أكد المستشار الدكتور سري صيام رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلي أن الرئيس حسني مبارك طوال عهده لم يتدخل في شئون العدالة والقضاء بأي صورة من الصور, مشيرا إلي أن الرئيس لديه إيمان وقناعة راسخة بأن القضاء المستقل هو الحصن الحصين للوطن..لذلك فهو حريص علي عدم تدخل أي كائن كان في شئونه. جاء ذلك خلال وقائع الصالون الثقافي الفكري الثاني الذي نظمه معهد الأهرام الإقليمي بعنوان( القضاء والعدالة وتحديات العولمة) بحضور عدد غفير من رجال القضاء وقيادات مؤسسة الأهرام ورؤساء تحرير إصدارتها المختلفة, وأداره الدكتور عبدالمنعم سعيد رئيس مجلس إدارة المؤسسة. وأشار المستشار صيام إلي أن التعديلات الدستورية التي أجريت مؤخرا وطلب فيها الرئيس مبارك إلغاء جهاز المدعي العام الاشتراكي ومحكمتي القيم والقيم العليا تعد خطوات جادة وغير مسبوقة علي طريق تدعيم استقلال القضاء. وأوضح أن جهاز المدعي الاشتراكي كان يمثل ازدواجية مع عمل النيابة العامة فيما كانت محكمتا القيم والقيم العليا تثيران كثيرا من الجدل حول ما إذا كانت قضاء طبيعيا أم استثنائيا بالنسبة للمواطنين, وذلك علي الرغم من تأكيد المحكمة الدستورية العليا علي أن المحكمتين تمثلان قضاء طبيعيا. وقال إن تقدير القضاء المصري وتقديسه ليس وليد فترة حديثة وإنما يضرب جذوره في أعماق مصر منذ نشأة الدولة المصرية القديمة إبان عهد الفراعنة, مؤكدا أن القضاء في مصر كان ولايزال يتمتع بقدسية خاصة طوال مسيرته في كافة الحقب التاريخية وهو الأمر الذي أكدت عليه مضابط الحياة النيابية المصرية التي حفلت بتقدير عظيم للقضاء المصري. وأضاف المستشار صيام أن القضاء المصري دستوري وقانوني لطالما اتجه نحو مزيد من الاستقلال من خلال حظر الدساتير المتعاقبة التدخل في شئون القضاء والقضاء والعدالة من جانب كافة السلطات التنفيذية والتشريعية والصحافة. وفيما يتعلق بأزمة محاميي طنطا الأخيرة مع القضاة, قال المستشار الدكتور سري صيام رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلي إنه لا يصح بأي وجه علي الإطلاق أن يتم تناول ما هو مطروح ومتداول أمام القضاء, مشيرا إلي أن مجلس القضاء الأعلي سبق له وأن أصدر بيانا فيما يتعلق بتداعيات القضية فقط في ضوء الوقائع غير المسبوقة التي لم يشهدها أحد من قبل إبان الأزمة, معربا عن أمله في ألا تتكرر وقائع هذه الأزمة لصالح القضاة والمحامين. وكشف المستشار صيام عن أن تغييرا جذريا سيطرأ قريبا علي قواعد القبول بالنيابة العامة وذلك عند اكتمال إنشاء أكاديمية القضاة بحيث تصبح الدراسة لمدة عام ونصف العام داخل الأكاديمية شرطا للالتحاق بالنيابة العامة وليس لمجرد التخرج من كليات الحقوق والشريعة والقانون مباشرة, مشيرا إلي أن عمل الأكاديمية لن يقتصر علي الجانب الأكاديمي فقط وإنما سيختص بباقي أوجه القبول بالنيابة العامة التي يضطلع بها مجلس القضاء الأعلي. وأشار إلي أن مشروع الأكاديمية شارف علي الانتهاء ومن شأنه الارتقاء بمستوي التعيينات بالنيابة العامة التي لا تقتصر علي حصول الخريج علي درجة الامتياز أو جيد جدا, وينتظر أن يتم عرضه علي الدورة البرلمانية القادمة لإقراره حال الانتهاء منه. وأعرب عن دهشته لما يتردد من مطالبات بضرورة وضع قانون لمحاكمة الوزراء والمسئولين بالحكومة, موضحا أن المحاكم العادية والنيابة العامة تختص بمحاكمة والتحقيق مع الوزراء شأنهم شأن أي مواطن عادي علي قدم المساواة, وأنه حتي مع صدور قانون جديد يختص بمحاكمة الوزراء أمام محاكم خاصة فإن القضاء العادي سيظل يختص بمحاكمتهم والتحقيق حال ارتكاب أي منهم لمخالفات, وهو الأمر الذي يعد اختصاصا أصيلا للقضاء العادي الطبيعي وفقا لما أكدت عليه محكمة النقض في أحكامها. وأشار المستشار صيام إلي أن