رغم مرور سنوات عدة علي تعرضها لحادث تحرش مؤلم جعلها تتمني لو أن ملابسها الداخلية مصنوعة من حديد حتى لا يستطيع رجل لمس جسدها، إلا أن الفنانة الأفغانية الشابة كبرا خادمي،التي لا يتجاوز عمرها ال 27 عامًا، لم تنس ألم الحادث، بل أنه مع تفشي ظاهرتي التحرش والاغتصاب في بلدها دون رادع جعلها تقوم بتجربة غريبة وجريئة، حيث ذهبت لأحد الحدادين وطلبت منه أن يفصل لها درعًا حديديًا ترتديه ليحمي مفاتن جسدها من التحرش، ثم قامت بارتدائه وتجولت به في أحد الشوارع المزدحمة بالعاصمة الأفغانية كابول، ولكنها لم تستمر سوي بضع دقائق لما تعرضت له من سخرية وإهانات من قبل المارة الرجال حتى وصل الأمر لرشقها بالحجارة.وبالرغم من أن هدفها الأساسي من هذه الخطوة هو تنبيه المسئولين إلي أي مدي تعاني نساء بلدها من التحرش، إلا أن الأمر جاء معاكسًا حيث استقبلت كبرا رسائل مجهولة تهددها بالقتل في حال لو قامت بمثل هذه التجربة ثانيا. وقد جاء ذلك الحدث الفريد ليذكرنا بما كان يعرف قديما ب «حزام العفة»، الذي كان يستخدم في القرون الوسطي، في أوقات الحرب لحماية النساء من الاغتصاب أو اللقاء الجنسي أثناء ذهاب الرجال للحروب، وهو عبارة عن طوق من الجلد أو الحديد له قفل يلتف حول خصر المرأة فيغلق الفرج باستثناء فتحات ضيقة لقضاء الحاجة، ويحتفظ الزوج بمفتاحه معه. وبالطبع لا يستخدم حزام العفة في عصرنا هذا بشكله القديم، إلا أنه مازال يستخدم بشكله الأكثر تطورًا، في عدد من الدول التي تعاني من تفشي ظاهرتي التحرش والاغتصاب بشكل كبير، وعلي رأسهم الهند التي قام عدد من طلابها بابتكار ملابس داخلية مضادة للاغتصاب ومزودة بنظام تحديد المواقع «جي.بي.اس»، ويمكنها صعق المعتدين جنسيا، كما ستنبه الشرطة عند تنشيط الجهاز. وتمر أسلاك عبر الملابس الداخلية التي تشبه ملابس النوم النسائية في منطقة الصدر وترسل تيارا كهربائيا لصعق المهاجم عندما يحاول التعدي على جسد المرأة مما يتسبب في شلل مؤقت له وذلك عن طريق دائرة كهربائية داخل الملابس الداخلية، ،قد استمر العمل علي الابتكار شهور عدة للتخطيط الجيد وتوصيل دوائر كهربائية حساسة لا تؤذي من ترتدي الملابس الداخلية. كما أن هناك شيئا شبيهًا بحزام العفة في الأسواق الأوروبية، وهو عبارة عن ملبس داخلي بحزام من الوسط مزود برقم سري ولا يمكن خلعه مطلقا إلا من خلال إدخال الرقم السري، الذي لا يعلمه سوى صاحبته، وهناك ابتكار آخر مضاد للاغتصاب وهو عبارة عن سروال قصير مزود بثلاثة أحزمة أحدها يلف منطقة أسفل البطن والظهر، والآخران يحيطان بأعلى الفخذين، وهي مصنوعة من مواد غير قابلة للتمزيق أو القطع باستخدام المقص أو سكين حادة. إهانة للمرأة وبالرغم من أن عدد من الناشطين الحقوقيين يرون أن في حزام العفة إهانة للمرأة وكبتًا لحريتها وتعديًا علي حقوقها الإنسانية، ويعد استخدامه في عصرنا هذا أحد مظاهر التردي الثقافي