امتدت حالة العصيان والإضراب للمؤسسة الأمنية داخل أكثر من محافظة، والمطالبة بإقالة قيادات شرطية بما فيها وزير الداخلية نفسه، بعد تزايد حالات الإصابة والقتل داخل صفوف الشرطة. أمام هذا الواقع الجديد القديم معا، وصعوبة التعويل على الجيش لملء الفراغ الأمني بالشارع لكونها مهمة صعبة وتكلفتها عالية اختبرتها المؤسسة العسكرية خلال المرحلة الانتقالية بمرارة ولا تريد تكرارها، بدأت تطفو على السطح مبادرات لملء الفراغ الأمني، باتت مع الشرطة موضع نقاش وجدل بين القوى السياسية التي رأى كل منها في تلك المبادرات رغبة في الهيمنة وتأكيد السيطرة على مفاصل الدولة. وكان حزب البناء والتنمية، أول من دعا لضرورة تشكيل لجان شعبية من المواطنين لحماية الممتلكات العامة والخاصة، ومساندة الضباط الشرفاء في أداء دورهم الوطني، لإقرار الأمن ومواجهة الجريمة والبلطجة في الشارع، بل دعت مبادرة الحزب لتشكيل إدارة عامة لمكافحة البلطجة داخل وزارة الداخلة، وفتح باب التطوع للعمل بها من أبناء الشعب دون تمييز داخل كل المحافظات لمواجهة هذه البلطجة المخططة من قبل أنصار الثورة المضادة. تلك المبادرة حسب توصيف خالد الشريف المستشار الإعلامي للحزب، لن تكون بديلاً عن قوات الشرطة، كما يروج البعض، وأن الحزب حريص على إعادة الثقة المفقودة بين الشعب والشرطة لتطبيق القانون إعادة الاستقرار والأمن للشارع. ومن جانبه دعا عاصم عبد الماجد، عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية، من يؤمن ويريد المشاركة بتلك المبادرة التجمع بالمساجد بعد صلاة مغرب، اليوم الأحد، لكي ينطلقوا بعد صلاة العشاء في شكل مجموعات شعبية لمواجهة الانفلات والبلطجة في الشوارع والأماكن المحيطة بهم. والدعوة تلقاها حزب النور، حيث أكد جلال مرة أمينه العام، بأن الحزب دعا أمناء المحافظات بسرعة التواصل مع القوى السياسية المختلفة لتشكيل لجان شعبية لحماية المنشآت العامة والمحافظة على أرواح المواطنين بعد انسحاب بعض رجال الشرطة من الأقسام والمواقع الحيوية الأخرى بسبب الاعتصام، ونوه إلى أن الحزب أنشأ بالفعل غرفة عمليات مركزية وأخرى فرعية بالمحافظات لمتابعة الحالة الأمنية على مستوى الجمهورية. كما دعا جميع القوى السياسية بأن تقف موقفًا إيجابيًا وإعلاء المصلحة العامة لإنهاء الانفلات الأمني، الذي يتحمل مسئوليته حسب وصفه الجميع وعلى رأسهم مؤسسة الرئاسة والحكومة، مبادرة أكد عليها بشكل كبير الشيخ حازم أبو إسماعيل بقوله سوف تكون تلك اللجان مهما كانت الاعتراض عليها من أجل إعادة الأمن ومواجهة البلطجة بالشارع. إلا أن قوى التيار المدني رأت في تلك المبادرة محاولة لتشكيل ميليشيات إسلامية تحل محل الشرطة، وزادت هواجسهم من كون الدستور يسمح للمجتمع التدخل للحفاظ على القيم داخله، ولذا ركزت تلك القوى جهودها ليس على مواجهة تلك تفعيل مبادرة فحسب، وإنما أيضاً محاولة القيام بدور إيجابي مع ضباط الشرطة المعتصمين من أجل إعادة الثقة فيهم ودورهم في حفظ الأمن، وإعادتهم للعمل بكفاءة من جديد حتى لا يكونوا ذريعة لتكوين تلك اللجان الشعبية البديلة. فمن جانبه كشف الدكتور أحمد البرعى نائب رئيس حزب الدستور وأمين عام جبهة الإنقاذ عن محاولات تبذل للتواصل مع المؤسسة الأمنية، من أجل إعادة الأمن للشارع وأقسام الشرطة للعمل بفاعلية أكبر، عبر إقامة جسور حوار مع ضباط الشرطة المعتصمين، خوفا من تواجد ما أسماه ب "ميلشيات شعبية" بالشوارع تتشكل من قبل القوى الإسلامية. وأعتبر أن الأمر يحتاج لقرار سياسي من الرئاسة، ودعاها لضرورة الاستماع لمطالب الضباط المعتصمين، وأن يبدأ وزير الداخلية بنفسه في التفاوض الجاد معهم وتلبية مطالبهم. كما أكد البرعي، أن هؤلاء المحتجون، أكدوا أنهم ليس في نيتهم المطالبة بدور سياسي، إنما إيجاد ظروف سياسية، تؤمن لهم البعد عن المطحنة السياسية، كما قال أحدهم، وبالإضافة لتوفير بيئة عمل مواتية لمواجهة التحديات الصعبة التي يواجهونها. ووصف البرعي غياب الأمن داخل أقسام الشرطة بالكارثة، مطالباً الرئيس باتخاذ القرارات السياسية الضرورية قبل فوات الأوان، منتقداً غيابه عن المشهد السياسي، منوهاً لرفض الجبهة جميع أعمال الانفلات الأمني داخل الشارع قائلاً: نرفض الاعتداء على أي من المنشآت العامة وأنه ليس من حق أحد التعقيب على حكم قضائي، ولآبد أن نثق بالقضاء لأن القضاة يفعلون ما يمليه عليهم ضميرهم دون تسييس. موقف أكد عليه فريد زهران، نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي، بقوله: من غير المقبول أن تكون هناك لجان شعبية بديلة عن الشرطة أو السماح بتكوينها وقال: بعض القوى الإسلامية وعناصر الإخوان يدفعون البلد دفعاً نحو حرب أهلية لكون السماح بتشكيل مثل هذه اللجان شبه النظامية أو النظامية لأداء دور أمني بالشارع يدفع الوطن في اتجاه حرب أهلية، بسبب اصطدامها المتوقع مع القوى السياسية المخالفة لها بالشارع. وأكد أن الأمن مسئولية الدولة لكونها المحتكر الشرعي الوحيد آليات العنف داخل المجتمع.