وزير التعليم يبحث مع نظيره بالمملكة المتحدة آليات التعاون في مدارس (IPS)    استعدادات مكثفة بجامعة سوهاج لبدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني    «الخشت»: أحمد فتحي سرور ترك رصيدا علميا يبقى مرجعا ومرجعية للقانونيين    جامعة بنها تفوز بتمويل 13 مشروعا لتخرج الطلاب    تراجع أسعار الفراخ البيضاء في بورصة الدواجن الرئيسية    محافظ أسوان: توريد 225 ألفا و427 طن قمح محلي بنسبة 61.5% من المستهدف    اليوم.. وزير التنمية المحلية يفتتح عددا من المشروعات الخدمية بالغربية    سعر الدولار في البنوك المصرية اليوم الثلاثاء 21 مايو 2024    استقرار أسعار اللحوم اليوم الثلاثاء.. البلدي ب 380 جنيهًا    صعود جماعي لمؤشرات البورصة في بداية تعاملات الثلاثاء    أسعار الحديد اليوم الثلاثاء 21-5-2024 في أسواق محافظة قنا    عاجل| لابيد: ميليشيا يرعاها نظام نتنياهو هي من تهاجم شاحنات المساعدات لغزة    روسيا تفشل في إصدار قرار أممي لوقف سباق التسلح في الفضاء    المصري يستعد لمواجهة فيوتشر بودية مع النصر القاهري    رئيس لجنة كرة القدم للساق الواحدة عن بطولة كأس أمم أفريقيا: المسئولية على عاتقنا    النصر السعودي يضغط لحسم صفقة صديق رونالدو    إصابة 10 أطفال إثر انقلاب سيارة بترعة في أبو حمص بالبحيرة    سقوط سيارة ميكروباص محملة ب26 عاملا في ترعة بمنشأة القناطر بالجيزة    بسبب لهو الأطفال.. أمن الجيزة يسيطر على مشاجرة خلفت 5 مصابين في الطالبية    طلب تحريات حول انتحار فتاة سودانية صماء بعين شمس    تفاصيل الحالة المرورية في شوارع وميادين القاهرة الكبرى اليوم (فيديو)    وزيرة الثقافة تشهد احتفالية الأوبرا بالموسيقار الراحل عمار الشريعي    تاريخ المسرح والسينما ضمن ورش أهل مصر لأطفال المحافظات الحدودية بالإسكندرية    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    "صحة مطروح" تدفع بقافلة طبية مجانية لمنطقة أبو غليلة    خبيرة تغذية توجه نصائح للتعامل مع الطقس الحار الذي تشهده البلاد (فيديو)    مبعوث أممي يدعو إلى استئناف المحادثات بين إسرائيل وحماس    الحالة الثالثة.. التخوف يسيطر على الزمالك من إصابة لاعبه بالصليبي    حسم اللقب أم اللجوء للمواجهة الثالثة.. موعد قمة الأهلي والزمالك في نهائي دوري اليد    بشير التابعي: معين الشعباني لم يكن يتوقع الهجوم الكاسح للزمالك على نهضة بركان    القاضي في محاكمة ترامب المتعلقة بالممثلة الإباحية يخلي القاعة من الصحافة وهيئة المحلفين    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    وزير الصحة يوجه بسرعة الانتهاء من تطبيق الميكنة بكافة المنشآت الطبية التابعة للوزارة    جهات لا ينطبق عليها قانون المنشآت الصحية الجديد، تعرف عليها    اليوم.. «خارجية النواب» تناقش موازنة وزارة الهجرة للعام المالي 2024-2025    أمل دنقل.. شهيد الغرفة رقم 8    الجنايات تنظر محاكمة 12 متهما برشوة وزارة الري    رغم انتهاء ولايته