تعد عودة حركة رءوس الأموال عبر حدود القارات والبلدان من بين أقوي المؤشرات علي انفراج الأزمة المالية والاقتصادية التي عصفت بشتي دول العالم والتي اعتبرها كل الخبراء والأكاديميين الأسوأ من الكساد العظيم في ثلاثينيات القرن الماضي ويظهر ذلك بوضوح مع تخلي المستثمرين عن الحذر الشديد نحو المخاطرة الذي ميز فترة الأزمة, ويؤكد ذلك انتعاش ضخ الأموال مجددا في منافذ ومشتقات مالية كانت تعد عالية المخاطر. وكشف صندوق النقد الدولي في آخر تقرير له حول آفاق الاقتصاد العالمي أن الصين مازالت أكبر مصدر للأموال في العالم, بحصة تبلغ23.4% من اجمالي الأموال المصدرةفي عام2009, فيما جاءت ألمانيا واليابان في المرتبتين الثانية والثالثة علي التوالي, وحلت كل من النرويج وروسيا وسويسرا في المراكز الرابعة والخامسة والسادسة, وعلي الجانب الآخر, استحوذت الولاياتالمتحدةالأمريكية علي41.7% من الأموال الداخلة أو الواردة, محتلة المرتبة الأولي عالميا علي الرغم من الأزمة التي عصفت بأسواق المال هناك, وحلت واشنطن بعيدة عن الدولة التي جاءت في المرتبة الثانية من حيث استيراد رأس المال, وهي اسبانيا التي لم تتعد حصتها من الاجمالي7.3% وأشار صندوق النقد الدولي الي ان الكويت حلت في المرتبة العاشرة عالميا في تصدير رأس المال, وقد بلغت حصتها2.8% من اجمالي حركة الأموال الخارجة من الدول. وذكرت وكالة أنباء( شينخوا) ان تقرير البنك الدولي أكد ان الأسواق الصاعدة ظلت مصدرا لجذب رءوس الأموال, حتي خلال الأزمة العالمية وللمرة الأولي, تجاوز نصيب الاقتصادات الصاعدة من الاستثمار الأجنبي المباشر عالميا نصيب الاقتصادات المتقدمة العام الماضي, وانخفض انسياب الاستثمار الأجنبي المباشر الي الأسواق الصاعدة في عام2009 ليصل الي532 مليار دولار, متراجعا بنسبة36% لكن تراجعه كان أقل من التراجع في الاستثمار الأجنبي المباشر المتجه الي الاقتصادات المتقدمة, الذي انخفض بنسبة45% ليصل حجمه الي488 مليار دولار. ويبدو ذلك تصحيحا لتوجه اعتاد علي مخالفة القواعد البسيطة, اذ ان حركة الاستثمار الأجنبي المباشر ماكانت تخضع تقليديا للحكمة التقليدية, فالمنطق التقليدي يقول ان رءوس الأموال تناسب من المناطق الغنية الأكثر وفرة الي المناطق الأفقر والأقل أموالا, لكن توجه الاستثمار الأجنبي المباشر علي مدي عقود كان بالعكس, أي ان الاقتصادات المتقدمة الغنية بتراكم رءوس الأموال كانت تجذب القدر الأكبر من حجمه عالميا, ويرجع ذلك الي ان المستثمرين يجدون في الاقتصادات المتقدمة مناخا استثماريا جيدا ومخاطر أقل, كما ان القدر الأكبر من حجم الاستثمار الأجنبي المباشر كان في عمليات الدمج والاستحواذ, معظمها في الاقتصادات المتقدمة. ولايقتصر الأمر علي اقتصادات كبيرة سريعة النمو كما في الصين والهند, بل يمتد ليشمل أسواقا صاعدة أخري منها منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا. وذكر تقرير اسكوا السنوي لمؤتمر الأممالمتحدة للتجارة والتنمية, الذي يعرض أحدث الاحصاءات حول الاستثمار الأجنبي المباشر اقليميا وعالميا ان حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة عالميا بلغ نحو1.7 تريليون دولار في عام2008, مقارنة