تسلمت مكتبة الإسكندرية مقتنيات الفنان الكبير يوسف وهبي، ويأتي ذلك في إطار جهود مكتبة الإسكندرية في الحفاظ على تاريخ مصر الحديث والمعاصر، وبناءً على الدعوة الكريمة التي تلقتها المكتبة من أسرة الفنان الكبير يوسف وهبي، والمتمثلة في ابن اخيه، المهندس الكبير محمد يوسف اسماعيل وهبي والشهير بيوسف وهبي. وتشمل هذه المقتنيات مذكراته الشخصية والتي كتبها بخط يده والتي يحكي فيها كل تفاصيل حياته، هذا بالإضافة إلى سيناريوهات الأفلام والمسرحيات ويبلغ عدد السيناريوهات 264 سيناريو ومن بينها رواية السينما، والجزائر، والحاجة زينب، والإسورة، والكافر، والافتتاحية، والجوهرة والدجالة، وغرام الأعمى، وانقلاب الأوضاع، ومستشفى المجاذيب وغيرها الكثير. وتضم المقتنيات أيضًا مجموعة كبيرة من الاسطوانات ودفاتر يوميات فرقته المسرحية، ودفتر يومية حسابات مكتب يوسف وهبي لأعمال السينما والمسرح 1957م، ودفتر نمرة 2 الخاص بمسرح رمسيس بتاريخ 3 فبراير 1932م، ومجموعة من الوثائق الخاصة بلجنة الفنون التشكيلية، ولجنة الإرشاد الثقافي والمجلس القومي للثقافة والفنون والآداب والإعلام- ووثائق اجتماعات لجنة التمثيل العربي والغناء المسرحي، ونسخة من اللائحة الأساسية للائحة فن التمثيل العربي، وبرنامج رحلة فرقة يوسف وهبي، كما تضم تلك المجموعة القيمة مكتبته الشخصية والتي تحوي الكثير من الروايات والمسرحيات العالمية، والجوائز والإهداءات وشهادات التقدير التي حصل عليها فنان الشعب المبدع الكبير يوسف وهبي. ولد يوسف وهبي في مدينة الفيوم على شاطئ بحر يوسف، حيث كان والده "عبد الله باشا وهبي" يعمل مفتشاً للري بالفيوم، وكان يقطن منزلاً يقع على شاطئ بحر يوسف، وبدأ تعليمه في كتاب العسيلي بمدينة الفيوم، لم يزل تراث والده موجوداً في الفيوم إذ أنه هو الذي قام بحفر "ترعة عبد الله وهبي" بالفيوم، والتي حولت آلاف الأفدنة من الأراضي الصحراوية إلى أراضي زراعية، كما أنشأ المسجد المعروف باسم "مسجد عبد الله بك" المطل على كوبرى مرزبان بمدينة الفيوم، والذي كان يعتبر أكبر مسجد بالفيوم حتى وقت قريب. وهكذا نشأ يوسف وهبي في بيت من بيوت علية القوم ذو الشأن المادي والأدبي في مصر. وتلقى وهبي تعليمه بالمدرسة السعيدية، ثم بالمدرسة الزراعية بمشتهر، وشغف بالتمثيل لأول مرة في حياته عندما شاهد فرقة الفنان اللبناني "سليم القرداحي" في سوهاج، وبدأ هوايته بإلقاء المونولوج وأداء التمثيليات بالنادي الأهلي والمدرسة، وعمل مصارعاً في "سيرك الحاج سليمان" حيث تدرب على يد بطل الشرق في المصارعة آنذاك المصارع "عبد الحليم المصري". وسافر إلى إيطاليا بعد الحرب العالمية الأولى بإغراء من صديقه القديم "محمد كريم"، وتتلمذ على يد الممثل الإيطالي "كيانتوني"، وعاد إلى مصر سنة 1921 بعد وفاة والده، حيث حصل على ميراثه، وعمل بجد للنهوض بفن التمثيل في سبيل الارتفاع بمستوى المجتمع، فكون فرقة رمسيس من الممثلين حسين رياض، أحمد علام، فتوح نشاطي، مختار عثمان، عزيز عيد، زينب صدقي، أمينة رزق، فاطمة رشدي، علوية جميل، وقدموا للفن المسرحي أكثر من ثلاثمائة رواية مؤلفة ومعربة ومقتبسة مما جعل مسرحه معهدًا ممتازًا للفن صعد بمواهبه إلى القمة، وصار ألمع أساتذة المسرح العربي. وقد حصل على لقب "البكوية" عقب حضور الملك فاروق أول عرض لفيلم "غرام وانتقام" في سينما ريفولي بالقاهرة. وكانت جميع أعماله تدور حول الارتفاع بالمستوى الثقافي والاجتماعي، ولم يقتصر نشاطه الفني على مصر، بل في مختلف الأقطار العربية وذلك لتعريف الشعب العربي بدور مصر الرائد في فن التمثيل ودعماً للروابط والعلاقات بين أجزاء الوطن العربي. وتوفى وهبي في17 أكتوبر عام 1982 عن عمر يناهز 84 عاماً بعد دخوله لمستشفى المقاولون العرب اثر اصابته بكسر في عظام الحوض نتيجة سقوطه في الحمام، وتوفي أثناء العلاج إثر إصابته بسكتة قلبية مفاجئة، وكان إلى جواره عند وفاته زوجته وابنها، وتخليداً لذكراه تكونت في مسقط رأسه الفيوم جمعية تحمل اسمه وهي "جمعية أصدقاء يوسف وهبي"، وأقيم له تمثال أمام مقر هذه الجمعية بحي الجامعة بالفيوم على رأس الشارع الذي يحمل اسمه.