رسميًا.. الأمم المتحدة: زيلينسكي سيظل الرئيس الشرعي لأوكرانيا    قبل طرحه في السينمات.. أبطال وقصة «بنقدر ظروفك» بطولة أحمد الفيشاوي    مؤلف «السرب»: الإيرادات فاجأتني وتخوفت من توقيت طرح الفيلم (فيديو)    ضياء السيد: مواجهة الأهلي والترجي صعبة.. وتجديد عقد معلول "موقف معتاد"    مندوب مصر بالأمم المتحدة لأعضاء مجلس الأمن: أوقفوا الحرب في غزة    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    مارك فوتا يكشف أسباب تراجع أداء اللاعبين المصريين في الوقت الحالي    احذروا الإجهاد الحراري.. الصحة يقدم إرشادات مهمة للتعامل مع الموجة الحارة    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    «في حاجة مش صح».. يوسف الحسيني يعلق على تنبؤات ليلى عبداللطيف (فيديو)    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    «سلومة» يعقد اجتماعًا مع مسئولي الملاعب لسرعة الانتهاء من أعمال الصيانة    الأنبا إرميا يرد على «تكوين»: نرفض إنكار السنة المشرفة    «الداخلية»: ضبط متهم بإدارة كيان تعليمي وهمي بقصد النصب على المواطنين في الإسكندرية    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    حظك اليوم برج الميزان الثلاثاء 21-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    بدون فرن.. طريقة تحضير كيكة الطاسة    «دار الإفتاء» توضح ما يقال من الذكر والدعاء في شدة الحرّ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد فوزه بالتقديرية في العلوم الاجتماعية د‏.‏ إبراهيم البحراوي‏:‏ صدمة‏67‏ جعلتنا جنودا داخل أقسام الأدب العبري
نشر في الأهرام المسائي يوم 30 - 06 - 2010

ارتبط اسم د‏.‏ إبراهيم البحراوي في مصر والعالم العربي منذ الستينيات بملف الصراع العربي الاسرائيلي‏,‏ كواحد من اوائل المتخصصين في دراسة وتحليل الأدب العبري‏
واشتهر في إسرائيل بأنه فتح لاند أو المدافع عن حركة فتح‏.‏ قضي البحراوي خمسة وأربعين عاما من العمل داخل اروقة جامعة عين شمس استاذا في الأدب العبري‏,‏ حصل خلالها علي الكثير من الجوائز والتكريمات‏,‏ واحدثها جائزة الدولة لتقديرية في الأداب لهذا العام‏.‏ يعتبر البحراوي الترجمة وتحليل الأدب من أهم الأسلحة الاستخباراتية العربية في مواجهة اسرائيل‏,‏ وان كان يبدي أسفه لكون غلبة ذلك الحس الاستخباراتي علي أقسام الأدب العبري بالجامعات المصرية قد حرمت طلبة الأدب العبري واساتذته من التعرف علي الجوانب الجمالية لهذا الأدب‏.‏ اشكاليات الترجمة من والي العبرية‏,‏ التباس الاتهام بالتطبيع‏,‏ دراسة الأدب العبري في مصروالعربي في اسرائيل قضايا ناقشها البحراوي في هذا الحوار‏.‏
‏**‏ ما هي ملابسات تأسيس أقسام اللغة العربية في الجامعات المصرية؟
