استمرت احتفالات المصريين بشهر رمضان الكريم على مدى قرون عديدة لتعكس عادات متوارثة لأجيال وأجيال، ومن أهم ملامحها الفانوس: المدفع، المسحراتى وزينة الشوارع وغيرها من مظاهر الاجواء الرمضانية، التى جعلت الشهر الكريم فى مصر مختلف عنه فى أى بلد إسلامى آخر، وقد أثرت هذه المظاهر والإحتفالات الفلكلورية بطبيعة الحال على الفنانين المصريين والوافدين بشكل كبير. وحول ذلك يقول الفنان وائل نور بدأ تفاعل الفنانين مع مظاهر رمضان منذ قدوم المستشرقين والرحالة فى العصور الوسطى فلم يستطيعوا إغفال هذه المظاهر أو تجاهلها فقاموا برصد تفاصيل عادات الناس فى هذا الشهر ، ومن ذلك العادات التى تبدأ عادة باستطلاع الهلال وتمتد لعيد الفطر ثم تتلاشى، وقد رصدت لوحاتهم بالتفصيل استطلاع الهلال والمسحراتى والصلاة وحلقات قراءة القرآن الكريم وزينة الشوارع والمساجد وفرحة الأطفال وأعمال الخير من إطعام و صدقات. والنورالذى يملأ الطرقات ليلا تنشره الفوانيس الملونة حتى بزوغ الفجر، رصدوا كل هذا ووثقوه فى لوحاتهم الخالدة ليحفظوا لنا الماضى وينقلونه لنا. ويضيف وائل نور قائلا: وتأخذنا تلك الصور لسؤال مهم .. هل اختلف رمضان فى مصر على مر العصور؟ فى الحقيقة بالنظر إلى مرور آلاف السنوات على بداية تلك المظاهر والاحتفالات فيمكن القول إنها ممتدة وباقية ربما أصبحت باهتة بعض الشىء ولكنها موجودة.. تغيرت الملابس والمبانى ولكن ظل الإحساس، والاحتفاء برمضان فى الفن المصرى الحديث. ويتابع: تأثر الفنان المصرى المعاصر بنفس المظاهر التى تأثر بها فنان العصور الوسطى فالفنان هو الفنان مهما تطور الفن التشكيلى أو تعددت أساليبه ومدارسه يظل يتأثر بما يحيط به ويظل مرآة المجتمع من حوله، وهند تناول بعض أعمال الفنانين المصريين المعاصرين عن شهر رمضان نكتشف روعة تناولهم لهذا الموضوع فى لوحاتهم، ومن ذلك : لوحة «بائع الفول للفنان سيد سعد الدين» التى تشعر حين تشاهد تلك اللوحة بأنك تعرف هذا الرجل، وجهه مألوف.. بسيط .. بشوش .. طيب.، بينما تؤكد لك صدراة قدور الفول للمشهد أهمية ومكانة هذا الغذاء للمصريين، ويظهر لنا ضخامة تلك القدور وعددها كم أن عمله جدى وشاق .. بينما تأخذك موجات البخار لتشعرك بالدفء الذى يملأ البيوت المصرية وقت السحور فى انحناءات لا تراها إلا مع خروج مارد من قدر ملىء بالخير. ومن روائع التشكيل المصرى أيضا الذى تطرق لرمضان، لوحة «المسحراتى للفنان محسن أبو العزم» والتى تعكس تعلق الجميع بالمسحراتى فى مصر كعادة ممتدة على مدى القرون، وما يبثه من يهجة وسعادة، كما تبرز أحوال البسطاء وهم ينتظرون رمضان من العام للعام انتظارا لمصدر رزق موسمى ومهنة غالبًا ما تكون متوارثة أبًا عن جد، هذا ما تصفه لنا هذه اللوحة المعبرة الى تجسد المسحراتى وهو ينظر إلى إلى أعلى وكأنه يراك نائمًا، اًو يرفع صوته لإيقاظك.. «اصحى يا نايم» لتتناول السحور وتصلى الفجر، ويتمتع بشفتين كبيرتين ربما من كثرة الصياح! ووجه ريفى أصيل قد أتى من هناك، والطفل بجانبه «حفيده» يشعرك بأنه أول أيام رمضان وربما أول يوم له «كمساعد مسحراتى».. حماسة شديدة وفرحة غامرة تملأ وجهه، بينما تأخذك الخلفية لألوان الزينة وأجواء رمضان فى الحارة المصرية البسيطة قديما وحديثًا.