حملة لتوفير أجهزة كمبيوتر.. دعوات لتأهيل المدارس لتعليم التكنولوجيا | تفاصيل    تراجعت على العربات وبالمحال الصغيرة.. مساعٍ حكومية لخفض أسعار سندوتشات الفول والطعمية    وفقا لوزارة التخطيط.. «صيدلة كفر الشيخ» تحصد المركز الأول في التميز الإداري    الجيش الأوكراني: 96 اشتباكا قتاليا ضد القوات الروسية في يوم واحد    طائرات جيش الاحتلال تشن غارات جوية على بلدة الخيام في لبنان    3 ملايين دولار سددها الزمالك غرامات بقضايا.. عضو مجلس الإدارة يوضح|فيديو    كرة سلة - ال11 على التوالي.. الجندي يخطف ل الأهلي التأهل لنهائي الكأس أمام الجزيرة    المقاولون العرب يضمن بقاءه في الدوري الممتاز لكرة القدم النسائية بعد فوزه على سموحة بثلاثية    تصريح مثير للجدل من نجم آرسنال عن ليفربول    السجن 15 سنة لسائق ضبط بحوزته 120 طربة حشيش في الإسكندرية    إصابة أب ونجله سقطا داخل بالوعة صرف صحي بالعياط    خناقة شوارع بين طلاب وبلطجية داخل مدرسة بالهرم في الجيزة |شاهد    برومو حلقة ياسمين عبدالعزيز مع "صاحبة السعادة" تريند رقم واحد على يوتيوب    رئيس وزراء بيلاروسيا يزور متحف الحضارة وأهرامات الجيزة    بفستان سواريه.. زوجة ماجد المصري تستعرض جمالها بإطلالة أنيقة عبر إنستجرام|شاهد    ما حكم الكسب من بيع التدخين؟.. أزهري يجيب    الصحة: فائدة اللقاح ضد كورونا أعلى بكثير من مخاطره |فيديو    نصائح للاستمتاع بتناول الفسيخ والملوحة في شم النسيم    بديل اليمون في الصيف.. طريقة عمل عصير برتقال بالنعناع    سبب غياب طارق مصطفى عن مران البنك الأهلي قبل مواجهة الزمالك    شيحة: مصر قادرة على دفع الأطراف في غزة واسرائيل للوصول إلى هدنة    صحة الشيوخ توصي بتلبية احتياجات المستشفيات الجامعية من المستهلكات والمستلزمات الطبية    رئيس جهاز الشروق يقود حملة مكبرة ويحرر 12 محضر إشغالات    أمين عام الجامعة العربية ينوه بالتكامل الاقتصادي والتاريخي بين المنطقة العربية ودول آسيا الوسطى وأذربيجان    سفيرة مصر بكمبوديا تقدم أوراق اعتمادها للملك نوردوم سيهانوم    مسقط تستضيف الدورة 15 من مهرجان المسرح العربي    فيلم المتنافسون يزيح حرب أهلية من صدارة إيرادات السينما العالمية    إسرائيل تهدد ب«احتلال مناطق واسعة» في جنوب لبنان    «تحيا مصر» يوضح تفاصيل إطلاق القافلة الخامسة لدعم الأشقاء الفلسطينيين في غزة    وزير الرياضة يتابع مستجدات سير الأعمال الجارية لإنشاء استاد بورسعيد الجديد    الاتحاد الأوروبي يحيي الذكرى ال20 للتوسع شرقا مع استمرار حرب أوكرانيا    مقتل 6 أشخاص في هجوم على مسجد غربي أفغانستان    بالفيديو.. خالد الجندي: القرآن الكريم لا تنتهي عجائبه ولا أنواره الساطعات على القلب    دعاء ياسين: أحمد السقا ممثل محترف وطموحاتي في التمثيل لا حدود لها    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    القوات المسلحة تحتفل بتخريج الدفعة 165 من كلية الضباط الاحتياط    جامعة طنطا تُناقش أعداد الطلاب المقبولين بالكليات النظرية    الآن داخل المملكة العربية السعودية.. سيارة شانجان (الأسعار والأنواع والمميزات)    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    هيئة الرقابة النووية والإشعاعية تجتاز المراجعة السنوية الخارجية لشهادة الايزو 9001    مصرع طفل وإصابة آخر سقطا من أعلى شجرة التوت بالسنطة    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: القطاع الخاص لعب دورا فعالا في أزمة كورونا    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    «التنمية المحلية»: فتح باب التصالح في مخالفات البناء الثلاثاء المقبل    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    رموه من سطح بناية..