د. أحمد مختار مع اشتداد الموجة الثالثة من فيروس كورونا وارتفاع أعداد الإصابات والوفيات لم تزل سلوكيات أغلبية المواطنين لا تعكس إدراكهم لخطورة الموقف، مرات عديدة عندما تطلب من شخص يدخل إلى المصعد أن يرتدي كمامة الوجه يبادرك إما بإخراج الكمامة من جيب البنطلون الذى يرتديه أو يقول لك خليها على الله هو الحافظ. الأمر نفسه تجده فى كثير من الرسائل التى تصل هاتفك عبر الواتس آب وهى عبارة عن دعاء إلى «الجندي كورونا». الفرق شاسع جدًا بين التوكل والتواكل، فالأول يعنى بالأساس الأخذ بالأسباب أولًا ثم ترك النتيجة على الله سبحانه وتعالى وحديث الرسول عليه الصلاة والسلام «اعقلها وتوكل» واضح بين فهو طالب صاحب الناقة أن يعقلها ثم يتوكل على الله ولَم يقل له اتركها وتوكل. التواكل خطر جم يتنافى مع صحيح الدين، وبالتالى فإن مناجاة "الجندي كورونا" مثال فج على التواكل فمواجهة الجنود لا تكون بالمناجاةً فقط، ولكنها بالتسلح بالأسباب التى تعين على تحقيق الانتصار. ما يشهده العالم ومصر حاليًا من الانتشار السريع لهذا الوباء اللعين لا يجب أن نتعاطى معه بالتواكل؛ لأنه سيؤدى إلى هلاك الكثيرين، ولكن الأدعى والأفضل أن نتعامل معه بكل الجدية. نحتاط لأنفسنا وأهلنا نتعامل مع الإجراءات الاحترازية المطلوبة بمنتهى الحزم والجدية ونتضرع إلى الله سبحانه وتعالى أن يرفع عنا هذا الوباء، فهو ذو الجلال والقدرة ومسبب الأسباب وربها، وحينئذ يكون تضرعنا ودعاؤنا أقرب إلى الاستجابة والقبول. لا أعلم كيف يغض الكثيرون منا البصر ويصمون الآذان عما يحدث من مناشدات وتحذيرات من خطورة هذا الوباء. من الغريب هذا الإحجام الواضح عن التقديم للحصول على اللقاح رغم ما تبذله الدولة من جهد وما تتحمله من أعباء مالية لتوفيره سواء عن طريق الاستيراد أو بالعمل الجاد على تصنيعه. لا أعلم أيضًا كيف لا يكون حرصنا وخوفنا على أنفسنا نابعًا من داخل نفوسنا عن قناعة ورضا؟ وننتظر التلويح بغرامة أو عقوبة حتى نلتزم صحيح الأمر. الرعب ينتاب النفس حين يمعن الإنسان ويتفكر فيما يحدث بدول أخرى مثل الهند والبرازيل إذا حدث فى مصر. دول كثيرة عادت إلى تطبيق إجراءات الإغلاق الجزئى أو الكلى متكبدة خسائر جسيمة جراء ذلك؛ لأن خسارة الروح لا تقارن بأى خسائر مالية. أدرك يقينًا لطف الله جل شأنه بهذا البلد الطيب، خاصة أن أعداد الإصابات والوفيات سواء الرسمية أو غير الرسمية لا تتناسب مع حالة الاستهتار والتهاون التى نتعامل بها مع هذه الجائحة. هذا الإدراك واليقين يستحق منا جميعًا أن تخضع قلوبنا وجباهنا شكرًا وحمدًا للمولى عز وجل، شكرًا وحمدًا مقرونًا بالأخذ بالأسباب ثم التوكل عليه جلت قدرته ليديم علينا لطفه. العلاقة العكسية العجيبة بين درجة اشتداد الوباء وبين سلوكنا تجاهه لا أعرف لها تفسيرًا منطقيًا غير أن الموضوع يحتاج إلى نوبة صحيان من الأجهزة الحكومية ووسائل الإعلام وأئمة المساجد والرهبان فى الكنائس وعدم الاكتفاء بإعلان أرقام الإصابات والوفيات، ولكن من الضرورى إبراز وتوضيح درجة الخطورة والوضع الصعب الذى لا نتمنى حدوثه إذا استمر تعاملنا وسلوكياتنا بهذه الصورة. أدعو الله الرحمن الرحيم أن يلهمنا حسن التوكل عليه، وأن يتقبل دعاء عبد ضعيف تضرع إليه ليديم لطفه بنا ويحفظ بلدنا الحبيب من كل مكروه وسوء. وكيل الهيئة الوطنية للصحافة