على مدى 147 عامًا حكمت أسرة محمد علي مصر، ولم يبق منها غير أحداث دونت في كتب التاريخ ومجموعة كبيرة من المجوهرات أصبحت شاهدًا على عصر تلك الأسرة، حيث تحمل كل جوهرة قصة وكل فص من فصوص الذهب أو الألماس أو الزمرد حكاية عن صاحبها أو صاحبتها ومناسبته. مجموعة المجوهرات الثمينة والتاريخية تم وضعها في متحف المجوهرات الملكية بزيزنيا بالإسكندرية . ويقوم وزير الآثار الدكتور ممدوح الدماطي غدًا الأحد بإعادة افتتاح متحف المجوهرات الملكية مرة أخرى بعد إغلاقه عقب اندلاع ثورة يناير 2011 ، لمدة 3 سنوات حرصًا على سلامة مقتنياته الفريدة والنادرة بخاصة بعد حالة الانفلات الأمني التي شهدتها البلاد عقب الثورة، وهو ما يُعد مؤشرًا لعودة الأمن والاستقرار لمصر ، وكان أول افتتاح للمتحف عام 1986 ، ثم تم إغلاقه عام 2003 لتنفيذ مشروع ترميم متكامل للمتحف استغرق 7 سنوات وتم افتتاحه عام 2010. وللمتحف أهمية خاصة حيث يعبر عن جزء من تاريخ مصر بما يحتويه من مقتنيات رفيعة المستوى تعكس مدى التحضر الكبير حيث تميزت أسرة محمد علي باهتمامها الشديد بمظاهر الثراء المادي والفني فكان اقتناؤهم للتحف الثمينة والمجوهرات النادرة، وكانت الاعياد والاحداث التاريخية وحفلات التتويج والزفاف والاحتفالات الرسمية مناسبة مهمة يظهر فيها ولعهم بهذه المقتنيات الثمينة، ومن ثم فقد توافر لأسرة محمد علي العديد منها والتي ارتبطت في معظمها بتلك المناسبات التاريخية والتي كانت تورث جيلًا بعد جيل. وفى أغسطس 1952 صدر قرار مجلس قيادة الثورة باسترداد أموال الشعب و ممتلكاته من الأسرة المالكة وصارت تمثل تراثًا مهمًا يعكس فترة تاريخية طويلة امتدت لقرابة قرن ونصف شهدت أحداثًا تاريخية أثرت تأثيرًا مباشرًا في حياة الشعب المصري وفي المنطقة العربية، وتمت مصادرة المجوهرات الملكية ووضعت في خزائن الإدارة العامة للأموال المستردة ولم يخرجها من عزلتها سوى تقرير المجالس القومية المتخصصة الذي أوصى بإنشاء هذا المتحف. ووقع الاختيار على قصر الأميرة فاطمة الزهراء بالإسكندرية ليكون متحفًا لمجوهرات أسرة محمد علي لاعتبارات متعددة يأتي في مقدمتها أنها إحدى أميرات تلك الأسرة كريمة الأمير حيدر فاضل نجل الأمير مصطفى فاضل شقيق الخديوي إسماعيل، وقد شيدت السيدة زينب كريمة علي باشا ووالدة فاطمة الزهراء هذا القصر في عام 1919م وأكملت بناءه وزخرفته الأميرة فاطمة الزهراء على الطراز الأوروبي الذي كان سائداً في القرن التاسع عشر . ويعد القصر فى حد ذاته متحفًا لفنون العمارة الأوروبية تتناسب مع المعروض من تلك المجوهرات التي يعود تاريخها إلى عام 1805 عندما تولى محمد علي باشا عرش مصر ، حيث قام بتصميمه وتنفيذه مهندسون وفنانون إيطاليون وفرنسيون وبلجيك على طراز أوروبي، وتبنت المدرسة التى نفذت ديكورات القصر مبادئ مدرسة مايكل أنجلو التي تستخدم الألوان الهادئة. ومتحف المجوهرات الملكية، هو أكبر المتاحف المصرية وأغلاها وأثمنها لما فيه من نفائس المجوهرات والحلي وتبلغ مساحته نحو4185 مترا مربعا ، ويضم 924 قطعة أثرية (ما بين معروض ومخزون) من مجوهرات الملك فؤاد والملك فاروق وزوجاتهما وأمراء وأميرات العائلة المالكة، كما تضم قاعاته العديد من اللوحات والزخارف والتماثيل النادرة. ومن أبرز المقتنيات الاثرية والفنية النادرة بالمتحف علبة النشوق الذهبية المرصعة بالماس والخاصة بمحمد علي مؤسس الأسرة والشطرنج الخاص به وسيف التشريفة الخاص به وهو مصنوع من الصلب على شكل رأس ثعبان به 600 ألماسة. أما مجموعة الملك فاروق فقد اتسمت بالبذخ وكثرة استخدام الماس فيها وتم تخصيص 3 قاعات لها ، ومنها (بالتخشيخة) التي كان يستخدمها وهو طفل لاستدعاء أحد الخدم وصنعت علي هيئة التاج الملكي من البلاتين المرصع بالألماس والزمرد والياقوت وتتوسطها قنة من البلاتين مطلية بالمينا البرتقالي وبداخلها كرات صغيرة من الذهب ولها يد من العقيق ، والعصا المرشالية التي طالما استخدمها في تنقلاته وهي مصنوعة من الأبنوس والذهب، وشطرنج من الذهب المموه بالمينا الملونة المرصع بالماس، وصينية ذهبية عليها توقيع 110 من الباشوات، وطبق من العقيق مهدى من قيصر روسيا، كما يضم المتحف مجموعة مجوهرات الأميرات، والأمراء والملكة ناريمان، والأوسمة والقلادات والنياشين. ولعل أول ما يلفت النظر في قاعة الأميرات تاج الأميرة شويكار وهو من أضخم تيجان مجوهرات أسرة محمد علي وأجملها، فى حين تأتي قاعة الملكة فريدة في المرتبة الثانية بعد قاعة زوجها الملك فاروق ومن مقتنياتها التاج المصنوع من الذهب والبلاتين والمرصع بعدد 1506 قطع من الألماس مع قرط من البلاتين والذهب مرصع بعد 136 قطعة من الألماس، بالإضافة إلى مجموعة رائعة من الأقراط المرصعة بالألماس والياقوت والزبرجد والزمرد وطقم كامل من المرجان ، فيما تضم مجموعة الأميرة فوزية شقيقة الملك فاروق والزوجة الأولى لشاه إيران الراحل محمد رضا بهلوي محبسًا من البلاتين عليه اسم الأميرة فوزية مرصعا بالبرلنت وتوكة حزام مرصعة بأكثر من 240 قطعة من الألماس.