ما عساها أن تقول "قصيدة"، عابرة للعصور، في رسالة موجزة، أو برقية، للدكتور محمد عبد المطلب، في يوم تكريمه، بعد غدٍ الثلاثاء، في المجلس الأعلى للثقافة، بمناسبة فوزه بجائزة الملك فيصل العالمية للغة العربية والأدب عن جهوده المبذولة في تحليل النص الشعري العربي؟ لعلها ستبادر بوصفه ب"شاعر النص النقدي" باقتدار، وتلك حساسية نادرة، تعي القصيدة جيدًا أنها قد لا تتوفر لدى "ناقد النص الشعري". القصيدة تدرك أن الرجل، بالرغم من إفادته من المنجز التراثي والمناهج الوافدة في التحليل التطبيقي للنصوص الشعرية، يتعامل مع تجارب الشعراء بما يليق بها، وبخصوصياتها، وفرادتها، ومن جوانياتها هي، طارحًا كتابة موازية تحلق بأجنحة إبداعية. المنجز هنا ليس في استحضار التنظيرات وإطلاق الأحكام، بقدر ما هو في إعادة تفجير ألغام النصوص، الكامنة، والسابق تفجيرها. ستعترف القصيدة كذلك، في الاحتفالية الكبرى التي يقيمها المجلس الأعلى للثقافة بالتعاون مع مؤسسة جائزة الملك فيصل العالمية، ومركز الدراسات العربية بالجامعة الأمريكية، بحضور حلمى النمنم وزير الثقافة، والدكتور عبدالعزيز السبيل، أمين عام جائزة الملك فيصل العالمية، والدكتورة أمل الصبان، أمين العام للمجلس الأعلى للثقافة، وغيرهم من النقاد والباحثين، بأنها تُبادل الدكتور محمد عبد المطلب عشقًا بعشق.. وكيف لا، وهو الذي أخلص لها، بداية من حبه المبكر لها وإيثاره إياها على سائر أنماط الأدب، وتمنيه أن يكتبها، مرورًا بالتفاته العميق إليها عبر عصورها المتتالية دارسًا وباحثًا وشارحًا، وصولًا إلى دفاعه عن تجلياتها الأخيرة "شعر الحداثة" و"قصيدة النثر"، وإيمانه الدائم بأن القصيدة، بمختلف صورها، ستبقى ذاكرة العرب، وفن العربية الأول؟ ستزدهي القصيدة، وهي تصافح الدكتور محمد عبد المطلب، وتعانقه بحرارة، مسترجعة بعض عناوين مصنفاته، من قبيل "بناء الأسلوب في شعر الحداثة" و"شعراء السبعينيات وفوضاهم الخلاقة"، التي حملت رؤية طليعية مكنت تلك القصيدة من الرسوخ والتحرر، في واقع يتشكك في كل جديد، ويزدري مغامرات التزحلق فوق الثوابت. لقد آمن الدكتور محمد عبد المطلب بأن حياة الإبداع مرهونة بقدرته على المغامرة، ومن ثم أفسح صدره لتيارات شعرية ربما لا تتسق مع ذوقه الخاص، وتلك حيادية يُحسد عليها، مكّنته من آفاق لا يرتادها ذوو الانحيازات والرؤى الموجهة والقوالب المسبقة، ولذا جاءت كتاباته النقدية تفاعلية، منفتحة، متجاوزة الأطر الجاهزة، نحو استكشافات خلاقة، تضيء النصوص. ويبقى أن تقول القصيدة، في ختام برقيتها لشاعر النص النقدي الدكتور محمد عبد المطلب: لن أغار يا سيدي من التفاتكَ إلى شعر العامية المصرية، الذي قدمتَ فيه بعض الجهود، ووعدتَ قراءكَ بأن تستكملها بمؤلفات كاملة تتناول فيها تجارب شعراء العامية النابهين في مصر. للتواصل: [email protected]