شأن كل حدث داخل مصر المعبأة بقدر عال من الاستقطاب السياسي والانقسام الكبير، لم تحظ حركة المحافظين الجديدة بالرضا العام داخل المشهد السياسي، بل اندلعت مظاهرات في بعض المحافظات ضد المحافظ الجديد الذي تسلم عمله للتو. والمثير أن تنتقل المعارضة لداخل التيار الإسلامي، ففي الوقت الذي رفض فيه حزبا مصر القوية والنور التعليق على حركة المحافظين، أنتقدها حزب الوسط، حيث اعتبرها الدكتور سيد بلال عضو الهيئة العليا لحزب الوسط مجرد تحصيل حاصل مثل التعديل الوزاري بهذا التوقيت. إلا أن أعنف انتقاد أتى من جانب المعارضة السياسية، التي تسعي للاحتشاد الجماهيري يوم 30 يونيه، فمن جانبه استنكر عمرو موسى، رئيس حزب المؤتمر، حركة المحافظين موضحًا أنه لا يمكن ترجمتها إلا أنها تدفع لمزيد من الأخونة وتولية أهل الثقة بالدولة. واعتبر موسى عبر تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي " تويتر " أن النظام بهذا التعديل يوجه رسالة بأنه غير مستعد للاستجابة لمطالب الناس، وماض قدمًا في سياساته التي تزيد الغضب والاحتقان موضحًا أن التعيينات الجديدة بمثابة تصعيد سياسي من جانب النظام قبل يوم 30 يونيه. ووصف تعيين محافظ للأقصر ينتمي للجماعة الإسلامية التي يحرم قادتها السياحة وينادون بتحطيم الآثار وأيضًا يعادون الصوفيين علنًا بأنه "قرار جانبه الصواب وقرار ضد السياحة وضد الاستقرار". واتفق معه في الرأي إزاء محافظ الأقصر عضو مجلس الشعب السابق مصطفي بكري، الذي أكد إن إبعاد محافظها السابق، دليل على عدم الاهتمام بالكفاءات الناجحة، والاهتمام بمشروع التمكين لأعضاء الجماعة وأن الهدف من حركة المحافظين الإعداد للانتخابات البرلمانية القادمة وليس 30 يونيه كما يعتقد البعض. إلا أن رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، الدكتور محمد أبو الغار خالفهما الرأي بهذا السياق، حيث فسر اختيار القيادي بالجماعة الإسلامية المهندس عادل أسعد محمد الخياط محافظا للأقصر، بأن الرئيس محمد مرسى يكافئ الجماعة الإسلامية على موقفها السياسي الداعم له قبل 30 يونيه، ولحملة " تجرد " التي يقودها عاصم عبد الماجد عضو شورى الجماعة التي تدعو لدعم مشروعية الرئيس في مواجهة حملة " تمرد " التي تحاول نزع المشروعية السياسية منه. واتفق مع رؤية حزب الوسط لحركة المحافظين، القيادي بحزب الدستور الدكتور أحمد دراج، بقوله، أن حركة المحافظين لن تقدم شيئا أو تؤخر، لأن عنصر الوقت تجاوزها، فالنظام الذي فشل لمدة عام كامل لن يستطيع تقديم شيء قبل ما يقرب من 10 أيام من خروج الشعب لإسقاطه حسب وصفه. وأضاف أن الإخوان يتحدثون عن التغييرات الوزارية منذ وقت طويل، إلا أن 30 يونيه، كان له تأثير بخروج حركة محافظين بهذا التوقيت قبل التعديل الوزاري، لكسب ود المؤسسة العسكرية بالإضافة لتأمين مؤيديه الإسلاميين لصفه، وتحديدًالأغلبية المنتمية بالمحافظات التي تشعر الرئاسة بكونها خارج سيطرة الجماعة بعد نجاح حملة " تمرد " بالمحافظات. فيما أعتبر حزب الوفد حركة المحافظين دعمًا لأخونة الدولة، وخطط التمكين السياسي الذي تتبعه الجماعة منذ اليوم الأول لوصولها للسلطة. وقال الدكتور عبد الله المغازي المتحدث الرسمي باسم حزب الوفد: إن المعارضة حذرت الرئيس محمد مرسى أكثر من مرة من أخونة المحافظين قبل الانتخابات البرلمانية مشيرا إلي أن القرار سيعود على جماعة الإخوان بالسلب وليس بالإيجاب. ومن جهته قال الدكتور محمود العلايلي، المتحدث باسم لجنة انتخابات جبهة الإنقاذ الوطني: أن حركة المحافظين تحفز المصريين على المشاركة يوم 30 يونيه لإسقاط النظام، والتخلص من جماعة تصر على الاستحواذ على كل شيء، برغم الفشل الذي حققته بكل المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. واتفق معهما المرشح الرئاسي السابق أبو العز الحريري، إن الحركة بمثابة استكمال لمخطط الأخونة لمكاتب المحافظين، على حساب الكثير من المصريين الذين من الممكن أن يصلحوا لهذه المناصب، دعمًا لصالح أبناء الجماعة بالرغم من فشلهم الذي أثبتته التجربة من قبل. ووصفها بكونها محاولة لاستباق ما وصفه بالانفجار المتوقع يوم 30 يونيه، وتقليل التحديات التي تواجها الجماعة والرئاسة بهذا اليوم، واستباقية أيضًا للانتخابات البرلمانية القادمة. وقال مجدي حمدان، القيادي بحزب الجبهة الديمقراطية وعضو المكتب التنفيذي بجبهة الإنقاذ الوطني، أن تعيين عددًا من قيادات الجيش محاولة مفضوحة ومكشوفة لمحاولة استرداد تعاطف الجيش المصري ليغير مواقفه ليكون أكبر مناصريه يوم 30 يونيه، إلا أنه توقع أن الرئاسة لا تجيد قراءة الأوضاع في مصر، لكون تلك الحركة الأخيرة من الرئاسة ستزيد المصريين والقوى الثورية إصرارًا على إسقاط نظام الرئيس الذي فاق مبارك فاشية واستحواذًا، وأيضا يعجل بنهايته هو وجماعته حسب توصيفه. وأضاف أن هؤلاء المحافظين الجدد لن يكونوا إلا مجرد أسماء في قرار جمهوري لرئيس فاقد للشرعية، حسب إعلانه الدستوري الذي سقط بدستور الجماعة، ولأنه هناك إصرار من القوى الثورية بوقف محاولات التمكين، على حد تعبيره. فيما اعتبر التيار الشعبي أن الحركة ستساهم في زيادة الحشد يوم 30 يونيه، وأشار المتحدثة الإعلامية باسم التيار هبة ياسين أن الكثير من هؤلاء المحافظين ليست لهم كفاءة لتولى مناصبهم،التي باتت خاضعة للانتماء لجماعة الإخوان المسلمين ولمن يدين لهم بالولاء، بالإضافة إلى أن هناك محاولة لكسب ود العسكريين، ظنا منهم بإمكانية التهدئة بهذا اليوم، إلا أن هذا وهمًا كبيرًا حسب توصيفها. واعتبر حزب التجمع أن رد القوى الثورية والشبابية على الحركة الأخيرة سيكون قاسيًا يوم 30 يونيه، مؤكدًا عدم احترام الرئيس للقوى الثورية الغاضبة ضده بسبب سياساته. وقال حسين عبد الرزاق أمين عام الحزب، إلى أن مرسى يسلك نفس نهج النظام السابق مثل مبارك وسياساته ويعمل على التمكين وترسيخ أخونة مصر، لم يستجب لأي من المطالب التي رفعتها الثورة.