تسلمت السيدة سوزان مبارك قرينة السيد رئيس الجمهورية الدكتوراه الفخرية في علم الاجتماع من جامعة القاهرة في احتفال كبير أقيم الليلة قبل الماضية بقاعة الاحتفالات الكبري بالجامعة تقديرا لعطائها في مجال التنمية الاجتماعية عبر العقود الثلاثة الماضية, وذلك علي ضوء موافقة مجلس الجامعة واقتراح قسم الاجتماع بكلية الآداب وموافقة مجلس الكلية علي ذلك. وأعلنت السيدة سوزان مبارك في كلمة لها بهذه المناسبة عن إهدائها هذه الدكتوراة بكثير من العرفان لرفاق الرحلة وشركاء النجاح الذين عملوا معها في خدمة المجتمع.. لافتة إلي قبولها هذا التكريم بفخر واعتزاز وشعورها بأن التكريم ليس لها وحدها وإنما لكل من عمل معها في تحقيق أهداف نبيلة وطموحات كبيرة أضافت رافدا لملامح العطاء لهذا المجتمع. ووجهت التحية لأسرة جامعة القاهرة, معربة عن سعادتها بأن تكون بينها وأن تتحدث إليها من منبرها.. لافتة إلي أنها صرح مصري شامخ للعمل والتنوير والثقافة ورمز لتطلع شعبنا منذ بدايات القرن التاسع عشر لدولة ناهضة متطورة وحديثة تصل الماضي بالحاضر والمستقبل الواعد الذي نتطلع إليه. وقالت' أتحدث اليكم بمشاعر صادقة وأتقدم للجامعة ولرئيسها وأعضاء هيئة التدريس بكلياتها ولطلابها بعميق الشكر والتقدير علي هذه اللفتة الكريمة.. مؤكدة أن مستقبل البلاد وتقدمها سيظل مرهونا بدورها في إثراء الحياة العامة'. وذكرت السيدة سوزان مبارك قرينة السيد رئيس الجمهورية أن قاعة الاحتفالات الكبري بالجامعة شهدت مناسبات جليلة علي مدي تاريخها, وأن هناك رموزا وطنية خالدة دعت وسعت لإقامة هذه الجامعة لتكون الأولي في المنطقة العربية وإفريقيا. وأشارت إلي احتفال مصر منذ عامين بمئوية جامعة القاهرة متذكرة بالإكبار والتقدير نخبة من رموزها وخريجيها الذين أسهموا جيلا بعد جيل في النهضة العلمية والثقافية وفي حركة التنوير علي أرض مصر قائمة طويلة يصعب حصرها تلقوا جميعا تعليمهم في هذه الجامعة وقادوا عبر أجيال متعاقدة مسيرة العلم والفكر والتنوير والثقافة وأعطوا لوطنهم بلا حدود. وأضافت السيدة سوزان مبارك أن جامعة القاهرة ارتبطت منذ إنشائها بكل المثل والمباديء التي نذرت حياتها لخدمتها والدفاع عنها, فهي معقل حركة التنوير في مختلف مراحلها والتي أيقنت منذ البداية أن مفتاح التقدم والارتقاء الأول هو التعليم, وآمنت بضرورة مشاركة المرأة في الحياة العامة وساندت حقها في التعليم والتدريس فكان نتاج ذلك أن أفاضت برجالها ونسائها علي المجتمع وأسهمت في بناء التقدم والارتقاء بالوطن وكان لها دورها المحوري في تشكيل العقل والفكر والوجدان المصري المعاصر. وقالت إن قاعات جامعة القاهرة شهدت عبر قرن من الزمان نقاشا مستفيضا لأهم قضايا الأمة وكان للأطروحات التي قدمها أساتذتها ومفكروها دور أساسي في بلورة توجهات المجتمع ورؤاه وتصوره لمستقبل الوطن, وكان لعلمائها وأدبائها دور مهم في بناء وتعزيز قدرة أجيال متعاقبة علي استيعاب مفاهيم العصر وعلومه وثقافاته. وأوضحت السيدة سوزان مبارك قرينة السيد رئيس الجمهورية في كلمتها خلال احتفال جامعة القاهرة بتسليمها الدكتوراة الفخرية في علم الاجتماع أن تاريخ مصر الحديث منذ عام1908 وحتي