"إسرائيل لها الحق في الدفاع عن نفسها. بل إنها لم تبالغ في الرد على صواريخ حماس".. بهذه العبارات كان الرد الأمريكي الرسمي على تصاعد الأحداث في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما يؤكد أن الإدارة الأمريكية تكيل بأكثر من مكيال عندما يتعلق الأمر بالاحتلال الإسرائيلي حليفها الأول بالمنطقة. وجاء هذا الرد المخزى أمام المجازر الإسرائيلية التي راح ضحيتها مئات الشهداء من المدنيين العزل الأبرياء في قطاع غزة ارتقوا إلى ربهم، في الوقت الذي أدانت فيه واشنطن طريقة تعامل الصين مع مسلمي الأويغور ووصفتها بأنها إبادة جماعية، في حين تقول بكين إنها تنفذ سياسات تنموية بمنطقة شينجيانج بما لا ينتهك حقوق المسلمين. وفي أوقات سابقة خلال حروبها على الإرهاب بمنطقة الشرق الأوسط، لم تراع أمريكا حقوق المسلمين في العراق وأفغانستان وسوريا وقتلت ودمرت قواتها قرى ومدن بأكملها كان يسكنها مسلمون أبرياء عزل، ما يؤكد على معايير مزدوجة تتعامل بها واشنطن وبوصلة تتغير وفقًا لمصالحها ومصالح حلفائها، فقد يكون ما يحدث على أرض خصومها "إبادة جماعية" في حين أن الإبادة الحقيقية ضد الفلسطينيين أمر مشروع من حق جيش الاحتلال. صفقة أسلحة في عز الحرب صفقة الأسلحة الجديدة عالية الدقة التي وافق عليها تأتي خطورتها أنها في توقيت ترتكب فيه قوات الاحتلال مجازر إبادة جماعية في غزة، وهي أسلحة وافق عليها بعض أعضاء الكونجرس وتحفظ البعض الآخر، ووفقًا لتصريحات عضو لجنة الشئون الخارجية بمجلس النواب نشرتها "واشنطن بوست"، فإن "السماح ببيع هذه القنابل لإسرائيل دون الضغط عليها من أجل الموافقة على وقف إطلاق النار من شأنه أن يؤدي لمزيد من المجازر". وتشمل الصفقة في أهم بنودها، بيع تجهيزات وتكنولوجيا تحول القنابل "الغبية" إلى قنابل ذكية ذات دقة عالية. أول اختبار أحداث غزة الأخيرة أثبتت أن بايدن فشل في أول اختبار حقيقي واضطر إلى اتخاذ صف إسرائيل، وأثبت أنه وسيط غير نزيه في القضية الفلسطينية وكل مشاكل الشرق الأوسط. فهو لم يغير شيئًا من القرارات التي اتخذتها إدارة سابقه دونالد ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ومن ثم الاعتراف بالقدس الموحدة كلها عاصمة لإسرائيل، وبعد ذلك أقرّت بقانونية المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المخالفة للقانون الدولي، وفي النهاية أطلقت "خطة السلام الجديدة في الشرق الأوسط" المعروفة باسم صفقة القرن، وذلك في تجاهل تام للمطالب المعتمدة بقرارات أممية بتنفيذ "حل الدولتين". وأدت تحركاته الأخيرة المنحازة للاحتلال إلى إصدار الصين إدانات رسمية بوصفها تتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن في مايو. وكما أدارت الولاياتالمتحدة في عهد ترامب ظهرها للقانون الدولي، وتنصّلت من التزاماتها الرئيسية المتعلقة بالحل العادل للقضية الفلسطينية وتحقيق السلام الفلسطيني الإسرائيلي، تعيد الكرة هذه المرة وتتجاهل المجازر بحق المدنيين الأبرياء وبذلك تساهم في تزكية الصراع الدائر. ويأتي ذلك في ظل خروج واشنطن بشكل كامل من الشرق الأوسط ومشاكله والتركيز أكثر على مواجهة الصين وروسيا اللذين يمثلان العدو الحقيقي وفقًا لتقارير جهاز الاستخبارات "CIA"، ولعل ذلك ما جعل بايدن يتباطأ في تشكيل فريقه الخاص