بعد الفتح الآمن للبورصة ، طالب خبراء تداول الأوراق المالية بتنشيط سوق السندات من خلال توسيع قاعدة المتعاملين الرئيسين وزيادة توعية الأفراد المستثمرين بأهمية الاستثمار في السندات كسوق آمنة. وتمكن سوق السندات الحكومة والشركات من الاقتراض من السوق نظير عائد، ويعتبر الاستثمار فى السندات من أكثر الاستثمارات أمانا. يؤكد الدكتور عصام خليفة، مدير صناديق الأهلي للإستثمار، أن سوق السندات طالب به الخبراء منذ سنوات عديدة مضت، وأن حجم تعامل هذه السوق في البورصات العالمية يصل إلى ضعف حجم التعامل فى سوق الأسهم بينما فى مصر فهو لا يذكر. ويقول خليفة: إن المشكلة في مصر أن معظم الطروحات من السندات الحكومية، وأن القائمين عليها هم البنوك وشركات التأمين الكبري فقط لأن ميزانياتها كبيرة، ولذا هى قادرة علي تغطية هذه الطروحات. ويطالب خليفة بتوسيع الجهات التي تتعامل مع هذه الطروحات لتصل إلى أيدي الأفراد، مشيراً إلى أن السندات تتميز بأنها يطلق عليها "الاستثمار في الأدوات ذات الدخل الثابت" لأن المخاطرة فيها تكاد تكون منعدمة. ويطالب بالابتعاد عن السندات عالية المخاطر المتداولة في الأسواق الغربية التى تصدر عن دول أو شركات تصنيفها الائتماني دون المستوي، مما يجعل احتمالات تعرضها للخسائر أمر وارد لهذا فإن مثل هذه السندات مصدريها يحرصون علي ارتفاع سعر العائد عليها لتشجيع المؤسسات والأفراد على الاكتتاب فيها . ينوه خليفة إلي أن معظم المتعاملين في البورصة يفضلون المضاربة والتعاملات قصيرة الآجل، وهي بلا شك في ظل الظروف العادية للبورصة تحقق عوائد أكثر من الاستثمار في السندات التي تعد استثمار طويل الآجل. لكن مصطفي عزب العضو المنتدب لشركة " إيه وان" لتداول الأوراق يري أن معظم الشركات العاملة في السوق المصرية غير مؤهلة لإصدار السندات وذلك مرجعه إما عدم رغبة الشركة في إصدارها أو نتيجة لإنخفاض جدارتها الائتمانية مشيرًا إلي أن السندات الحكومية يتم الاكتتاب فيها من قبل ما يعرف " بالمتعاملين الرئيسين " لضمان تغطية الاكتتابات وهؤلاء تكون ملاءتهم الائتمانية عالية إضافة إلي سندات الشركات التي تعرف بسندات التوريق أو صكوك التمويل، وأن تغطيتها يحتاج إلي قدر عالي من الثقافة لدي جمهور المستثمرين وضرورة وضع خطط للترويج لها . ولكن عمرو الجنايني خبير أسواق المال فيري أن المستثمرين من الأفراد قد يفضلون استثمار أموالهم في السندات خصوصًا في حالات عدم الاستقرار السياسي، مشيرًا إلى أن الشركات المصدرة للسندات تكون خاضعة لتقييم ائتماني عالي من قبل شركات التصنيف العالمية بل لابد أن تكون هذه الشركات التي تقوم بعمليات التقييم ضامنه لهذه السندات وتتقاسم هذه الضمانة معها الشركة المروجة للسندات . يشير إلي أن السندات الحكومية التي كانت تطرحها الحكومة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك كانت تقييمها دائماً منخفضًا، وبالتالي نسبة مخاطرها عالية لأن مبارك كان متقدماً في العمر واحتمالات القلاقل السياسية والثورات أمر وارد خصوصًا في فترتي حكمه الأخيرتين . يختتم قائلاً أن تنشيط سوق