تأتي اجتماعات البنوك المركزية والسلطات المالية للبلدان الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي باسطنبول يوم الأحد المقبل وسط أزمة مالية عالمية مستمرة قد تأثرت بها البنوك الإسلامية إلي حد ما طبقا لتقرير ماكنزي للتنافسية2008-2009 الذي أشار إلي أن هذا التأثر جاء بسبب المخاطر المتأصلة في قطاع المالية الإسلامية مثل ارتفاع نسبة عدم تواؤم الاستحقاق في البنوك الإسلامية عنها في البنوك التقليدية. ويري تقرير ماكنزي أن تأثير الأزمة كان أقل علي المصارف الإسلامية مقارنة مع المصارف التقليدية.. فالبنوك الإسلامية أقل اعتمادا في سيولتها علي الديون وأكثر اعتمادا علي إيداعات العملاء مما حد من تعاملها مع أسواق الديون. ويرجع المحللون التأثير الاقتصادي للأزمة العالمية علي البنوك الإسلامية التجارية بشكل أكبر من تأثيره علي البنوك التقليدية نتيجة احتفاظ البنوك الإسلامية التجارية بنسبة لا تقل عن20% من موجوداتها علي شكل أصول عينية ومالية انخفضت قيمتها مع هبوط الأسواق.. الأمر الذي حدا بتلك البنوك إلي آخذ مخصصات لمواجهة خسائر محتملة في تقييم الاستثمارات بالإضافة إلي خسائر محتملة قد تنتج عن عدم السداد لبعض الحاصلين علي تمويلات منها.. مما أدي إلي انخفاض صافي دخل البنوك الإسلامية التجارية بشكل ملحوظ ليسجل أدني انخفاض له بالتاريخ وبنسبة32% نهاية2009. ويضيف المحللون أن العائد علي موجودات البنوك الإسلامية تأثر بشدة خلال الأزمة المالية بسبب طبيعة موجوداتها فبلغ العائد علي حقوق مساهمي البنوك التجارية كمجموعة16% في عام2008 منخفضا بواقع6% عن عام2007 ثم عاود الانخفاض ليصل إلي10% عام2009. ويعتبر العائد علي حقوق المساهمين نتيجة حتمية لمؤشرين رئيسيين.. العائد علي إجمالي الموجودات من مؤشرات الربحية ومضاعف حقوق المساهمين وهو من مؤشرات الرفع المالي بالإضافة إلي طبيعة توزيع الموجودات. فنموذج أعمال البنوك الإسلامية التجارية عندما تمول الأصول بصيغة الإجارة المنتهية بالتمليك علي سبيل المثال يجب عليها بحكم الشريعة الإسلامية الاحتفاظ بهذه الأصول ضمن موازناتها العمومية كموجودات إلي أن يتم نقل ملكيتها بالكامل إلي صاحب التمويل علي سبيل الهبة أو البيع بسعر بسيط. أما بالنسبة للتمويل التأجيري في البنوك فإن الملكية تئول ابتداء إلي طالب التمويل ما يعني عدم دخول العقار كأصل عيني في موازنة البنك التقليدي وبالتالي لن يكون البنك عرضة للانكشاف علي مخاطر انخفاض القيمة السوقية للعقارات الممولة بالتأجير. وهذا من أسباب انخفاض صافي الدخل للبنوك الإسلامية التجارية التي اضطرت إلي أخذ مخصصات بأحجام كبيرة لمواجهة مخاطر انخفاض القيمة السوقية للأصول العينية وحتي المالية التي تملكها. وعلي الرغم من الأزمة المالية العالمية, إلا أن نظام التمويل الإسلامي قدم فرصة جيدة ليثبت أنه قادر علي تلبية احتياجات المستثمرين بعيدا عن الأدوات المالية عالية المخاطر والتي تسببت في مشكلات اقتصادية سيمتد أثارها علي مدي العقد المقبل. فقد واصلت البنوك الإسلامية نموها بأكثر من10% مع افتتاح20 بنكا إسلاميا جديدا علي الرغم من الأزمة المالية خلال عام2009. وأظهرت دراسة أعدتها مجلة بانكر بالتعاون مع بنك( إتش إس بي سي) وشملت أكبر500 مؤسسة مالية إسلامية أن الأصول التي لدي البنوك التي تمارس أعمالها وفق الشريعة الإسلامية أو الوحدات المصرفية الإسلامية بالبنوك التقليدية ازدادت بنسبة29% لتصل قيمتها إلي822 مليار دولار مقابل639 مليارا في عام2008. ويتوقع المحللون أن يكون هناك إقبال أكبر خلال المرحلة المقبلة علي المنتجات المالية الإسلامية ومنها الصكوك المالية المدعومة بالأصول خاصة إذا ما توجهت الحكومات العربية والإسلامية لهيكلة تمويل المشاريع الضخمة في بلدانها من خلال إصدار تلك الصكوك ليتم تغطيتها من خلال البنوك الإسلامية وهذه بدورها ستسهم في توفير السيولة لمشاريع التنمية مما يسهم في التخفيف من آثار الأزمة في دول المنطقة. ومن المتوقع أن يرتفع التدفق النقدي وتمويل المشاريع وبالتالي زيادة الطلب علي طرق الاستثمار الإسلامية. كما أكدت تقارير لوكالات التصنيف العالمية أن نتائج التباطؤ الاقتصادي وانهيار أسواق المال وشح السيولة أثرت بشكل أقل في المؤسسات المالية الإسلامية مقارنة بغيرها من المؤسسات التقليدية بسبب تحريم الشريعة للمنتجات المالية القائمة علي الفائدة وهذا ما جنبها الاستثمار في بعض فئات الأصول الضعيفة التي شوهت الأداء والوضع المالي لكثير من البنوك التقليدية.