الجيش الإسرائيلي يقتل شابا فلسطينيا في الخليل    تقرير حقوقي يرصد الانتهاكات بحق العمال منذ بداية 2023 وحتى فبراير 2024    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    «الداخلية»: تحرير 495 مخالفة لعدم ارتداء الخوذة وسحب 1433 رخصة خلال 24 ساعة    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    عبدالجليل: سامسون لا يصلح للزمالك.. ووسام أبوعلي أثبت جدارته مع الأهلي    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    نجم الزمالك السابق: جوميز مدرب سيء.. وتبديلاته خاطئة    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرحيم علي يكتب‏:‏ حلف الشيطان الإخوان والانتهازية السياسية

كنت قد انتهيت من كتابة سلسلة من المقالات حول منهج الإخوان في استغلال الأحزاب والقوي السياسية المختلفة‏(‏ تحالفا وممالئة‏),‏ للوصول الي أهدافهم المرحلية‏,‏ انطلاقا
مما دشنه مؤسس الجماعة الشيخ حسن البنا من نهج ما زال الإخوان يتمسكون به ويسيرون علي هديه وهو المنهج الذي أدي في نهاية المطاف إلي حل الجماعة واغتيال مؤسسها‏.‏ وبالأمس قرأت ما نشره الأهرام المسائي حول وقائع الاجتماع المشترك الذي دعا إليه مرشد الجماعة البيطري محمد بديع علي هامش إفطار رمضاني بمقر الكتلة البرلمانية وحضره عدد من ممثلي القوي السياسية المختلفة جلهم أعضاء في الجمعية المصرية للتغيير‏'‏ فرأيت قبل أن أبدأ أن افتتح هذه السلسلة من المقالات ببعض الملاحظات التي أراها ضرورية حول ما جاء في هذا الاجتماع‏.‏
ملاحظات أولية‏:‏
أولا‏:‏ بدا واضحا من استعراض أسماء الحاضرين للاجتماع عدم التجانس الفكري وانتفاء وجود أرضية لتشكيل جبهة وطنية واحدة تؤسس لبديل واضح المعالم ينقل مصر إذا جاز التعبيرنقلة حضارية مختلفة في المستقبل‏.‏ فقد جاء البعض من أرضيات ليبرالية ويسارية بينما مثل البعض مجموعة من الشخصيات التي تعيش ما يمكن تسميته‏-‏ بمرحلة المراهقة السياسية المتأخرة‏,‏ فلا تاريخ لهم في المعارضة ولا جذور فكرية أو تاريخية تشي بهذا الإنتماء من قريب أو بعيد‏,‏ بل أن البعض منهم كان لوقت قريب أقرب ما يكون الي النظام من صفوف المعارضة‏.‏ وأنا لا نريد هنا أن أعين أشخاصا باسمائهم ولكن ما يهمني هو الحديث المتضارب من مناداة بمقاطعة شاملة للانتخابات البرلمانية والرئاسية المقبلة‏,‏ إلي مطالبات بتعديلات محددة وضمانات معينة يقوم بها النظام تهيئ المناخ السياسي لمنافسة عادلة‏,‏ إلي التجهيز لاعتصامات ومواجهات دموية تحتاج إلي تقديم شهداء‏,‏ وصولا إلي تشخيص المرحلة الحالية بأنها مرحلة استعمار يتوجب علي القوي السياسية فيها الحديث عن تحرير الوطن أولا قبل الحديث عن أي إصلاح‏.‏ وبالطبع والحال كذلك فنحن أمام‏'‏ هايد بارك‏'‏ تطرح فيه أحلام العصافير من حلفاء الإخوان‏,‏ هذا بينما راح قادة الجماعة يعدون كلماتهم بعناية فائقة بداية بالترحيب‏,‏ وانتهاء بمداعبة أحلام الحاضرين عبر الإعلان عن وقوف الجماعة معهم جميعا لتحقيق أحلامهم‏,‏ حتي وإن جاءت كأحلام العصافير‏.‏
ثانيا‏:‏ كان السؤال المحوري الذي شغلني طوال فترة قراءتي لوقائع الاجتماع يدور حول الهدف الرئيسي منه‏,‏ أو بالأحري الذي تريده الجماعة من مثل هذا النوع من اللقاءات‏,‏ وهل هدفت الجماعة بالفعل الي تشكيل جبهة وطنية حقيقية للتغيير‏,‏ وإذا كانت الإجابة بالإيجاب وهي غير ذلك بالطبع فهل تعي الجماعة حجم ما هي مقدمة عليه‏,‏ وحجم حلفائها‏,‏ ومن سيكون له حق قيادة قاطرة التغيير تلك‏,‏ خاصة أن البعض‏(‏ أيمن نور تحديدا‏)‏ تحدث عن شرعية لقوي ثلاث هي‏,‏ الكرامة والوسط والإخوان‏,‏ أثنان منها تحت التأسيس وجماعة محظورة قانونا‏,‏ وهل يفهم من كلامه أن المجتمعين ضربوا عرض الحائط بالدستور والقانون‏,‏ وانتزعوا شرعية قانونية ذات آليات من قبيل‏,‏ ما أعرب عنه نور‏'‏ بالاستشهاد‏',‏ وهل سكوت الجماعة علي كلامه من قبيل الموافقة المستترة‏,‏ والسؤال الأخطر‏:‏ هل تعي الجماعة أي باب من الجحيم تفتحه عندما توافق علي مثل هذا النوع من الشرعية‏,‏ وتدعم مثل هذا النوع من أساليب التغيير‏.‏