السندات له مميزات عديدة للشركات والأفراد فإنه يعد اقتراض من السوق بتكلفة منخفضة مقارنة بالتمويل البنكي . يؤكد هاني توفيق رئيس جمعية المتعاملين في الأوراق المالية سابقًا أن تنشيط سوق السندات يكون بحاجة إلى أن يقوم البنك المركزي بتوسيع قاعدة المتعاملين الرئيسيين، مشيرًا إلي أن هناك علاقة عكسية بين سوق الأسهم والسندات بمعني أن نشاط الأسهم يضعف سوق السندات والعكس صحيح، ويقول توفيق أن صغار المستثمرين، عندما يخرجون من البورصة يبحثون عن ملاذ آمن لاستثمار أموالهم بينما ينتظرون صعود سوق الأسهم مرة أخري. ويقول توفيق أن سوق السندات ما زال مقصورًا علي الحكومة التي تصدر أذون للخزانة وسندات لآجال قصيرة، وأنها تحتاج هذه الأموال العامة لتسد العجز في الموازنة العامة خصوصا المرتبات والأجور، لذا فهي قصيرة الآجال تتراوح بين 3 أشهر وسنة، وهذه الأموال لا تستخدم في مشروعات قومية تدر عوائد كبيرة علي الاقتصاد المصري وهو انتقاد يوجه إلي الحكومة المصرية دائمًا التي تسيء استخدام أموال السندات، وأصبح كل دورها أنها تجمع سيولة نقدية قصيرة الآجل لتغطية الأجور والمرتبات ثم تسدد جزءًا منها وتطرح أذون خزانه وسندات أخرى وهكذا تدور في حلقة مفرغة . أضاف هاني توفيق أن نسبة التعاملات علي السندات في البورصة تتراوح بين 4- 5 % من إجمالي التعاملات في الأسهم مشيرًا إلي أن السندات وأذون الخزانة الحكومية يسهل تسييلها وبيعها في أي وقت دون التقيد بفترة استحقاقها لأنها مضمونة من وزارة الخزانة لكن المشكلة في سندات الشركات فإن من عيوبها أنه لا يوجد سوق ثانوية لها لأن معظم المكتتبين فيها هواة الادخار لفترات طويلة، لذا فإنه يمكن القول بأن مثل هذه السندات يكون هناك قيودًا علي تداولها؛ لأن أصحابها يعتمدون علي كوبون بقيمة السند محددة بعد فترة استثماره المقررة . كذلك يري الدكتور مصطفي بدره مدير الاستثمار بشركة " أصول" لتداول الأوراق المالية أن سوق السندات في مصر لا تزال ناشئة فهي لا تزال مقصورة علي عدد ضئيل من المؤسسات والشركات التي تصدرها موضحاً أن هذه السندات بمثابة سيف علي رقاب هذه الشركات لأن أصول هذه الشركات المصدرة للسند ترتهن للشركة الضامنة له، لذا فإن الشركات المصدرة للسندات لابد أن يكون لديها خطة لتكوين مخزون مالي كبير بهدف تنفيذ مشروعات ضخمة تدر عوائد مالية عليها . يضيف أن إصدار السندات تمويل نظيف واقتصادي للشركة أفضل من الاقتراض من البنوك لأن حامل السند لا يتدخل في إدارتها إضافة إلي أن الشركة المصدرة للسند يمكنها أن تسدد قيمة هذه السندات بشكل جزئي في أي وقت من خلال تجميعها وسداد قيمتها أما الاقتراض من البنوك، فيرتبط بفترة زمنية للاقتراض، ولا يمكن للشركة تقصير مدة القرض بل أنه يعرف في العرف المصرفي، بأن هناك غرامة علي الدفع المعجل لقيمة القرض . ويري بدره أيضًا أن الشركات أو المؤسسات التي تميل إلي إصدار السندات يجب أن يكون لديها خبراء تمويل علي درجة عليه من الوعي التمويلي نادرًا ما تجدهم إلا في المؤسسات ذات الملاءة المالية الكبيرة وأمامها فرص استثمارية واعدة وكبيرة.