الآن يمر عبر جامعة القاهرة, حيث كان النضال من أجل التحرر وانطلاق دعاوي التنوير والوسطية وتخرج الأجيال التي حملت مشاعل الحداثة والمدنية واليوم تواجه الجامعة تحديات هائلة. وأضافت أن هذه التحديات تتمثل في عالم سريع التحول يخطو بنا للعقد الثاني من القرن الحادي والعشرين ويشهد ثورة علمية وتكنولوجية غير مسبوقة وينتقل بفكره ومنجزاته إلي عصر ما بعد الحداثة.. لافتة إلي أنه عالم يجعلنا بحاجة أكثر من أي وقت مضي لدور الجامعة وإسهام علمائها لأنه عالم لا يقبل إلا الأقوياء ولا يعترف إلا بمن يمتلك المعرفة ويدرك أدوات التقدم. وقالت' إننا نواجه تلك التحديات بمنظومة تعليمية متقدمة, تدرك معطيات العصر من ناحية وتخدم احتياجات المجتمع من ناحية أخري, لذلك ينبغي النهوض بأبنائنا وتأهيلهم للمستقبل, وفي هذا الصدد أول ما نتطلع إليه الجامعة'. وأشارت إلي أن أهم ما يواجه الجامعة اليوم من مهام هو تعزيز مسئوليتها كمنبر للحرية والفكر فهي الأقدر علي أن تعيد النظرة الصحيحة للدين كقوة دافعة للاستنارة والتقدم والأجدر بأن تحمي حرية الفكر بما يضمن لعلمائنا وباحثينا مناخا يدفع للابداع ويحفز علي الابتكار فهي الأحق بأن تظل مبعثا للالهام ومعقلا للفكر ومحرابا للعلم والعطاء. وقالت السيدة سوزان مبارك قرينة السيد رئيس الجمهورية' إن تكريم اليوم يعيدني بالذاكرة إلي بداية الرحلة, رحلة عمل وعطاء.. فكر واجتهاد, رحلة أفخر وأعتز بها فكم من الآمال والطموحات والأحلام تحققت وارتبطت كلها بحياة الناس وبتغيير واقعهم وتحسين أحوالهم في حاضرهم ومستقبلهم'.. موضحة أن دراستها لعلم الاجتماع كان مدخلها للعمل العام بأنشطته وجمعياته ومنظماته. وأضافت سوزان مبارك' في تجربة أعتز بها للمزواجة بين النظرية والتطبيق والسعي للاستفادة من العلم الأكاديمي في تغيير الواقع بمشكلاته ومعطياته وتحدياته امتدت لأكثر من ثلاثين عاما أصبحت علي يقين من أن الحاجة تشتد بنا لرابطة ضرورية بين جامعاتنا واحتياجات وقضايا مجتمعنا بكافة المجالات بما في ذلك مجال المشاركة والعطاء في ميدان التنمية الاجتماعية'. وأكدت أن لمصر مجتمعا أهليا نشطا وفاعلا كان الأسبق والأوسع قاعدة في الشرق الأوسط إذ تبني قيم ومباديء وأهداف العمل الخيري, وقامت بأمواله وعلي أكتافه صروح مصرية عديدة منوهة إلي أنه إذا كان هذا النشاط قد تراجع وانحصر منذ خمسينيات القرن الماضي إلا أنه عاد وبقوة ليمارس دوره وسط مجتمع مصري متغير شهد العديد من التحولات والمعطيات الجديدة. وأوضحت أن أنشطة المجتمع الأهلي تجاوزت مفهوم العمل الخيري لما هو أبعد من ذلك بكثير وأصبح عليه أن يتعامل في قيمه وأهدافه ومبادئه وأنشطته مع العديد من القضايا من منطلق تنموي وحقوقي وفي إطار جهد منظم لتعبئة كافة الموارد المادية والطاقات البشرية لبناء المجتمع الذي ينعم فيه الإنسان بالأمن والعدل والرخاء. وقالت السيدة سوزان مبارك قرينة السيد رئيس الجمهورية' إن منظماتنا الأهلية عادت وسط مناخ دولي جديد يعترف بدور المجتمع المدني ويشجعه ويدعو إليه باعتباره ضلعا أساسيا في مثلث المشاركة الضرورية من المجتمع والدولة ومجتمع الأعمال مشيرة إلي أنها لمست عن قرب ولسنوات طويلة أهمية