ثالثا‏:‏ وتعقيبا علي الأسئلة السابقة‏,‏ نقول‏:‏ وماذا لو قرر أحد أجنحة النظام أن يأخذ هذا الكلام‏(‏ الهزل‏)‏ مأخذ الجد‏,‏ خاصة ما تردد علي ألسنة البعض من مجابهة لرأس النظام‏,‏ خففها البعض الي السماح بخروج آمن للرئيس‏,‏ وأي عبث صبياني يقوم به هؤلاء النفر من السياسيين الذين لا يكاد يعدون علي أصابع اليدين عندما يرسلون بهذه الرسائل من مقر الكتلة البرلمانية للإخوان‏.‏ وماذا لو تعامل نفر في النظام مع هؤلاء بنفس الروح‏,‏ كيف ستكون عليه الكلفة‏,‏ سياسيا واجتماعيا‏,‏ ومن يملك تحملها‏,‏ وهل يمكن أن نترك حفنة من البرجوازية الصغيرة تتعامل مع قضية التغيير في بلد كبير كمصر بهذه الروح الصبيانية‏,‏ إن الإخوان يريدون استغلال هؤلاء النفر في لعبتهم الكبري مع النظام كما أعتادوا دائما ولكن هل يمكن أن يصل اللعب الي هذا الحد‏.‏
رابعا‏:‏ الوحيدون الذين كانوا يعرفون ماذا يفعلون وبأي أوراق يلعبون في هذا الاجتماع كان قادة الإخوان‏,‏ كانوا يعرفون جيدا حجم كل شخص حضر الاجتماع وتحدث منتفخا أوداجه‏,‏ كانوا يعلمون جيدا أن هذا اللقاء هو إحدي أدواتهم في الضغط علي النظام‏,‏ مثله مثل كل الخطوات السابقة التي بدأت بالحوار مع الأحزاب‏,‏ ثم الانضمام الي الجمعية المصرية للتغيير‏,‏ وأخيرا جمع التوقيعات حول المطالب السبعة‏,‏ ولكن هل يعلمون أنهم في طريقهم الي مخططاتهم تلك‏,‏ يمكن أن يحرقوا الأخضر واليابس في مصر‏,‏ ثم يقفون كما وقف مؤسسهم قبل ستين عاما ليقولوا‏,‏ لو استدبرت ما استقدمت من عمري ما عملت بالسياسة ولاكتفيت بالدعوة‏.‏
خامسا‏:‏ إن هدف الإخوان النهائي واضح ومعلن‏,‏ السعي إلي صفقة كبري مع النظام تتيح لهم التوغل في مؤسسات المجتمع المدني تنفيذا لأولي خطوات خطة التمكين متحالفين في سبيل ذلك مع الشيطان‏,‏ طالما يوافق علي أهدافهم المرحلية دأبوا علي فعل هذا منذ ثلاثينيات وأربعينيات وخمسينيات القرن الماضي تنفيذا لأجندتهم السياسية وتحقيقا لأهدافهم المرحلية‏,‏ وخدمة لاستراتيجيتهم التي تتمثل في الاستيلاء علي السلطة‏,‏ وتحقيق ما يعتقدون أنه مشروع الدولة الإسلامية‏.‏
وللتدليل علي ما أقول أقدم لكم اليوم المذكرة التي صاغها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر‏,‏ شارحا فيها خبرته في التعامل مع الجماعة‏,‏ ومعددا الأسباب التي أدت بمجلس قيادة الثورة الي اتخاذ قرار حل الجماعة بالإجماع‏.‏
واعتقد أنه لا يوجد في مصر‏,‏ ليبراليا كان أو إسلاميا‏,‏ من يشكك في وطنية الزعيم جمال عبد الناصر أو حرصه علي المصلحة العليا لمصر‏.‏
قرار مجلس قيادة الثورة بتاريخ‏1954/1/14‏ بحل جماعة الإخوان المسلمين‏:‏
أصدر مجلس قيادة الثورة في الساعة الواحدة الا ربعا من صباح اليوم قرارا باعتبار جماعة الاخوان المسلمين حزبا سياسيا يطبق عليها أمر المجلس الخاص بحل الاحزاب السياسية‏.‏ وننشر فيما يلي نص البيان الذي اذاعه المجلس في هذا الشأن‏:‏
اذا كانت الثورة قد قامت في‏23‏ يوليو فقد ظل تنظيم الضباط الاحرار ينتظر من يتقدم الصفوف مخلصا ليغير المنكر الذي كنا نعيش فيه ويثبت بعمله جدية صدقه وأخلاصه لدينه ولوطنه وكنا علي استعداد أن نتبعه في صف واحد كالبنيان المرصوص حتي نحقق لوطننا العزيز عزة وكرامة وتحررا من الاستعباد والعبودية‏.‏
