ما بين الغياب والعودة والمنع والقبول والفضوى، تنطلق فعاليات الدورة السادسة للمهرجان القومى للمسرح، والذى كانت عودته بشري لكثير من المسرحيين ممن أفنوا حياتهم بهذا التراث وأصبحوا مع كثيرين أصابهم الضرر من جراء الأحداث الجارية، خصوصًا أن القطاع المسرحى يكاد يكون الأكثر ضرراً حتى قبل أن تضرب الثورة بأحواله. ورغم أن المهرجان جاء كبادرة أمل لكثير من الشباب المسرحيين المستقلين، الذين ينتظرون اقامته خصوصاً بعد انقطاعه لفترة، إلا أن سرعان ما تحول هذا الأمل إلى انتقادات وهجوم واستياء، كان في بداياتها منع إدارة المهرجان لعرض "أين أشباحى" للمخرج خالد جلال، والذى يشارك به عدد كبير من شباب ورشة مركز الابداع الفنى، رغم كونه عمل استعراضي من الدرجة الأولى يبتعد عن السياسة، وهو ما أثار استياء الكثيرين، حتى مخرج العرض نفسه كان قد أدلى بتصريحات سابقة ل "بوابة الأهرام" أعرب فيها عن اندهاشه واستيائه من الأمر، خصوصاً أن إدارة المهرجان لم تبد أى أسباب للرفض. وتأتى حفل الافتتاح ليلة أمس، لتكون حرباً بين وزير الثقافة وإدارة المهرجان، وذلك بعد أن قام بعض من المسرحيين المستقلين برفع لافتات مناهضة لسياسة الدولة في إدارة مسارحها، ومحذرة من احتضار المسرح المصري، وما أسموه بمحاولات "أخونته" بتوقيع حركة "مسرحيون شرفاء"، ووصل الأمر إلى منع هؤلاء من الدخول، وجرت مشادات عنيفة بينهم وبين أمن دار الأوبرا الذي قال، إن المسألة ليست بأيديهم، وإن التعليمات التي تلقوها تقضي بعدم دخول أي شخص دون دعوي. وانتقد المسرحيون اشتراط وجود دعاوي لدخول المهرجان، إذ أنه يحمل صفة "قومي"، ومن ثم فإن فعالياته يجب أن تكون مفتوحة لجميع المصريين، دون قيود. وسرعان ما تطورت الوقفة الاحتجاجية إلي مشادات عنيفة بعد إغلاق أمن الأوبرا لأبواب المسرح الكبير، ليبدأ بعدها عرض من المشادات والصراع بين المسرحيين والأمن لتجاوز أبواب المسرح، في مشهد لا يقل دراما وصخب عن حفل الافتتاح، حيث تبادل الطرفان السباب، وهدد أحد الفنانين بتكسير أبواب الأوبرا بالطوب. وشملت قائمة المنتقدين، وزير الثقافة محمد صابر عرب، وماهر سليم رئيس البيت الفني للمسرح. وقال حازم مصطفي، مسرحي مستقل، ومؤسسة فرقة "كيان" المسرحية، في تصريحات ل "بوابة الأهرام"، إن مطالبهم تتمثل في النهوض بالمسرح الذي يشهد حالة من الاحتضار، والانهيار الكبير، في ظل السياسات الحالية للدولة في إدارة المسرح والمهرجانات المسرحية، مطالباً إياها بتوفير الموارد للمستقلين، لأنهم هم النواة الحقيقة للمسرح علي حد قوله. وعلى الجانب الآخر، اتهم عدد من المسرحيين إدارة المهرجان باستبعاد أعمال بعينها من المسابقة، لانتقادها جماعة "الإخوان"، وعدم وجود معايير واضحة لاختيار الأعمال، إضافة إلى نزع الجوائز المالية من المهرجان، ومنح لجان التحكيم مكافآت كبيرة قالوا إنها تتمثل في 400 ألف جنيه للجنة التحكيم التي لا يوجد بها مسرحي واحد علي حد قولهم، إذ تضم أربعة نقاد ومدرس تمثيل. ويقول المسرحيون إن الأمن تلقي تعليمات بعدم دخولهم، بعد وصول خبر لإدارة المهرجان باجتماعهم قبل الافتتاح بيوم واحد بكافيتيريا مسرح الهناجر، لإصدار بيان ضدها. كما قالوا إن محمد أبو الخير رئيس قطاع الأنتاج الثقافي، طلب لقاءهم بعد علمه باجتماعهم ووعدهم بحل مشكلاتهم وساهم معهم صياغة عنوان البيان الذي أصدروه تحت توقيع "مسرحيون شرفاء من أجل مصر"، إلا أنه تجاهلهم تماماً ليلة الافتتاح، وتم منعهم عن قصد خوفاً من قيامهم بأي احتجاج داخل المسرح. وكان من بين الممنوعين من الدخول، الكاتب المسرحي محمود الطوخي، والفنان أحمد صادق. وظلت المشادات بين الطرفين قائمة حتي وصول الفنان سناء شافع مع ابنته لحضور الحفل، والذى حاول تهدئة المسرحيين المتجمهرين خارج المسرح إلا أنه منعه هو الآخر من الدخول جعله يدخل في مشادة مع الأمن، ليصرخ في أحد أفراد الأمن قائلاً:"أنا سيدك وسيد اللي مشغلك انت شغال هنا من خيري"، لينتهى الأمر بدخوله. كما هدد الفنان منير مكرم عضو مجلس نقابة المهن التمثيلية، باتخاذ خطوات ضد منع المسرحيين، إلا أنه وبعد تمكنه من الدخول، لم يخرج مرة أخري أو يحاول إدخال المسرحيين. وفي تمام التاسعة والربع انتهي الحفل، وخرج الوزير وماهر سليم من باب خلفي منعاً لاحتكاكهم مع المحتجين بالخارج. وبسؤال "بوابة الأهرام" لعدد من المسرحيين الذين كانوا بالحفل قرروا أن المسرح الكبير كان به أماكن كثيرة شاغرة. كما أوضح منير مكرم بعد خروجه من حفل الافتتاح، أنه أوصل للوزير وجود محتجزين من المسرحيين خارج المسرح وممنوعين من الدخول، فاعتذر له وقال إنه لم يكن يعلم بوجودهم، وأن الأمن أخبره بوجود مشاغبين".