كثيرون كتبوا ينتقدون سيطرة النجوم وفرضهم سطوتهم على أعمالهم الفنية، منهم من يضرب بالسيناريو عرض الحائط مستغلا خوف المؤلف على مستقبله مع النجم، وبخاصة عندما يكون أجر الكاتب كبيرًا، ومنهم من يضع شروطًا تعجيزية أمام المنتج، أو المخرج، ومنها أحقيته في التعديل، وفي الجانب الآخر هناك مخرجون ومنتجون لا يسمحون لأى نجم أيا كانت جماهيريته بفرض رأيه، ودائمًا ما تكون نتائج التدخل ليست في صالح العمل. أذكر أن النجوم الكبار أمثال يحيى الفخراني، وصلاح السعدني، وصفية العمري، وهشام سليم، وممدوح عبدالعليم رحمه الله، في جميع حلقات "ليالي الحلمية" لم يكن أي منهم يجرؤ على إضافة جملة واحدة لسيناريو يحمل توقيع المؤلف الكبير أسامة أنور عكاشة، وبالطبع مع رفض من المخرج الكبير إسماعيل عبدالحافظ رحمهما الله تدخل أحد.. كانت تجري التعديلات في حضور الكبيرين عكاشة وعبدالحافظ، فيقترح السعدني أن يضيف "لزمة" أو جملة يكررها في الحلقات، ويتم تجربتها في البروفة مرات، وبخبرته السعدني يعرف كيف يقنعهما بأنها ستحقق لشخصية العمدة في "ليالي الحلمية" صدى كبيرًا مع المشاهدين، وبرقي النجم الواثق من قدراته يذهب الفخراني لهما وهو يشير على جملة ما بأنه يريد أن يقولها بطريقة ما، وهو ما يحدث مع باقي الممثلين. الأزمة الحالية التى نواجهها هى ضعف قوة شخصية بعض المخرجين أمام سيطرة وشهرة بعض النجوم، ففي السينما هبطت أسهم نجم كنا نتوقع له أن يستمر طويلا لموهبته المشهود له بها، لكنه أفسد كل هذا بتدخلاته وفرضه حركات ومبالغات في الأداء ظنًا منه أنها ستضيف إليه، وهو لا يدرك أن كل حركة وكل إيماءة في الأداء محسوبة، فمن تابع مشاهد منى زكى في مسلسل "لعبة نيوتن" وبخاصة تلك التى تجمعها بالممثل الموهوب جدًا محمد ممدوح سيكتشف كم أن الأداء الجيد وراءه موهبة ومخرج جيدين، لا يحتاج المخرج أن يكتب في الحوار كلمات تعبر عن تمسك "هنا" بزوجها "حازم".. فقط مجرد شعور بالسعادة حال رفضه طلاقها. من حق أي مخرج أو منتج منع تدخلات الممثل فيما وافق عليه في السيناريو، فطالما وقع الممثل على السيناريو، وعلى النهاية، ليس من حقه أن يطالب بالتعديل، وليس من حق النجم مهما كانت قوته وشهرته أن يختار من يمثل أمامه، أو أن يضع لنفسه إكسسوارات قد تفسد الشخصية التي يجسدها، لكن ما شاهدناه في مسلسلات رمضان يدل على أن هناك خللًا في هذا المنظومة، خلل هو السبب في تراجع مستوى معظم الأعمال الفنية، ويمكن معرفة شخصية المخرج وموهبته من مستوى الأعمال التي عرضت هذا العام، أشاد الجميع بمسلسلات مثل "لعبة نيوتن" و"الطاووس" و"حرب أهلية" و"القاهرةكابول"، بينما انتقد المشاهد العادي أداء كل نجوم مسلسل مثل "نسل الأغراب"؛ فقد كان واضحًا أن كل ممثل يريد أن يصنع من شخصيته عملًا قائمًا بذاته، وكذلك مسلسل "موسى" فلماذا الإصرار مثلًا على أن يحيي مطرب مثل أحمد سعد فرح بطل العمل محمد رمضان على سمية الخشاب والجميع يعلم أنهما على خلاف، كان واضحًا أن بطل المسلسل يبحث عن "تريند" جديد يقول به إنه يتصدر القائمة ونسب المشاهدات.. فلم تعد الأهمية بما يقدم في الدراما بل ما يثار من جدل حول الأعمال، فسيناريو "موسى" للمؤلف الموهوب جدًا ناصر عبدالرحمن تحفة فنية، ما كان يحدث إضعاف بعض مناطق فيه لرغبة بطل العمل أن يرضي أطرافًا معينة، أو يستفيد على المستوى الشخصي من إضافة تضر بالعمل.