دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية د. نبيل العربي، المغتربين العرب إلي أهمية الإسهام في عمليتي إعادة البناء والتنمية لمجتمعاتهم، مؤكدًا أن دول الثورات"الربيع العربي" في أمس الحاجة إلى خبراتهم خلال هذا التوقيت. وتنشر "بوابة الأهرام" نص كلمة الأمين العام أمام المؤتمر، الذي يعقد بمقر الأمانة العامة للجامعة، والذي افتتح العربي أعماله بحضور وزيرة البحث العلمي المصرية د.نادية زخاري ووزير التعليم العالي د. رضا مسعد. قال الأمين العام: يطيب لي في مستهل كلمتي أن أرحب بكم في مقر جامعة الدول العربية بيت العرب في هذا المؤتمر الهام الذي يتزامن موعد انعقاده مع احتفالات الجامعة العربية بيوم المغترب العربي، والذي يجمع نخبة من أبناء الأمة العربية المقيمين فى الخارج من العلماء الذين يعكسون صورة إيجابية عن العرب أمام المجتمعات التي يعيشون فيها، والجامعة تحرص دائماً ومنذ فترة على إنشاء روابط وصلات قوية بينهم وبين أوطانهم في العالم العربي. فلطالما اهتمت جامعة الدول العربية بهذا القطاع من أبناء الأمة العربية وبالتواصل معه ومد جسور الحوار والتعاون لما فيه فائدة الطرفين، وليس أدل على ذلك من قيام مجلس الجامعة على مستوى القمة وعلى المستوى الوزاري بإصدار العديد من القرارات فى هذا الشأن منذ أكثر من اربعين عاماً. وشدد على إن هجرة العقول والكفاءات العلمية والفنية خلقت تفاعلاً خلاقاً بين الحضارات منذ القدم، فهذا النوع من الهجرة له جانب سلبي يتمثل في هجرة العقول التي يمكن أن تؤثر على التقدم العلمي في الدول النامية، وهناك أيضاً جانب إيجابي ووعياً بأهمية الجانب الإيجابي لهذا النوع، وبالدور الذي يمكن لهذه الكفاءات المهاجرة أن تقوم به في دفع عجلة التنمية في الوطن العربي. وقال إن جامعة الدول العربية بدأت منذ عام 1974 بالاهتمام بإزالة العوائق أمام جذب هذه الكفاءات للمساهمة في جهود التنمية العربية. واعتبر أن الاهتمام بالكفاءات العربية المهاجرة خارج الوطن العربي، وتقوية صلتها بالوطن الأم، والعمل على توفير بيئة مناسبة لتوطين وإنتاج المعرفة بما يعزز الاستفادة من هذه الكفاءات في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والعلمية بالدول العربية، بات ضمن أولويات الجامعة العربية في الوقت الراهن، مشددا علي أن إعادة بناء الدول العربية بعد الثورات والأحداث التي مرت بها مؤخرًا يحتاج لجهد مكثف من كل أبناء الأمة العربية في الداخل والخارج. وأضاف أن الوطن العربي لديه ذخيرة كبيرة من الكفاءات المهاجرة تصل إلى ثلث هجرة الكفاءات من البلاد النامية، وتشير منظمة العمل العربية إلى أن أكثر من 450 ألفًا من حَمَلة الشهادات العليا الحيوية للاقتصاد استقروا في السنوات العشر الماضية في الولاياتالمتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا وغيرها من الدول مل استراليا. وقد نُشرت مؤخراً إحصائية تقول إن 34 بالمائة من الأطباء الاختصاصيين في بريطانيا ينتمون إلى الجاليات العربية. كما يؤكد جهاز الإحصاء المركزي في مصر أن هناك 600 عالم مصري من التخصصات النادرة موجودين في الغرب، وأن عدد العقول المهاجرة من مصر وحدها وصل إلى 854 ألف عالم وخبير، أما من جميع البلدان العربية فالأعداد تتجاوز الأربعة مليون من خيرة الكفاءات العلمية. وتابع، بهذه المناسبة، شاهدت بنفسي مدى قوة الجاليات العربية في أمريكا الجنوبية عندما كنت في بيرو. هذه الكفاءات المهاجرة بما تمتلكه من خبرات متراكمة نتيجة تميزهم العلمي واحتكاكهم بتلك المجتمعات المتقدمة لعقود متتالية يشكلون ثروة بشرية بالغة الأهمية على المستوى العلمي والحضاري والاقتصادي وأيضاً لابد أن يكون على المستوى السياسي، ومن ثم لابد من السعي الدءوب للتواصل معهم وتعزيز الاستفادة منهم علمياً واقتصادياً وسياسياً وإعلامياً والعمل على إيجاد الآليات التي تمكنهم من المساهمة الفعالة في عمليات البناء والتنمية وطنياً وعربياً. ونوه العربي إلي أن بعض الدول وبالتحديد الولاياتالمتحدة وكندا واستراليا توجد بها جاليات عربية كبيرة متقدمة في جميع المجالات ولكن ليس لها صوت مسموع فى القضايا العربية، ولا شك أن منظمات المجتمع المدني تلعب دوراً هاماً في التواصل