منذ أن تولي الرئيس حسني مبارك مسئولية قيادة العمل الوطني في14 أكتوبر1981 وهو يضع قضايا الفلاح والزراعة من أهم الأولويات, وتطوير الريف الذي يحتضن55% من أبناء الشعب وهو المصدر الرئيسي الذي يمد الشعب بالغذاء, وأن قطاع الزراعة الواعد يسهم بنحو20% من الناتج المحلي الاجمالي ويمثل20% من الصادرات للخارج. وفي خلال جولاته بالمحافظات أثناء الحملة الانتخابية الرئاسية لانتخاب رئيس الجمهورية لأول مرة بالتصويت الحر المباشر, كان الرئيس مبارك حريصا علي الالتقاء بالفلاحين في حقولهم بالبحيرة والنوبارية والمنيا, ويحاورهم ويستمع إلي مشاكلهم, وتصوراتهم لمستقبل التنمية الريفية والزراعية في ضوء برنامجه الانتخابي, ويؤكد إعتزازه بفلاحي مصر, وجدد عهده أن يظل الريف دائما في قلب أولوية اهتماماته, وأن تكون مصالح الفلاحين محل رعايته وأنه لن يسمح بالمساس بحقوقهم ومكتسباتهم تحت أي مبررات. وقد شهدت مصر في عهد الرئيس مبارك قفزة كبري في معدلات الانتاج الزراعي لم تتحقق منذ نصف قرن نتيجة رعايته للفلاحين وتوفير المناخ المناسب للانتاج. * ماذا يجري للزراعة المصرية اليوم؟! تواجه الخطر الكبير بسبب تجاوز توجيهات الرئيس مبارك.. وأصبح الفلاح يدفع وحده فاتورة الاصلاح الاقتصادي. أزمات حادة ومتكرره وقرارات متضاربه في توزيع وأسعار الأسمدة والحصول عليها بأسعار مضاعفة من السوق السوداء.. وإصرار علي تحرير أسعارها وتسليمها للفلاحين بالأسعار العالمية.. ونفس الصورة في باقي مستلزمات الانتاج التقاوي والمبيدات وجميع مراحل العمليات الزراعية ومشكلة مديونيات الفلاحين المتزايدة وأزمات الري. شهدت الساحة الزراعية قرارات متضاربة في تسويق وأسعار المحاصيل الاستراتيجية كالقطن والقمح وقصب السكر.. ومشكلة أنفلونزا الطيور وانهيار صناعة الدواجن بعد أن حققت مصر الاكتفاء الذاتي والتصدير, وتهميش لدور تعاونيات الفلاحين في جميع مراحل الانتاج الزراعي رغم ما أكده الدستور والبرنامج الانتخابي للرئيس مبارك من عدم ورعاية التعاونيات الزراعية وتحقيق استقلاليتها. إن الزراعة اصبحت مكلفة جدا للارتفاع المتزايد في مستلزمات الانتاج والطاقة وأصبحت مهنة طاردة لضآلة العائد أو الوصول لمرحلة الخسائر. الفلاح المصري يئن اليوم ولا يجد الرعاية للزراعة كما يتم مع الصناعة من دعم وحوافز للتصدير والتحديث. الفلاح المصري أصبح يواجه تحديات صعبة نقص مياه الري لشهور طويلة مما يؤدي إلي بوار الزراعة ومشاكل عديدة مع بنوك القري تتمثل في توقيع الشيكات والايصالات علي بياض وتدوير القروض. الفلاح يعاني في تسويق محاصيله الاستراتيجية القطن والقمح والذرة وقصب السكر والبنجر وأصبحت هذه الزراعة خاسرة ولا تحقق أي فائض. أسعار مستلزمات الانتاج الزراعي في ارتفاع مستمر طبقا لسياسة تحرير الزراعة وأسعار الحاصلات لا تعلن قبل بدء موسم الزراعة. إن تحديد أسعار الحاصلات الزراعية يجب أن يتوافر له ما يلي: احتساب التكلفة الفعلية لكل محصول وتحقيق العائد المجزي للفلاح نتيجة ما يبذله من جهد لا يقل عن متوسط الدخل الشهري لأي مواطن في الدولة, والقيمة الاستثمارية للأرض الزراعية, حيث يبلغ سعر الفدان من الأرض الزراعية اليوم أكثر من400 ألف جنيه ويجب الا يقل عائده الاستثماري عن4 آلاف جنيه. إن الفجوه بين تكلفة الانتاج وثمن البيع جعل الفلاح ينصرف عن زراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل القطن والأرز والقمح والذرة وقصب السكر. وفي مواجهة هذه الحقائق أعلن د. يوسف بطرس غالي وزير المالية عن القيام بمبادرة جديدة لدعم المزارعين بنحو مليار و600 مليون جنيه وذلك لضمان توريد المحاصيل الاستراتيجية- علي حد قوله بأسعار أعلي من الأسعار العالمية, مشيرا إلي أن ذلك يأتي في إطار الاهتمام بالمحاصيل الاستراتيجية وعلي رأسها القمح والذرة. وتصحيحا للأوضاع أعلنت الحكومة زيادة سعر توريد الذره من90 جنيها إلي180 جنيها بنسبة100%. الصورة الحالية تدق ناقوس الخطر للتحذير بالمعوقات التي تهدد المسيرة الوطنية للزراعة المصرية التي حققت نتائج كبري في الفترة1982 2004. أعلن المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة أن خطة الحكومة تهدف الي التحرير الكامل