورة البطاقة, ودفع المبلغ ثم يستخرج الترخيص في أقل من نصف ساعة مشيدا بتعاون الاتحاد وتسهيل الإجراءات. مأساة الكثير من الشباب كشفوا عن تجارب تعرضوا لها أثناء الذهاب إلي هذه الصالات فيقول أحمد حامد(24 سنة) طالب بكلية سياحة وفنادق أنه بدأ التدريب في إحدي الصالات وعمره14 عاما تقليدا لأصدقائه بعد أن لفت نظره شكل أصحابه الذين تحولوا الي وحوش مفتولة العضلات يلفتون نظر الفتيات,فقرر الذهاب الي جيم بالقرب من منزله, وبعد فترة تمرين استمرت شهرين أخبره المدرب بضرورة تناولت بعض المنشطات لمساعدة العضلة علي النمو. وأثناء الكشف الطبي للتقدم الي الجيش أخبره الطبيب بأنه يعاني من تشوهات في القوام لاتباع أسلوب تدريب خاطئ. ومن تجربة أحمد إلي مأساة حسن البالغ من العمر35 عاما, فكان يتدرب في جيم وعمره27 عاما دون أن تظهر عليه أي نتيجة الي أن نصحه المدرب بتناول هرمونات تسمي( الديكادرويلين, والتستون) وبالفعل كانت النتيجة رائعة الي أن قرر الزواج منذ6 أعوام, واكتشف المأساة أنه مصاب بالعقم بسبب تلك الهرمونات اللعينة وانتهي زواجه بالطلاق. ماذا عن أسعار الأدوات الرياضية لإنشاء صالة لياقة بدنية؟توجهنا بالسؤال إلي دسوقي سيد دسوقي رئيس شعبة الأدوات الرياضية فقال إن أغلب الأجهزة المتوافرة مستوردة من الخارج, وتأتي بمواصفات عالية,خاصة اذا كان المركز ذا حجم ضخم وترداده أعداد كبيرة وتتراوح تكلفة المركز بين20 ألفا ومليوني جنيه, وهي بالطبع تجارة رابحة خاصة للسيدات وصغار السن. أدوية بيطرية وللتعرف أكثر علي خطورة مثل تلك الصالات كشف تقرير أعده أساتذة وأطباء من جامعة المنصورة بأقسام طب الشرعي والسموم والأمراض الجلدية والذكورة, عن انتشار صالات اللياقة البدنية بأنحاء الجمهورية, والتي يذهب اليها الشباب من عمر15 إلي20 عاما من أجل زيادة النمو العضلي أو لإنقاص الوزن للأشخاص ذوي الأجسام البدينة وحذر التقرير من خطورة العقاقير والمنشطات التي تعطي للشباب وتباع في الصيدليات بتصريح من وزارة الصحة بناء علي تعليمات من المسئولين عن إدارة هذه الصالات, ومن بينها هرمون النمو إتش الذي يؤدي تناوله دون وجود ضرورة وبدون إشراف طبي متخصص إلي أضرار بالغة. وأكد التقرير أنه يتم إعطاء الشباب في هذه الأماكن عقاقير ميثوتركسات بهدف إنقاص الوزن للأشخاص البدناء, وهي عقاقير تستخدم في علاج الأمراض السرطانية وذات أضرار جانبية شديدة الخطورة كما يتم إعطاؤهم مواد طبية بيطرية ثبت بعد تحليلها في قسم الطب الشرعي والسموم بكلية طب المنصورة أنهم يحقنون بمادة بولدينون اي ديكليلنيات, وهي نوع من الأندروجينات التي تعطي للاستخدام البيطري فقط وتحقن بها الحيوانات التي لا تؤكل مثل الحصان, ولا يجوز حقنها في الانسان. وأضاف التقرير أن هذه الأندروجينات يتم إعطاؤها للرياضيين بجرعات كبيرة توازي10 أضعاف الجرعة الطبية بهدف البناء السريع للعضلات رغم ان هذه العقاقير محرمة دوليا وتؤدي إلي حدوث ضرر كالعقم ولا يتم الشفاء منها, بالاضافة إلي أنها تؤدي إلي خلل في وظائف الكبد, وسرطانات داخل الكبد, وتغيير نسبة الدهون بالدم, وزيادة الإصابة بتصلب الشرايين وارتفاع ضغط الدم. كما يؤدي تناول هذه المواد إلي زيادة عدد كرات الدم الحمراء مع حدوث جلطات متكررة في الأماكن الحيوية