وإقامة التحالفات بين الشعوب بعيداً عن سياسات الدول والحكومات تجاه بعضها البعض. وهناك تعاون مستمر بين الجامعة العربية والمنظمات المؤسسة من قبل الجاليات العربية في بلدان المهجر من خلال تنظيم عدة فعاليات من بينها هذا المؤتمر الهام. وقد شهد هذا المبنى منذ عامين عقد أول مؤتمر للمغتربين العرب، والذي حضره العديد من أبنائنا المقيمين بالخارج ومنظمات المجتمع المدني الخاصة بهم، من بينهم ممثلين عن جمعية التقدم العلمي والتكنولوجي في العالم العربي بالولاياتالمتحدة SASTA التي نرى قادتها معنا اليوم، وقد تناول الإعلان الصادر عن المؤتمر في فقرته الثانية "دور الكفاءات العربية وتبادل الخبرات بينهم وبين أمتهم العربية"؛ حيث أكد المشاركون على أن الكفاءات العربية في المهجر هي ثروة قومية ودولية يجب زيادة الاهتمام بها ودعمها وإيلائها مكانة متميزة ضمن الخيارات الإستراتيجية للدول العربية. ولفت إلي أن المؤتمر الأول للمغتربين العرب جاء بعد أقل من شهرين من اشتعال الثورات العربية في تونس ومصر واليمن ثم ليبيا وسورية، ولفت الي أنه جري خلال هذه الفترة اهتمام مكثف من جانب الكفاءات العربية المهاجرة للمشاركة في عملية التنمية في الوطن العربي، حيث تقدم بعض المغتربين العرب بمبادرات فردية تهدف إلى إفادة أوطانهم الأصلية ومساعدتها على عبور المرحلة وإحداث التنمية والنهضة في مختلف المجالات،سواء عن طريق إرسال التحويلات المالية، أو الاستثمار في البلاد الأصلية، أو نقل المعرفة التي اكتسبوها في مختلف المجالات، ونحن في جامعة الدول العربية نهدف إلى تنظيم هذه الجهود وتعميمها لتحقيق أقصى استفادة ممكنة لمختلف أقطار الوطن العربي. وقال الأمين العام أن الجامعة العربية تولي اهتماماً خاصاً بالعلماء العرب المقيمين فى الخارج، الذين نبغوا في مختلف المجالات العلمية؛ في الطب والهندسة والعلوم والكيمياء، وحصلوا على جوائز وأوسمة دولية ورفعوا رؤوسنا عالياً وجعلونا نفخر بهم في جميع المحافل الدولية. ومعظمهم لم يكتف بمجده الشخصي بالبلاد التي يقيمون فيها بل اهتم بالعمل على نقل علمه وخبرته إلى وطنه الأصلي مثل المجموعة المتميزة من العلماء الذين نشرف بمشاركتهم في هذا المؤتمر. وكان من المفترض أن تعرض المشروعات التي سيخرج بها المؤتمر على القمة العربية التنموية:الاقتصادية والاجتماعية الثالثة والتي ستعقد بمدينة الرياض في يناير القادم،إلا أنه نظراً لضيق الوقت بين الفعاليتين، سنسعى لعرضها على القمة العادية في دورتها القادمة في مارس. أضاف العربي : لا شك أن العالم العربي يواجه العديد من التحديات المتعلقة بالتعليم والبحث العلمي، وإدراكاً لذلك، وفي سبيل الوصول إلى "مجتمع المعرفة" واقتصاد مبني على العلوم والتكنولوجيا، اتخذ الزعماء العرب (في قمة الخرطوم 2006، وقمة الرياض 2007، وقمة سرت مارس 2010، وقمة بغداد 2012 هذا العام) عدداً من القرارات المهمة لتفعيل دور العلوم والتكنولوجيا في الوطن العربي، بهدف السعي إلى وضع العلوم والتكنولوجيا في قلب التخطيط الاستراتيجي وخططه التنفيذية، وزيادة الإنفاق على البحوث والتعليم، وتوطين التقنية الحديثة، وتشجيع ورعاية الباحثين والعلماء، وتطوير القدرات العربية العلمية والتكنولوجية والنهوض بمؤسسات البحث العلمي. وواصل: ولتطوير البحث العلمي لابد من الاهتمام أولاً بتطوير التعليم العالي من خلال انتهاج إستراتيجيات للتعليم قائمة على الجودة في مخرجاتها من خلال إكساب الطلاب المهارات المعرفية والعلمية وتزويدهم بما يحتاجوا إليه خلال المرحلة التعليمية ليساهموا في نهضة الأمة ويشكلوا أحد دعائم تطورها. وأكد على أن العالم العربي يمر حالياً بمرحلة فاصلة في تاريخه يحتاج فيها لمشاركة كل أبنائه في الداخل والخارج، ونحن نعول على الكفاءات المقيمة فى الخارج بصفة خاصة للمساعدة في البناء في المرحلة القادمة والمساهمة في عبور هذه الفترة الصعبة واتخاذ الخطوات الأولى في طريق النهضة والتنمية الشاملة. في ختام كلمته تمني العربي أن يكون هذا المؤتمر بمثابة خطوة إيجابية تتقدم بنا في طريق التنمية التي نتمناها ونسعى إلى تحقيقها بمعاونة أبنائنا المقيمين بالخارج، الذين نفخر بالدور الإيجابي والفعال الذي يقومون به في دول المهجر.