سؤال يفرض نفسه بقوة على الساحة المصرية.. متى ينتهي الظلم الواقع على كاهل ملاك العقارات القديمة؟، دراسة مهمة ومستفيضة فازت بالبحث الأول في المؤتمر الدولي للأرض والسكان في مصر لكن للأسف خزنت الدراسة بأدراج وزارة الإسكان رغم أنها تتضمن حلولا لتلك الأزمة. الدراسة تشدد على أهمية تعديل قانون العلاقة بين زيادة متدرجة في الإيجار القديم على فترة 5 سنوات حتى يقترب في نهاية المدة من أسعار السوق وفي هذه الفترة تمكن المستأجر من توفيق أوضاعه حتى تنتقل العلاقة الإيجارية بين الطرفين إلى إيجار حر مع الاعتبار عند تحديد زيادة الإيجار الحالة الإنشائية للعقار وتاريخ إنشائه ونوعية البناء والتشطيب وعدد الغرف ونوعية السكن بين اقتصادي أومتوسط أو فاخر. كما تراعي الدراسة أيضا الامتداد القانوني لعقد الإيجار في إطار حكم المحكمة الدستورية العليا وعدم إخضاع القيمة الإيجارية للمستأجر، الذي ثبت ملكيته لسكن أخر للاتفاق الحر بين الطرفين خلال مدة محددة لا تتخطي 6 أشهر وإخلاء السكن وإنشاء صندوق لدعم المستأجرين من محدودي الدخل وغير القادرين لسداد جزء من الفارق بين القيمة الجديدة والقديمة وضرورة تعديل التشريع الخاص بقانون التعاون الإسكاني.. بهدف إعادة تنظيم وتحرير الحركة التعاونية في مصر وترسيخ استقلالها وإرساء الديمقراطية داخلها وحل جميع المشكلات التي ظهرت خلال فترة تطبيق قانون التعاون الإسكاني وإصدار لائحة تنفيذية لقانون التعاون الإسكاني بعد التعديل التشريعي وإجراء تعديل تشريعي لقانون التمويل العقاري للعمل على رفع معدلات النمو الاقتصادي، ودفع عجلة التنمية العمرانية لتحقيق هدف الحكومة في حل المشكلة الإسكانية لفئات الشعب ذوي الدخل المحدود وحتي يتم دعم نشاط التمويل العقاري باعتباره جزءا مهما في الاقتصاد المصري. الدراسة أرجعت مشكلة الإسكان إلى قلة المعروض من الوحدات السكنية وانتشار العشوائيات وزيادة الكثافة السكانية وإهمال صيانة المباني بما يهدر الثروة العقارية، كما حملت الدراسة سياسات الإسكان مسئولية أزمة تردى أسعار الإيجار للمساكن القديمة. وأوضحت الدراسة أن تقييد القيمة الإيجارية بدأ مع بداية الحربين العالميتين، الأولي والثانية وثورة 52 حيث تم خفض القيمة الإيجارية وتقييدها واستمرار العقد رغم ارتفاع الأسعار عالميا فتسببت الحكومة في فساد العلاقة بين المالك والمستأجر وتدهور وإهمال الصيانة الذي يهدد حياة المواطنين، كما فاقم من الأزمة عدم قدرة الدولة على تحمل بناء وحدات سكنية وعزوف المستثمر الوطني عن استثمار ماله في العقارات بنظام الإيجار حماية لأمواله بسبب قوانين الإيجارالمجحفة لحقوقه. أشارت الدراسة إلى أن ظهور القوانين الإسثنائية أضر كثيرا بالإسكان في مصر مثل امتداد العقد والتوريث أوجد 8 ملايين وحدة سكنية مغلقة لم يقم أصحابها بتأجيرها خوفا من قوانين الإيجار، كذلك توجد وحدات سكنية للمستأجرين مغلقة مع احتفاظهم بوحدات بالقانون القديم لتدني قيمة إيجارها ولا تمثل لهم مشكلة مادية الأمر الذي أدي إلى إهدار الثروة العقارية في مصر لعدم صيانة العقارات والمرافق لعدم تناسب الإيجار مع تكاليف الصيانة الباهظة ولرغبتهم في تدهور الحالة الإنشائية للعقار وتراجع العمر الافتراضي له حتى يمكن إزالته