وجهت التهمة رسميا ليل الجمعة السبت في باريس إلى صحفيين فرنسيين يشتبه بأنهما حاولا ابتزاز المملكة المغربية، بعد تخليهما عن تأليف كتاب يتضمن معلومات يعتقد أنها مسيئة للملك محمد السادس لقاء مليوني يورو. وأكد مصدر قضائي لوكالة فرانس برس، توجيه التهمة رسميا إلى إريك لوران وكاترين غراسييه اللذين كانا يعدا كتابا حول ملك المغرب، يفترض أن يصدر في مطلع العام المقبل، بحسب دار النشر "لو سوي". وأطلق سراح الصحفيين المستقلين اللذين صدرت لهما حتى الآن عدة كتب، ولا سيما حول المغرب، بكفالة ما يحظر عليهما الاتصال أحدهما بالآخر ومع أي طرف أخر ضالع في القضية. وأوقف الصحفيان، الخميس، لدى خروجهما من لقاء مع ممثل عن المغرب جرى خلاله "تسليم وقبول مبلغ مالي" وفق مصدر مطلع على الملف. واعترف إريك لوران (68 عاما) بالوقائع، على ما أكدت ثلاثة مصادر مطلعة على الملف لوكالة فرانس برس، السبت، من غير أن تحدد بشكل دقيق فحوى الاعترافات. لكن لوران نفى لاحقا على لسان محاميه أي عملية ابتزاز، وقال إنه سعى إلى "اتفاق مالي" مع الرباط، مشيرا إلى أنه ضحية "تلاعب" سياسي. وقال المحامي وليام بوردون، لفرانس برس إن "إريك لوران يعترف ويؤكد أنه وافق على التوصل إلى اتفاق مالي في ظروف لا تمت إلى الابتزاز بصلة". وأضاف أن "لا شيء في الملف يحدد ما إذا كان أحد الصحفيين أجرى مناقشة ذات طابع مالي، أو أن أحدهما طلب دفعة في مقابل التنازل عن نشر الكتاب". وأقر إريك موتيه، محامي كاترين غراسييه، مساء الجمعة بوجود "صفقة مالية". لكنه قال إن الصفقة تمت في ظروف "مريبة جدا" مضيفا لوكالة فرانس برس، "من الواضح أن المملكة المغربية لديها حسابات تريد تسويتها مع كاترين غراسييه"، موضحا أن موكلته وقعت في "فخ" نصب لها. وكانت الصحفية الأربعينية الاختصاصية في شؤون المغرب العربي، تعاونت لمدة سنتين مع صحيفة "لو جورنال إيبدومادير" المغربية المعروفة باستقلاليتها، والتي اضطرت إلى الإغلاق في 2010. وفي مطلع 2012 نشرت مع إريك لوران كتابا ضد العاهل المغربي بعنوان "الملك المفترس". وحظر توزيع صحيفة ألبايس الاسبانية في المغرب يوم نشرها مقاطع مثيرة من الكتاب. وبحسب رواية محامي المغرب إيريك دوبون موريتي، تعود القضية إلى 23 يوليو عندما اتصل إريك لوران بالديوان الملكي المغربي ليطلب موعدا وقال إنه يعد لكتاب. وتابع المحامي أن الصحفي عرض لاحقا، خلال اللقاء، التخلي عن مشروعه مقابل ثلاثة ملايين يورو. وتقدم المغرب عندها بشكوى في باريس دفعت النيابة إلى فتح تحقيق، وفي هذا الإطار نظمت اجتماعات و"تم تصوير وتسجيل لقاءات بين ممثل الملك" والصحفيين، بحسب دوبون موريتي. وقال محامي كاترين غراسييه إن "المحامي الموكل من الملك هو تحديدا الذي نصب الفخ للصحفيين بواسطة تسجيلات عشوائية" معتبرا أن "في هذه القضية منطق تحايل". وأفاد محامي المغرب أن الصحفيين وافقا خلال الاجتماعات على تخفيض المبلغ الذي يطالبان به إلى مليونين وخرجا من الاجتماع الأخير الخميس ومعهما "دفعة مسبقة كبيرة قدرها 40 ألف يورو لكل منهما". وكشفت شبكة بي إف أم التلفزيونية الفرنسية أن الصحفيين وقعا خلال اللقاء الأخير "عقدا" يتعهدان فيه ب"عدم كتابة أي شيء بعد الآن حول المملكة المغربية"، ولقاء ذلك "نؤكد أننا تلقينا اليوم دفعة مسبقة قدرها 80 ألف يورو". وتأتي هذه القضية في وقت تشهد العلاقات بين المغرب وفرنسا تقاربا، بعد خلاف استمر عاما كاملا إثر مسالة قضائية أيضا هي تحقيق فتحته فرنسا حول اتهامات تعذيب موجهة إلى رئيس أجهزة مكافحة التجسس المغربية عبد اللطيف حموشي. وخصصت معظم الصحف المغربية صفحاتها الأولى السبت ل"عملية الابتزاز" هذه. ورأت صحيفة "لو ماتان" المقربة من الديوان الملكي أن القضية قد تكون "مقدمة لجدل حول موضوعية الصحافة الدولية وصدقها" وهي تتهم بانتظام بتبني مواقف سلبية تجاه الملك والإسراف في انتقاده. ووصفت صحيفة "الحدث" المستقلة في افتتاحية الصحفيين بأنهما "منحرفان" ورأت أن القضية لا "تبرر الارتياب بالصحافة الفرنسية.