ولما طال انتظارنا عقدنا العزم علي القيام بالثورة وكنا جادين ولا هدف لنا إلا حرية الأمة وكرامتها وان الله تعالي لن يكتفي بإيمان الناس اذا لم يتبعوا هذا الايمان بالعمل وبالعمل الصالح فيقول عز وجل إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم أجر غير ممنون
ومن يوم قيام الثورة ونحن في معركة لم تنته بعد‏:‏ معركة ضد الاستعمار لا ضد المواطنين وهذه المعركة لا تحتمل المطامع والاهواء التي طالما نفذ الاستعمار من خلالها ليحطم وحدة الأمة وتماسكها فلا تقوي علي تحقيق أهدافها‏.‏
وقد بدأت الثورة فعلا بتوحيد الصفوف إلي أن حلت الاحزاب ولم تحل الاخوان إبقاء عليهم وأملا فيهم وانتظارا لجهودهم وجهادهم في معركة التحرير ولأنهم لم يتلوثوا بمطامع الحكم كما تلوثت الأحزاب السياسية الأخري ولأن لهم رسالة دينية تعين علي اصلاح الخلل وتهذيب النفوس‏.‏
ولكن نفرا من الصفوف الأولي في هيئة الاخوان أرادوا أن يسخروا هذه الهيئة لمنافع شخصية واطماع ذاتية مستغلين سلطان الدين علي النفوس وبراءة وحماسة الشبان المسلمين ولم يكونوا في هذا مخلصين لوطن أو لدين‏.‏
ولقد أثبت تسلسل الحوادث ان هذا النفر من الطامعين استغلوا هيئة الاخوان والنظم التي تقوم عليها هذه الهيئة لاحداث انقلاب في نظام الحكم القائم تحت ستار الدين‏.‏
وقد سارت الحوادث بين الثورة وهيئة الاخوان بالتسلسل الآتي‏:‏
‏1‏ في صباح يوم الثورة استدعي الاستاذ حسن العشماوي لسان حال المرشد العام إلي مقر القيادة العامة بكوبري القبة وابلغ اليه ان يطلب من المرشد العام اصدار بيان لتأييد الثورة ولكن المرشد بقي في مصيفه بالاسكندرية لائذا بالصمت فلم يحضر إلي القاهرة الا بعد عزل الملك ثم اصدر بيانا مفتضبا طلب بعده أن يقابل أحد رجال الثورة فقابله البكباشي جمال عبدالناصر في منزل الاستاذ صالح أبورقيق الموظف بالجامعة العربية وقد بدأ المرشد حديثه مطالبا بتطبيق أحكام القرآن في الحال فرد عليه البكباشي جمال عبدالناصر أن هذه الثورة قامت حربا علي الظلم الاجتماعي والاستبداد السياسي والاستعمار البريطاني وهي بذلك ليست إلا تطبيقا لتعاليم القرآن الكريم‏.‏
فانتقل المرشد بالحديث إلي تحديد الملكية وقال ان رأيه أن يكون الحد الأقصي‏500‏ فدان‏.‏
فرد عليه البكباشي جمال قائلا ان الثورة رأت التحديد بمائتي فدان فقط وهي مصممة علي ذلك فانتقل المرشد بالحديث قائلا أنه يري لكي تؤيد هيئة الاخوان الثورة أن يعرض عليه أي تصرف للثورة قبل اقراره فرد عليه البكباشي جمال قائلا ان هذه الثورة قامت بدون وصاية احد عليها وهي لن تقبل بحال أن توضع تحت وصاية أحد وان كان هذا لا يمنع القائمين علي الثورة من التشاور في السياسة العامة مع كل المخلصين من أهل الرأي دون التقيد بهيئة من الهيئات ولم يلق هذا الحديث قبولا من نفس المرشد‏.‏
‏2-‏ سارعت الثورة بعد نجاحها في اعادة الحق إلي نصابه وكان من أول أعمالها أن أعادت التحقيق في مقتل الشهيد حسن البنا فقبضت علي المتهمين في الوقت الذي كان المرشد لا يزال في مصيفه في الاسكندرية‏.‏
‏3-‏ طالبت الثورة الرئيس السابق علي ماهر بمجرد توليه الوزارة أن يصدر عفوا شاملا عن المعتقلين والمسجونين السياسيين وفي مقدمتهم الاخوان وقد نفذ هذا فعلا بمجرد تولي الرئيس نجيب رئاسة الوزارة‏.‏
‏4-‏ حينما تقرر اسناد الوزارة إلي الرئيس نجيب تقرر أن يشترك فيها الاخوان المسلمون بثلاثة أعضاء علي ان يكون احدهم الاستاذ الشيخ أحد حسن الباقوري‏.‏
وقد تم اتصال تليفوني بين اللواء عبدالحكيم عامر والمرشد ظهر يوم‏7‏ سبتمبر سنة‏1952‏ فوافق علي هذا الرأي قائلا أنه سيبلغ القيادة بالاسمين الآخرين ثم حضر الاستاذ حسن العشماوي إلي القيادة في كوبري القبة وابلغ البكباشي جمال عبدالناصر أن المرشد يرشح للوزارة الأستاذ منير الدله الموظف في مجلس الدولة والاستاذ حسن العشماوي المحامي وقد عرض هذا الترشيح علي مجلس الثورة فلم يوافق عليهما‏,‏ وطلب البكباشي جمال عبدالناصر من الاستاذ حسن العشماوي ان يبلغ ذلك إلي المرشد ليرشح غيرهما وفي الوقت نفسه اتصل البكباشي جمال بالمرشد فقال الاخير انه سيجمع مكتب الارشاد في الساعة السادسة ويرد عليه بعد الاجتماع‏.‏
