بعد وفاة المغفور له الدكتور نصر حامد ابوزيد يوم الاثنين الماضى بعد صراع قصير الامد مع المرض لم اكن اتوقع ابدا ان يكثر عليه الجدل هكذا بعد وفاته فكما اصابت محبيه الدهشة فقد انبرى معارضوه يبررون اسنان اقلامهم للتهجم عليه وهو الان بين يديى ربه ، وماهى الا ايام قلائل بعد ان ورى جسده التراب وكثر اللغط عليه على بعض مواقع الانترنت بأن مرضه لم يكن الا عقابا من الله على الحاده وكفره وان الناس لم تحضر تشييع جنازته خوفا من لعنة ابى زيد وان لايصابوا بمثل هذا العقاب الالهى الذى اصابه حتى ان بعض المواقع الهولندية كتبت هراء انه قد اصيب بهذا المرض بعد ان وضع له بعض المتطرفين سما فى طعامه فى اندونيسيا مما ادى به الدخول الى غيبوبة ان نهش اعراض الناس بع مماتهم هو مما حرمه الاسلام بل وجرمته الاديان كلها وانا لست فى مقام صادر فتوى ولكن اسأل هؤلاء المجرحين بكل ادب ولطف : ماذا تعرفون عن حياته وماذا تريدون منه بعد مماته ؟ واننى كطالب ازهرى اتيت الى جامعة لايدن فى اواخر التسعينيات ومعى من هم مثلى الازهريين للدراسات الاسلامية والمتمسكين بدينهم وعقيدنتهم فلم يحدث بيينا وبينه ايه خلافات تؤدى الى الكره والقطيعة . وكم قرنبا الدكتور ابوزيد منه يفخر بنا كأهزريين ونحن نبادله كل الحب والاحترام ولقد اخبرنى اكثر من مرة أن مايدعوه للبقاء فى نواحى لايدن هو نحن المصريين الازهريين من حوله لاننا عائلته وكم من الذكريات الجميلة والنقاشات الرائعة التى احملها له بين جنباتى معه وكثيرا ماركبت دراجتى وذهبت الى منزله المتواضع فى قرية اوخستخيست خارج مدينة لايدن لأقضى معه الساعات نذهب سويا الى السوبر ماركت المجاور لمنزله ونعد وجبة غذاء او عشاء متواضعة نأكل سويا وبعدها نشرب الشاى الاخضر بالعسل الابيض ونتسامر حول الكثير من القصايا السياسية والاجتماعية والدينية . وهكذا عرفت أبا زيد فى أكله ومشربه وهذة شهادة قد يعلمها البعش وقد يجهلها الكثيرين فأبوزيد لم يكن يبتغى مالا الا مايمكنه العيش فى حياة كريمة مع زوجته الفاضلة الدكتورة ابتهال يونس ، ولم يكن الرجل ممن يتاجرون على حساب الدين بالتهجم على القيم الدينية من اجل المال والشهرة ان كل مايصيبه بالضجر ان يتحول الدين من تحول لمجتمعات اسلامية الى مجتمعات متدينة من الظاهر لكنها بعيدة كل البعد عن التدين الحقيقى المنوط بالاخلاق ان اخر لقاء لى بالدكتور أبوزيد هو يوم الرابع عشر من شهر ابريل الماضى ، فى حين اتنا الى منزلنا فى عيد ميلاد ابنتى جمانه وقد جاء الينا مبكرا قبل الموعد وأكنه يودعنا وجلس معنا كعائلة نتجاذب اطراف الحديث كالعادة وقد غادرنا فى المساء والابتسامة على وجهه واوصلته الى محطة الاوتوبيس القريبة من المنزل وسافر الى اندونيسيا بعدها مباشرة ولم اره ولم اتحدث معه عبر الهاتف منذ ذلك الحين حتى سمعت بخبر مرضه ، وهكذا ودعنا ابوزيد وودع هولندا كلها معه ، وفى يوم ميلادك السابع والستين ويوم تأبينك فى العاشر من يوليو أقول لك : ستظل معنا بصوتك وضحكتك الجميلة رغم اولئك الذين لم يفهموك - رحمك الله متخرج فى جامعة الازهر واستاذ مساعد الدراسات الاسلامية فى جامعة لايدن