وبناء وحدات سكنية جديدة يمكن بيعها تمليك كما أن المستأجرين لا يسددون تكاليف الصيانة لأن الوحدات ليست ملكا لهم، وأدي ثبات القيمة الإيجارية لعقود طويلة حتى أصبحت متدنية جدا لا تتناسب مع زيادة معدلات التضخم والأسعار المستمرة في الزيادة أصبحت لا تمثل قيمة اقتصادية للمالك، إنما عبأ نفسي ثقيل بحانب أن الحالة الاقتصادية للمالك متدنية ولا يستطيع الانتفاع بالعقار بالبيع أو تحقيق دخل مرتفع له ولأسرته. كما لفتت الدراسة إلى وجود تناقض غريب بين الفئة التي تقيم بالوحدات السكنية بالأحياء الراقية والقيمة الإيجارية الزهيدة التي تدفعها والفئة، التي تسكن في الأحياء الشعبية ومناطق العشوائيات والقيمة الإيجارية المرتفعة التي تدفعها لشقق أقل مساحات وإمكانات ومستويات وتبلغ عشرات أضعاف، ما تدفعه الطبقة الثرية لشقق فاخرة بالأحياء الراقية بجانب عدم توازن بين المساحات للوحدات السكنية وحجم الأسر وهي بسبب قوانين تقييد القيمة الإيجارية لأكثر من 6 عقود.. حيث نجد أن الأسرة الكبيرة بعد زواج أبنائها مازالت تعيش في نفس السكن لفردين رغم عدم حاجتهم لهذه المساحة بينما الأسر الكبيرة تعيش في مساحات صغيرة مما يسبب تزاحما وارتباكا في وسائل الانتقالات والمرور. تقدمت جمعية المضارين من قانون الإيجارات القديمة بمشروع جديد للدكتور عصام شرف رئيس مجلس الوزراء ويقول رئيسها المهندس أشرف السكري: "الجمعية أنشئت بسبب الظلم الواقع علي ملاك العقارات القديمة منذ أوائل أربعينيات القرن الماضي، حيث قام المشرع بتجميد أجرة العقارات لسنوات طويلة، في حين زادت الأسعار والأجور لكل السلع والاحتياجات والخدمات وبصدور قانون الإيجار الجديد تمادى المشرع بالتفرقة في إيجارات العقارات التي انتهت عقود إيجاراتها، أو التي لم يتم تأجيرها منذ بنائها، ومن مخاطر التجميد أن العقارات تحتاج إلى صيانة دورية وترميم، ولعدم توافر عائد عادل لمالكها لا تتم صيانتها، وورث أبناؤه ميراثا مكبلا بالمظالم، كما أن تجميد أسعار الإيجارات لا يواكب الزيادة في أسعار مواد البناء المستخدمة في الترميم والصيانة، والزيادات في أجور المواطنين ومنهم المستأجرون". ويضيف السكري أنه نتجت عنها الإضرار بالثروة العقارية المهددة بالانهيار لمئات الآلاف من العقارات وتعريض أرواح الآلاف والممتلكات للخطر وبجانب غلق المستأجر للشقة عشرات السنوات لعدم حاجته الفعلية لسكناها فلم يتركها لمالكها لتدني الأجرة فتسبب ذلك في وجود 8 ملايين شقة مغلقة وخالية طبقا لتقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء عام 2006 وغلاء الإيجارات وشقق التمليك بأرقام فلكية، وتسبب في شيوع جريمة ابتزاز المستأجرين لملاك العقارات بطلب خلو الرجل مقابل ترك الشقة، مما سبب شللا لرأس مال الثروة العقارية التي قدرها البنك الدولي عام 1997 ب 240 مليار دولار، وتقدر الآن بأكثر من 500 مليار دولار". القانون المدني والشريعة الإسلامية، لهما موقف واضح من قوانين الإيجارات الاستثنائية، حيث صدرت فتاوى العلماء التي تقطع بتحريم تدخل ولى الأمر في عقد الإيجار الذي يجب أن يستند إلى التراضي بين طرفي العلاقة، ومن أبرز تلك الفتاوى فتوى الدكتور محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر الراحل.