كنا في أعياد الميلاد والقيامة نذهب مع أصدقائنا المسيحيين لمشاهدة فيلم عن حياة السيد المسيح تقدمه إحدي دور العرض بهذه المناسبة, بالطبع كان الفيلم نفسه يتكرر سنويا في تلك المناسبة, وكان يتبادر الي ذهني سؤال حول ما إذا كانت هناك أفلام أخري تقدمها السينما العالمية عن حياة السيد المسيح؟ من بعد أن أثار فيلم آلام المسيح لميل جيبسون الكثير من الجدل في الأوساط السينمائية والثقافية بشكل عام ليتخطي تلك العوالم بكثير ويصل الي عالم السياسة مع تهم معاداة السامية التي وصفت بها أحداث الفيلم, تطور السؤال لدي ليكون عن عدم تقديم فيلم مصري يتم تمويله مصريا عن حياة السيد المسيح, وذلك قبل الجدل الذي أثير حول هذا الموضوع في الفترة الأخيرة. تعتبر شخصية المسيح من أكثر الشخصيات التي تناولتها أفلام السينما منذ ظهور هذا الاختراع العجيب باسم السينما توجراف. في الفترة من1879 حتي1907 تم إنتاج نحو17 فيلما أمريكيا وفرنسيا وإنجليزيا وإيطاليا حول حياة السيد المسيح لعل من أول تلك الأفلام فيلم المسيح يمشي علي الماء من إخراج المخرج الفرنسي الشهير جورج ميليه(1900) والذي استخدم فيه لأول مرة في السينما أسلوب الخدع السينمائية الذي اشتهر به ميليه فيما بعد والمعروف باسم الطباعة المزدوجة حيث يتم طبع صورتين من الفيلم فوق بعضهما البعض في المعمل, ولكن هناك الكثيرين يؤرخون لأول فيلم عن المسيح مع عام1897 مع فيلم( حياة وعذاب المسيح) من إخراج الأخوين لوميير والذي حقق نجاحا عظيما في تلك الفترة, ومن أفلام تلك الفترة أيضا فيلم المسيح علي الصليب من إخراج لوي فيواد والذي كان صحفيا في جريدة( الصليب) المسيحية لكاثوليكية الفرنسية الشهيرة, وفيلم( حياة وموت السيد المسيح) الذي عرض في عام1904 من إخراج الفرنسي فرانك زاكا. جريفث من جانبه خصص احد أجزاء فيلمه الشهير تعصب لقصة المسيح وتعذيبه من قبل الرومان في فيلم يؤرخ له اليوم بأنه من أوائل الاعمال التي تدعو للتمييز والتعصب ضد السود واليهود والإيرلنديين, أي أن عنوان الفيلم كان اسما علي مسمي. كان أول الأفلام ذات الانتاج الكبير التي تروي حياة المسيح وتم تصوير أحداثها في كل من مصر وفلسطين فيلم( من المهد حتي الصلب) في عام1912 من إخراج الأمريكي سيدني أولكرت وقد تم تصوير المشاهد التي استلهمت مناظرها من الصور الشعبية السائدة عن قصص الإنجيل ولوحات مايكل أنجلو وعصر النهضة الايطالي وقام مدير التصوير الفرنسي الشهير( تيسو) بتنفيذ تلك اللوحات السينمائية بالأبيض والأسود, وقام بدور السيد المسيح الممثل روبرت هندرسون بلاند. في عام1924 قدم روبرت وين شخصية المسيح في فيلم يجسد شخصية المسيح علي الشاشة, أما في عام1927 مع نهاية عصر السينما الصامتة وبداية عصر الصوت كان الفيلم الصامت للمخرج الكبير في تاريخ السينما الأمريكية سيسيل بي دي ميل( ملك الملوك) والذي قدم فيه شخصية المسيح من خلال الممثل المسرحي الشهير في ذلك الوقت أتش بي وارنر الذي كان يبلغ من العمر حينئذ خمسين عاما ولكنه كان مفتول العضلات قوي البنية فكانت تلك هي أول مرة يتم فيها تقديم شخصية السيد المسيح من خلال ممثل قوي البنيان وهو ماجعل البعض يأخذ علي الفيلم كون شخصية السيد المسيح قدمت وكأنها رمز للقوة العضلية. كان الفيلم من أوائل الأفلام التي لم تعتمد فقط علي المعين الروحي في قصة ميلاد وصلب المسيح ولكن علي تقديم الفيلم من خلال نمط إنتاج استعراضي مبهر حتي إن صلب المسيح كان ملونا وتم تلوين المشاهد يدويا وهو ماكان يعد عملا مبهرا في ذلك الوقت. داعبت شخصية المسيح مخيلة الكثيرين من مخرجي وممثلي العالم في ذلك الوقت حيث كان أبل جانس المخرج والممثل الفرنسي الكبير والذي قام بإخراج وتمثيل شخصية نابليون بونابرت في الفيلم الصامت( بونابرت) يحلم بتقديم شخصية المسيح في فيلم عن حياة السيد المسيح, كذلك الحال بالنسبة للمخرج السويدي الشهير كارل درير والذي قدم شخصية جان درك في واحد من أروع أفلام السينما, حينما أعلن ذات يوم أنه راغب طوال حياته الفنية في تقديم فيلما عن شخصية السيد المسيح. لم يكن هناك أي دور حتي الآن تلعبه الكنيسة الكاثوليكية أو موقف منها مع أو ضد تقديم شخصية المسيح علي شاشات السينما حتي عصر البابا بي السادس الذي أعلن ذات يوم بأن( السينما هي أكثر وسائل التعبير قوة وانتشار) ومنذ ذلك الوقت والكنيسة الكاثوليكية تفكر في تقديم فيلم عن حياة السيد المسيح, الي أن قامت بإنتاج فيلم المخرج الإيطالي الشهير فرانكو زيفيريلي يسوع الناصري في عهد البابا جان بول السادس عام1975, أسهم الفرنسي جوليان دوفيفيه في عام1935 في سلسلة أفلام عن السيد المسيح مع فيلم جلوجوتا مع جان جابان عملاق السينما الفرنسية حيث لعب دور السيد المسيح في الفيلم الممثل روبير فيجان, الفيلم مأخوذ عن معالجة لرواية جوزيف روموند والتي تتركز عن الأيام الأخيرة في حياة السيد المسيح, الفيلم هو أول فيلم ناطق عن حياة السيد المسيح وقد تمت إضاءة الفيلم بأسلوب خاص مشابه لإضاءة القداس الكنسي وهو ماجعل الفيلم ينال نجاحا كبيرا وسط جموع المتدينين. [email protected]