عندما تصل الي العاصمة الفيتنامية هانوي تشعر بأنك انتقلت الي مدينة ذات طابع خاص وتاريخ متميز سواء في الحرب ضد القوات الأمريكية أو ضد الاستعمار الفرنسي فالمنازل القديمة ذات الطراز المعماري الفرنسي المتميز تطل عليك بزخارفها التي تخطف الأبصار تجاورها المباني الفيتنامية التقليدية القديمة والتي تحرص الدولة علي الاحتفاظ بعدد منها وعدم هدمها ضمن خطة التطوير الشاملة والنهضة العمرانية الكبيرة التي تشهدها في أحياء هانوي وباقي المحافظات الأخري, أما ميدان هوشي مينه الضخم والذي يتوسط العاصمة هانوي ويرمز الي يوم2 سبتمبر عام1945 عندما قرأ هوشي مينه أول رئيس لفيتنام اعلان استقلال فيتنام في العاصمة هانوي وتأسيس جمهورية فيتنام الديمقراطية وهي جمهورية فيتنام الاشتراكية حاليا, فقد تحول هذا الميدان الضخم الي متنزه ومزار سياحي كبير فهو يعج بالحركة ويمتلئ بالمواطنين والسياح معا خاصة بعد انتهاء ساعات العمل والتي تبدأ من التاسعة صباحا وحتي الخامسة مساء. وفيتنام والتي يبلغ عدد سكانها86 مليون نسمة بها54 قومية مختلفة وتتكون من64 مدينة ومقاطعة يحكمها حزب واحد فقط هو الحزب الشيوعي الفيتنامي والذي تم انشاؤه عام1930 تمكنت خلال السنوات العشرين الأخيرة من تحقيق قفزات اقتصادية هائلة حيث ارتفع نصيب الفرد من الناتج المحلي باجمالي خمسة اضعاف وفي خلال سبع سنوات(2001 2008) أوجدت حكومة فيتنام اكثر من12.4 مليون فرصة عمل وبدأت مع بداية يناير2009 منح غير العاملين بها مبالغ لإعالتهم, بالاضافة الي انها جذبت استثمارات أجنبية مباشرة قفزت من7 مليارات دولار عام2006 الي64 مليار دولار عام2008. وعلي الرغم من سنوات الحروب المتعددة التي خاضها الشعب الفيتنامي ضد الاستعمار والاحتلال الأمريكي حتي تم توحيد الدولة وتمرير مقاطعة سايجون وتأثير ذلك الكبير علي الاقتصاد إلا أن قطاع الاقتصاد استطاع خلال السنوات الأخيرة ان يسترد عافيته ويحقق نجاحا كبيرا حيث يوجد الآن في فيتنام350 ألف شركة وبلغ اجمالي الناتج القومي130 مليار دولار ومعدل النمو7.2% سنويا ومتوسط دخل الفرد1200 دولار سنويا في حين بلغ حجم الصادرات64 مليار دولار عام2008 واجمالي الواردات82 مليارا عن نفس العام. تكدس مروري ووسط الزحام الشديد في العاصمة هانوي حيث يبلغ عدد سكانها6.5 مليون نسمة كما يقول تافان دو.. مدير إدارة الشئون الخارجية في هانوي نجد صعوبة شديدة في الحركة خاصة في ساعات الذروة صباحا حتي العاشرة ومساء من الثالثة وحتي السادسة وهي مواعيد بداية ونهاية العمل سواء في القطاع العام أو الخاص حيث تجد سيولا من السيارات والموتوسيكلات تملأ الشوارع, ولكن في نظام صارم والتزام بالاشارات المرورية الالكترونية التي تملأ الشوارع والميادين دون أي وجود لرجال المرور بها.. ولذا فعلي الرغم من الزحام إلا ان هناك سيولة مرورية بالشوارع. وقال ان هانوي بها مليون سيارة خاصة وحكومية بالاضافة إلي ألف أتوبيس تتحرك بها بجانب ملايين الموتوسيكلات التي تمتلكها معظم الأسر الفيتنامية نظرا لانخفاض أسعارها مقارنة بالسيارات وسهولة الحركة بها في الشوارع الضيقة ووسط الزحام الشديد بهانوي. أما نجو تاي تان هانج.. نائب محافظ هانوي فقالت ان مدينة هانوي لها علاقات وتعاون مع78 مدينة حول العالم حيث توجد زيارات متبادلة وتعاون شبابي وثقافي مع تلك المدن مشيرة إلي وجود خطة لزيادة الاستثمارات وتدعيم البنية الاساسية في الطرق والصرف الصحي ومياه الشرب واقامة مشروعات تعمير جديدة حتي عام2020, وسوف تشمل بناء منازل ومدارس خاصة في المناطق الريفية