بالجسم, وتنتهي بالوفاة الفجائية كما أن تداول السرنجات بين الرياضيين يؤدي إلي نقل فيروسي الكبد سي وبي. ويحذر التقرير من هرمون سوستانون الذي يؤدي إلي العقم, كما يسبب الفشل الكلوي وتليف الكبد وحذر التقرير من هرمون برجانيل الذي هو بالأساس هرمون يعطي للسيدات أيام الحمل لتنظيم عمل الغدد. ويؤكد الدكتور مصطفي بسطامي عميد كلية الطب البيطري جامعة القاهرة إن تناول الإنسان لعقاقير يتناولها الحيوان له تأثير سلبي كبير علي عضلة القلب, وبالفعل تستخدمه بعض الصالات اللياقة البدنية لما له من تأثير علي منح متعاطيه حيوية ونشاطا وطاقة, وعلي أمل الوصول إلي أفضل جسم ولياقة والتزود بالطاقة والنشاط, وبهدف اصحابه إلي التكالب علي تحقيق أعلي ارباح دون النظر إلي مصلحة الشباب, وبيع الوهم باسم الصحة والشباب ولابد أن تتوافر المواصفات الصحية للمكان والأدوات والأجهزة المطابقة للمواصفات, وأن يكون هناك طاقم تدريبي مؤهل وعضو في النقابة حتي يسمح له بالعمل, وأن يكون هناك تعاون بين النقابة والمحافظات لتفعيل ذلك, كما تقوم النقابة بعمل دورات تدريبية للارتقاء بمستوي العاملين بهذه الصالات والمراكز الصحية. ويقول الدكتور جمال شيحة أستاذ الكبد بكلية جامعة المنصورة إن اغلب المترددين علي صالات الجيم من سن15 إلي20 سنة, لذلك يكون تأثير هذه العقاقيرمضاعفا لأن هذه السن في مرحلة النمو. وتحتوي هذه العقاقير علي مواد غذائية منتهية الصلاحية, كما حدث في منطقة النهضة, ويكون تأثيرها سلبيا ويجب أن يتم تناولها تحت إشراف طبيب. رقابة الدولة فيما أكد الدكتور حمدي السيد نقيب الأطباء أن عقاقير بناء ونمو العضلات لها آثار جانبية وتتسبب في مشاكل قلبية نتيجة الإسراف في تعاطيها ويجب تعاطيها بحذر شديد, مضيفا أن هناك تحذيرات صارمة من وزارة الشباب بعدم استخدام أي منشطات أو مكونات العضلات خاصة للرياضيين, فضلا عن ضرورة ان تحصل المراكز الصحية علي ترخيص من قسم العلاج الحر بوزارة الصحة قبل افتتاحها, مع ضمان التفتيش الدوري عليها, بجانب ضرورة تعاون نقابة الرياضيين أو اتحاد كمال الأجسام لتوفير طبيب في كل مركز أو ناد صحي أو جيم رياضي. ويؤكد الدكتور محمد عبدالجواد وكيل نقابة الصيدلة أن الأخطر من الرقابة علي هذه المراكز هو دخول هذه الأدوية لمصر وتداولها عبر الصيدليات الكبيرة وكأنها ساندوتشات تونة مثلا. وقال إن أغلب هذه الأدوية غير مسجل عالميا لذلك لم تسجلها مصر, لكن اغلبها مهرب وتدخل بدون أوراق أو أي معلومات ويجب أن تشدد وزارة الصحة علي تقديم الأوراق الخاصة بها لمنع بيعها بالصيدليات. عجز جنسي وعن أخطار تعاطي الهرمومانات أو المكملات الغذائية دون إشراف طبي أو صيدلي يقول الدكتور عبدالجواد إنها تحدث اختلالا في توازن الجسم, وخللا بالهرمونات فعلي سبيل المثال هرمون التستستيرون هرمون ذكري يعمل علي بناء الجسم, وعند تعاطيه باستمرار يؤدي إلي فقدان الغدة فاعليتها, وتتوقف عن إفراز الهرمون مما يصيب متعاطيه بالعجز الجنسي. وأضاف أن خلط الأنسولين بأي هرمون آخر جريمة متعمدة, وتؤدي إلي الإصابة إما بمرض السكر أو إصابة خلايا الكبد إصابة بالغة الأمر الذي ينذر بفشل كبدي, مطالبا وزارة الصحة بمنع وجود تلك الأنواع في الصيدليات وألا يتم صرفها إلا بروشتة طبية