لأسعار المدخلات الزراعية بما فيها الأسمدة والمبيدات والتقاوي بعد أن قامت بتحرير أسعار المحاصيل. وأضاف أن الحكومة جادة في تحرير سعر الأسمدة في السوق المحلية خلال الفترة القادمة بما يتفق مع الأسعار العالمية. وأكد وزير التجارة والصناعة أن الدولة تستهدف القضاء نهائيا علي الدعم الحكومي للأسمدة الذي يعد واحدا من أعلي المعدلات عالميا حيث وصل الدعم536 دولارا للطن من إجمالي900 دولار. وقال إنه يتم بيع طن الأسمدة للفلاحين بسعر1500 جنيه أي بسعر75 جنيها للشيكارة, وهو يمثل32% من السعر العالمي ولابد من تحرير سعر الأسمدة خلال السنوات القادمة بعد الزيادة الأخيرة والتي بلغت750 جنيها لطن الواحد. وكشف السيد/ امين أباظة وزير الزراعة واستصلاح الاراضي عن وجود خطة لتحريك أسعار الأسمدة تدريجيا حتي تقترب من الأسعار العالمية تمهيدا لالغاء الدعم علي الأسمدة, مؤكدا أن الدولة لا يمكن أن تقوم برفع أسعارها فجائيا حتي لا تشكل هذه الأسعار عبئا علي الفلاحين لأن سعر الشيكارة الواحد يصل إلي290 جنيها طبقا للأسعار العالمية. تشكل قضية الدعم الزراعي واحدة من أهم القضايا علي جدول أعمال مفاوضات تحرير التجارة العالمية والتي كان الخلاف بشأنها أحد أهم أسباب فشل الجولة الأخيرة من المفاوضات, ويشير إصرار الدول الصناعية المتقدمة علي دعم مزارعيها بحوالي600 مليار دولار ويورو سنويا إلي أن حفاظ البلدان النامية علي القدرة التنافسية لهذا القطاع لديها يستلزم نوعا من الرعاية والدعم لمواجهة القدرة التنافسية المشفوعة بالدعم للقطاعات الزراعية في الدول المتقدمة. إن السياسات الجديدة لرفع أسعار مستلزمات الانتاج تهدد مسيرة التنمية الزراعية في مواجهة الأزمة الغذائية العالمية التي تجسدت في ارتفاع أسعار السلع الزراعية الغذائية لمستويات قياسية بلغت حد تضاعف أسعار بعض هذه السلع تفرض دعم وتطوير القطاع الزراعي لزيادة الاعتماد علي النفس وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغذاء. لابد من ضرورة بقاء دعم الأسمدة وباقي مستلزمات الانتاج لأن أسعار بيع المحاصيل الزراعية لا تتناسب مع ارتفاع أسعار الأسمدة. إن رفع أسعار الأسمدة يهدد مسيرة الانتاج الزراعية ويمثل كارثة للفلاحين الذين عاهدهم الرئيس مبارك علي الحفاظ وحماية مصالحهم علاوة علي انعكاس هذه الاجراءات علي المواطنين من مستهلكي المحاصيل الزراعية حيث سترتفع أسعار المحاصيل الزراعية نتيجة لارتفاع أسعار الأسمدة. إن رفع أسعارالأسمدة في مصر إلي مستوي الأسعار العالمية كما أكد علماء الزراعة في ظل الأوضاع السيئة التي يعاني منها القطاع الزراعي فضلا عن ارتفاع معدلات التضخم في قطاع الزراعة سينتج عنه إفقار لصغار الفلاحين. إن الخريطة الزراعية تؤكد أن95,2% من الفلاحين يحوزون أقل من خمسة أفدنة وأن أكبر نسبة من الفقر موجودة في الريف وصلت إلي نسبة60% في قري الصعيد. إن رفع أسعار الأسمدة وباقي مستلزمات الانتاج سيؤدي إلي تدمير قطاع الزراعة وإفقار الفلاحين. إن الدعم الزراعي لابد أن يستمر بالمساواة بالدعم الذي يقدم للقطاع الصناعي من أجل مواجهة المتغيرات العالمية المتصلة بأزمة الغذاء. لابد من استمرار رعاية مصالح المنتجين الزراعيين لضمان حصولهم علي العائد الحقيقي لانتاجهم. إن المساس بمصالح الفلاحين والانتاج الزراعي خط أحمر لا يجب تجاوزه حتي لا نفاجأ بكارثة في الزراعة.. بدأت بانكماش مساحة زراعة القطن المحصول الاستراتيجي الأول وتدهور المحاصيل الزيتية. إن الزراعة تمثل دعامة أساسية للبنيان الاقتصادي والاجتماعي, حيث تسهم بنصيب وافر في التنمية الشاملة والنهوض بالمجتمع, ويرتبط بها أكثر من نصف السكان انتاجا وتسويقا وتصنيعا, ولايزال يقع علي كاهلها تمويل غيرها من قطاعات الانتاج والخدمات. ويعمل قطاع الزراعة علي الارتفاع بمعدل التنمية الزراعية عن طريق التوسع الرأسي والامتداد الأفقي وصولا للارتفاع بدخول الفلاحين والقدرة علي المنافسة خاصة في الأسواق الدولية. وأعلن السيد جمال مبارك أمين السياسات ان الفلاح ركيزة المجتمع وهو جوهر سياسات الحزب الوطني واهتمامه لأنه يعيش قضايا وطنه ويرتبط بأرضه وأن الحزب سيظل السند الرئيسي للفلاح من خلال سياسات زراعية ناجحة.