وقد أعاد البكباشي جمال الاتصال مرة أخري بالمرشد فرد عليه أن مكتب الارشاد قرر عدم الاشتراك في الوزارة فلما قال له‏:‏ لقد اخطرنا الشيخ الباقوري بموافقتك وطلبنا منه أن يتقابل مع الوزراء في الساعة السابعة لحلف اليمين أجابه بأنه يرشح بعض أصدقاء الاخوان للاشتراك في الوزارة ولا يوافق علي ترشيح أحد من الاخوان‏.‏
وفي اليوم التالي صدر قرار من مكتب الارشاد بفصل الشيخ الباقوري من هيئة الاخوان فاستدعي البكباشي جمال عبدالناصر الاستاذ حسن العشماوي وعاتبه علي هذا التصرف الذي يظهر الاخوان بمظهر الممتنع عن تأييد وزارة الرئيس نجيب وهدد بنشر جميع التفاصيل التي لازمت تشكيل الوزارة فكان رد العشماوي أن هذا النشر يحدث فرقة في صفوف الاخوان وليس لموقف المرشد العام ورجاه عدم النشر‏.‏
‏5‏ عندما طلب من الاحزاب أن تقدم اخطارات عن تكوينها قدم الاخوان اخطارا باعتبارهم حزبا سياسيا وقد نصحت الثورة رجال الاخوان بألا يترددوا في الحزبية ويكفي أن يمارسوا دعوتهم الاسلامية بعيدا عن غبار المعارك السياسية والشهوات الحزبية وقد ترددوا بادئ الأمر ثم استجابوا قبل انتهاء موعد تقديم الاخطارات وطلبوا اعتبارهم هيئة وطلبوا من البكباشي جمال عبدالناصر أن يساعدهم علي تصحيح الأخطاء فذهب إلي وزارة الداخلية حيث تقابل مع المرشد في مكتب الاستاذ سليمان حافظ وزير الداخلية وقتئذ وتم الاتفاق علي أن تطلب وزارة الداخلية من الاخوان تفسيرا عما اذا كانت أهدافهم سيعمل علي تحقيقها عن طريق اسباب الحكم كالانتخابات وان يكون رد الاخوان بالنفي حتي ينطبق عليهم القانون‏.‏
‏6-‏ وفي صبيحة يوم صدور قرار الاحزاب في يناير سنة‏1953‏ حضر إلي مكتب البكباشي جمال عبدالناصر الصاغ صلاح شادي والاستاذ منير الدلة وقالا له الآن وبعد حل الأحزاب لم يبق من مؤيد للثورة الا هيئة الاخوان ولهذا فانهم يجب أن يكونوا في وضع يمكنهم من أن يردوا علي كل اسباب التساؤل فلما سألهم ما هو هذا الوضع المطلوب أجابا بأنهم يريدون الاشتراك في الوزارة فقال لهما اننا لسنا في محنة واذا كنتم تعتقدون أن هذا الظرف هو ظرف المطالب وفرض الشروط فأنتم مخطئون فقالوا له اذا لم توافق علي هذا فاننا نطالب بتكوين لجنة من هيئة الاخوان تعرض عليها القوانين قبل صدورها للموافقة عليها وهذا هو سبيلنا لتأييدكم ان أردتم التأييد فقال لهم جمال لقد قلت للمرشد سابقا اننا لن نقبل الوصاية وإنني أكررها اليوم مرة أخري في عزم وإصرار‏.‏ وكانت هذه الحادثة هي نقطة التحول في موقف الاخوان من الثورة وحكومة الثورة‏.‏ اذ دأب المرشد بعد هذا علي اعطاء تصريحات صحافية مهاجما فيها الثورة وحكومتها في الصحافة الخارجية والداخلية كما كانت تصدر الأوامر شفهيا إلي هيئات الاخوان بأن يظهروا دائما في المناسبات التي يعقدها رجال الثورة بمظهر الخصم المتحدي‏.‏
‏7‏ لما علم المرشد بتكوين هيئة التحرير تقابل مع البكباشي جمال في مبني القيادة بكوبري القبة وقال له انه لا لزوم لإنشاء هيئة التحرير ما دام الاخوان قائمين فرد عليه البكباشي جمال ان في البلاد من لا يرغب في الانضمام للاخوان وان مجال الاصلاح متسع امام الهيئتين فقال المرشد انني لن أؤيد هذه الهيئة وبدأ منذ ذلك اليوم في محاربة هيئة التحرير واصدار أوامره بإثارة الشغب واختلاق المناسبات لإيجاد جو من الخصومة بين ابناء الوطن الواحد‏.‏