النصوص الدستورية والقانونية تحظر تماما التدخل في القضايا المعروضة علي جهات التحقيق والقضاء فضلا عن أن قانون العقوبات يعاقب علي النشر الصحفي والإعلامي الذي من شأنه التأثير علي سير التحقيق, مؤكدا أن ظاهرة المحاكمات المصورة والقضاء التلفزيوني الموازي للقضاء بالمحاكم هي ظاهرة سلبية لم تعرفها مصر سوي مؤخرا والتي أصبحت تهييء الرأي العام لتصور معين بشأن قضايا وتحقيقات أمام الجهات القضائية المختلفة ويصدر في كثير منها أحكام وقرارات مخالفة بناء علي ما تم التوصل إليه قانونا وقضاء الأمر الذي من شأنه زعزعة الثقة في القضاء والقضاة. وقال المستشار الدكتور سري صيام رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلي إن أحد مظاهر تأثر القضاء المصري بالعولمة يتمثل في الطلب بأن يكون القضاء وجهات التحقيق القضائية صاحبة ولاية علي الجرائم التي ترتكب خارج القطر المصري في ما يتعلق بالجرائم المنظمة والإرهاب والاتجار بالبشر والجرائم ضد الإنسانية, موضحا أنه لم يصبح كافيا أن يقتصر التشريع والقوانين علي معاقبة الجرائم داخل البلاد بل أصبحت هناك مطالبات بأنه يمتد إلي الخارج. وأكد أن مصر غير ملزمة بالتوقيع علي اتفاقيات لإلغاء وحظر عقوبة الإعدام, مشيرا إلي أن العديد من الدول لاتزال تبقي علي عقوبة الإعدام وأنه حتي الولاياتالمتحدة لم يتم إلغاء هذه العقوبة بالكثير من ولاياتها. وأشار إلي أن الدستور المصري أكد في مادته الثانية أن الإسلام هو دين الدولة وأن مباديء الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع, علما بأن عقوبة الإعدام منصوص عليها بالقرآن الكريم فيما يتعلق بالقصاص. وقال إن الإبقاء علي عقوبة الإعدام أمر ضروري وحتمي في ضوء العنف المستشري والجرائم البشعة التي ترتكب من قبل بعض الخارجين علي القانون بما لا يصح معه إلغاؤها تحقيقا للردع العام والخاص. وأكد أن هذه العقوبة تحديدا تحاط بالعديد من الضمانات العديدة التي كفلها القانون ومن بينها ضرورة استطلاع رأي مفتي الديار المصرية وإجماع آراء كافة قضاة المحكمة التي ستصدر الحكم والعرض علي محكمة النقض حتي ولو وقع المحكوم عليه بالعقوبة ما يفيد قبوله بالعقوبة وأنه يريد أن يساق إلي حبل المشنقة إلي جانب عرض أوراق القضية علي رئيس الجمهورية لفحصها, مشيرا إلي أن مثل هذه المناداة في غير محلها. وأكد المستشار الدكتور سري صيام رئيس محكمة النقض رئيس مجلس القضاء الأعلي أن قانون السلطة القضائية حظر علي المحاكم إبداء الآراء السياسية واشتغال القضاة بالسياسة وهو ما يعني الانضمام إلي أحزاب أو تنظيمات سياسية.. إلا أن اجتهادات أخري قالت بأن القاضي مواطن مهموم بمشاكل وطنه غير أن هذا التباين ظهر بصورة جلية عندما تم تكليف القضاة ببعض المسائل خارج نطاق عملهم. وقال إنه طبقا لأحكام قانون السلطة القضائية فإن المختص بسائر شئون رجال القضاء هو مجلس القضاء الأعلي, غير أن هناك اجتهادات وآراء تري أن نوادي القضاة لا يقتصر أدورها علي رعاية شئون رجال القضاء الاجتماعية والخدمية وغيرها بل يمتد إلي تمثيل القضاة في العديد من الأمور. وأشار إلي أن حالة الطواريء تظل من اختصاص الرئيس ومجلس الشعب ولا صلة للقضاء ولا السلطة القضائية بمثل هذه الأمور, مشيرا إلي أن القضاء أتم واجبه عندما أكد أن محاكم الطواريء لا تمنع اختصاص المحاكم العادية. وقال إنه علي الرغم من إجازة القانون بأن يدخل ضمن تشكيل محاكم الطواريء عسكريون غير أن هذا الأمر لم يتم العمل به منذ سنوات طويلة, مشيرا إلي أن محاكم الطواريء تشكل من قضاة المحاكم العادية. وأعرب رئيس محكمة النقض عن رفضه القاطع لأي حديث عن فساد داخل القضاء, مشيرا إلي أن مثل الحديث يدخل في إطار التعميم الذي يضر بالقضاء ككل ويتسبب في إضعاف ثقة الرأي العام به.