سلط انتحار مهاجر أسترالي في السجن، تشير تقارير إلى أنه ربما خان جهاز المخابرات الإسرائيلي "الموساد"، الاهتمام على تجنيد الجهاز ليهود مولودين في الخارج يمكنهم التجسس تحت غطاء جوازات سفرهم الأصلية. وبعدما كسرت محطة "إيه.بي.سي" الأسترالية التعتيم الذي استمر نحو ثلاث سنوات بشأن القضية أقرت إسرائيل أمس الأربعاء بأن مواطنًا يحمل جنسية مزدوجة انتحر في السجن الذي كان يقبع فيه في عزلة لدواع أمنية. ولم تحاول السلطات إنكار تقارير تفيد بأن الرجل هو بن زيجير (34 عامًا) وهو يهودي من ملبورن هاجر لإسرائيل وحصل على جنسيتها وانضم للجيش والموساد قبل اعتقاله في مطلع 2010 للاشتباه في إفشائه أسرارًا بعدما بدأت كانبيرا التحقيق في رحلات قام بها لمناطق متوترة بالشرق الأوسط. ومثل تلك الرحلات ستكون مستحيلة بالنسبة لإسرائيلي ولكن ليس لأسترالي لاسيما وإذا كان زيجير قد استخدم وفقا لرواية إعلامية جواز سفر أعيد إصداره باسم جديد له صبغة إنجليزية. ولا تخفي إسرائيل أنها تعتبر تدفقات اليهود من الخارج لاسيما من دول إسلامية بمثابة أصول يمكن للمخابرات استخدامها نظرا لمهاراتهم اللغوية ومعرفتهم بثقافات تلك الدول. ويذكر كثير من المهاجرين اتصال ضباط الموساد بهم أو مطالبتهم بتسليم جوازات سفرهم الأصلية من أجل احتمال استخدامها كغطاء لجواسيس. لكن مسئولين إسرائيليين يصرون على أن الموساد لم يستخدم اليهود في الخارج قط ضد مصالح بلادهم وهو درس تم استيعابه من تجنيد المحلل بالبحرية الأمريكية جوناثان بولارد في الثمانينات والذي اثار كشفه غضبا لا يزال اثره باقيا في واشنطن. وفي حين يقول بعض ضباط المخابرات السابقين إن تجنيد يهود مولودين بالخارج يتفق مع الأخلاقيات العالمية المرنة للتجسس، إلا أن ذلك له مخاطر حيث إن تجنيد متطوعين أجانب صعب ويجعل إسرائيل معرضة لتسريبات أمنية تكون احتمالاتها أقل مع الجواسيس المحليين. ويقول بعض الخبراء إنه ينبغي لإسرائيل أيضًا أن تتجنب إدخال حلفائها في حروب سرية وإثارة الشبهات بشأن ولاء اليهود في الخارج. ويؤكد وارين ريد، الضابط المتقاعد في جهاز المخابرات الخارجية الأسترالي (إيه.إس.آي.إس)، إن قضية زيجير يمكن أن تعرض بني وطنه للخطر إذ ربما ينظر إليهم خطأ باعتبارهم جواسيس للموساد اثناء سفرهم في مناطق معادية لإسرائيل. وقال ريد لرويترز: "يشكل هذا تهديدًا لكثير من الناس لاسيما الصحفيين الذين يتنقلون بشكل متكرر." وفي حين أن جميع أجهزة المخابرات تعمل تحت هويات مزيفة أو مسروقة قال ريد إن الموساد يتسبب في زيادة احتمالات العمليات الانتقامية "بكونه أشد قسوة في أفعاله نظرا لصعوبة الوضع الأمني الإسرائيلي". ومن المعروف أن تلك الأفعال تشمل عمليات اغتيال مثل عملية قتل مسؤول شراء أسلحة فلسطيني في دبي عام 2010 والتي استخدم فيها الفريق الإسرائيلي المشتبه به جوازات سفر أسترالية وأوروبية مزيفة. ونقلت صحيفة الجريدة الكويتية اليوم الخميس عن مصادر غربية لم تكشف عنها قولها ان زيجير شارك في عملية دبي وإنه عرض معلومات بشأن العملية مقابل حماية الامارة له. وكشفت شبكة فيرفاكس الاعلامية الاسترالية عن تطور آخر، وقالت إن مسئولي أمن استراليين اشتبهوا في أن زيجيرا ربما كان على وشك افشاء عمليات مخابرات اسرائيلية من بينها استخدام جوازات سفر أسترالية مزورة إما لحكومة كانبيرا أو لوسائل الاعلام قبل اعتقاله. ولم تؤكد إسرائيل علنًا أن زيجير كان عميلاً للموساد، لكن أفيجدور فيلدمان المحامي الجنائي الذي التقى مع زيجير في سجنه الانفرادي قبل يوم أو يومين من وفاته ذكر دون قصد على ما يبدو أنه كان جاسوسا بالفعل. وقال لمحطة كول باراما الاذاعية الإسرائيلية: "أبلغني ضابط الاتصال في الموساد الذي كنت أتواصل معه أن .. للأسف .. عميلي لم يعد على قيد الحياة." لكن نيك برات الكولونيل المتقاعد بالبحرية الامريكية ومسؤول شئون وكالة المخابرات المركزية حاليًا لدى مركز جورج مارشال الأوروبي للدراسات الأمنية تبنى وجهة نظر متسامحة بشأن أساليب الموساد في استخدام جوازات السفر. وقال "إسرائيل بلد له وضع فريد. يعيشون وسط جيرة سيئة وهم مستعدون لفعل كل ما بوسعهم للحفاظ على هذا البلد وحمايته وبصراحة شديدة لا أمانع في هذا على الإطلاق." واستشهد برات بتجربته الخاصة فيما يتعلق بجلب مواطنين أجانب كعملاء للمخابرات المركزية ثم نشرهم بعد ذلك في مناطق أصولهم وقال إن الأولوية هي للتأكد من أن ولاءهم للدولة التي يعملون لحسابها فقط، وقال: "أجهزة المخابرات تنتهك القانون لكن الآخرين لهم قوانين." وقال ريد وبرات إن الكشف عن تورط يهود بالخارج في تجسس لحساب إسرائيل يمكن ان يذكي العداء للسامية والمزاعم بازدواجية الولاء وهو رأي يشاركهما فيه جاد شيمرون الضابط السابق في الموساد والذي يكتب حاليا بخصوص قضايا المخابرات. وقال شيمرون "هذه مشكلة كانت موجودة دائما وستظل قائمة. لا أعرف ماذا أقول سوى أن القاعدة تقول: لا تستخدم يهوديا أبدا ضد البلد الذي يستضيفه". ورفضت أسرة زيجيرا الإدلاء بأي تعليقات علنية بشأن قضيته لكن أصدقاء له تحدثوا عن تربيته الصهيوينة وافتخاره بإسرائيل التي تزوج بها وأنجب طفلين.