الانفلات الأمني.. أعمال البلطجة.. حظر التجول.. توفير النفقات خوفا مما يحمله الغد.. كلها أسباب منعت الكثيرين من إقامة حفل زفافهم خلال الفترة القليلة الماضية، لكنها لم تمنعهم أبدا من الزواج. ذلك العزوف، دفع العديد من الأندية والدور إلى طرح عروض جديدة تسمح للعروسين بإقامة حفلات زفاف "نهارية" بنصف تكلفة حفلات المساء. ورغم أن الاكتفاء ب" عقد القران " دون إقامة حفل زفاف يعقبه، تقليد ظهر منذ بضع سنوات، وفيه يقرر العروسان الإبقاء على مصروفات الزفاف وإنفاقها في "إسبوع عسل"، إلا أن ما حدث مؤخرا يبدو إجباريا وليس باختيار وقرار العروسين. فكثرة الحديث والنقاشات الدائرة، مؤخرا، عن خطورة الوضع الإقتصادي وما سيؤول إليه الغد إذا استمر الحال على ماهو عليه، جعل الكثيرين ينظرون إلى المستقبل بتوجس شديد. وحتى يستطيعوا مواجهته قرروا الإبقاء، قدر الإمكان على مدخراتهم، بدلا من إنفاقها في "شكليات" كانت حتى وقت قريب " أمر مقدس". وتخوف آخرون من انفلات الأمن وغياب الشرطة وانتشار البلطجة، وقرروا أخذ الحيطة والإبقاء على سلامتهم حتى يمر يوم زفافهم على خير، حتى وإن تم بدون زفة، وكلا الفريقين لم يستوعب أن يقيم حفل زفافه وينهيه قبل الثانية عشر ليلا عملا بقرار حظر التجول. تقول أماني منصور، منظمة حفلات في إحدى الأندية الكبرى، إن الوضع تبدل تماما في الأشهر الثلاثة الأخيرة، موضحة: " كنا نقيم شهريا ما بين 14 إلى 18 حفل زفاف، لكن الوضع اختلف بعد الثورة، ففي الشهر الماضي لم نقم سوى 8 حفلات زفاف، والشهر الحالي لم نقم فيه حتى الآن إلا 5 حفلات زفاف". وتفسر منصور قلة حفلات الزفاف بسبب عدم استقرار الوضع المادي نتيجة الظروف الحالية التى تمر بها البلاد، مضيفة " أي شخص لديه أموال، حاليا، يقوم بالاحتفاظ بها والإنفاق على الضروريات فقط، لأنه لا يعرف ما الذي تخبأه له الأيام، فالناس تعلمت مما حدث وقت الثورة عندما أغلقت البنوك ولم تصرف المرتبات ولم تجد العديد من الأسر ما تنفقه، وبالتالي أصبح كثير من الأشخاص، تحديدا في تلك الفترة، يتعاملون مع الأفراح بأنها كماليات وليست شىء ضروري، وقاموا بتوفير تلك الأموال للأيام القادمة". وتشير منصور إلى أن حظر التجول كان سببا آخر في عزوف البعض عن إقامة حفلات الزفاف قائلة: "صعب أن يقبل أحد أن يصرف عشرات الآلاف في فرح يستغرق ساعتين على الأكثر، ففى الظروف العادية كان يستغرق الفرح ما بين 4 إلى 5 ساعات، لكن مع بداية حظر التجول كان الفرح ينتهى قبل الساعة 12 مساء"، وتضيف أن هذا ما جعل النادي يقرر، حينها، إقامة حفلات زفاف نهارية بنصف التكلفة تبدأ من الخامسة مساء وتنتهي في الثامنة مساء. بينما يؤكد نادر محمد، مسئول الحفلات بإحدى الدور الكبرى، بعد أن رفض التحدث في البدء، أن الوضع داخل الدار لم يختلف عن قبل وحفلات الزفاف تقام بمعدل طبيعي كالسابق. ويقول رامي سعيد، منظم أفراح، إنه يعمل في تنظيم حفلات الزفاف منذ أكثر من 8 سنوات بشكل خاص بعيدا عن الفنادق والدور، مضيفا " أغلب الحفلات التي أقوم بتنظيمها تكون في أماكن مفتوحة، وتحديدا في الفيلات التى يتم تأجيرها في المريوطية، ومنذ أحداث الثورة قلت الأفراح بشكل كبير جدا، حتى أنني لم أنظم خلال الأشهر الأربعة الماضية سوى 9 حفلات زفاف، مع أني كنت أنظم أكثر من هذا العدد في شهر واحد". ويشير سعيد إلى أن إنتشار أعمال البلطجة وغياب الأمن هما السببان الرئيسيان في انخفاض أعداد حفلات الزفاف، موضحا "أغلب الأفراح التى أنظمها تكون في فيلات المريوطية وهى أماكن معزولة نسبيا ومع الغياب الأمني وإنتشار الجرائم يخشى الكثير من الناس إقامة أفراحهم ذلك المكان، وحتى الحفلات النهارية قلت كثيرا عن السابق لنفس الأسباب". وتقول شيماء جمال، محاسبة، "عملت فرحي في آخر أبريل الماضي في إحدى الدور"، وتوضح شيماء "الفرح طبعا شيء مهم، وبيحصل مرة واحدة في العمر، وكنت متمسكة بالفرح من البداية رغم إننا دفعنا فيه 18 ألف جنيه، وعلى قد ما فرحت إن فرحي حصل مع أحداث الثورة على قد ما تضايقت لإن حظر التجول فرض إن الفرح يكون ساعتين فقط". أما منى صلاح، مهندسة، فتقول: "تزوجت في شهر مايو الماضي واكتفيت بكتب الكتاب فقط، وسافرت أنا وزوجي إلى الغردقة لأسبوع"، وتؤكد منى أن فكرة إقامة حفل زفاف لم تعد ملحة كالسابق، مضيفة "بشكل عملي لقيت إننا سنصرف ما لا يقل عن 10 آلاف جنيه في حفلة زفاف ليس لها أى داع ،غير إن الناس هتتفرج علينا، فقلنا نستفيد بالفلوس وبنصف مبلغ الفرح سافرنا أسبوع الغردقة واستمتعنا جدا، وبال5 آلاف الأخرى كملنا ما ينقصنا في الشقة"، وتكمل "بالإضافة إلى إن الظروف لم تسمح بإقامة حفل زفاف، لإن كان فيه حظر تجول وصعب الفرح يبقى ساعتين فقط ومدفوع فيه آلاف، وكمان الوضع الاقتصادي غير مضمون في تلك الفترة، وإللى معاه قرش في الوقت ده يحافظ عليه"، مضيفة "وفى كل الأحوال اتجوزت سواء بفرح أو من غير فرح".