‏8-‏ وفي شهر مايو سنة‏1953‏ ثبت لرجال الثورة أن هناك اتصالا بين بعض الاخوان المحيطين بالمرشد وبين الانجليز عن طريق الدكتور محمد سالم الموظف في شركة النقل والهندسة وقد عرف البكباشي جمال من حديثه مع الاستاذ حسن العشماوي في هذا الخصوص أنه حدث اتصال فعلا بين الاستاذ منير الدلة والاستاذ صالح ابورقيق ممثلين عن الاخوان وبين مستر‏'‏ ايفانز‏'‏ المستشار الشرقي للسفارة البريطانية وان هذا الحديث سيعرض حينما يتقابل البكباشي جمال والمرشد وعندما التقي البكباشي جمال مع المرشد أظهر له استياءه من اتصال الاخوان مع الانجليز والتحدث معهم في القضية الوطنية الأمر الذي يدعو إلي التضارب في القول واظهار البلاد بمظهر الانقسام‏.‏
ولما استجوب اليوم الدكتور محمد سالم عن موضوع اتصال الانجليز بالمرشد ومن حوله قال ان القصة تبتدئ وقت أن كان وفد المحادثات المصري جالسا يتباحث رسميا مع الوفد البريطاني‏.‏
وفي ابريل سنة‏1953‏ اتصل به القاضي‏'‏ جراهام‏'‏ بالسفارة البريطانية وطلب منه أن يمهد مقابلة بين مستر ايفانز المستشار الشرقي للسفارة البريطانية وبعض قادة الاخوان وانه أي محمد سالم أمكنه ترتيب هذه المقابلة في منزله بالمعادي بين منير الدله وصالح أبورقيق عن الاخوان ومستر ايفانز عن الجانب البريطاني وتناول الحديث موقف الاخوان من الحكومة‏,‏ وتباحثوا في تفاصيل القضية المصرية ورأي الاخوان وموقفهم من هذه القضية ثم قال الدكتور محمد سالم انه جاء في رأي قادة الاخوان ان عودة الانجليز إلي القاعدة تكون بناء علي رأي لجنة مشكلة من المصريين والانجليز وان الذي يقرر خطر الحرب هي هيئة الأمم المتحدة‏.‏
ولعل هذا هو السبب في تمسك الانجليز بهذا الرأي الذي لم يوافق عليه الجانب المصري للمفاوضات حتي اليوم‏.‏
ثم قال الدكتور محمد سالم في اجتماع آخر مماثل في منزله ايضا حيث طلب مستر ايفانز مقابلة المرشد فوعد منير الدلة بترتيب هذا الاجتماع وفعلا تم في منزل المرشد ودار في هذا الاجتماع الحديث عن القضية المصرية وموقف الاخوان منها وذكر الدكتور محمد سالم ان مستر ايفانز دعا منير الدلة وصالح ابورقيق لتناول الشاي في منزله وقد اجاب دعوته مرتين‏.‏
‏9-‏ وفي أوائل شهر يونيو سنة‏1953‏ ثبت لادارة المخابرات ان خطة الاخوان قد تحولت لبث نشاطها داخل قوات الجيش والبوليس وكانت خطتهم في الجيش تنقسم إلي قسمين‏.‏
القسم الأول‏:‏ ينحصر في عمل تنظيم سري تابع للاخوان بين ضباط الجيش ودعوا فيما دعوا عددا من الضباط وهم لا يعلمون انهم من الضباط الاحرار فسايروهم وساروا معهم في خططهم وكانوا يجتمعون بهم اجتماعات أسبوعية وكانوا يتحدثون في هذه الاجتماعات عن الإعداد لحكم الاخوان المسلمين والدعوة إلي ضم أكبر عدد من الضباط ليعملوا تحت امرة الاخوان وكانوا يأخذون عليهم عهدا وقسما ان يطيعوا ما يصدر اليهم من اوامر المرشد‏.‏
أما القسم الثاني فكان ينحصر نشاطه في عمل تشكيلات بين ضباط البوليس وكان الغرض منها هو اخضاع نسبة كبيرة من ضباط البوليس لأوامر المرشد ايضا وكانوا يجتمعون في اجتماعات دورية اسبوعية وينحصر حديثهم فيها في بث الحقد والكراهية لرجال الثورة ورجال الجيش وبث الدعوة بين ضباط البوليس بأنهم أحق من رجال الجيش بالحكم نظرا لاتصالهم بالشعب وكانوا يمنونهم بالترقيات والمناصب بعد أن يتم لهم هدفهم وكان يتزعمهم الصاغ صلاح شادي الذي طالما ردد في اجتماعاته بهم أنه وزير الداخلية المقبل‏.‏
وقسم ثالث اطلق عليه قسم الوحدات وكان الغرض منه هو جمع أكبر عدد ممكن من ضباط الصف في الجيش تحت امرة المرشد ايضا وكانوا يجتمعون بهم في اجتماعات سرية اسبوعية وكان الحديث يشتمل علي بث الكراهية للضباط في نفوس ضباط الصف وإشعارهم بأنهم هم القوة الحقيقية في وحدات الجيش وأنهم اذا ما نجح الاخوان في الوصول إلي الحكم فسيعاملون معاملة كريمة‏.‏
كما كان هذا القسم يقوم ببث الدعوة لجمع أكبر عدد من صف ضباط وجنود ليكون تحت إمرة المرشد العام للاخوان‏.‏
