وضع لايمكن وصفه إلا بالخسة والانحطاط، والكل يرى مدافع الاحتلال تصوب فوهتها تجاه الأطفال، ولم يسمع العالم عن استهداف فلسطيني لقتل طفل إسرائيلي، ولكنه ديدن دولة الاحتلال منذ اغتصابها أرض فلسطين. ولا يغيب عن الذهن مذبحة بحر البقر، وشهد أبريل الماضي الذكرى ال51 للمذبحة، والتي استهدفت فيها طائرات العدو الصهيوني الأطفال في صباح الثامن من أبريل عام 1970، ومازالت الصور تحتفظ بلحظات إجراء العملية الإجرامية خلال قتل التلاميذ بصورة دموية. وتوثق الصور مشاهد لأشلاء الأطفال ودمائهم وهي تسيل على كراساتهم، بعد أن أرسل السفاح الصهيوني إلى مدرسة بحر البقر 5 طائرات حربية، وتحمل 1000 رطل من القذائف، وتسقطها على أجساد الأطفال. وما أشبه اليوم بالبارحة فقد فضحت الصور طائرات المحتل خلال قصفها لأبراج قطاع غزة بقنابلها المحرمة دوليًا، وأظهرت الصور نوع القنابل المستخدمة، وهي قنابل خارقة للأرض، وتم تطويرها أثناء حرب الخليج الثانية، وكان هدفها تدمير مواقع قيادية عراقية، وصدرت أمريكا عددًا منها لإسرائيل في عام 2005. وفي عقيدة الجيش الإسرائيلي يقين بأهمية استهداف أطفال فلسطين؛ سواء بالأسر أو بالقتل، فسجون الاحتلال لا تخلو من اعتقال عشرات الأطفال دون سن 17 عامًا. ومنذ عامين ذكرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية أن سياسة تل أبيب ممنهجة في اعتقال الأطفال الفلسطينين، وتوضح الصحيفة مدى الأثر النفسي المؤلم لدي هؤلاء الأطفال، وتقول إنها تترك جروحًا لا تشفى بمرور الزمن، وأحيانًا يصل بهم الحال إلي زرع إحساس دائم بداخلهم بعدم الأمان. وتؤكد الصحيفة الإسرائيلية أن قوات الاحتلال تعتقل ما يقرب من ألف طفل فلسطيني كل عام، وغالبًا ما تكون جريمتهم الرشق بالحجارة، ويستكمل تقرير قانونيين بريطانيين ظروف اعتقال هؤلاء الأطفال، ويرصد تعرضهم لأشكال من الإجراءات التعسفية، وتصل إلي حد التعذيب. وتتابع صحيفة هاآرتس وصف رحلة اعتقال الأطفال الفلسطينيين، وتصور أنهم بمجرد وصولهم مركز الشرطة، يضعونهم على الأرض مكبلين اليدين ومعصوبين العينين لبضع ساعات، ويتناوب عليهم الجنود بالضرب. ومن الخسة أن يزعم قادة إسرائيل أن جيشهم من أكثر جيوش العالم أخلاقًا، وأنه يلتزم بالقيم النبيلة أثناء الحرب، وفي ذات الوقت يقصف المدارس في فلسطين، ويلاحق الأطفال، ويكسر أطرافهم، ويغفل أن العالم لا ينسى مشهد قتل الطفل محمد الدرة. وترصد الصورة الآن اقتحام مستوطنين إسرائيليين منازل فلسطين في يافا تحت حماية الشرطة الإسرائيلية، وهم يلقون زجاجات حارقة على الأطفال، وفي غزة أباد الإحتلال عشرة أسر داخل بيوتهم، وكانت مشاهد قتلهم في منتهى البشاعة، وقد مُزقت أجساد الأطفال والنساء. وجذبت الطفلة نادين عبداللطيف من قطاع غزة العالم بحديثها عن معاناة أقرانها في القطاع، وتبلغ من العمر عشرة أعوام، ووجهت رسالتها باللغة الإنجليزية وبشكل تلقائي، وقالت: "لا أعرف ما يجب القيام به.. بيتي هذا الذي أمامكم قد تدمر.. أنا أتحدث بالإنجليزية لكي ينقذنا العالم"، وواصلت كلامها وهي تبكي: "عندما ولدت لم أسمع سوى الانفجارات.. لم أشعر بالسعادة أبدًا.. الأطفال يموتون.. هل هذا عيد؟ هل هذا عيد؟ Email: [email protected]