والتي ترتفع بها نسبة الفقر. وأضافت ان هانوي مثل باقي المحافظات الفيتنامية الأخري فيما يتعلق بالتعايش السلمي بين الأديان فهناك البوذية والمسيحية والاسلام, وكلها تعيش جنبا إلي جنب في سلام ووئام دون أي مشاكل أو صدامات بل اننا نجد المسجد بجوار المعبد أو الكنيسة وكل فيتنامي يؤدي صلاواته دون أي مضايقات أو تدخل من الدولة أو غيرها في حرية تامة دون أي اضطهاد أو اجبار علي شيء. والواقع الفعلي للتركيبة السكانية الدينية لفيتنام نجد ان الديانة البوذية بمختلف مذاهبها ديانة50% من السكان بالاضافة إلي وجود حوالي7 ملايين مسيحي كاثوليكي وبروتستانتي وحوالي70 ألف مسلم فقط يتركزون بصورة أساسية في الجنوب, وينتمون إلي أقلية عرقية تعترف بأقلية الشام الموجودة في كمبوديا وهي احدي العرقيات الموجودة في فيتنام أيضا حيث يوجد بها54 أقلية عرقية في مقدمتها العرق الاساسي هو الغيت ويمثله غالبية السكان وتشكل باقي الاقليات العرقية حوالي عشرة ملايين نسمة وأهمها الصينيون المونج التاي الخمير مان الهومونج. نهضة تكنولوجية وفيما يتعلق بعمليات التحديث والتطوير العلمي والتكنولوجي في هانوي فقد كانت فيتنام عام1990 بها حوالي258 جريدة دورية فقط أما الان فهي تضم أكثر من700 مؤسسة صحفية وأكثر من850 مطبعة و80 جريدة الكترونية و68 محطة راديو و55 دار نشر بالاضافة إلي15 ألف صحفي و20 مليون مواطن يستخدمون الانترنت حيث يتيح لهم الكثير من المعلومات عن التنمية الاقتصادية والتنكولوجيا وتطورها! وفي هذا السياق قال رئيس لجنة التعليم والاتصالات في هانوي هو كوانج لوي انه علي مدار أعوام اهتمت هانوي بشكل خاص بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية وحققت نموا متزايدا عاما بعد عام في اجمالي الناتج المحلي وتحسنت حياة الشعب ونجحت هانوي في ترميم الشوارع القديمة واقامة منشآت جديدة مثل مركز المؤتمرات الوطني والمجمع الرياضي ومناطق حضرية جديدة ومرافق عامة والعديد من وسائل النقل التي تشمل جسورا كبيرة علي النهر الأحمر. وأضاف انه منذ عام2000 زاد الناتج القومي لهانوي بنسبة11.45% في العام وفي عام2009 وعلي الرغم من آثار الأزمة الاقتصاية العالمية زاد إجمالي الناتج القومي بنسبة6.7% وقفز معدل دخل الفرد السنوي من990 دولارا عام2000 إلي1765 دولارا عام2009, مشيرا إلي ان حجم الانتاج زاد خمسة أضعاف منذ عام1990 وحتي الأن وتمت إقامة50 منطقة سكانية جديدة في ضواحي هانوي. وأشار إلي ان هانوي أصبحت من أكثر المدن جاذبية للاستثمارات الخارجية بين مدن فيتنام حيث تضم أكثر من ثمانية آلاف مشروع بتكلفة تصل الي18 مليار دولار وهي تساهم بنسبة10% من اجمالي الدخل القومي لفيتنام. وكشف رئيس لجنة التعليم والاتصالات النقاب عن ان هانوي يحيط بها أكثر من خمسة آلاف موقع أثري قديم سواء معابد أو قلاع أو متاحف وان بعضها تم الاعتراف به من قبل اليونسكو كأثر دولي يجب الحفاظ عليه.. موضحا أن هانوي أصبحت من عشر مدن آسيوية تعتبر مقصدا أساسيا للسياح في آسيا. وقال ان هانوي بوصفها واحدة من29 مدينة عمرها ألف عام هي الوحيدة في آسيا التي اعترفت بها اليونسكو كمدينة للسلام وهو ما أضاف إليها بعدا دوليا جديدا ومهما لابنائها ولفيتنام كلها. أسواق عائمة وخلال رحلتي من هانوي إلي إحدي أشهر المناطق السياحية الموجودة في فيتنام وهي سلسلة جبال تكسوها الخضرة وتمتد عبر مجري مائي كبير يبلغ طوله كيلو مترا وتعتبر المقصد الرئيسي للسائحين في فيتنام وتبعد مسافة مائة كيلو متر عن هانوي وجدت آلاف الأفدنة المنزرعة بالأرز والذي