ولما تجمعت هذه المعلومات لادارة المخابرات اتصل البكباشي جمال عبدالناصر بالاستاذ حسن العشماوي باعتباره ممثل المرشد وصارحه بموقف الاخوان العام ثم بموقف الاخوان في داخل الجيش وما يدبرونه في الخفاء بين قوات الجيش والبوليس وقال له لقد آمنا لكم ولكن هذه الحوادث تظهر انكم تدبرون أمرا سيجني علي مصير البلاد ولن يستفيد منه الا المستعمر وأنني أنذر أننا لن نقف مكتوفي الايدي امام هذه التصرفات التي يجب أن توقف ايقافا كاملا ويجب ان يعلم الاخوان ان الثورة انما ابقت عليهم بعد ان حلت جميع الاحزاب لاعتقادها أن في بقائهم مصلحة وطنية فاذا ما ظهر أن في بقائهم ما يعرض البلاد للخطر فاننا لن نتردد في اتخاذ ما تمليه مصلحة البلاد مهما كانت النتائج فوعد أن يتصل بالمرشد في هذا الأمر وخرج ولم يعد حتي الآن‏.‏
وفي اليوم التالي استدعي البكباشي جمال عبدالناصر الاستاذ خميس حميدة نائب المرشد والاستاذ الشيخ سيد سابق وابلغهما ما قاله لحسن العشماوي في اليوم السابق فاظهرا الاستياء الشديد وقالا انهما لا يعلمان شيئا عن هذا وانهما سيبحثان الأمر ويعملان علي ايقاف هذا النشاط الضار‏.‏
ورغم هذا التحذير وهذا الانذار استمر العمل حثيثا بين صفوف الجيش والبوليس واصبح الكلام في الاجتماعات الدورية يأخذ طابع الصرامة وطابع الحقد فكانوا يقلبون الخطط في هذه الاجتماعات بحثا عن أسلم الطرق لقلب نظام الحكم وكان الاحرار المنبثون في هذه التشكيلات يبلغون أولا بأول عما يدور في كل اجتماع‏.‏
‏10-‏ بعد أن تعين الاستاذ الهضيبي مرشدا للاخوان لم يأمن إلي افراد الجهاز السري الذي كان موجودا في وقت الشهيد حسن البنا برياسة السيد عبدالرحمن السندي فعمل علي ابعاده معلنا بأنه لا يوافق علي التنظيمات السرية لأنه لا سرية في الدين ولكنه في الوقت نفسه بدأ في تكوين تنظيمات سرية جديدة تدين له بالولاء والطاعة بل عمد علي التفرقة بين أفراد النظام السري القديم ليأخذ منه إلي صفه أكبر عدد ليضمهم إلي جهازه السري الجديد وفي هذه الظروف المريبة قتل المرحوم المهندس السيد فايز عبدالمطلب بواسطة صندوق من الديناميت وصل إلي منزله علي انه هدية من الحلوي بمناسبة عيد المولد النبوي وقد قتل معه بسبب الحادث شقيقه الصغير البالغ من العمر تسع سنوات وطفلة صغيرة كانت تسير تحت الشرفة التي انهارت نتيجة الانفجار‏.‏
كانت المعلومات ترد إلي المخابرات بأن المقربين من المرشد يسيرون سيرا سريعا في سبيل تكوين جهاز سري قوي ويسعون في نفس الوقت إلي التخلص من المناوئين لهم من افراد الجهاز السري القديم‏.‏
‏11‏ وكان نتيجة ذلك أن حدث الانقسام الأخير بين الاخوان واحتل فريق منهم دار المركز العام وقد حضر إلي منزل البكباشي جمال عبدالناصر بعد منتصف ليل ذلك اليوم الشيخ محمد فرغلي والاستاذ سعيد رمضان مطالبين بالتدخل ضد الفريق الآخر‏,‏ ومنع نشر الحادث فقال لهم جمال انه لن يستطيع منع النشر حتي لا يؤول الحادث تأويلا ضارا بمصلحة البلاد أما من جهة التدخل فهو لا يستطيع أن يتدخل بالقوة حتي لا تتضاعف النتائج وحتي لا يشعر الاخوان أن الثورة تنصر فريقا علي فريق وانه يري أن يتصالح الفريقان وان يعملا علي تصفية ما بينهما فطلب منه الشيخ فرغلي أن يكون واسطة بين الفريقين وان يجمعه مع الاستاذ صالح عشماوي فطلب منه جمال أن يعود في اليوم التالي في الساعة العاشرة صباحا وأنه سيعمل علي أن يكون الاستاذ صالح موجودا‏,‏ وفي الموعد المحدد حضر الشيخ فرغلي ولم يمكن الاتصال بالاستاذ صالح عشماوي وكان الشيخ فرغلي متلهفا علي وجود الاستاذ عشماوي مما دعا البكباشي جمال أن يطلب من البوليس الحربي البحث عن الأستاذ صالح واحضاره إلي المنزل وتمكن البوليس الحربي في الساعة الثانية عشرة من العثور علي الاستاذ صالح فحضر هو والشيخ سيد سابق الي منزل البكباشي جمال وبدأ الطرفان يتعاتبان وأخيرا اتفقا علي أن تشكل لجنة توافق علي اعضائها الأستاذ صالح عشماوي للبحث فيما نسب الي الاخوان الاربعة المفصولين علي ألا يعتبروا مفصولين وانما يعتبرون تحت التحقيق والعمل علي ان يعود السلام المؤتمر الذي كان مزمعا عقده في دار المركز العام في عصر ذلك اليوم ولكن لم ينفذ هذا الاتفاق‏.‏