هذه المشاركة وترسخت قناعتها بضرورتها في التعامل مع مختلف المشكلات والهموم التي تواجه حركة التنمية وكلها باتت مطروحة بقوة علي أجندة العمل الوطني. وأضافت أن' هذه المشكلات والقضايا اقتضت هذه المشاركة وجعلت منها الطريق لبلورة رؤيتنا للمستقبل بما يطرحه من قضايا رئيسية كحقوق الإنسان وتمكين المرأة ورعاية وحماية الأطفال وتضمين الشباب وغيرها من متطلبات التطور والنمو والتنمية'. وأوضحت أنه منذ البداية كانت قناعتها بأنه لكي ينجح العمل التطوعي يجب أن يتم في إطار مؤسسي ووفقا لرؤية وأسس علمية واضحة تضع الأساس السليم لانطلاقه, وفي سياق من التشاور والتعاون مع كافة الشركاء سعينا لتلبية أولويات واحتياجات مجتمعنا بهدف ضمان حياة أفضل وأكثر استقرارا بجهود انتقلت بنا إلي مفهوم العمل من أجل التنمية المستدامة اعتمادا علي المشاركة المجتمعية. وتابعت' عملنا معا لندفع بأوضاع المرأة المصرية للأمام لتشارك بكل طاقتها في البناء والتنمية وواصلنا تحركنا علي مختلف الأصعدة لحماية الفتاة المصرية ودورها ورؤيتها لذاتها وحقوقها وحفاظها علي كرامتها'. وأضافت' اننا كنا أول من نادي بحشد العمل القومي والدولي في مكافحة الإتجار بالبشر والتحذير من خطورته واجتهدنا لنشر الوعي بالتعليم والثقافة في مبادرة شاملة للنهوض بمؤسساتنا التعليمية اجتمعت فيها جهود الدولة والمنظمات الأهلية ومجتمع الأعمال. كما أكدت بذل الجهد للوقوف إلي جانب المهمشين والبسطاء في القري الأكثر احتياجا والسعي لرفع مستوي الأسر من خلال عملية تنموية متكاملة في مجال تطوير العشوائيات من أجل أن نكلفل لأبنائها منظومة كاملة من الحقوق تمتد لحقوق الرعاية الصحية والتعلم والتأهيل للعمل والرعاية الفكرية والثقافية وغيرها من الحقوق الأساسية للانسان. وقالت السيدة سوزان مبارك قرينة السيد رئيس الجمهورية في كلمتها خلال الحفل إنه رغم ما قدمه الحراك الأهلي المصري من عطاء حتي الآن لايزال أمامه طريق طويل وشاق كي يرقي لمستوي تطلعات المجتمع وآماله وطموحاته وما يواجهه من صعاب وتحديات. وأضافت أنه' رغم التحديات وما تفرضه أحيانا من قيود إلا أننا نعيش زمن الفرص الممكنة وهناك آفاق أوسع للانجاز والتقدم في إطار تحالف وطني وشراكة حقيقية بين أبناء الوطن قادرة علي أن تخطو بمصر للأمام وتدفع بأجيالنا نحو المستقبل'. وتابعت' إن الدولة تبذل قصاري جهدها من أجل نهضة المجتمع بسياسات للاصلاح السياسي ترسخ دعائم مجتمع ديمقراطي حديث وسياسات للاصلاح الاقتصادي صححت اختلالات دامت لعقود ووضعت اقتصادنا علي الطريق الصحيح وسياسات لتوسيع قاعدة العمل الاجتماعي تنحاز للفقراء والبسطاء والمهمشين'. وذكرت أن الدولة تظل في حاجة لتضافر جهود كل أبناء الوطن والمشاركة الفاعلة من الجميع في إدراك لمسئوليته الاجتماعية تجاه الوطن والمجتمع والناس إذ تسعي لمجتمع يستكمل دعائم ديمقراطيته ويعزز قدرة اقتصاده بمعدلات نمو مرتفعة ومتواصلة ويبني قدرات أبنائه بالاستثمار في البشر ويدفع بالبحث العلمي للأمام ويضعه في خدمة المجتمع ويواصل التنمية الشاملة والمتكاملة بفكر وسواعد أبنائها ويضاعف إنتاجه وقدراته التنافسية ويتيح المزيد من فرص التعلم والعمل والتميز.