والتراجع الحضاري، إلا أنه بالفعل متاح وهناك نساء يقبلن على شرائه، من أجل الإحساس بالأمان ولا يرون في ارتدائه حرجًا بل حماية ومثله مثل مسحوق رذاذ الفلفل والصاعق الكهربائي وأشياء كثيرة تلجأ لها الفتيات للدفاع عن أنفسهن. وتعلق آمال عبدالهادي الناشطة الحقوقية على ذلك قائلة: إن هذه الفتاة الأفغانية لجأت لذلك كنوع من الاحتجاج على تفشى ظاهرة التحرش في بلدها، وأنا أعتقد أن استخدام مثل هذا الدروع لا يمكن أن يحدث في مصر، فرغم وجود العديد من حالات التحرش، إلا اننا نحاول أن نقضى علي هذه الظاهرة من خلال تغيير وسن قوانين تحد منها، بالإضافة أن الوضع الأمني في مصر في تحسن مستمر مما ساعد علي التقليل من هذه الظاهرة السيئة، كما أن الدولة مهتمة بالقضاء عليها فمثلا ذهاب الرئيس عبد الفتاح السيسى لإحدي الحالات التي تعرضت للتحرش يعنى رفض وإصرار الدولة علي محاربة هذه الظاهرة. ظاهرة قديمة بينما تقول الدكتورة هبة الفايد استشاري الطب النفسي: إن التحرش هو انحراف سلوكي يستوجب التقويم، لكن لا يمكن عمل ذلك دون معرفة أسبابه، كما أنه ظاهرة قديمة، لكن تم تسليط الضوء عليها في السنوات الأخيرة، لذا يحاول البعض لفت الأنظار إلى هذه الظاهرة بابتكار أساليب من وجهة نظرهم أنها سوف تساعد في الحد منها، وهو ما حدث مع هذه الفتاة الأفغانية التي قامت بارتداء جسم حديدي حول جسمها لتعبر عن رفضها لهذه الظاهرة ، وبالتالي فهو رد فعل فردى من جانبها، الهدف منها لفت الانتباه فقط. كما أن هذه الفكرة لم تود إلي تعاطف المجتمع الأفغاني معها، لأنه هناك طرق أفضل من ذلك لمحاربة التحرش بها. وأضافت: هذا الجسم الحديدي يذكرنا بحزام العفة الذي انتشر في العصور الوسطى، وأعتقد أنه لا يمكن أن ينتشر مثل هذا الجهاز في مصر فالبيئة الاجتماعية والسياسية والثقافية مختلفة تماما عن أفغانستان، كما أن المصريات قررن محاربة هذه الظاهرة بطرق إيجابية من خلال التوعية والتكامل بين مؤسسات الدولة والمجتمع المدني، بالإضافة إلى الحوار المجتمعي المستمر حول ضرورة تغليظ العقوبة على من يقوم بهذا الفعل، كما أن تحسن الأوضاع السياسية والأمنية في مصر قلل من التحرش. حزام العفة بدايته كانت في أوروبا في العصور الوسطى.. و كان حزام العفة عبارة عن هيكل معدنى فى اتساع راحة اليد يلبس حول عورة المرأة ولا يترك لها سوى ثقب صغير يسمح لها بقضاء حاجتها، يقفل هذا الحزام عند أعلى الفخذ بقفل متين يحتفظ الزوج بمفتاحه، ويرجع تاريخ هذه الوسيلة الجهنمية إلى «أوديسة» هوميروس، التي وصف فيها خيانة «أفروديت» لزوجها «هيفايستوس» مع أخيه «آرس»، مما اضطر الزوج إلى صنع هذا الحزام، إلا أن أهل اليونان لم يستخدموه بل كان أول من استخدمه أهل فلورنسا ولذلك حمل اسماً آخر وهو «حزام فلورنسا»، والعجيب أن التجار تفننوا في تزيين هذا الحزام بالذهب والأحجار الكريمة.. نقلا عن الأهرام اليومي.