لا يختلف اثنان علي أن الارهاب الأسود يسعي إلي تدمير كل شيء في طريقه فهو يضرب دون تمييز ويدمر دون هوادة ويسعي لاقتلاع جذور المحبة والرحمة من أي مجتمع يوجد فيه. وما يحدث في مصر الآن من هجمات إرهابية تهدف إلي نشر الرعب والفزع في المجتمع والنيل من استقراره والسعي بكل قوة إلي عرقلة مسار العملية الديمقراطية وفقا للأسس التي حددتها خارطة الطريق في أعقاب ثورة30 يونيو العظيمة لن تنجح في تحقيق أهدافها فمصر العظيمة التي دحرت الارهاب من قبل في التسعينيات وانتصرت عليه سوف تنجح أيضا في مواجهة تلك الموجة الخسيسة من الارهاب الأسود بواسطة تضامن أبنائها وسعيهم بكل قوة واصرار علي العمل والانجاز حتي تكون هناك مواجهة فعالة لمن يسعون إلي جر مصر إلي الوراء سواء من الداخل أو الخارج. وما حدث في اجتماعات وزراء خارجية الدول العربية الأحد الماضي بالقاهرة من حوار ومناقشات موسعة بشأن التصدي للارهاب وضرورة تكاتف جميع الدول لتجفيف منابعه من خلال قطع أي تمويل لتلك الجماعات الإرهابية خاصة من الدول التي تمول تلك الجماعات بهدف نشر الفوضي وضرب استقرار المنطقة. ولذا فإن ما طرحه نبيل فهمي وزير الخارجية أمام وزراء الخارجية العرب بمقر الجامعة العربية بشأن رؤية مصر لمواجهة الارهاب جاء في توقيت مناسب تماما خاصة وأنه تم عرضه بصورة محددة وفي نقاط واضحة تحتاج فقط إلي وضعها موضع التنفيذ. فقد أكد وزير الخارجية أن خطر الإرهاب لايزال ماثلا في المنطقة, بل ويفرض نفسه أكثر من أي وقت مضي.. ليسفك دماء الأبرياء ويهدد جهود البناء والنماء. وإن مصر تدعو الدول العربية الشقيقة جميعا لإيلاء الأمر أولوية قصوي من خلال تناغم وتواؤم السياسات الداخلية والخارجية الرامية إلي اجتثاث جذوره وقطع روافده ومواجهته بقوة ودون تردد أو مهادنة, فمهادنة الإرهاب, لا تقي أحدا شرور وتداعيات هذه الظاهرة المدمرة. وأشار إلي قرار الحكومة المصرية باعتبار جماعة الإخوان جماعة إرهابية, وإلي عزم مصر تفعيل هذا القرار في إطار الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب وهو ما يستوجب تنفيذ ست نقاط رئيسية تشمل تجنب إيواء الإرهابيين أو الداعين للإرهاب وتجنب توفير التمويل للإرهابيين وتعاون الجميع لتسليم المتهمين أو المحكوم عليهم المطلوبين في قضايا الإرهاب, والتزام الجميع بتقديم المساعدات اللازمة للتحقيقات أو إجراء المحاكمات المتعلقة بالجرائم الإرهابية, وهي كلها التزامات تقضي بها الاتفاقية ويتعين أن تلتزم بها جميع الدول الأطراف, إضافة إلي ذلك, وفي ضوء زيادة وتيرة العمليات الإرهابية أخيرا. بالاضافة إلي الترتيب لعقد اجتماع خاص عاجل لوزراء العدل والداخلية العرب, وذلك في إطار الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب, بهدف النظر في مدي الالتزام بتطبيق الاتفاقية وإجراءاتها التنفيذية, بما في ذلك الدروس المستفادة منذ دخول الاتفاقية حيز النفاذ.. ويقينا, فإن مكافحة الإرهاب لا تقتصر علي البعد الأمني فحسب والنظر بجدية في إقرار استراتيجية عربية موحدة بعناصرها الفكرية والثقافية والإعلامية والتعليمية لمواجهة الإرهاب والفكر المتطرف. والأزمة الحقيقية من وجهة نظري ليست في هذا الطرح أو ذاك وانما في كيفية إيجاد السبل المناسبة لتنفيذ تلك الاطروحات التي كما ذكرت رائعة ولكننا كما تعودنا من وزراء الخارجية العرب أن يقوموا بإحالة تلك المقترحات إلي لجنة لدراستها علي أن تنبثق منها عدة لجان فرعية لدراسة كل نقطة علي حدة لنجد أنفسنا أمام لجان ليس لها أول من آخر وبالتالي لا نجد أي نتائج ملموسة علي الأرض ولا نشعر بأن هناك جدية عربية في مواجهة الارهاب. باستثناء ما تقوم به بعض الدول العربية في هذا الشأن وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة من بذل جهود واضحة في التصدي للارهاب والسعي إلي تجفيف منابعه بجميع السبل حيث كان أبرزها قرار السعودية والامارات والبحرين بسحب سفرائها من قطر في خطوة غير مسبوقة بين دول مجلس التعاون الخليجي ولكنها رسالة قوية لكل من يسعي إلي دعم الارهاب سواء بطريق مباشر أو غير مباشر. ولذا فإنني اقترح أن تتحرك الدول العربية بصورة جادة وسريعة لمواجهة الارهاب الأسود بعيدا عن اللجان الرئيسية والفرعية داخل أروقة الجامعة العربية والتي لا تثمن ولا تغني من جوع.