تثير الأخبار المتداولة من خلال وسائل الإعلام المتنوعة، دهشة وإنبهاراً، وقد تثير فزعاً وحسرة، لما آلت إليه تصرفات الإنسان اليوم، رغم التطور العلمي والتكنولوجي والنمو الأفقي والرأسي، في كل إمكانيات الحياة الغنية بالبعد الإنساني والبيئي. ورغم كل هذه الإمكانيات الإنسانية، والغنى والثروات الطبيعية، إلا أننا نواجه موجة عاتية من الإرهاب الأعمى، والإرهاب الهدام الذي أود أن أوضحه هو إرهاب الفكر وإنغلاق العقل والتمييز بين ما هو حق أو باطل. ومنذ سنوات تواجه بلادنا ، ومناطق أخرى متعددة في عالمنا ، موجه من الإرهاب والعنف والقتل ، فهناك حالة من الإنهيار الأمني في بعض البلاد ، وقد خلف ويخلف هذا الوضع عشرات الآلاف من القتلى وملايين المشردين بالداخل والخارج. التنظيمات الإرهابية المتعددة التي نسمع عنها ، ومنها جماعات متشددة وقد أستعملت كل وسائل العنف المتعددة لفرض أوهامها الموحاة ! والتي اتخذت الشكل الديني للأسف، وقد أضرت هذه الجماعات اللاإنسانية بكل ما هو إنساني وما هو استقرار ونمو وتقدم. وأشير إلى بعض هذه المنظمات ، وسنلاحظ مدى إنحطاط مستوى فكرها وتصرفاتها اللاإنسانية ومدى العنف الذي تفرضه على المجتمع: جماعة "بوكوحرام"، وتعلن أنها جماعة جهادية ليس بالعقل والفكر السليم، ولكن بالسلاح والقتل والتهديد لكل من يخالف مبادئها . تَنشط هذه الجماعة الإرهابية في نيجيريا ، وتزعم أنها تسعى إلى تطبيق الشريعة الإسلامية في أنحاء البلاد، وربما في كل بلاد العالم ! والترجمة السليمة للجماعة الإرهابية "بوكو حرام" يعني "التعليم الغربي حرام" . معظم المنتمين لهذه الجماعة الإرهابية كانوا من الطلاب الذين تركوا دراستهم التقليدية، واقاموا لهم قواعد للتكوين والإعداد ، لينتلقوا بعد ذلك لفرض معتقداتهم البدائية والجاهلية بالقوة والبطش ... بدأ نشاط هذه الجماعة الإرهابية منذ عام 2002، أي بعد أشهر قليلة من هجمات 11 سبتمبر 2001 بالولايات المتحدة الأميريكية في مدينة نيويورك ، غير أن عملياتها المسلحة بدأت بدأت منذ عام 2009 . تستلهم هذه الجماعة مبادئها من فكر تنظيم القاعدة في أفغانستان ، ويطلق عليها لقب " طالبان نيجيريا". ترفض جماعة " بوكو حرام " بشكل عام ، الإندماج مع المجتمع النيجيري ، وتقاوم أشكال التعليم الغربي ، وتلجأ في ذلك إلى استخدام العنف بشتى أشكاله ، وتلجأ كذلك إلى اختطاف المدنيين . خلال شهر أبريل 2014 ، اختطفت الجماعة الإرهابية ، عدد 276 فتاة من مدرسة ثانوية في ولاية بورنو نيجيريا ، وهددوا بعرض الطالبات المختطفات للبيع كالجواري في الأسواق. وفي مجتمعنا المصري، ابتلينا بعديد من الجماعات الإرهابية وسمعنا بما قامت وتقوم به جماعة الإخوان، من قتل وعنف تجاه رجال الأمن والجيش والمدنيين والناقدين لفكرهم وتوجهاتهم البالية، ومصدر قوتهم هو التمويل المالي غير الرسمي وأصفه بالقذر، وكذلك السمع والطاعة، والانغلاق التام للتعقل والتفكير السليم. ومن هذا النبع الإرهابي ، تفرعت جماعات أخرى، تتفوق في التصرفات الإجرامية بعضها عن بعض مثل جماعة أنصار بيت المقدس، وهي الجماعة الإرهابية المسئولة عن قتل الجنود المصريين في سيناء , ودعمهم للتفجيرات في بعض المدن المصرية ولأقسام الشرطة وقتل بعض رجال الأمن، ومن إدعاءتهم الكاذبة أنهم يهدفون لتحرير بيت المقدس. لا أقصد فيما أكتب هنا، لنشر بحثاً موثقاً عن تاريخ وتنظيم هذه الجماعات الإرهابية والبدائية، وإنما أقصد أن أشير إلى التدهور اللامحدود لهذه التنظيمات وأفكارها الخرافية ، وما يؤل إليه الوضع الإنساني ، للقلة المبرمجة والمندفعة نحوهم بالأفكار الواهية والهدامة للكيان العقلي والنفسي والاجتماعي. هذه الجماعات الإرهابية، لا تتفق مع المسيرة الإنسانية، نحو التطور والرقي والإنفتاح على التكنولوجيا والفن والتضامن والتعاون الإنساني، والإستقرار والنجاح والأمل.