بالمنطقة، لكن اندلاع الحرب في غزة مثل قنبلة انفجرت في وجهه وشكلت مفاجأة جعلته يسرع في تشكيل هذا الفريق الموازي لفريق ترامب بقيادة صهره جاريد كوشنر. إذلال التقارير المنصفة تؤكد أن بايدن تعرض للإذلال حرفيًا من إسرائيل تجاهلت مطالباته بإيقاف الحرب ودمرت برج الجلاء في غزة الذي يضم مكتب "أسوشايتد برس" وهي واحدة من أهم وكالات الأنباء الأمريكية. ووفقًل لصحيفة "هآرتس" العبرية، فإن اتصال بايدن برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تضمن فقط عتابا بسيطا على تدمير مكتب الوكالة الأمريكية وطلب منه الحفاظ على حرية الصحافة وحياة الصحفيين، ووصفت الصحيفة رد فعل نتنياهو بأنه كان غاضبًا بسبب تأخر واشنطن في الموافقة على صفقة الذخائر والقنابل سالفة الذكر رافضًا إنهاء الحرب، ما جعل الرئيس الأمريكي ينفذ طلبه ويحث الكونجرس على تمرير الموافقة عليها سريعًا، في تناقض غريب مع مساعيه لإنهاء الحرب، في حين كان موقفه مختلفًا مع السعودية عندما رفض صفقة تسليح لها. خسائر إسرائيل "هآرتس" المقربة للسلطة أيضًا فندت أسباب عدم إيقاف نتنياهو للحرب، مؤكدة أن عودة بايدن للاتفاق النووي مع إيران أحد أهم الأسباب، حيث أن نتنتياهو متخوف من تنامي قدرات "حماس" الصاروخية خصوصًا وأن إيران هي من تقف خلف هذا التطور، وأيضًا استعراض القوة وتدمير قواعد الصواريخ في غزة بشكل كامل، وإجبار بايدن على عدم العودة للاتفاق النووي القديم بشروطه السابقة، لأن إنعاش الاقتصاد الإيراني سيؤدي لتعاظم قدرات "حماس" وفصائل المقاومة الفلسطينية سواء بالصواريخ وقدراتها أو طائرات "الدرونز" المسيرة، مضيفة أن رئيس الوزراء يريد الرد على الانتقادات التي اتهمته بالتقصير وتجاهل تحذيرات الموساد بأن الفصائل الفلسطينية طورت من قدراتها القتالية، وذلك بتنفيذ اجتياح بري يأتي على الأخضر واليابس في غزة ويضمن تدمير كل قدرات الفصائل القتالية. كما تكبدت بسببها إسرائيل خسائر فادحة بخلاف الخسائر العسكرية، فعلى المستوى الاقتصادي تم إلغاء 40 رحلة سياحية كانت قادمة لمطار "بن جوريون" في تل أبيب. كما تم إغلاق حقل تمار للغاز ما أدى لخسائر يومية تصل إلى 5 مليون دولار بعدما استهدفت صواريخ الفصائل الفلسطينية حقول الغاز الإسرائيلية بالبحر المتوسط، ما استدعى تل أبيب إلى وضع النسخة البحرية من منظومة القبة الحديدية على بوارج تلك الحقول للتصدي للصواريخ الفلسطينية. ووفقًا للصحيفة العبرية سالفة الذكر فإن الفصائل الفلسطينية تمتلك غواصات انتحارية قد تنفذ عمليات تكبد إسرائيل مزيد من الخسائر في حقول الغاز البحرية، وأن تلك المعلومات كانت سببًا في قصف جيش الاحتلال مراكب يمتلكها فلسطينيين باعتبار أنها تابعة لحماس، بالإضافة لذلك استهدفت فصائل المقاومة مصانع إسرائيلية بطائرات مسيرة. خسائر إسرائيل تتزايد مع إطالة فترة الحرب على المستوى الاجتماعي أيضًا، فهناك حالة من التفكك تشهدها الدولة من الداخل، حيث حدثت مواجهات دامية بالمدن الإسرائيلية بين اليهود وعرب 48 والإثنان يحملان الجنسية الإسرائيلية، فقام العرب بإشعال النار في المقاهي الإسرائيلية والعكس اليهود يشعلون النار في محلات العرب، وخرج الإثنان في مظاهرات واعتدوا بالضرب على بعضهما البعض، وقام العرب بالتعدي على ضباط الشرطة الإسرائيليين من اليهود.