‏*‏ أنا أمثل الجيل الثاني لاساتذة القسم العبري‏,‏ اما الجيل الأول فهو من اسس الأقسام العبرية في الجامعات المصرية خلال فترة الخمسينيات‏,‏ وكان الهدف من انشائه اكاديميا بحتا لدراسة اللغة والأدب العبري كجزء من دراسة اللغة العربية‏,‏ باعتبار العبرية واحدة من اللغات القريبة للغة العربية‏,‏ ضمن مجموعة اللغات السامية التي تضم الارامية والسوريانية والحبشية والكنعانية ايضا‏,‏ لأن الكثير من الظواهر اللغوية حتي علي مستوي المعاني المفردة لا يمكن الوصول لمعناها الدقيق الا بمقارنتها باللغات القريبة‏.‏
ويضم هذا الرعيل الأول كل من الاساتذة د‏.‏ فؤاد حسانين ود‏.‏ يعقوب بكر ود‏.‏ محمد الجارحي و د‏.‏ محمد خطاب و د‏.‏ حسن ظاظا ود‏.‏ زكية رشدي‏,‏ وهم جميعا من تلامذه د‏.‏ طن حسين‏.‏
‏**‏ وهل كان للنكسة عام‏1967‏ تأثير علي طريقة التعاطي مع دراسة اللغة العبرية؟
‏*‏ بالفعل تؤرخ النكسة للمرحلة الثانية من تطور أقسام اللغة العبرية فقد بدأ الاهتمام بالتركيز علي اللغة باعتبارها وسيلة للتعرف علي المجتمع المعادي‏,‏ واسس لهذه المرحلة جيلي من اساتذة الأدب العبري‏,‏ وكنت قد عينت معيدا بقسم اللغة العبرية آدابها عام‏1964,‏ وكنا قد بدأنا دراسة الآدب العبري الحديث قبل الهزيمة مباشرة‏,‏ ولكن لما حلت الهزيمة كان لابد من التغيير‏,‏ اذكرانني بوقت حلول الهزيمة كنت أعد رسالة الماجيستير حول تطور الفكرالديني اليهودي‏,‏ فلما هزمنا انهيت الرسالة بسرعة شديدة‏,‏ استجابة لدعوة اطلقها الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي والناقد الكبير رجاء النقاش ود‏.‏ مراد وهبة‏,‏ مطالبين طلبة واساتذة الآدب العبري بالإسراع في ترجمة وتحليل الآدب العبري الحديث لحاجتنا الملحة لمعرفة المجتمع الاسرائيلي من الداخل‏,‏ كيف يفكرون‏..‏ كيف يشعرون‏..‏ تركيبتهم العقلية والنفسية‏..‏ هل هم حقا اسطورة الجيش الذي لا يقهر كما كان يروج وقتها ام أنهم قابلون للهزيمة‏,‏ لأنه في ذلك الوقت كل ما كنا نعرفة عن اسرائيل قبل الهزيمة هو انها جزء من الامبريالية الاستعمارية‏,‏ وانها جسد زرعة الاستعمار في المنطقة العربية‏,‏ وانها لا تعدو ان تكون مجموعة من العصابات الصهيونية التي يمكن طردها من المنطقة ببساطة‏.‏
أول محاولة بهذه الطريقة كان الكتاب الذي قدمه أحمد بهاء الدين في كتابة‏(‏ اسرائيليات‏)‏ الذي حاول فيه دراسة اسرائيل من الداخل بقدر ما‏.‏
‏**‏ وإلي أي مدي يمكن لدراسة الأدب ان تسهم في التعرف علي مجتمع ذي بنية عسكرية كالمجتمع الاسرائيلي؟
‏*‏ بالإطلاع علي الصحف الاسرائيلية في ذلك الوقت‏,‏ كان يسهل ملاحظة ما فيها من تضليل تحاول من خلاله رفع معنويات مواطنيها‏,‏ وايهامهم ان حرب الاستنزاف بسيطة جدا ولا تأثير لها‏,‏ ما اكتشفته من متابعة وتحليل ما جمعته من قصائد وقصص قصيرة تنتج في نفس الفترة‏,‏ هو أن الأديب يتحدث بلغة أدبية اكثر صدقا عن مشاعره ومشاعرمن يحيطون به‏,‏ بعيدا عن اللغة الدعائية المستخدمة في الأخبار وصفحات الرأي‏,‏ وأن هناك حالة تأثر شديدة بالضربات المصرية وألم من وجود قتلي يوميا‏,‏ فكتبوا قصائد تكاد تنزف دما‏,‏ واكتشفت انه هذا مدخلنا في الدخول إلي الحقيقة‏,‏ بل واكتشفت ان اثنين من أهم النقاد الاسرائيليين ايهود بن عيزر وميخالي