‏12‏ وفي يوم الأحد‏10‏ يناير سنة‏1954‏ ذهب الأستاذ حسن العشماوي العضو العامل بجماعة الاخوان وأخو حرم منير الدلة إلي منزل مستر‏'‏ كورزويل‏'‏ الوزير المفوض بالسفارة البريطانية ببولاق الدكرور الساعة السابعة صباحا ثم عاد لزيارته أيضا في نفس اليوم في مقابلة دامت من الساعة الرابعة بعد الظهر إلي الساعة الحادية عشرة من مساء نفس اليوم وهذه الحلقة من الاتصالات بالإنجليز تكمل الحلقة الأولي التي روي تفاصيلها الدكتور محمد سالم‏.‏
‏13‏ وكان آخر مظهر من مظاهر النشاط المعادي الذي قامت به جماعة الاخوان هو الاتفاق علي اقامة احتفال بذكري المنيسي وشاهين يوم‏12‏ الجاري في جامعتي القاهرة والاسكندرية في وقت واحد وان يعملوا جهدهم لكي يظهروا بكل قوتهم في هذا اليوم وان يستغلوا هذه المناسبة استغلالا سياسيا في صالحهم ويثبتوا للمسئولين انهم قوة وان زمام الجامعة في أيديهم وحدهم وفعلا تم اجتماع لهذا الغرض برياسة عبدالحكيم عابدين حضره الاستاذ حسن دوح المحامي ومحمود أبوشلوع ومصطفي البساطي من الطلبة واتفقوا علي أن يطلبوا من الطلبة الاخوان الاستعداد لمواجهة أي احتمال يطرأ علي الموقف خلال المؤتمر حتي يظهروا بمظهر القوة وحتي لا يظهر في الجامعة أي صوت آخر غير صوتهم وفي سبيل تحقيق هذا الغرض اتصلوا بالطلبة الشيوعيين رغم قلتهم وتباين وجهات النظر وعقدوا معهم اتفاقا وديا يعمل به خلال المؤتمر‏.‏
وفي صباح‏12‏ الجاري عقد المؤتمر وتكتل الاخوان في حرم الجامعة وسيطروا علي الميكرفون ووصل إلي الجامعة أفراد منظمات الشباب من طلبة المدارس الثانوية ومعهم ميكروفون مثبت علي عربة للاحتفال بذكري الشهداء فتحرش بهم بعض الطلبة الاخوان وطلبوا اخراج ميكروفون منظمات الشباب وانتظم الحفل والقيت كلمات من مدير الجامعة الطلبة وفجأة إذا ببعض الطلبة من الاخوان يحضرون إلي الاجتماع ومعهم‏'‏ نواب صفوي‏'‏ زعيم فدائيان إسلام في إيران حاملينه علي الاكتاف وصعد إلي المنصة وألقي كلمة وإذا بطلبة الاخوان يقابلونه بهتافهم التقليدي الله أكبر ولله الحمد‏.‏
وهنا هتف طلبة منظمة الشاب الله أكبر والعزة لمصر
فساء طلبة الاخوان أن يظهر صوت في الجامعة مع صوتهم فهاجموا الشباب بالكرابيج والعصي وقلبوا عربة الميكروفون واحرقوها واصيب البعض اصابات مختلفة ثم تفرق الجميع إلي منازلهم‏.‏
حدث كل هذا في الظلام وظن المرشد واعوانه ان المسئولين غافلون عن امرهم لذلك فنحن نعلن باسم هذه الثورة التي تحمل امانة اهداف هذا الشعب ان مرشد الاخوان ومن حوله قد وجهوا نشاط هذه الهيئة توجيها يضر بكيان الوطن ويعتدي علي حرمة الدين‏.‏
ولن تسمح الثورة أن تتكرر في مصر مأساة باسم الدين ولن تسمح لأحد أن يتلاعب بمصائر هذا البلد بشهوات خاصة مهما كانت دعواها ولا أن يستغل الدين في خدمة الأغراض والشهوات وستكون اجراءات الثورة حاسمة وفي ضوء النهار وأمام المصريين جميعا‏,‏ والله ولي التوفيق
مجلس قيادة الثورة
‏15‏ يناير سنة‏1954‏
وبعد‏:‏ فإننا نضع هذا التقييم للجماعة وأهدافها الذي وضعه البكباشي جمال عبد الناصر في مرحلة من أهم مراحل التاريخ المصري أمام كل من له قلب وألقي السمع وهو بصير‏,‏ فإنما لا تعمي الأبصار ولكن تعمي القلوب التي في الصدور‏.‏ وإلي لقاء‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.