استكمالا لما نشره الأهرام المسائي من الجدل حول دعوة بعض الكتاب لمقاطعة جائزة البوكر الجائزة العالمية للرواية العربية احتجاجا علي ماأثير حول الجائزة من لغط في العام الماضي واتهام إدارة الجائزة بالتلاعب, رفضت إدارة الجائزة الرد علي كل ما أثير حول المقاطعة. وسببت دعوة المقاطعة, انقسامات في الرأي بين الكتاب والناشرين, ففي حين رحب عدد كبير من الكتاب بفكرة المقاطعة رفض كل الناشرين الذين استطلع الأهرام المسائي آراءهم فكرة المقاطعة, فقالت الناشرة اللبنانية رنا إدريس: علي الرغم من أن نتائج العام لماضي لم تكن بحجم المسئولية التي علقت علي الجائزة لكن يظل كل كاتب حرا في التقدم من عدمه, وأكدت احترامها لهؤلاء الذين يطالبون بالمقاطعة مع التحفظ علي أن تحرم دار النشر كتابها من فرصة التقدم للجائزة, وأشارت إلي أن بعض كتاب دار الآداب اللبنانية رفضوا ترشيح أعمالهم. وحول جدوي هذه المقاطعة تقول رنا: هذه الخطوة ربما تكون مجدية لأنها ستكون حافزا لادارة الجائزة لاختيار لجان أكثر جدية, إذ إن الجائزة مهمة فقد لاقت قبولا لدي القراء, فالجائزة خلال الأعوام الماضية رفعت من مبيعات الروايات التي دخلت القائمة الطويلة والقصيرة إلي أضعاف, وفي معارض الكتاب يأتي القراء بقائمة تضم كتب البوكر كلها تقريبا. كذلك أكد الناشر محمد هاشم أن هذا ليس قرار الناشر وحده, ومن حق كل الروائيين الذين طبعوا بدار النشر الا يحرموا من فرصتهم في المنافسة, وأوضح: اذا كانت لجنة التحكيم العام الماضي قد أثارت الشبهات حول الجائزة فهذا لا يعني أن الوضع سيكون كذلك كل عام, لأن قانون الجائزة ينص علي تغيير لجنة التحكيم. لكن الناشرة فاطمة البودي رفضت دعوة المقاطعة بالكامل وقالت: أنا لست مع المواقف المتطرفة, اذا كان حدث أخطاء في عام ما فهذا لايعني أن نحرم كتابنا فرصة من فرص كثيرة. وتابعت: منظومة الجوائز أحيانا لا تخرج بشكل مثالي, وكون حدث أمر فهذا لا يعني أن نقاطع الجائزة وأن ننسي أن البوكر جائزة دفعت ببعض الأسماء التي تنشر للمرة الأولي وخرجت من أجلها دور نشر أي أنها أنعشت السوق الروائية. وأضافت: الجوائز كفكرة جيدة أما التطبيق فغالبا ما تشوبه ثغرات واتهامات حتي جوائز الدولة وهناك جوائز لا نعرف عن وجودها حتي يعلن اسم الفائز بها, بالتالي لن أحرم كاتبا نشرت كتابه من فرصة الفوز. ومع تأكيده حق الكتاب في أن يقاطعوا الجائزة رفض الكاتب الكبير ابراهيم أصلان دعوة المقاطعة نفسها وقال: من حق ابراهيم عبدالمجيد وغيره من الكتاب أن يقاطعوا ماشاءوا من الجوائز بالتأكيد هم لديهم أسبابهم, لكن رأيي أن يكتفي بمقاطعة الجائزة وألا يدعو الناس لهذه المقاطعة, فهذه الدعوة بهذه الصورة ليست منطقية. وتابع: أري أن المشكلة للأسف أن تعاملنا مع ذواتنا لم يعد طبيعيا فنحن نري أنه من العار أن يترشح كاتب لجائزة ما ولايأخذها, ومن صنع هذا الاحساس هم لجان تحكيم الجوائز الخليجية, ومشكلة هذه الجائزة تحديدا أنها تعطي لنص روائي وليس من الضروري أن يكون صاحبه كاتبا كبيرا. وأضاف: لابد أن ندرك أن لكل لجنة تحكيم ذائقة وحسابات قد لا تتفق مع الكاتب, وأنه شئنا أم أبينا يسيطر المشرفون علي الجوائز علي النتائج بشكل أو بآخر, وليس بالضرورة عبر املاء أسماء بعينها, فهم اذا ماكانوا راغبين في أن يحصل كاتب ما علي الجائزة فإنهم لا يحضون أعضاء لجان التحكيم علي اختياره لكنهم يحرصون في تشكيل اللجنة علي أن يكون هذا الكاتب يتفق مع ذائقة اللجنة. لكن دعوة المقاطعة كانت منطقية بالنسبة لآخرين منهم الناشط الحقوقي والمراقب نبيل عبدالفتاح الذي أعد ورقة حول جائزة البوكر العربية بمؤتمر السياسات الثقافية قبل أشهر وأكد أن موقف الكتاب المصريين نابع من التلاعبات واضطراب المعايير الذي اتضح العام الماضي اذ انحرفت لجنة التحكيم إلي مسار آخر واختارت عملا بعينه دون أعمال اتسمت بالجدة والعمق ومنها رواية عبدالمجيد, واستنكر عبدالفتاح تحول الجائزة إلي جائزة جغرافية بصرف النظر عن مستوي الأعمال وقال: هذا تسييس زائد للجائزة, وما قامت به لجنة التحكيم العام الماضي من استبعاد أعمال شكل ضربة قاسمة لمصداقية لجان التحكيم القادمة. ويري عبدالفتاح أن امتناع الكتاب المصريين عن الموافقة علي ترشيح أعمالهم للجائزة هو محاولة لوضع لجان التحكيم عند حدودها اذ أصبحت الجائزة وجها آخر من وجوه الشللية والتحيز القبلي السائدة في العالم العربي. ورفض الناقد الدكتور حسين حمودة فكرة المقاطعة نهائيا واصفا إياها ب غير المجدية, وقال: هذه الجائزة مثلها مثل جوائز أخري تساعد علي مزيد من الاهتمام بالرواية العربية ودعوة المقاطعة تقلل من هذا الاهتمام. وأضاف: من حق الغيطاني وعبدالمجيد أن يتحفظا علي الجائزة لمبررات وجيهة, ولكني اعتقد أن تصعيد الموقف من هذه الجائزة لن يكون مجديا لحركة الرواية العربية, وربما علينا أن نتذكر الدورتين الأوليين لهذه الجائزة والامال التي علقت عليهما, وأرجو من لجنة الامناء التدقيق في اختيار أعضاء لجنة التحكيم في دوراتها المقبلة, ومن جهة أخري لابد أن يقبل الكتاب بفكرة أن عدم فوز عمل من أعمالهم لايقلل من القيمة الابداعية لصاحبه, فلا يوجد كاتب في الأدب العربي أو الانساني كله أبدع أعماله علي نفس المستوي, دائما هناك أعمال تصل إلي الذروة وأخري أقل منها. وتابع: أيضا علينا أن نقبل فكرة أننا في مصر لم نعد نحتكر المشهد الإبداعي العربي وبالتالي يمكننا أن نتفهم فوز مبدعين من أقطار أخري بجوائز كبري, ويتصل بهذا التسليم باتساع مساحة الأدب العربي, تسليم آخر بأن هناك أجيالا جديدة من الكاتبات والكتاب يقدمون تجاربا مهمة وتستحق الانتباه إليها وتسليط الضوء عليها.