وكانا معروفين بالالتزام العسكري الرسمي فكانا شديدي اللوم للأدباء لانهم بكتاباتهم يحطمون الروح المعنوية للمجتمع الاسرائيلي‏,‏ من هنا قررت ان تكون رسالتي للدكتوراة في ادب الحرب الاسرائيلي واصدرتها في‏1972,‏ واستعنت فيها بأبحاث امريكية مهمة جدا قام بها بول جلندر في دراسة الشخصية السوفيتية من خلال الأدب الروسي‏,‏ لأن الاتحاد السوفيتي كان يفرض ستارا حديديا علي مايجري في الداخل من تفاعلات انسانية‏,‏ وكان هذا حالنا مع المجتمع الاسرائيلي الذي يسيطر عليه الوعي الأمني والعسكري‏.‏
ومن أهم الاشياء التي اكتشفتها خلال دراستي للآدب الصهيوني خلال فترة ما قبل قيام دولة اسرائيل‏,‏ ان الانتقام هو المحرك الاساسي للشخصية اليهودية خاصة بين مهاجري اوروبا الشرقية‏,‏ فالسائد في كتب التاريخ في هذه الفترة هو ان الاضطهاد الاوروبي المتأصل لليهود جعهلم يفكرون في ثلاثة اختيارات اما الرحيل إلي فلسطين او إلي امريكا الأرض الليبرالية الجديدة أو البقاء داخل بلادهم والنضال من اجل الحرية والمساواة‏,‏ لكن دراسي لملحمة‏(‏ الماسادا‏)‏ مثل الأديب شاب يهودي هو اسحاق لامدان‏,‏ كان يعيش في المنطقة الواقعة بين بولندا وروسيا اثناء الحرب العالمية الأولي وكان عمره في ذلك الوقت‏19‏ سنة‏,‏ عبر فيها عن احساسه بالألم والاضطهاد ووصف فيها الجيوش الروسية والألمانية وهي تبحث عن اليهود لتقلتهم قبل قتل باقي المستوطنين‏,‏ والأهم من ذلك عبر عن أمر شدية الدلالة وهو الانتقام سواء ذهبوا إلي القدس او إلي امريكا او ظلوا في بلادهم لابد ان ننتقم من العالم الذي اهاننا وقتلنا‏,‏ الأدب دوما هو البوابة الاصدق للتعرف علي المشاعر التي لن ترصدها الكتب و الدراسات‏.‏
‏**‏ ولكن هل غلبت الطبيعة الاستخباراتية للقسم علي الجانب الجمالي لدراسة اللغة باعتباره في الاساس قسما من أقسام الأداب الشرقية؟
‏*‏ بالطبع القسم العبري له خصوصيته‏,‏ فهو غير اقسام الآدب الانجليزي او الفرنسي الذي يشغل فيه الباحث نفسه بداسة الأدب واللغة لأسباب جمالية‏,‏ كنا علي العكس من ذلك نعتبر انفسنا جنودا وجزءا من منظومة الأمن القومي المصري في الدفاع عن مصر‏,‏ كل دراساتنا وابحاثنا متركزة علي استخدام الآدب كوسيلة لرصد وتحليل واكتشاف قواعد الحركة في المجتمع الاسرائيلي‏.‏
‏**‏ وهل توجد جهات في اسرائيل تطبق هذا المنطق علي الآدب العربي؟
‏*‏ بالتأكيد هناك دراسات اسرائيلية كثيرة في الآدب العربي بنفس الهدف آبا ابيان كان من اوائل الباحثين المهتمين بتحليل الآدب العربي الحديث‏,‏ فقدم دراسة كاملة عن رواية‏(‏ يوميات نائب في الأرياف‏)‏ لتوفيق الحكيم‏,‏ لأنها اتاحت له الإطلاع علي القضايا التي يتناولها قسم الشرطة في الريف‏,‏ ودراسة الريف المصري بعمق شديد‏.‏
‏**‏ هل مازال منطق اعرف عدوك صالحا للتعامل مع الادب الاسرائيلي في ظل ثورة الاتصالات وتوافر المعلومات علي شبكة الانترنت وترجمة الادب العربي إلي الانجليزية والعربية في ملاحق الصحف الاسرائيلية؟
