"في ذكرى نصر أكتوبر المجيدة نسترجع الأحداث وعظمة الرجال".. هي العبارة التي بدأ بها الفيلم الوثائقي "6 أكتوبر إرادة شعب" الذي أنتجته الشئون المعنوية التابعة للقوات المسلحة ويتحدث عن انتصار الجيش في حرب 6 أكتوبر 1973 العاشر من رمضان. ويدمج الفيلم مابين شهادات لقيادات بالقوات المسلحة ومنهم أمين هويدي، وزير الحربية، اللواء السيد الشرقاوي، قائد الكتيبة 43 صاعقة إبان الحرب . كما عرض الفيلم اقتباسات من كلمات الرئيس الراحل محمد أنور السادات وعرضا للصور البانورمانية وللجنود مع أسرهم. في سيمفونية رائعة اشترك فيها 100 ألف مقاتل كان لكل واحد منهم دوره و فى دليلا حيا على قدرة الإنجاز للتخطيط الجيد والإعداد الكافي والتجهيز النفسي والمعنوي واتخاذ القرار الصحيح في الوقت السليم تحت مظلة المفاجأة واستخدام أساليب الخداع التعبوي والتكتيكي والاستراتيجي. استطاع نصر أكتوبر أن يعيد رسم خريطة القوى في العالم، فلم تكن حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر مجرد حرب للعبور وتحرير الأرض لكنها كانت نقطة تحول كبرى في تاريخ أمة، لقد علا الصوت العربي وأفاق العالم أجمع على قوة المصريين والعرب وأحست أوروبا والولايات المتحدة بالقلق من ذلك السلاح الخطير الذي استخدمه العرب ضدهم، وهو سلاح البترول الذي سار متوازيًا مع انتصار أكتوبر، وأدرك الجميع أن العرب حينما يتحدون يستطيعون مواجهة أية قوة ظالمة. كانت فكرة العبور حدثا تنبهر له العقول، فضلا عن عبقرية التخطيط، فإن قدرة مصر على خداع الجميع كان أهم عوامل تمكين القوات المصرية من أداء مهامها بامتلاك كامل لزمام الأمور وحرمان إسرائيل من أية ضربة مضادة، والحقيقة أن ملف الخداع يعتبر واحدا من أهم وأخطر ملفات التحضير لحرب أكتوبر، حيث أكدت مصر من خلال هذا الملف أنها استوعبت كل دروس المواجهات السابقة مع إسرائيل، ولعل ذلك هو سر نجاح مخطط الخداع فى تحقيق هدف تضليل إسرائيل بعيدا عن النوايا الحقيقية لمصر وأذاقتها من نفس الكأس. وبدأت نسمات النصر عندما أشارت عقارب الساعة نحو الثانية من بعد ظهر يوم السادس من أكتوبر، حيث بدأ أكثر من ألفى مدفع ثقيل قصفه لمواقع العدو في نفس اللحظة التي عبرت فيها سماء القناة مائتان وثماني طائرات تشكل القوة الجوية المكلفة بالضربة الجوية الأولى التي أصابت مراكز القيادة والسيطرة الإسرائيلية بالشلل التام، وفى نفس الوقت كان أكثر من ثمانية آلاف مقاتل بدأوا النزول إلى مياه القناة واعتلاء القوارب المطاطية والتحرك تحت لهيب النيران نحو الشاطئ الشرقي للقناة، بعد ذلك بدأت عمليات نصب الكباري بواسطة سلاح المهندسين . لم تكن حرب أكتوبر مجرد معركة عسكرية استطاعت فيها مصر أن تحقق انتصارا عسكريا على إسرائيل بل كانت اختبارا تاريخيا حاسما لقدرة الشعب المصري على أن يحول حلم التحرير وإزالة آثار العدوان إلى حقيقة لقد ظل هذا الحلم يؤرق كل مصري من العسكريين والمدنيين الرجال والنساء. تلك الحرب التي تحملت فيها القوات المسلحة المسئولية الأولى وعبء المواجهة الحاسمة وكانت إنجازا هائلا غير مسبوق، إلا أن الشعب المصري بمختلف طوائفه وفئاته كان البطل الأول للحرب وتحقيق نصر أكتوبر، حتى أن تلك الحرب المجيدة يطلق عليها حرب الشعب المصري كله حيث لا توجد أسرة مصرية لم تقدم شهيدا أو مصابا أو مقاتلا فى تلك الحرب. ويعتبر الشعب المصري البطل الحقيقي في تلك الحرب لأنه استطاع في زمن قياسي تجاوز محنة النكسة وما حدث فى 1967، فرغم الحزن الشديد إلا أنه ما لبث أن ساند النظام وأرجع النكسة إلى ما كان من تآمر القوى الاستعمارية، ومن هنا رفض الشعب تنحى الزعيم جمال عبد الناصر وأصر على بقائه ليواصل المسيرة وتحقيق النصر. واتخذت العديد من الإجراءات والقرارات لم تجد معارضة أو تذمرا منه في ظل الإحساس الشعبي بضرورة ترشيد الاستهلاك فتحمل الشعب المصري نفقات زيادة الإنفاق العسكري من 5.5% من الناتج المحلى عام 62 إلى 21.5% عام 1973، وتحمل الشعب أيضًا تمويل احتياجات القوات المسلحة.