كشفت منظمة "هيومان رايتس ووتش" المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان في تقرير نشرته مؤخرا عن شهادات العشرات من الفتيات اللواتي اختطفتهن جماعة "بوكو حرام" في نيجيريا وحياتهن اليومية التي باتت أشبه بالجحيم لتعرضهن للاغتصاب والزواج القسري وإرغامهن على المشاركة في القتال. وعلى الرغم من أن وزير الخارجية الفرنسى لوران فابيوس أكد لقناة "بى إف إم" الفرنسية أنه تم توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة النيجيرية ومقاتلي "بوكو حرام" والذي ينص على إطلاق سراح 219 طالبة من الفتيات المحتجزات منذ منتصف أبريل الماضى، إلا أنه لم يعرف شيئًا حتى الآن عن مصيرهن أو مكان احتجازهن. ونشرت المنظمة شهادات 12 فتاة من بين 276 فتاة اختطفت منذ 14 أبريل فى منطقة شيبوك شمال شرقى نيجيريا نجحن فى الهرب من أيدي الجماعة الإسلامية المتشددة وأسيرات أخريات أفرج عنهن حيث اختطفت "بوكو حرام" أكثر من 500 فتاة منذ عام 2009 حسب ما ذكرت "هيومان رايتس ووتش". وتتعرض الفتيات لانتهاكات جسدية ونفسية فضلا عن إجبارهن على الانخراط فى عمليات القتال، والزواج تحت التهديد، والاغتصاب،كما تلقين معاملة العبيد عند قيامهن بالأعمال المنزلية اليومية.. وتروى فتاة تدعى هايوا اختطفت في سبتمبر 2013 "أرغموني على مرافقتهم خلال معاركهم وحمل الذخائر. وأمروني بالانبطاح أرضًا بينما كانوا يقاتلون وأن أحمل رصاص بنادقهم. كانت المرة الأولى التى أمرونى فيها بقتل رجل، فارتعدت فرائصي وسقطت على الأرض مغشيا على. فكرت حينها بأن أمسك بإحدى بنادق مقاتلى بوكو حرام وأن أقتل نفسي". واعتادت حركة "بوكو حرام" اختطاف الفتيات في نيجيريا إلا أنها تستهدف في المقام الأول المسيحيات منهن واللواتي يذهبن إلى المدارس لإرغامهن على اعتناق الإسلام تحت تهديد السلاح أو قتلهن، وكذلك ترك مقاعد الدراسة.. وتروي طالبة أخرى أنها صادفت مقاتلي "بوكو حرام" وهى فى طريقها إلى المدرسة فى يناير الماضى برفقة زميلاتها، فانتهرهن أحدهم قائلًا "تلك من نبحث عنهن, إنكن فتيات عنيدات أصررن على الذهاب إلى المدرسة رغم أننا أعلنا أن بوكو (التعليم الغربى) حرام.. سنقتلكن اليوم". ومن ثم احتجزت تلك الفتيات طوال يومين فى غابة سامبيسا حيث معقل "بوكو حرام" ولم يطلق سراحهن سوى بعد أن تظاهرن باعتناق الإسلام ووعدن بعدم العودة إلى صفوف الدارسة نهائيا. ويشير تقرير منظمة "هيومان رايتس ووتش" أيضا إلى أن هذه الحركة الإسلامية المتشددة تحتجز الفتيات بغض النظر عن أعمارهن. وحينما قالت إحداهن (17 عامًا) لأحد قادة الحركة أن الفتيات فى سنها صغيرات جدًا على سن الزواج, أشار بإصبعه إلى ابنته والتي تبلغ من العمر خمسة أعوام قائلًا "إنها تزوجت العام الماضي وبانتظار سن البلوغ لإتمام زواجها، فكيف لمن هي في عمرك أن تكون صغيرة جدًا على سن الزواج?". ورصدت المنظمة عدة حالات اغتصاب حيث تحدثت بعض الفتيات في شهادتهن عن قسوة النساء اللواتي يعشن بين صفوف هذه الجماعة المتشددة إذ تغتصب الفتيات تحت مرأى ومسمع منهن دون أن يحركن ساكنا بل تمنعهن من الهرب. وتتذكر إحدى الطالبات قصة اختطافها بقولها، إن عصابة من جماعة بوكو حرام تمكنت من الدخول إلى مدرستها دون عناء وقاموا بجمع الفتيات في مكان واحد باعتبارهم رجال شرطة،وطلبوا منهن التزام الهدوء, وأنهم موجودون هنا فقط لحمايتهن.. ولم يكن لديهم سيارات كافية لنقل كل الفتيات ومن ثم أرغموهن على السير مسافة نحو 15 كيلومترا حتى يتمكنوا من إيجاد وسائل نقل أخرى. وتؤكد منظمة "هيومان رايتس ووتش" أن كل تلك الشهادات " تشي بأن الحكومة النيجيرية لم تقم بحماية النساء والفتيات بالشكل اللائق من الانتهاكات العديدة التي يتعرضن لها، ولم تقدم لهن الدعم الحقيقي أو العناية الطبية والنفسية بعد إطلاق سراحهن. كما أنها لم تضمن لهن التعليم فى مدارس آمنة أو التحقيق في عمليات اختطافهن وملاحقة مرتكبي هذه الانتهاكات أمام القضاء".