قال مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق إنه من الضروري أن تدرس مصر تجارب الدول الأخرى في النهوض باقتصادها، وليس ماليزيا وحدها، لتختار ما يناسبها وما تحتاج إليه من هذه الخبرات، مؤكدا أن النهوض بالاقتصاد لا يتحقق من دون استقرار سياسي. وأشار محمد، في حوار مع كتاب الأهرام، فى مقدمتهم لبيب السباعى رئيس مجلس الإدارة وعبدالعظيم حماد رئيس تحرير الأهرام اليوم الأربعاء خلال زيارة قام بها للمؤسسة، إلى أن ماليزيا استعانت في تجربتها بدراسة التجربة اليابانية، حيث استطاعت اليابان أن تصبح ثاني أكبر اقتصاد في العالم، مما يعني أن اليابانيين اتخذوا إجراءات صحيحة، لذلك كان من الضروري أن ندرس تجربتهم، ونعرف ماذا فعلوا لكي يصلوا إلى هذا النجاح، ولنرى ماذا يمكن أن نستفيده في ماليزيا من هذه التجربة. وردا على سؤال حول ما يرى أنه من الضروري أن تفعله مصر خلال فترة التحول التي تعيشها، قال رئيس وزراء ماليزيا الأسبق إنه يحتاج إلى القراءة أكثر لكي يتعرف على ما يجري في مصر، قبل أن يقترح ما يمكن عمله في المرحلة الانتقالية، مشيرا إلى أنه أمام مصر عدة نماذج يمكن استلهام الطريق منها كالبرازيل والهند وماليزيا، وأعرب مهاتير محمد عن شعوره بالفخر نظرا لاعتبار ماليزيا أحد النماذج المطروحة أمام مصر فى هذه المرحلة الحاسمة، خصوصاأنهما دولتان مسلمتان وحجم السكان لديهما كبير. وأكد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق أن النهضة تحتاج إلى أفكار خلاقة، والقائد يجب أن تكون لديه أفكار بناءة لتلبية احتياجات الشعب، وإذا لم يكن فلن يستطيع البقاء كثيرا في السلطة. واعتبر محمد أن الاقتراض الخارجي يمثل عبئا على أي اقتصاد، لأنه يفرض التزامات، مشيرا إلى أنه رفض الاقتراض من صندوق النقد والبنك الدوليين خلال الأزمة التي واجهتها بلاده عام 1999، وتم الاعتماد علي الموارد المحلية، وقد نجحت ماليزيا في عبور الأزمة والوصول إلي اقتصاد قوى، وأكد أنه يجب الاعتماد على الدخل المحلي في النهوض، ومصارحة الشعب بالأوضاع الحقيقية، والتحدث معهم بشفافية، حيث إنه من الصعب تلبية جميع المطالب في أسرع وقت، وقد حدث في ماليزيا أن تحدثت الحكومة مع الشعب حول المستقبل، ووعدها لهم بتحسين ظروف معيشتهم وزيادة دخولهم، مع انتظام العمل والإنتاج، وفي ظل جذب الاستثمارات الخارجية. وأوضح رئيس وزراء ماليزيا الأسبق أن الاستقرار السياسي ضروري لنمو الاقتصاد، ومصر لديها فرصة ذهبية الآن للتحول نحو الديمقراطية، التي تقوم على تحقيق إرادة الشعب عبر صناديق الاقتراع، مشيرا إلى أن ذلك لا يضمن نجاحها بالضرورة، لأن الأهم هو عقلية الشعب والقادة، مؤكد أنه في الديمقراطية يتم استخدام سلطة التصويت، فلا نطيح بالحكومة عن طريق العنف، ولكن عن طريق القيام باقتراع بحجب الثقة في البرلمان أو عن طريق الانتخابات. وتعليقا على أربعة مخاوف تهدد التجربة الماليزية -تتمثل في انخفاض معدل النمو الاقتصادي عن المستوى الذي حددته خطة 2020 التي سعت لأن يكون 7%، وكذلك تحقيق الموازنة الماليزية عجزا وصل إلى 5% ،ومن المتوقع أن يستمر العجز حتى 2015، كما أن الاستثمار الأجنبي المباشر في ماليزيا يتجه إلى الخارج في السنوات الأخيرة، وآخر المخاوف زيادة الدين الخارجي- أشار محمد إلى أن كل شخص يتولى السلطة يحاول تقديم تجربته الخاصة، وما يريد أن يحققه منها، وبالتالي تتغير السياسات مع تغير الحكومات، وبالتالي يمكن أن تعطي نتائج مختلفة عن تلك التي جرى التخطيط لها في وقت الحكومات السابقة. وأضاف رئيس وزراء ماليزيا الأسبق أن هناك عوامل أخرى خارجية تؤثر في التجربة الماليزية، منها نجاح دول آسيوية أخرى في إحداث طفرات اقتصادية، مما يعني أن ماليزيا ليست وحدها على الساحة، كما أن هناك أزمة اقتصادية عالمية أثرت بشكل ما على الاقتصاد الماليزي. حضر اللقاء عدد كبير من كتاب الأهرام، وعبر مهاتير محمد عن شكره على دعوته إلى هذا اللقاء، وسعادته بزيارتها والتحاور مع كتابها، لأنه يعلم أنها جريدة محترمة، وفي ختام اللقاء أهدى الأستاذ لبيب السباعي رئيس مجلس الإدارة مهاتير محمد رئيس وزراء ماليزيا الأسبق مجسما معدنيا للصفحة الأولى من الإصدار الأول لجريدة الأهرام.