تدفع تطورات المشهد السياسي المصري نحو مشاركة أكبر بانتخابات مجلس النواب القادمة. فبعد الإجماع الخارجي حول ضرورة مشاركة المعارضة المدنية بتلك الانتخابات كما بدا في لقاءات رموزها مع وزير الخارجية الأمريكية جون كيري ومنسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون، أتت تصريحات وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السياسي السبت الماضي لتقديم قدر أكبر من الطمأنة السياسية تجاه نزاهة عمليات الانتخاب. ويعلي من شأن تلك الحوافز وجود رغبة أكيدة من جانب التيار الديني بما فيه الإخوان المسلمون لمشاركة أكبر من جانب المعارضة المدنية لإنهاء حالة الاحتقان السياسي بالشارع المصري، وتبيان الثقل الحقيقي لقوى المشهد السياسي بشقيه الديني والمدني، بحيث يكون المجلس الجديد قادر على ضبط إيقاع السياسة المصرية. والسؤال هنا هل تمثل تلك الحوافز دافعًا لقوى المعارضة على المشاركة بالانتخابات القادمة، وتحديدًا بعد سقوط خيار البعض داخلها على تدخل المؤسسة العسكرية لحسم التجاذب السياسي الراهن والعودة للحكم من جديد، بعد تصريحات السيسي الأخيرة التي أكد فيها أن التغيير لن يكون إلا عبر صناديق الاقتراع وبشكل سلمي، داعيًا من أسماهم بالمنادين بنزول الجيش للشارع أن يكون عندهم الإرادة ويشاركوا بفاعلية بالانتخابات القادمة حتى تتحقق إرادتهم في التغيير. فمن جانبه أعتبر الدكتور محمد أبو الغار، رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إن تصريحات السيسي، كلام رجل يعبر حقًا عن الناس، وأؤيده بشكل مطلق، منوهًا لمطالبة السيسي بعدم الزج بالجيش في الجدل السياسي الراهن سواء الصراعي منه أو حتى التفاهم بين القوى السياسية لإزالة الاحتقان السياسي بالشارع تعبر عن عقلانية وتقديرًا للموقف. وقال: لم نطالب بدخول الجيش والمشاركة بالحياة السياسية، فمهمته الأكبر تأمين وحماية الحدود المصرية، فأنا أوافق على عدم دخول أو الزج بالجيش في الحياة السياسية المصرية. وأعتبر أن تأمينه للانتخابات القادمة تمثل ضمانة إضافة للمشاركة في لانتخابات مجلس النواب. وأكد أن تطمينات السيسي لابد وأن تواكبها رغبة شعبية أكيدة في المشاركة بالانتخابات، فلو وقف المواطن 10 ساعات أمام صناديق الانتخابات سيحل مشاكل مصر كلها. فعلى الشعب أن يقود بدوره أيضًا ويقرر مصيره. أما باسل عادل القيادي بحزب الدستور، فقد اتفق مع أبو الغار اعتبر رسالة السيسي رسالة منطقية وتؤكد أن الجيش لن يكون جزءًا أو مشاركة في الجدل السياسي، بوصفه طرفًا فيه. إلا أن تمسك بالشروط التي وضعتها جبهة الإنقاذ من أجل المشاركة بالانتخابات القادمة، لكون رسالة الطمأنة التي قدمها السيسي لا تكفي لتأمين نزاهة العملية الانتخابية. فيما خالف تلك الرؤية، أحمد سعيد رئيس حزب المصريين الأحرار، الذي اعتبر أنه ليس من حق الجيش التدخل بالسياسة، و أن رسالة الطمأنة التي قدمها السيسي للمعارضة غير ذات معني، لكون هناك رقابة دولية خارجية بالإضافة للرقابة الداخلية من قبل رجال السلطة القضائية ومؤسسات المجتمع المدني. فيما أكد حسام الخولي السكرتير العام المساعد لحزب الوفد أن الشعب المصري يقدر قواته المسلحة، ويعترف بفضل الجيش في حماية ثورة 25 يناير والمصاعب التي واجهها الجيش حتى إتمام عملية الانتخابات الرئاسية. وأشار الخولي في تصريحاته ل"بوابة الأهرام" ، إلي أن الجيش لم يطمع في السلطة وكان كل همه مرور المرحلة الانتقالية بسلام ورغم بعض السلبيات التي شابت تلك المرحلة، إلا أنه نجح في مهمته، وأثبت للجميع أنه غير طامع في السلطة، وقام بتسليم إدارة البلاد للفائز في الانتخابات وعاد لمهمته الأساسية، حماية الحدود المصرية وتأمين الأمن القومي من الأعداء بالخارج. وقال الخولي إننا نثق في وطنية الفريق أول عبد الفتاح السيسي وجميع رجال قواتنا المسلحة البواسل وحرصهم علي كيان الدولة، مشيرًا أيضًا لدوره التنموي المهم من خلال المشروعات الكبرى التي ينفذها كالطرق والإسكان ومحطات المياه وغيرها. وحول إمكانية مشاركة جبهة الإنقاذ في الانتخابات البرلمانية القادمة في حالة تأمين الجيش للعملية الانتخابية أكد الخولي أن تأمين الجيش للانتخابات غير كاف لضمان نزاهتها مشيرا إلي أن مهمة الجيش ستكون تأمين اللجان من الخارج وتوصيل الصناديق فقط، أما التحقق من كشوف الناخبين وعمليات التصويت والفرز والضغط علي الناخبين للتصويت لصالح تيار معين فكل ذلك خارج نطاق إجراءات الجيش حيث أن الجيش سيشارك في عملية تأمين اللجان مع وزارة الداخلية فقط وهذا بالطبع لا يضمن نزاهة العملية الانتخابية مع احترامنا الكبير للجيش حيث ستكون جميع إجراءات العملية الانتخابية برمتها في أيدي الحكومة الحالية التي طالبت جبهة الإنقاذ بتغييرها كاملة برئيس وزرائها لعدم لضمان الحيادية وعدم تدخلها في العملية الانتخابية لضمان نزاهتها لكن الرئيس محمد مرسي ضرب مطالب الجبهة ومطالب المواطنين عرض الحائط واستمر في عناده السياسي وهذا لن يفيد. أما عبد الغفار شكر عضو جبهة الإنقاذ الوطني فأكد في تصريحاته ل"بوابة الأهرام" أن كلام السيسي حول عدم تدخل الجيش في الحياة السياسية عاقل جدًا، مشيرًا إلي أن ذلك في مصلحة البلاد لأنه يحافظ للقوات المسلحة ودورها الأساسي، حماية الأمن القومي للبلاد، وعدم تكليفها بمهام داخلية قد تخلق مشاكل بينها وبين الشعب مرة أخري، كما حدث في أثناء حكم المجلس العسكري خلال الفترة الانتقالية. وحول إمكانية مشاركة أحزاب الجبهة في الانتخابات في حالة تأمين الجيش للعملية الانتخابية قال شكر: أن تأمين الجيش للانتخابات شيء مهم ولكن ليس ضمانة لنزاهتها مشيرا إلي أن دور القوات المسلحة سيقتصر فقط علي التأمين بالخارج، إلا أن عمليات الفرز والتصويت وتنقية كشوف الناخبين وكل ما يخص إجراءات العملية الانتخابية سيكون تحت إشراف عدة جهات ووزارات مختلفة تابعة بالطبع للحكومة الحالية مما يؤكد عدم الحيادية بتلك الانتخابات.