يعتبر من الوجبات الأساسية للشعب الفيتنامي كما يمثل مصدرا مهما من مصادر الدخل القومي كما وجدت الأنهار والمجاري المائية تنتشر بين المنازل في ضواحي هانوي وداخل المزارع والأراضي الزراعية وعلمت أن فيتنام بها2860 نهرا وتيارا مائيا منقسمة الي9 أنهار رئيسية بينما تشغل الجبال والمرتفعات ثلثي الدولة. وعندما تصل الي خليج هالونج أشهر المناطق السياحية في فيتنام تشعر وكأنك انتقلت الي عالم أخر من حيث روعة المكان فالجبال تنتشر في كل مكان تكسوها الخضرة ويتوسطها أحد الأنهار وعلي جانبيه أسفل الجبال بعض المعابد الصغيرة والمزارع التي يستفيد منها الفلاحون بالاضافة الي وجود أسواق عائمة داخل النهر لتلبية احتياجات السائحين وفي نهاية رحلتهم الرائعة والتي يمرون خلالها بعدد من الأنفاق أسفل الجبال ومشاهدة عدد من تماثيل بوذا النادرة والمعابد الموجودة فوق قمة الجبال في مشهد غير متكرر الحدوث.. وكذلك الرحلة التي تتم بمركب صغير تقوده سيدة فيتنامية. صناعة الحرير أما قرية الحرير والتي يرجع تاريخها الي أكثر من ألف عام كما يقول رئيس القرية حيث تم تأسيسها في القرن الثامن عشر واستمرت حتي اليوم ويقيم بها40 ألف نسمة منقسمين الي2.7 ألف أسرة بها قوميات فيتنامية مختلفة المهنة الرئيسية لهم هي صناعة الحرير والزراعة والصناعات اليدوية.. مشيرا الي انه يتم تصدير منتجات الحرير الي معظم دول العالم وفي مقدمتها باريس, حيت يلاقي الحرير الفيتنامي شهرة واسعة في الأسواق الفرنسية. ويضيف نائب رئيس جمعية صناعة الحرير بالقرية أن الصناعة بدأت عام1869 واستمرت حتي الأن خاصة أن الحرير الفيتنامي مميز وغير موجود في أي مكان أخر في العالم حيث يتم بشكل يدوي ولا تدخل فيه أي تكنولوجيا حديثة وينتقل من جيل الي جيل داخل الأسرة بالقرية نفسها. وقال ان القرية تحولت الي مزار سياحي كبير حيث يحضر اليها آلاف السياح من مختلف انحاء العالم.. لمشاهدة لوحاتها الحريرية الرائعة ومنتجاتها المميزة, مشيرا إلي أن المادة الخام المستخدمة في الصناعة يتم الحصول عليها من القري المحيطة ولايتم استيرادها من الخارج. وأوضح أن هناك مدارس لتعليم الأطفال والأجيال الجديدة فنون صناعة الحرير داخل الأسر نفسها حتي تستمر الصناعة وتسهم في دعم الاقتصاد الوطني خاصة وأن القرية تقوم بتصدير ثلاثة ملايين متر من الحرير سنويا. طريق السيراميك ومن أشهر المناطق في فيتنام منطقة صناعة السيراميك والتي اكتسبت شهرة واسعة نتيجة منتجاتها الرائعة والتي تتميز بتاريخها الطويل في الانتاج حيث تجد قطعا فنية عمرها700 عام كما يقول تران مان كان.. نائب رئيس الغرفة التجارية بهانوي وأن هذه القطع الفنية الرائعة موجودة في متحف اسطنبول بتركيا وتبلغ قيمتها مليون دولار. وقال ان مصنع السيراميك والتي تبلغ استثماراته350 ألف دولار أمريكي يقوم بالتصدير الي32 دولة منها مصر وتركيا وبريطانيا واليابان وأندونيسيا, حيث يوجد إقبال كبير علي اقتناء المنتجات التي يتم تصنيعها من السيراميك سواء أواني أو لوحات فنية أو غيرها. أما طريق السيراميك والذي يمتد الي أكثر من3850 مترا في هانوي يعتبر أطول الطرق التي تمت تغطيتها بالسيراميك في العالم. وتشير نجيون توتي نائبة مدير المشروع وصاحبة الفكرة إلي ان الفكرة هدفها تجميل شوارع هانوي وإزالة القبح منها موضحة ان المشروع بدأ عام2007 وشارك فيه20 فنانا فيتناميا و15 فنانا دوليا من عشر دول و500 طفل فيتنامي ودولي و50 طالبا وطالبة من كليات الفنون في فيتنام حتي تحول الطريق الي لوحة فنية رائعة تعكس تعاونا دوليا وسط هانوي.