تفاجئين حين أقول لك أن المنهج ارسيناه مازال مطبقا حتي اليوم‏!‏ لأن الصحافة لا تكشف كل شيء والمعلومات ليست كل شئ الأهم منها هن التحليل‏,‏ لمعرفة بناء هذه المعلومات واتجاهها وحقيقتها ووظيفتها كما ان صفحات الاخبار والرأي تقول شئ والأديب بصدقه وتفاعله الأدبي يدلي بشيد آخر هناك ظواهر شديد الأهمية مازال طلاب القسم العبري يدرسونها إلي اليوم بهدف اختراق المجتمع الاسرائيلي‏,‏ منها صورة العربي في الأدب الاسرائيلي‏,‏ رؤية الاسرائيلي لنا من الناحية الشكلية‏,‏ تحليل الصور النمطية التي تكشف إلي حد كبير طبيعة العلاقة فتجدين الكثير من الأعمال تخلع صفحات خارجية كريهة علي العربي فيوصف مثلا بأن عينيه تشبه العنزة أو الثعلب‏,‏ هناك مثلا قضية الصراع الأزلي بين التيار الديني والعلماني في اسرائيل‏,‏ فلدي انشاء الدولة الصهيونية كانت المقاومة الرئيسية لانشاء الدولة هو التيار الديني‏,‏ الذي يعتقد ان وجود اليهود في الشتات هي ارادة الهيئة‏,‏ وان الله قد حكم عليهم بالشتات عقابا لهم علي الآثام التي ارتكبوها‏,‏ وان الرب في وقت ما بمشيئته المطلقة سيرسل من عنده المسيح المخلص الذي يجمع هذا الشتات ويقوده إلي فلسطين والقدس ووقتها يركع العالم كله لليهود الشعب المختار‏,‏ وهذه فكرة شديدة العنصرية فعند تحليل أدب وكتابات عيسي بن ميمون احد كبار الحاخامات الموجودين في مصر خلال العصر الأيوبي كان يصف انه عندما يأتي المسيح المخلص كل شعوب الأرض ستهب لبناء الدولة اليهودية في القدس‏:‏ الغني سيجهز عربات فاخرة ينقل بها اليهود إلي القدس‏,‏ والفقير سيحماهم علي كتفه ويسير بهم إلي فلسطين ومن ثم تصبح أي محاولة بشرية للتجميع مخالفة لأمر الرب إلي اليوم تجدي هذا الصراع يعكس نفسه داخل الحركة الأدبية‏,‏ فهناك مثلا الأديب الاسرائيلي يوسف شموئيل عجنون الحاصل علي نوبل خلال الستينيات‏,‏ أصحاب التيار الديني يعتبرونه متدينا لانه دائم الاستشهاد بأسفار من التوراه‏,‏ في حين يراه العلمانيون كاتبا لا دينيا وأن استخدامه للآيات الدينية يأتي في اطار السخرية‏!‏
‏**‏ كنت من اوائل الذين أسهموا في مشروع الألف كتاب الصادر عن المركز القومي للترجمة‏,‏ وكلفت بترجمة كتب المؤرخين الجدد في اسرائيل‏,‏ وثارت من وقتها اشكالية التطبيع‏,‏ فما رأيك؟
‏*‏ أري انه في وقت السلم المعرفة مهمة جدا حتي لا يغيب عنك حجم الطرف الآخر‏,‏ واؤكد ثانية اهمية الترجمة كوسيلة للاختراق الفكري ولكن لابد من توخي أمرين لدي الترجمة عن العبرية‏:‏ كتابة مقدمة جزلة بقلم استاذ مصري متخصص تشرح العمل وأهدافه وما فيه من الغام ومشكلات وسموم ويشرح السياق العام والخلفيات للعمل‏,‏ والعلاقة بين المؤلف وجمهوره الاسرائيلي والرسائل السرية المتبادلة بينهم‏,‏ بالاضافة إلي الهوامش لتوضيح المفاهيم الخاطئة‏,‏ فمفهوم مثل حق الملكية التاريخيوأصحاب الارض التاريخيين قد ينطلي علي شاب صغير فيستقر في ذهنة انهم اصحاب الحق‏,‏ يجب في هذه الحالة وضع هامش يوضح زيف المفهوم وان الحقيقة التاريخية تؤكد عروبة فلسطين بهذا المنهج أحمي القارئ العربي من الفهم الخطأ والاختراق الفكري أما أن أمتنع عن نقل المعرفة فهذا هو الجهل بعينه‏.‏