بنحو2 تريليون دولار في عام2007, أي ان الاستثمارات الأجنبية المباشرة انخفضت بنحو15% في2008, ومن المرجح ان يكون هناك انتعاش بطيء في عام2010, بحيث لن تتجاوز الاستثمارات الأجنبية المباشرة1.4 تريليون دولار لكنها ستكتسب زخما في عام2011 لتبلغ قرابة1.8 تريليون دولار. وقال المسئول الاقتصادي في شعبة التنمية الاقتصادية والعولمة في اسكوا خالد حسين, تلقت المشاريع الانمائية في منطقة الاسكوا ضربة شديدة أثر تضييق أسواق الائتمان العالمية ومايشهده الاقتصاد عالميا من انحسار, وبخاصة منذ الربع الثالث من عام2008 وجاء في التقرير أن عدد المصارف الدولية القادرة علي الاقراض للمشاريع في منطقة الاسكوا أو الرغبة في ذلك قد تقلص تقلصا شديدا, ونتيجة لذلك, ألغي أو ارجئ بعض المشاريع الرئيسية المتصلة بالنفط والغاز, أو المشاريع الصناعية ومشاريع البني التحتية الرئيسية ماقد يسبب انخفاضا في مبالغ الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة الي هذه المنطقة في مطلع عام2009 وأعلن انه علي مستوي دول منطقة الاسكوا, ورغم الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية أظهر التقرير ارتفاعا لايستهان به, نسبته57% في مبالغ الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة الي المملكة العربية السعودية, التي ورد اليها ما مجموعه38 مليار دولار في سنة2008, وفي الامارات العربية المتحدة حدث انخفاض بنسبة3% لتصل الاستثمارات الأجنبية الي13.7 مليار دولار مقارنة ب14.2 مليار دولار في العام2007 وتمثل الآثار الضارة التي خلفتها الأزمة الاقتصادية والمالية العالمية في سياحة دبي وفي سوقها العقارية ومصارفها السبب الرئيسي لانخفاض الاستثمارات الأجنبية في الامارات. وقال أما بلدان الاقليم الأخري التي شهدت زيادات ملحوظة في مبالغ الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة اليها فسجلت قطر(6.7 مليار دولار), زيادة بنسبة43% بصفة رئيسية في الغاز الطبيعي المسال وفي الطاقة والمياه والاتصالات, وشهد لبنان(3.6 مليار دولار) زيادة نسبتها32%, كان محركها الرئيسي العقار, وشهدت سوريا(2.1 مليار دولار) ارتفاعا نسبته70% مرده تنامي فرص الأعمال التجارية نتيجة للانفتاح الاقتصادي الآخذ في التزايد في البلد ولتحسن علاقاته الدولية, أما الاستثمارات الأجنبية المباشرة الوافدة الي البحرين(1.8 مليار دولار) والعراق(488 مليون دولار) والاراضي الفلسطينية(29 مليون دولار) فلم ترتفع الا ارتفاعا طفيفا ومبالغ الاستثمار الأجنبي المباشر الوافدة الي الأردن( ملياري دولار) حافظت علي المستوي الذي بلغته عام2007 وهبطت هذه الاستثمارات في الكويت لتصل الي56 مليون دولار, واليمن(463 مليون دولار وعمان(2.9 مليار دولار). وأضاف قائلا: أما فيما يتعلق بتوزيع الاستثمار الأجنبي المباشر الوافد حسب القطاع فكانت المحركات الرئيسية هي العقارات والبتروكيماويات والتكرير والتشييد والتجارة مؤكدا ان المشاركة الأجنبية في الزراعة آخذة في التزايد ويمكن ان تؤدي دورا مهما في الانتاج الزراعي للبلدان النامية التي هي بحاجة ماسة الي الاستثمار الخاص والعالم لرفع مستوي الانتاجية ودعم قطاعاتها الزراعية.