ومن صيدليات وزارة الصحة. كما يؤكد الدكتور محمود عمرو الأستاذ بمركز السموم أن العقاقير التي يتم تناولها لنفخ العضلات تحتوي علي هرمونات الإيمنولين والأحماض, وهي تؤدي إلي تنشيط الهرمونات, وفي الوقت ذاته تقلل من أداء وظائف الغدد الطبيعية والمطلوب توظيفها بشكل طبيعي في المخ. كما تقلل من أداء الغدة الثانية وتؤثر علي وظيفة الكلي وتصيب متعاطيها بالفشل الكلوي. وقال د. عمرو إن أغلب مرتادي صالات الجيم يبحثون عن القوة والشكل دون الانتباه إلي الأضرار وتأثيرها علي الجهاز الهرموني, مشددا علي ضرورة التوعية التليفزيونية للتعرف علي أضرار الأدوية المتداولة عبر المراكز الرياضية. ويقول الدكتور عمرو لطفي أستاذ المسالك البولية إن أغلب الشباب يتناولون العقاقير ولا يمارسون الرياضة للوصول إلي نتيجة سريعة, فيؤدي ذلك إلي تأثير سلبي مضاعف. وأضاف أن أكثر المواد الخطرة بها هي الأحماض الأمينية, وتتسبب في الإصابة بالعقم, ويصعب علاجه بعد فترة معينة, وهذا يرجعنا إلي الطرق الخاطئة في صرف الأدوية, مؤكدا أنه يقابل من4 إلي5 حالات سنويا لمصابين بالعقم نتيجة تناول العقاقير التي يملك القائمون علي هذه المراكز الأساليب الإقناعية للشباب بتناولها, وقد تمنحهم صفات أنثوية وتقضي علي رجولتهم. الفشل الكلوي ويقول الدكتور سعيد شلبي أستاذ الكبد بجامعة عين شمس إن العقاقير التي يتم إعطاؤها من خلال صالات اللياقة البدنية تحتوي علي جرعات كبيرة من السيرتيان والبروتينات للتغذية الكاملة لنمو العضلات بشكل سريع, وتتسبب في الإصابة بالفشل الكلوي, وأغلب من يقبلون علي هذه الصالات بدون الكشف الصحي. فقد يكون الشاب مصابا بمرض يمنع تناوله لأي عقارات من أي نوع, فلابد إذن من إجراء كشوف طبية للتأكد من وظائف الكلي والكبد, وتحليلات للتأكد من سلامته, وأن يتعاون التفتيش الصيدلي مع وزارة الصحة للإشراف علي هذه المراكز ومنع تناول أي عقارات لها آثار جانبية. أما الدكتور جمال لزيني رئيس لجنة الصحة بمجلس الشعب فيري أنه علي الرغم من تشجيع الرياضة خاصة للشباب, فإن هذه المراكز لا يجب تشجيعها لأن أغلبها يستخدم منشطات محرمة دوليا. وفي ظل غيبة الرقابة تحدث كوارث داخل هذه المراكز لما لها من أعراض جانبية, ويجب أن تخضع إلي رقابة وتفتيش حتي لا يساء استغلال الشباب, خاصة لما لها من ضرر كبير لأنها أصبحت وكرا لتجمع الشباب لتناول المخدرات وممارسات أفعال غير أخلاقية باسم الجيم وممارسة الرياضة, ويلجأ إليها الشباب نتيجة التفكك الأسري وتكون شماعة للتصرفات غير الأخلاقية, خاصة أن هذه العقاقير يتم إعطاؤها بدون أي دراسة وبجرعات مخيفة. وقال الزيني إن هذا يأخذنا إلي غياب الرقابة علي المراكز الرياضية, بالإضافة إلي غياب الرقابة عن الأدوية التي تباع في بير السلم وغير المرخصة والمنتهية الصلاحية. وأصبحت الأدوية تباع في الأماكن غير المخصصة لها مثل السوبر ماركت بهدف الثراء الفاحش والكسب السريع علي حساب صحة المواطن. وهذا يحتاج إلي تكاتف وزارة الصحة مع وزارة الداخلية للرقابة علي الصيدليات بالإضافة الاهتمام بتوعية الشباب والحرص علي عدم الذهاب إلي مراكز تحت بير السلم, وعدم الاعلان عن الأدوية التي تؤدي إلي نمو العضلات لأن هذه الإعلانات تعد شريكا أساسيا لأصحاب هذه الصالات.