‏**‏ ولكن الا تتناقش فكرة الحماية مع الأمانة الموضوعية للمترجم‏,‏ بما تحمله من فرض نوع من الوصاية علي القارئ؟
‏*‏ أولا لابد أن يتوخي المترجم الأمانة الموضوعية بنقل النص كما هو‏,‏ لان القارئ العربي بحاجة لمعرفة الطرف الاخر بشكل حقيقي‏,‏ ثانيا لابد من مراجعة النص بواسطة أستاذ كبير في اللغة العبرية‏,‏ وبهذه الطريقة تحمي القارئ ولا تخونيه‏.‏
‏**‏ نحن نعلم أنه في الوقت الذي يعد كاتبا مثل علي سالم منبوذا‏,‏ وتقاطع إيمان مرسال‏,‏ يتم التعامل مع ترجمة أعمال محفوظ وادوارد سعيد إلي العبرية بمزيد من التسامح‏,‏ في حين يعد سفر الكاتبة اهداف سويف إلي اسرائيل عملا وطنيا الا تجد هناك خلطا في مفهوم التطبيع في مصر؟
‏*‏ بالطبع هناك إشكالية كبيرة جدا داخل الوسط الثقافي المصري فيما يخص قضية التطبيع المشكلة تكمن في الشللية وازدواجية المعايير‏,‏ وكأن النخبة الثقافية المصرية مقسومة نصفين شلة الخضر يكون كل ما تفعله مباح ومبرر بالنسبة للخضر‏,‏ اما اذا صدرت نفس الأفعال عن مجموعة الحمر تصبح جريمة عند الخضر والعكس ومن ثم يكون الحكم في التعامل مع اسرائيل مثل نكتة الشيخ الذي اصدر حكما بهدم جدار الجامع اذا بال عليه كلب‏,‏ ولكن عندما حدث وبال كلب علي الجدار الذي يفصل بين الجامع وبين بيته قال‏:‏ قليلا من الماء يكفي ولهذا السبب اعتزلت هذه النخب وهذا ليس تشجيعا مني للتعامل أبدا مع اسرائيل لأن المقاطعة الثقافية ربما تكون هي الوقة الوحيدة التي بامكاننا استخدامها للضغط علي اسرائيل‏,‏ لأنه لا يمكنن التحكم في المعاملات الاقتصادية ولا السياسية معها‏.‏
‏**‏ ولكن من وجهة نظرك ماهو المطبع؟ وهل يمكن الحديث عن معايير واضحة لذلك؟
‏*‏ الحقيقة ان هناك اشكالية في وضع الحدود والفواصل‏,‏ وهو ما يجعل سفر شخص بعينه إلي اسرائيل مبررا ومقبولا فقط لأنه جزء من الشلة الثقافية ولكن التعريف القاطع بالنسبة لي كرجل اكاديمي واستاذ في الجامعة هو منع أي أكاديميين اسرائيليين من دخول الجامعة‏,‏ ومنع الطلبة المصريين من دخول المعهد الأكاديمي الاسرائيلي‏,‏ والامتناع عن أي معانلات طبيعية مع اسرائيل‏,‏ مثلا انا عندما أدعي لاسرائيل في أي مناسبة‏,‏ أرفض تماما مع كتابة مقال اذكر فيه اسباب رفضي للسفر إلي اسرائيل‏.‏
‏**‏ فكرة كراهية العرب لليهود ومعاداة السامية هي احد المقولات الرئيسية للايديولوجية الصهيونية‏,‏ الا تغذي مواقف المقاطعة المعلنة هذا الاتجاه؟
‏*‏ بالتأكيد خصوصا بالنسبة لأبناء التيار اليميني المسيطر علي اسرائيل اليوم فأنا مثلا يلقبونني في اسرائيل بأنني فتح لاند اي المدافع عن حركة فتح بسبب مقاطعتي المعلنة لاسرائيل‏,‏ فتجدي التيار اليميني يستغل موقفي للترويج للمذهعب اليميني المتشدد وفكرة العنصرية ضد الاسرائيليين‏,‏ ولكن من ناحية اخري هي الورقة الوحيدة الباقية كما قلت‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.